دراسات وبحوث

أضيف بتاريخ : 02-12-2025


هيئة الرقابة الشرعية والرجوع عن الفتوى- البنك الإسلامي الأردني أنموذجاً(*)

الدكتور صفوان "محمد رضا" علي عضيبات/ دائرة الإفتاء العام

الملخص

إن الدور الذي تقوم به هيئات الرقابة الشرعية في المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية يعتبر دوراً محورياً له أهمية كبيرة، ومن أهم واجبات هذه الهيئات الشرعية إبداء الرأي الشرعي في العقود والمعاملات والمسائل التي تعرض عليها، وقد ترجع هيئات الرقابة الشرعية عن بعض الفتاوى لأسباب أغلبها يعود إلى تغير الاجتهاد لأمور، منها: تبدل الأعراف والعادات، أو لمراعاة مصلحة راجحة، أو غير ذلك.

ويحاول الباحث بيان مشروعية الرجوع عن الفتوى لأسباب معتبرة، وعرض دراسة تطبيقية لبعض الفتاوى التي رجعت عنها هيئات الرقابة الشرعية في البنك الإسلامي الأردني.

يساهم البحث في التركيز على أهمية ضبط الفتوى وفق الأصول التي وضعها العلماء، وبيان الدور المحوري لهيئات الرقابة الشرعية في المؤسسات المالية الإسلامية، وأن رجوع هذه الهيئات عن بعض الفتاوى لتغير الاجتهاد هو علامة فقه وعلم إذا بني على أصول صحيحة.

الكلمات المفتاحية: الفتوى، هيئة الرقابة الشرعية، الرجوع عن الفتوى، البنك الإسلامي الأردني.                                     

المقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آل بيته وصحابته المكرمين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

من أهم ما يميز المصارف الإسلامية وجود هيئات رقابة شرعية من الفقهاء والخبراء ذوي الكفاءة العلمية والعملية، تتمتع بالاستقلالية والحيادية، ومن أهم واجبات هيئات الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية إصدار الفتاوى الشرعية بخصوص المعاملات والعقود التي تعرض عليها، وبالرغم من أن فتاوى هيئة الرقابة الشرعية ملزمة للمصرف الذي تتبع له، إلا أن الهيئة قد ترجع عن بعض الفتاوى لأسباب عديدة أهمها إعادة النظر في المسألة وتغير الاجتهاد فيها لاعتبارات منها: رعاية المصلحة، وتغير العادة والعرف، وسد الذريعة خشية الوصول لمحرم، أو لعموم البلوى وضعف تدين الناس.

فجاء البحث ليبين ماهية الرجوع عن الفتوى ومشروعيته، ومدى وجود حالات يمكن تسليط الضوء عليها في المصارف الإسلامية، وقد اختار الباحث البنك الإسلامي الأردني كحالة دراسة.

مشكلة الدراسة

تكمن مشكلة الدراسة في محاولتها الإجابة على التساؤلات الآتية:

1. ما مفهوم هيئة الرقابة الشرعية وما هي مهامها وأهدافها؟

2. ما مفهوم الفتوى والرجوع عنها؟

3. ما التأصيل الشرعي للرجوع عن الفتوى؟

4. ما الحالات التي رجعت عنها هيئات الرقابة الشرعية في البنك الإسلامي الأردني كحالة تطبيقية؟

أهداف الدراسة

تهدف هذه الدراسة إلى ما يلي:

1. توضيح مفهوم هيئة الرقابة الشرعية وبيان مهامها وأهدافها.

2. بيان مفهوم الفتوى والرجوع عنها.

3. ذكر أدلة مشروعية الرجوع عن الفتوى.

4. بيان الحالات التي رجعت هيئات الرقابة الشرعية في البنك الإسلامي الأردني عن الفتوى وأسباب هذا الرجوع.

أهمية الدراسة

وتتمثل أهمية الدراسة في أنها تسلط الضوء على الأمور الآتية:

1. مفهوم الرجوع عن الفتوى وأسبابه.

2. دراسة حالات الرجوع عن الفتوى في البنك الإسلامي الأردني.

الدراسات السابقة           

1. الجاسر، مطلق جاسر مطلق، نظريةٌ لتغير الفتوى وتطبيقاتها في فقه الصيرفة الإسلامية، رسالة دكتوراه، جامعة اليرموك، كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، قسم الاقتصاد الإسلامي، 2014م، إشراف الأستاذ الدكتور نجاح أبو الفتوح.

وقد خلصت هذه الدراسة إلى صياغة مقترحة لنظرية تغير الفتوى، وبينت جواز تغير الفتوى في الشريعة الإسلامية، ووضحت أدلة النظرية ومؤيداتها وشواهدها ومنطوقها، وذكرت أيضا أركان هذه النظرية، ثم ختمت ببيان تطبيقات النظرية في فقه الصيرفة الإسلامية من خلال دراسة عشر فتاوى متغيرة من فتاوى هيئة الرقابة الشرعية لبيت التمويل الكويتي.

ويتميز بحثي بالدراسة التطبيقية الخاصة بالبنك الإسلامي الأردني، إضافة إلى اختصار موضوع الرجوع عن الفتوى بطريقة غير مخلّة.

2. الخلف، جميل بن عبد المحسن بن حمد، رجوع المفتي عن فتواه، مشروعيته، وأسبابه، وأثره، مجلة البحوث والدراسات الشرعية، مصر، العدد السادس عشر، محرم، 2013م.

