الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الأصل الشرعي وجوب وفاء الحقوق لأصحابها، ومن تلك الحقوق حق الأجير؛ لأن استخدام الأجير دون عوض هو عين الظلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قَالَ اللَّهُ: ثَلاَثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ) أخرجه البخاري.
وعامل التوصيل يُعدُّ أجيراً يؤدي خدمة توصيل البضائع لمن يطلبها، فلا يجوز بخس حقه؛ باشتراط عدم دفع أجرة له حال تأخره بإتمام العمل، وأما إذا شُرِط خصم جزء من الأجرة؛ جاز ذلك كما جاء عند بعض الحنفية ومجلة الأحكام العدلية، قال الإمام المرغيناني الحنفي رحمه الله: "ولو قال: إن خطته اليوم فبدرهم، وإن خطته غداً فبنصف درهم... قال أبو يوسف ومحمد: الشرطان جائزان" [الهداية 3/ 244].
هذا؛ وإذا اشترط عامل التوصيل على نفسه ذلك فجائز؛ لأن ذلك يعدُّ من باب التبرع.
ويتنبه إلى أن بعض شركات التوصيل هي التي تشترط هذا الشرط، فتحرم عامل التوصيل من حقه مقابل الجهد الذي بذله، وهذا محرَّم.
وعليه؛ فيحرم اشتراط حرمان العامل من أجره إذا تأخر في التوصيل، إلا إذا تبرع هو بذلك، ويجوز اشتراط خصم جزء معلوم من الأجرة عند تأخره. والله تعالى أعلم.