الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
مصارف الزكاة محددة في قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 60].
ولا يجوز دفع الزكاة لشراء الأدوية والأجهزة الطبية، وتكاليف المختبرات، والمشاريع الصحية، وأما إذا كان الدفع لإنفاقها على فقراء المسلمين وتكاليف علاجهم، وليس للنفقات الإدارية أو التشغيلية العامة، فلا حرج.
ويمكن للمستشفى الحصول على وكالة من جميع الفقراء، يتسلَّم المستشفى أو المركز بموجبها الأموال عن الفقراء، ويتولى إنفاقها عليهم مرة أخرى؛ لأن الأصل في الزكاة أن تُملَّك للفقير، إلا إذا كان المستشفى أو المركز حكوميّاً، فوليُّ الأمر له حق إنفاق أموال الزكاة على الفقير على الوجه الذي يراه أنفع وأصلح.
فقد أجاز الفقهاء لوليِّ الأمر-ومَنْ في حكمه- التصرف بإنفاق أموال الزكاة على الفقراء بما يعود عليهم بالمصلحة، فقالوا: إن للإمام أن يشتري عقاراً للفقير يستغله، قال الإمام الزركشي رحمه الله: "يشبه أن يكون كالغازي إن شاء اشترى له، وإن شاء دفع له وأذن له في الشراء" [مغني المحتاج 4/ 186]، ووجهه "أن الإمام نائبه في قبضها، ويبرأ المالك بقبض الإمام" [حاشية الجمل على شرح المنهج 4/ 104].
ويقول شيخ الإسلام ابن حجر الهيتمي رحمه الله: "له أن يُلزمه بالشراء وعدم إخراجه عن ملكه لما في ذلك من المصلحة العامة" [تحفة المحتاج 7/ 165]، وقد سبق تقرير ذلك في قرار مجلس الإفتاء الأردني رقم (99): أنه يجوز شرعاً تقديم المساعدة من أموال الزكاة لمرضى السرطان المسلمين الفقراء غير القادرين على دفع تكاليف العلاج، ولا تغطي معالجتهم أي جهة، شريطة أن يجعل ذلك في حساب خاص لإنفاقه عليهم، حتى لا تختلط أموال الزكاة بغيرها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه عندما أرسله إلى اليمن لأخذ الزكاة: (فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ -أي فقراء المسلمين-). والله تعالى أعلم.