توسع البحث في بيان حقيقة الفتوى والرجوع عنها وحقيقة المفتي وشروطه، ومشروعية الرجوع عن الفتوى، وأسباب الرجوع عن الفتوى، وفي نهاية البحث ناقش الباحث مسألة أثر الرجوع عن الفتوى من حيث ضمان المفتي وما يتعلق به.

ويتميز بحثي بمناقشته لرجوع هيئات الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية وواقعه في البنك الإسلامي الأردني كدراسة تطبيقية.

3. الزقيلي، علي محمود، ضوابط الإفتاء، المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية، المجلد الثالث، العدد الثالث، 2007م.

هدف هذا البحث إلى بيان الضوابط العامة للفتوى، إلا أنه لم يتعرض لمسألة الرجوع عن الفتوى.

ويتميز بحثي بالتوسع في جانب الرجوع عن الفتوى، إضافة للدراسة التطبيقية لحالة البنك الإسلامي الأردني.

منهج الدراسة:

1. استقراء وتتبع المادة العلمية من مظانها كخطوة أولى للحصول على المادة اللازمة كأساس للبناء والتحليل.

2. المنهج الوصفي وذلك من خلال الدراسة التطبيقية للفتاوى في البنك الإسلامي الأردني.

3. ثم استخدام المنهج التحليلي لبيان ومعرفة أسباب الرجوع عن الفتوى في الدراسة التطبيقية. 

خطة البحث:

جاء البحث في ثلاثة مباحث على النحو الآتي:

المبحث الأول: هيئة الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية

المطلب الأول: مفهوم هيئة الرقابة الشرعية

المطلب الثاني: مهام هيئة الرقابة الشرعية وأهدافها

المطلب الثالث: دور المعايير الشرعية في ضبط الفتوى

المبحث الثاني: الرجوع عن الفتوى

المطلب الأول: مفهوم الفتوى والرجوع عنها

المطلب الثاني: أهمية الفتوى وضوابطها

المطلب الثالث: التأصيل الشرعي للرجوع عن الفتوى

المبحث الثالث: دراسة حالة (الرجوع عن الفتوى في قرارات هيئة الرقابة الشرعية في البنك الإسلامي الأردني)

المطلب الأول: التعريف بالبنك الإسلامي الأردني

المطلب الثاني: فتاوى رجع عنها البنك الإسلامي الأردني

هذا الجُهد وعلى الله التُكلَان، ومنه التوفيق والسداد.

المبحث الأول

هيئة الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية

تشكل هيئة الرقابة الشرعية معيار الالتزام بأحكام الشريعة في المصارف والمؤسسات الإسلامية، وسيقوم الباحث بتوضيح ذلك في ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: مفهوم هيئة الرقابة الشرعية

المطلب الثاني: أهمية هيئة الرقابة الشرعية وواجباتها

المطلب الثالث: دور المعايير الشرعية في ضبط الفتوى

المطلب الأول: مفهوم هيئة الرقابة الشرعية

الفرع الأول: الرقابة في اللغة

الرَّقابة -بفتح الراء وكسرها – في اللغة: المراقبة[1]، بمعنى الانتصاب مراعاة لشيء، قال ابن فارس: "الراء والقاف والباء أصل واحد مطرد، يدلّ على انتصاب لمراعاة شيء، ومن ذلك الرقيب وهو الحافظ ... والمرقب: المكان العالي يقف عليه الناظر، ومن ذلك اشتقاق الرقبة؛ لأنها منتصبة"[2].

الفرع الثاني: الرقابة في الاصطلاح

عرّفت معايير هيئة المحاسبة والمراجعة الرقابة الشرعية بأنها: "عبارة عن فحص مدى التزام المؤسسة بالشريعة في جميع أنشطتها، ويشمل الفحص: العقود، والاتفاقيات، والسياسات، والمنتجات، والمعاملات، وعقود التأسيس ..." [3].

يتبين للباحث أن هناك هيئة خاصة للفتوى تقوم بإصدار الفتاوى للمؤسسة، وتسمى (هيئة الرقابة الشرعية) ولها مهام خاصة تناط بها، وأن (الرقابة الشرعية) عبارة عن مفهوم إداري عام مرتبط بالوظائف الإدارية المشرفة على الفتاوى الشرعية ومدى تطبيقها والالتزام بها في المؤسسة، وبالتالي فهيئة الرقابة الشرعية جزء من هيكل الرقابة الشرعية بمفهومه العام.

الفرع الثالث: تعريف هيئة الرقابة الشرعية

عرفت المعايير المحاسبية هيئة الرقابة الشرعية بأنها: "جهاز يضمّ عدداً من الفقهاء المتخصصين في فقه المعاملات المالية، ويجوز أن يكون أحد الأعضاء من غير الفقهاء، على أن يكون من المتخصصين في مجال المؤسسات المالية الإسلامية، وله إلمام بفقه المعاملات"[4].

وبحسب تعليمات الحاكمية المؤسسية للبنوك الإسلامية الصادرة عن البنك المركزي الأردني؛ يتم تعيين هيئة الرقابة الشرعية بناء على توصية مجلس الإدارة للمؤسسة المالية، وبتنسيب من لجنة الترشيح والمكافآت لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد، ولا يقل عدد أفرادها عن ثلاثة أشخاص، وتجتمع الهيئة بشكل دوري للقيام بالمراجعات الدورية ومتابعة الالتزام الشرعي لعمليات البنك أو المؤسسة المالية، على أن لا تقل اجتماعاتها عن ستة اجتماعات في السنة، ولا بد من متطلبات لضمان استقلال أعضاء الهيئة، ولهم شروط، وعليهم واجبات، وأمامهم مهمات [5].

