الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
من القواعد العامة المقررة في شرعنا الحنيف أن العقد شريعة المتعاقدين، فاشتراط الشريك على شريكه شرطاً معتبرًا، له فيه غرض مقصود -كأن يشترط عليه عدم تأسيس عمل مشابه للشركة خلال فترة الشراكة- هو شرط صحيح، يلزم الوفاء به؛ لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة:1]، وللحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ، إِلاَّ شَرْطًا حَرَّمَ حَلاَلاً، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا) رواه الترمذي، فهذا الشرط يعتبر شرطاً صحيحًا؛ لأنه يحقق مصلحة لأحد الطرفين، ويدفع عنه ضررًا.
وأما اشتراط الشريك على شريكه عدم المنافسة بتأسيس عمل مشابه للشركة، بعد فسخه لعقد الشركة بينهما؛ فيعدُّ شرطاً باطلاً لا أثر له؛ لأنه شرط مقيّد لحق الشريك دون وجه حق، وقد قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ) متفق عليه.
ونذكر هنا بأنه لا يجوز للشريك بعد انفضاض عقد الشركة أن يضرَّ بشركته السابقة، أو أن يأخذ عملائهم، للحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ) رواه أحمد.
وعليه؛ فاشتراط الشريك على شريكه الآخر عدم المنافسة بتأسيس عمل مشابه للشركة خلال فترة الشراكة يعدُّ شرطاً صحيحاً، وأما بعد انتهاء الشركة؛ فيعتبر شرطاً باطلاً لا أثر له. والله تعالى أعلم.