فتاوى بحثية

الموضوع : وجوب اتباع دين الإسلام وشريعته على الناس كافة
رقم الفتوى: 4013
التاريخ : 16-10-2025
التصنيف: النبوات
نوع الفتوى: بحثية
المفتي : لجنة الإفتاء



السؤال:

ما الذي يوجبه الإسلام على أصحاب الديانات الأخرى؟ هل يجب عليهم أن يؤمنوا بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهل يكفي أن يؤمنوا به دون أن يتبعوه في الدين، وما الذي يجب عليهم أن يتبعوه إذا آمنوا به؟


الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله 

الإسلام دين يتّسم بالوسطية والاعتدال، فهو يوجب على المكلف واجبات تحقق له توازناً عقلياً وروحياً وجسدياً، بحيث يتمتع بحياة طيبة تحقق له السعادة والطمأنينة.

ويتميز الإسلام بالشمول، إذن إن خطابه عام لكل الناس، يشملهم جميعاً سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، وذلك واضح في النصوص القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 170]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِي المَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً) رواه البخاري.

والتكاليف الشرعية في الإسلام نوعان: تكليف أصول علمية، وتكليف فروع عملية، ويجب على المكلفين جميعاً مسلمين أو من ديانات أخرى أن يلتزموا بهذه التكليفات الشرعية، أما الأصول الدينية التي تجب على المكلف فهي التصديق بالله تعالى وبما جاء به النبيّ محمد صلى الله عليه وسلم من المعلوم من الدين بالضرورة تصديقاً جازماً، وقد تكفلت كتب علم الكلام والعقائد ببيان هذه الأصول وأدلتها، وأمّا الفروع فتتمثل في ما طلبه الإسلام من أعمال تنبني على التصديق بالأصول الدينية، كالمباني الخمسة التي بني عليها الإسلام، وهي: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً، ونحوها من التكاليف الفرعية العملية، وقد تكفل العلماء ببيان هذه الفروع في كتب الفقه الإسلامي على اتساعه ورحابته.

ومن ينكر هذه التكليفات الأصلية أو الفرعية من أصحاب الديانات الأخرى ويزعم أنه يكفيه أن يؤمن بدينه بدون اتباع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والتزام دين الإسلام فهو يناقض نفسه، لأن مصدر الدين واحد وهو الله تعالى، والتكليف منقول عن النبي المؤيد بالمعجزة نقلاً متواتراً، قال الإمام الآمدي: "من تديّن بشريعة بعض الأنبياء فكل ما وجهه من إنكار وجود محمد، وادعائه الرسالة، وإنكار التواتر بذلك؛ فهو لازم عليه في إثبات وجود نبيه، وادعائه للرسالة" [أبكار الأفكار 4/ 117]، فيجب على أصحاب الديانات إن كانوا مؤمنين حقاً أن يدخلوا في دين الإسلام ويتبعوا نبيه على الصلاة والسلام.

ولا يجوز لمسلم أو أي أحدٍ من الناس أن ينكر وجوب اتباع النبيّ صلى الله عليه وسلم في فروع الدين الفقهية، محتجّاً باتباع ديانة أخرى، فإنّ الإسلام هو الدين الحق الوحيد، وشريعته جاءت نسخاً لكل شرع سابق، ويجب اتّباعه على كافة الناس أصولاً وفروعاً، وهذا أمر معلوم من الدين بالضرورة غير قابل للإنكار، قال الله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف: 158].

وعليه؛ فإنّ الإسلام ينظر إلى أصحاب الديانات الأخرى على أنهم مكلفون باتباع الأصول الإيمانية والفروع الفقهية، فيجب عليهم الإيمان بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم والالتزام بالواجبات الشرعية. والله تعالى أعلم.



للاطلاع على منهج الفتوى في دار الإفتاء يرجى زيارة (هذه الصفحة)

حسب التصنيف السابق
رقم الفتوى السابق



التعليقات


Captcha


تنبيه: هذه النافذة غير مخصصة للأسئلة الشرعية، وإنما للتعليق على الموضوع المنشور لتكون محل استفادة واهتمام إدارة الموقع إن شاء الله، وليست للنشر. وأما الأسئلة الشرعية فيسرنا استقبالها في قسم " أرسل سؤالك "، ولذلك نرجو المعذرة من الإخوة الزوار إذا لم يُجَب على أي سؤال شرعي يدخل من نافذة " التعليقات " وذلك لغرض تنظيم العمل. وشكرا