ويكون من واجبات هيئة الرقابة الشرعية وضع ضوابط وقواعد مستمدة من الأدلة الشرعية المعتبرة، وتعتبر هذه الضوابط ملزمة يجب تنفيذها من قبل إدارة المؤسسة[6].

المطلب الثاني: أهمية هيئة الرقابة الشرعية وواجباتها

الفرع الأول: أهمية هيئة الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية

تبرز أهمية هيئة الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية من خلال الآتي:

أولا: أهم مميزات المصارف الإسلامية أنها جاءت لتوفير البديل الشرعي عن المعاملات الربوية المحرمة التي يتعامل بها في المصارف التقليدية، ولا يمكن تحقيق ذلك وتقديم معاملات مبتكرة بديلة متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية إلا بوجود جهاز رقابة شرعية يراقب عن كثب سير عمل المؤسسات المالية، ومدى التزامها بأحكام الشريعة الإسلامية.

ثانيا: حاجة المصارف الإسلامية الملحة لهيئات الرقابة الشرعية لعدم إحاطة معظم العاملين بالمصارف الإسلامية بأحكام المعاملات المالية الشرعية، ومن المعلوم أن الفتوى لا تقبل ممن ليس أهلاً لها، فالله تعالى أمر بسؤال أهل الذكر كما في قوله تعالى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) [النحل: 43].[7]

ثالثاً: إن وجود هيئة رقابة شرعية داخل المصرف الإسلامي يمنحها صفة شرعية لجميع أنشطتها التي تمارسها، مما ينتج عنه شعور بالطمأنينة والارتياح لدى جمهور المتعاملين مع المصرف، ذلك أن التدقيق الشرعي يتعلق بأهمّ مقصد من المقاصد التي جاءت الشريعة الإسلامية بحفظها ومراعاتها وهو مقصد حفظ الدين[8].

رابعا: ظهور أنواع جديدة من المعاملات المالية التجارية، كالتجارة الإلكترونية وبطاقات الائتمان وغيرها من المعاملات والخدمات المصرفية والتي لا يوجد لها أحكام في المصادر الفقهية القديمة، وإن وجدت فإنه يصعب على المصرفي غير الشرعي البحث والكشف عن حيثيات حكمها الشرعي[9].

الفرع الثاني: واجبات هيئة الرقابة الشرعية

إن الدور الذي تقوم به هيئات الرقابة الشرعية في المصارف والمؤسسات الإسلامية يعتبر دوراً محورياً له أهميته الكبيرة، فهو الحافز الرئيس لتوجه المجتمعات المسلمة إلى هذه المصارف والمؤسسات الإسلامية، ومن أهم الواجبات والمهام المناطة بهيئات الرقابة الشرعية ما يلي[10]:

أولاً: اعتماد الجوانب الشرعية في عقد التأسيس والنظام الأساسي واللوائح والنماذج والسياسات المختلفة المراد تطبيقها في المصرف أو المؤسسة المالية.

ثانياً: متابعة مدى التزام مؤسساتها ومصارفها بأحكام الشريعة الإسلامية في جميع معاملاتها واستثماراتها وأدوات التمويل فيها.

ثالثاً: إبداء الرأي الشرعي بكل ما يعرض عليها من عقود ومعاملات ومنتجات جديدة مبتكرة أو أية أسئلة واستفسارات من الموظفين أو المساهمين أو المتعاملين.

رابعاً: المساهمة في اقتراح البدائل الإسلامية من منتجات تمويلية واستثمارية لتحل بديلاً عن المعاملات الربوية أو المحرمة، والعمل على تطوير هذه البدائل ليتم اعتمادها.

خامساً: العمل على عقد برامج تدريبية توعوية لموظفي المصرف والمؤسسة؛ لاطلاعهم على مستجدات المعاملات الإسلامية ولتعريفهم بأحكامها الشرعية.

سادساً: تقوم بإعداد التقارير السنوية لتقديمها للهيئة العامة للمساهمين في اجتماعها السنوي.

سابعاً: تقديم كل نصح يساهم في تطوير أداء المصرف أو المؤسسة وإرشاد الإدارة إلى أفضل طرق الاستثمار.

ثامنا: مراقبة عملية توزيع الأرباح وتحميل الخسائر ومدى موافقتها لأحكام الشريعة الإسلامية.

تاسعا: التأكد من طرق حساب الزكاة بما يتوافق مع معيار الزكاة الصادر عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية وبما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.

المطلب الثالث: دور المعايير الشرعية في ضبط الفتوى

ساهمت المعاير الشرعية الصادرة عن أيوفي[11] في ضبط جميع الأمور المتعلقة بالفتوى، وذلك من خلال المعيار رقم (29) والمعنون بـ (ضوابط الفتوى وأخلاقياتها في إطار المؤسسات)، حيث تناول هذا المعيار جانب الفتوى باعتباره من المهام المنوطة بهيئات الرقابة الشرعية للمؤسسات المالية الإسلامية، وعالج كل ما يتعلق بالفتوى من ضوابط وقواعد، ويبرز ذلك من خلال الآتي[12]:

أولاً: عرّف المعيار (29) الفتوى بأنها تبيين الحكم الشرعي لمن سأل عنه في واقعة نزلت فعلاً أو يتوقع حصولها لا على سبيل الافتراض، وبين الحكم الشرعي للفتوى وهو الوجوب على حدّ الكفاية، وتتعين الفتوى على هيئات الرقابة الشرعية لمؤسساتها للارتباط العقدي بينهم.

ثانياً: عرف المعيار (29) الاستفتاء بأنه طلب حكم المسألة النازلة أو التي يتوقع نزولها، وبين المعيار أنه يجب على المؤسسة استفتاء هيئتها في كلّ الحوادث التي وقعت أو يتوقّع حدوثها، وهي مقيّدة بما يصدر عن هيئاتها الشرعية من فتاوى شرعية إذا كان مقتضى الفتوى وجوب الفعل أو الترك، ولا ينبغي للمؤسسة العمل بما صدر عن غير هيئتها إلا بموافقة هيئتها.

ثالثاً: بين المعيار (29) مجال الفتوى، وهو الأحكام العملية المالية وما يتصل بها من أحكام الزكاة وغيرها، وأوضح شروط المفتين؛ بأن يكون ذا ملكة فقهية، ومتصفاً بالفطانة والتيقّظ، والعلم بأحوال الناس... وأن يكون ملماً بفقه المعاملات المالية على وجه الخصوص، وألا يكون هناك مصلحة خاصة لعضو الهيئة بفتاوى المؤسسة.

رابعاً: وبين المعيار (29) واجبات المؤسسة المستفتية، وأن عليها الالتزام بفتاوى هيئاتها، وينبغي عليها إعادة الاستفتاء في موضوع سبق الفتوى فيه إذا كان هناك معطيات جديدة كتغيير أو تصحيح تصور المسألة المستفتى فيها، أو انتفاء بعض الأمور التي تؤثر على الفتوى السابقة.

خامساً: أوضح المعيار طريقة الفتوى ووسائلها، فهي تستند إلى ما جاء في كتاب الله والسنة الثابتة الصريحة، ومن ثمّ الإجماع، ثم ما ثبت بالقياس، ثم ما يرجّحه عضو الهيئة من الأدلة المختلف فيها كالاستحسان والمصالح المرسلة، ولا يجوز الفتوى بمقتضى الرأي المجرد عن الاستدلال أو بما يخالف النصوص الصحيحة قطعية الثبوت أو بما يعارض الإجماع الصحيح الصريح أو ما ثبت بالقواعد الكلية المتفق عليها، وللهيئة إحالة الاستفتاء إلى هيئة عليا أو للمجامع الفقهية عند الحاجة لذلك.

سادساً: قام المعيار بوضع ضوابط للفتوى بعدم تحميل النصوص ما لا تحتمله من الدلالات كما هو مقرر في أصول الفقه وقواعد الاستنباط، والتوثق من نقل الإجماع وأقوال المجتهدين، وأن يختار الأيسر إذا تساوت الأدلة في أمرين مباحين للتيسير على الناس ورفع الحرج عنهم، لقوله تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)  [البقرة: 185]، ولكن مع مراعاة عدم تتبع الرخص؛ لأنّ ذلك سيؤدي إلى تمييع أحكام الدين والاستهانة بها والبعد عن الحيل الربوية وغيرها.

سابعاً: في حال حصل خطأ في الفتوى يجب على الهيئة الرجوع عن الفتوى عندما يتبين لها خطؤها، ولا بدّ من تصحيح الحكم والآثار المترتبة عليه، وعلى المؤسسة الالتزام بالفتوى الجديدة.

ثامناً: بين المعيار آداب الفتوى، ومنها التريث في الفتوى وعدم التسرع، والتوقف فيما فعل الصحابة والتابعون والأئمة، وعدم الاستحياء من الإجابة بلا أعلم أو إرجاء الجواب.

المبحث الثاني

الرجوع عن الفتوى

سيوضح الباحث مفهوم الرجوع عن الفتوى وتأصيله الفقهي في ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: مفهوم الفتوى والرجوع عنها

المطلب الثاني: أهمية الفتوى وضوابطها

المطلب الثالث: التأصيل الشرعي للرجوع عن الفتوى

المطلب الأول: مفهوم الفتوى والرجوع عنها

الفرع الأول: مفهوم الفتوى

أولا: معنى الفتوى لغة

الفاء والتاء والحرف المعتل أصلان: أحدهما يدلّ على طراوة وجدّة، والآخر على تبيين الحكم[13].

الإفتاء مصدر أفتى يفتي، أي: أبان الأمر، وأفتاه بالأمر: أبانه له، وأفتاه في مسألة: أجابه عنها[14].

ثانيا: معنى الفتوى اصطلاحا

الفتوى في الاصطلاح: "إخبار عن الله تعالى في إلزام أو إباحة"[15].

وذهبت المعايير الشرعية الصادرة عن أيوفي إلى أن الفتوى هي: "تبيين الحكم الشرعي لمن سأل عنه في واقعة نزلت فعلا – نازلة فتوى – أو يتوقّع حصولها، لا على سبيل الاقتراض"[16].

وفي إبطال الحيل تعريف آخر للفتوى: "الفتوى هي تعليم الحق والدلالة عليه"[17].

ومن تعاريف الفتوى: "الإخبار بحكم شرعي عن دليل لمن سأل عنه من غير إلزام"[18].

وأرجح التعاريف عند الباحث ما ذهبت إليه المعايير في تعريف الفتوى بأنها الإخبار عن الحكم الشرعي في واقعة نزلت فعلاً أو يتوقّع حصولها، ولا تكون في مسائل أو أمور وهميّة بعيدة الحصول، أو في مسائل غير شرعية، فقد كره الصحابة والتابعين السؤال عن الحوادث قبل وقوعها، وكانوا لا يجيبون عن ذلك، لحديث عمرو بن مرّة: خرج عمر رضي الله عنه على الناس، فقال: "أُحَرِّجُ عليكم أن تسألونا عمّا لم يكن، فإن لنا فيما كان شغلا"[19].

وكان زيد بن ثابت إذا سئل عن الشيء يقول: كان هذا؟ فإن قالوا: لا، قال: دعوه حتى يكون[20].

الفرع الثاني: مفهوم الرجوع عن الفتوى

سيبين الباحث معنى الرجوع لغةً واصطلاحاً ومعنى الرجوع عن الفتوى.

أولاً: معنى الرجوع لغة.

الراء والجيم والعين أصل كبير مُطَّرِدٌ متقاسٌ، يدل على ردٍّ وتكرار، تقول: رَجَعَ يَرْجِعُ رُجُوعاً، إذا عاد، ورجَعَ يرجِعُ رَجْعاً ورُجْعى ومَرْجعَةً: انصرف، وفي القرآن الكريم قول الله تعالى: (إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى) [العلق: 8]، أي الرجوع، والمرجع، وفيه أيضا: (إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا) [المائدة: 48]، أي: رجوعكم، وراجع الشيء: رجع إليه[21].

فالرجوع لغة يدور معناه بين الردّ والتكرار، والعود والانصراف.

ثانياً: معنى الرجوع اصطلاحاً

ومعنى الرجوع اصطلاحاً لا يخرج عن معناه اللغوي، فالرجوع اصطلاحاً بمعنى: العود إلى ما كان عليه مكاناً أو صفةً أو حالاً [22].

ثالثاً: معنى الرجوع عن الفتوى

من تعاريف الرجوع عن الفتوى: "عود المفتي عن رأيه في مسألة بعد ما تبين له موجب الرجوع"[23].

ونستطيع من خلال التعريف اللغوي والاصطلاحي للرجوع أن نخرج بتعريف للرجوع عن الفتوى فنقول:

الرجوع عن الفتوى هو: رجوع المفتي عن حكمه على مسألة اجتهادية معينة إلى حكم آخر لتغير اجتهاده في المسألة.

وقد قيدنا الرجوع بالمسائل الاجتهادية؛ لأنها محل نظر المجتهد.

المطلب الثاني: أهمية الفتوى وضوابطها

الفرع الأول: أهمية الفتوى

للفتوى مكانة عظيمة، وأهمية بالغة، فمسؤولية المفتي أمام الله تعالى كبيرة، لأن المفتي مبلِّغ عن حكم الله في المسألة، فإن أفتى وكان أهلاً للفتوى، عالماً مدققاً صاحب ملكة فقهيّة، مدركاً لواقع المسألة، كان له أجر عظيم، وفضل وفير، ومكانة عالية، أما إن أفتى ولم يكن أهلاً للفتوى، ولا صاحب تخصص فيما استفتي فيه، فوزره كبير، يكفيه قول الله تعالى فيه: (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ) [النحل: 116].

جاء في التفسير: "في الآية تنبيه للقضاة والمفتين كيلا يقولوا قولاً بغير حجة وبيان"[24].

فالفتوى بغير علم كذب وافتراء على الله عزّ وجل كما في الآية الكريمة، ولذلك حذّر العلماء من خطرها، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: "اعلم أن الإفتاء عظيم الخطر كبير الموقع كثير الفضل، لأن المفتي وارث الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وقائم بفرض الكفاية، لكنّه معرّض للخطر، ولهذا قالوا: المفتي موقّع عن الله تعالى"[25].

ولقد بوّب ابن صلاح في كتابه الفتاوى بعنوان: (بيان شرف الفتوى وخطرها وغررها)، واستفتح الباب بحديث أبي الدرداء رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أن العلماء ورثة الأنبياء"[26]، ثم قال: "فأثبت للعلماء خصيصة فاقوا بها سائر الأمة، وما هم بصدده من أمر الفتوى يوضح تحققهم بذلك للمستوضح، ولذلك قيل في الفتيا إنها توقيع عن الله تبارك وتعالى"[27].

وأول من أفتى في دين الله مبلغاً أحكام الله هو نبينا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الصادق الأمين[28]، فكان الصحابة رضوان الله عليهم إذا أشكل عليهم أمر، أو استعصت عليهم مسألة، يأتون رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتونه، فيفتيهم بوحي من عند الله تبارك وتعالى، ثم صار كثير من الصحابة علماء مؤهلين للفتوى، فكانوا منارات هدى لبيان أحكام الدين ونشر تعاليمه في أصقاع الأرض.

ولمسألة البحث (الرجوع عن الفتوى) ارتباط وثيق بأهمية الفتوى وخطرها، فالمفتي كعضو من أعضاء هيئة الرقابة الشرعية في المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية، لا بدّ أن يعلم أهمية الفتوى وعظيم خطرها، ولا بدّ أن يكون أهلاً للفتوى، قادراً على البتّ في المسائل المالية المعاصرة، وعندئذٍ يكون رجوعه لا لقلة علم ولا لانعدام فهم للمسائل المعروضة عليه، إنما يكون رجوعه لتغيّر اجتهاده في المسألة، وتغيّر الاجتهاد يحتاج إلى علم واسع، وفهم عميق، وملكة فقهية سليمة، فيكون رجوع في هذه الحال مبرراً شرعاً ولا حرج عليه فيه.

الفرع الثاني: ضوابط الفتوى

للفتوى ضوابط كثيرة ذكرها العلماء في كتبهم، فمنها ما يتعلق بالمفتي ومنها ما يتعلق بالفتوى نفسها، وسيكتفي الباحث في هذا الفرع بذكر أهم الضوابط مما له علاقة بهيئات الرقابة الشرعية:

أولاً: أهلية المفتي وكفاءته العلمية

لا بدّ للمفتي أن يكون أهلاً للفتوى، صاحب علم، قادراً على البحث في المسائل العلمية من مظانها ومصادرها، وبنفس الوقت فاهماً لواقع المسألة محققاً لمناطها، فالمفتي موقع عن الله تعالى يصدر حكماً شرعياً مفاده التحليل أو التحريم.

 والإفتاء بغير علم حرام بالإجماع، لقول الله تعالى: (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) [البقرة: 169]، والقول على الله بغير علم يكون في أسماء الله وصفاته وشرعه ودينه[29]، وما يعرض على هيئات الفتوى والرقابة الشرعية من مسائل معاصرة في المعاملات المالية هو من أمر الدين الذي يحتاج إلى علم وفهم وتحليل وتدقيق ليخرج الحكم الاجتهادي صحيحاً، والمفتي إن لم يكن أهلاً للفتوى يتحمل وزر الفتوى وإثمها، وقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: "من أفتا بفتيا غير ذي ثبت فإنما إثمه على من أفتاه"، والمفتي الذي لم يبلغ غاية الاجتهاد كالعامي في أنه لا يجوز تقليده على الصحيح[30].

ثانياً: الاستناد إلى الأدلّة الشرعية

قسّم الفقهاء[31] المفتي إلى مستقلّ ومقلّد، فالمستقل هو المجتهد المطلق الذي يصح له النظر في الأدلة والاستنباط منها، والمقلد ملتزم بمذهب معيّن، فإما أن يستنبط الأحكام من الأدلة الشرعية وفق منهج إمامه وهذا أقرب إلى الاجتهاد منه إلى التقليد، أو ألا يخرج نظره عن نصوص مذهب إمامه تحريراً وتقريراً، وقد يرقى إلى الترجيح، يقول ابن الصلاح: "منذ دهر طويل طوي بساط المفتي المستقل المطلق والمجتهد المستقل، وأفضى أمر الفتوى إلى الفقهاء المنتسبين إلى أئمة المذاهب المتبوعة"[32].

وفي ظلّ وجود الفتاوى الجماعية كالمجامع الفقهية الدولية، ولجان الفتوى المعتبرة، وهيئات الرقابة الشرعية يمكن للمفتي أن يكون مجتهداً في باب من أبواب الفقه كباب المعاملات، فينظر في الأدلّة ويرجّح بينها ويستنبط الحكم الشرعي، مع الأخذ بعين الاعتبار النظر في كتب المذاهب وأدلتها، يقول ابن الصلاح: "ومن الجائز أن ينال الإنسان منصب الفتوى والاجتهاد في بعض الأبواب دون بعض... قطع بجوازه الغزالي وابن برهان وغيرهما"[33].

عندئذٍ يستند المفتي في فتاواه إلى صريح الدلالة من القرآن الكريم، ثم إلى السنة الثابتة الصريحة الدلالة، ثم الإجماع المعتبر، ثم ما ثبت بالقياس، بعد ذلك ينظر بحسب ما يرجحه من الأدلة المختلف فيها مثل الاستحسان والمصالح المرسلة وغير ذلك[34].

ولا يفتي المفتي بالرأي المجرّد أو بما يعارض النصوص العامة القطعية الدلالة، أو ما يعارض الإجماع أو القواعد الكلية المستندة إلى النصوص[35].

ثالثاً: التيسير في الفتوى والتسهيل وعدم التعصّب ولا التضييق، فالإسلام دين اليسر، يقول الله تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) [البقرة"185]، ويقول الله تعالى: ( مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [المائدة: 6]، وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا، مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا، فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ"[36].

والأخذ بالأيسر مقيد في حال تكافأت الأدلة، أو كان في الأمر تخيير بين مباحين، أما إذا تعارضت الأدلة وترجحت كفة على الأخرى فينبغي الأخذ بالراجح[37].

ولا يجوز تتبع الرخص الفقهية من غير ضابط، ولا التوجه للحيل الفقهية الممنوعة، فكل ذلك يخلّ بمقاصد التشريع[38].

رابعاً: عدم التسرّع في الإفتاء

كره العلماء التسرّع في الفتوى، وكان الصحابة والتابعون رضي الله عنهم يبتعدون عن الفتوى، فإذا تعيّنت على الواحد منهم اجتهد وبذل الوسع لمعرفة الحكم الشرعي من الكتاب والسنة أو أقوال الخلفاء الراشدين، ثم بعد ذلك يفتي، وقد روي عن بعضهم: "أدركت عشرين ومائة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أراه قال في المسجد، فما كان منهم محدّث إلا ودّ أن كفاه الحديث، ولا مفتٍ إلا ودّ أن أخاه كفاه الفتيا"[39].

فالتأني في إصدار الفتاوى أمر مطلوب شرعاً، والتسرّع لمجرد استنكار العادات أو المستحدثات أمر غير مقبول، إلا إذا ثبت أن شيئاً من ذلك مناف لأحكام الشريعة بصورة واضحة[40].

المطلب الثالث: التأصيل الشرعي للرجوع عن الفتوى

قد يرجع المفتي عن فتواه لأسباب متعددة، منها مخالفة دليل شرعي، ومنها رجوعه عندما يتبين له أن ما أفتى به خلاف مذهبه[41].

ولعل أهم أسباب رجوع المفتي عن فتواه تغير اجتهاد المفتي[42]، وموضوع هذا البحث مرتبط ارتباطاً وثيقاً برجوع المفتي عن فتواه لهذا السبب -تغير اجتهاد المفتي-، إذ أن البنوك والمصارف الإسلامية عندما ترجع هيئة الرقابة الشرعية فيها عن فتاوى معينة، غالبا ما يكون السبب المباشر لهذا الرجوع هو تغير اجتهاد هيئة الرقابة الشرعية.

والمفتي قد يرجع عن فتواه بسبب تغير اجتهاده لأمور كثيرة أهمها:

أولاً: تغير العادة أو العرف

فقد بنى الإمام مالك أحكامه على عُرف زمانه، وقال بلزوم تغير الفتوى عند تغير العرف[43]، كما أشار الإمام الشاطبي إلى تغير الأحكام بتغير العوائد، وأنها أسباب لأحكام تترتب عليها، ومثّل لذلك بكشف الرأس فإنه قبيح لذوي المروءات في بلاد الشرق، وغير قبيح في بلاد المغرب، ثم قال: "فالحكم الشرعي يختلف باختلاف ذلك، فيكون عند أهل المشرق قادحا في العدالة، وعند أهل المغرب غير قادح"[44].

ثانياً: مراعاة المصلحة

فقد يرجع المفتي عن فتياه مراعاة للمصلحة بشروطها المعتبرة عند علماء الأصول، وفي ذلك يقول الشاطبي: "فإنا وجدنا الشارع قاصدا لمصالح العباد، والأحكام العادية تدور معه حيثما دار، فترى الشيء الواحد يمنع في حال لا تكون فيه مصلحة، فإذا كان فيه مصلحة جاز"[45].

ثالثاً: سداً للذريعة

فقد يفتي المفتي في مسألة معينة وفي وقت معين بالجواز، إلا أنه بعد زمن يرجع عن القول بالجواز سداً لذريعة التوصل لمحرم، وقاعدة الذرائع متفق على اعتبارها في الجملة، كما يقول الشاطبي[46].

رابعاً: عموم البلوى

فإذا عمّت البلوى بشأن من الشؤون، وصار من المشقة العدول عن هذا الشأن -ما لم نخالف دليلاً قطعياً– روعي ذلك في الفتوى، فنجد الفقهاء يفتون في مسائل ويحتجون بعموم البلوى كما في زرق الطيور، فقد قال الشافعية بالعفو عنه مع أنه في الأصل نجس، واحتجوا على ذلك بعموم البلوى ومشقة الاحتراز منه، وقالوا: "المراد بعموم البلوى كثرته في ذلك المحل المقصود عادة بحيث لو كلّفناه العدول عنه إلى غيره لأدّى إلى الحرج"[47].

خامساً: ضعف التديّن وفساد الأخلاق

فإن ضعف الوازع الديني وفساد الأخلاق وانتشار الجهل بين الناس، كلها أسباب داعية إلى اعتبار ذلك في الفتوى، كما أنها قد تشكل أسباباً للرجوع عن الفتوى، وكما قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: يحدث للناس أحكام بحسب ما أحدثوا من الفجور"[48]، وفي تفسير ذلك قال السبكي: "فلا نقول: إن الأحكام تتغير بتغير الزمان بل باختلاف الصورة الحادثة، فإذا حدثت صورة على صفة خاصة، علينا أن ننظر فيها فقد يكون مجموعها يقتضي الشرع له حكماً"[49].

فإذا وُجِدَت الأسباب الداعية لتغيير الاجتهاد في مسألة اجتهادية، ورأت هيئة الرقابة الشرعية الحاجة لتغيير الفتوى رفعاً للحرج المترتب على بقاء الفتوى كما هي، فذلك أمر مشروع يدلّ عليه القرآن والسنة والأثر:

أولاً: القرآن

قوله تعالى: (وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ* فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا) [الأنبياء: 78،79].

وخلاصة القصة أن كرماً قد أنبتت عناقيده فأفسدته غنم لآخر، فحكم داود بالغنم لصاحب الكرم، فلما عُرِضت على سليمان قال: تدفع الكرم لصاحب الغنم، فيقوم عليه حتى يصلح كما كان، وتعطي الغنم إلى صاحب الكرم، فيستفيد من لبنها وصوفها إلى أن يصلح الكرم فيعيد الغنم لصاحبها[50]، فرجع داود عن حكمه إلى حكم سليمان، ولا فرق هنا بين رجوع القاضي في حكمه ورجوع المفتي عن فتواه.

وفي ذلك يقول ابن العربي المالكي: "في هذه دليل على رجوع القاضي عما حكم به، إذا تبين له أن الحقّ في غيره، وهكذا في رسالة عمر إلى أبي موسى ..."[51].

ثانياً: السنة

روى الخطيب البغدادي في باب رجوع المفتي عن فتواه إذا تبين له أن الحقّ في غيرها، بإسناده إلى أبيض بن حمّال قال: "وفدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستقطعته الملح فقطعه لي، فلما ولّيت قال رجل: يا رسول الله! تدري ما أقطعته؟ إنما أقطعته الماء العدّ، فرجع فيه" قلت: يعني بالماء العدّ: الدائم الذي لا انقطاع له مثل ماء العين والبئر"[52].

وجه الدلالة من الحديث: أن الماء العدّ الدائم الذي لا انقطاع له مثل ماء العين والبئر، مثل هذا الماء الناس شركاء فيه، فلا يختصّ به بعضهم دون بعضهم، ولهذا رجع النبي صلى الله عليه وسلم فيه[53].

ثالثاً: الأثر

وقد روي في ذلك آثار كثيرة منها:

ما رواه الخطيب البغدادي في باب رجوع المفتي عن فتواه إذا تبين له الحقّ في غيرها، وذلك بإسناده إلى أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كنت حدّثتكم أنّ من أصبح جنبا فقد أفطر، فإنما ذلك من كيس أبي هريرة، فمن أصبح جنباً فلا يفطر"[54].

المبحث الثالث

دراسة حالة (الرجوع عن الفتوى في قرارات هيئة الرقابة الشرعية في البنك الإسلامي الأردني)

سيقوم الباحث بعرض الحالات التطبيقية للرجوع عن الفتوى في البنك الإسلامي الأردني مع بيان أسباب الرجوع من خلال مطلبين:

المطلب الأول: التعريف بالبنك الإسلامي الأردني وهيئة الرقابة الشرعية فيه.

المطلب الثاني: الفتاوى التي رجع عنها البنك الإسلامي الأردني.

المطلب الأول: التعريف بالبنك الإسلامي الأردني وهيئة الرقابة الشرعية فيه[55]

تأسس البنك الإسلامي الأردني عام 1978م لممارسة الأعمال المصرفية التمويلية والاستثمارية طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية[56]، وتعتبر مرحلة السبعينيات مرحلة التأسيس بالنسبة للمصرفية الإسلامية.

وباشر البنك عمله في أول فرع له في الأردن عام 1979م برأس مال مدفوع لم يتجاوز 2 مليون دينار أردني، في حين يبلغ رأس مال البنك الإسلامي الأردني حالياً 200 مليون دينار أردني.

وفي عام 2010م انضم البنك لمجموعة دلة البركة المصرفية، حيث قام بتغيير شعاره وإطلاق الهوية المؤسسية الجديدة.

يمتلك البنك 80 فرعاً و28 مكتباً في كافة أنحاء المملكة الأردنية الهاشمية، إضافة لمكتب البوندد؛ حيث يمارس أعماله التمويلية والخدماتية والاستثمارية من خلال هذه الفروع والمكاتب.

ويبلغ عدد العاملين في البنك حوالي 2335 موظفاً وموظفة، وعدد حسابات العملاء حوالي 927 ألف حساب[57].

وتشكل رسالة البنك مصدر ثقة للمتعاملين من خلال ثلاثة أمور[58]:

أولاً: الالتزام بترسيخ قيم المنهج الإسلامي من خلال التعامل وفق أحكام الشريعة الإسلامية.

وهذه يتماشى مع تطلع العملاء لمعاملات شرعية حلال في ظل انتشار المعاملات الربوية وسهولة الوصول إليها.

ثانياً: الحرص على تحقيق التوازن بين مصالح ذوي العلاقة من مساهمين وممولين وموظفين.

فالبنك لا يراعي مصالح المساهمين على حساب مصالح المستثمرين ولا العكس، كما أنه ينظر للموظفين والممولين أيضاً نظرة اتزان في التعامل، مما يساهم في رفع منسوب ثقة جميع هذه الفئات.

ثالثاً: السعي إلى كلّ جديد في مجال الصناعة المصرفية والتكنولوجية، فالبنك يواكب التطور والتغيير في ظلّ أصول ثابتة قائمة على الالتزام بالأحكام الشرعية.

فاز البنك بجوائز دولية ووطنية عديدة، من أهمها[59]:

أولاً: جائزة المصرف الإسلامي الأفضل أداء للشرق الأوسط لعام 2019م من المؤتمر العالمي للمصارف الإسلامية في دورته (26) في البحرين.

ثانياً: جائزتا أقوى بنك إسلامي لخدمات التجزئة في الأردن لعام 2019م، وأفضل بنك إسلامي مبتكر لخدمات التجزئة في الأردن لعام 2019م من قبل مؤسسة (كامبردج أي إف أنا لاتيكا).

ثالثاً: جائزة بطل أهداف البركة لعام 2016م، وجائزة أفضل مساهم في قطاع التعليم لعام 2016م من مجموعة البركة المصرفية والجائزتين في مجال المسؤولية الاجتماعية.

كما حصل البنك على تصنيفات ائتمانية عالمية أهمها من وكالة التصنيف العالمية (ستاندرد أند بورز)، ومقرها فرنسا للالتزامات طويلة الأجل (B+) والالتزامات قصيرة الأجل (B).

كذلك للبنك دور اجتماعي مميز وفعّال يتمثل بالمشاركة في المؤتمرات والندوات العلمية والبحثية في مجال الصيرفة الإسلامية، كما له مساهمات كبيرة في البحث العلمي والتدريب المهني، حيث بلغ ما تمّ صرفه في هذا المجال في عام 2018م حوالي 372 ألف دينار.

كما له مساهمته المجتمعية الفاعلة في مجال القروض الحسنة لغايات الزواج والتعليم وتمويل المهنيين والحرفيين وغير ذلك.

يعتبر فضيلة الشيخ عبد الحميد السائح أول مستشار شرعي للبنك الإسلامي الأردني منذ تأسيسه عام 1978م.

وفيما بعد تأسست هيئات رقابة شرعية مكونة من 4 أعضاء من علماء الشريعة من أصحاب الاختصاص والدراية الكافية بالعلوم الشرعية والخبرة الطويلة، وتعتبر قراراتهم ملزمة للبنك[60].

المطلب الثاني: الفتاوى التي رجع عنها البنك الإسلامي الأردني

في هذا المطلب سيقوم الباحث بعرض الفتاوى التي رجع عنها البنك الإسلامي الأردني مع بيان سبب الرجوع كدراسة تطبيقية لمادة البحث، وذلك في ثلاثة فروع:

الفرع الأول: حكم اختصار إجراءات بيع السيارات مرابحة بتنازل واحد بدلاً من تنازلين.

الفرع الثاني: حكم الحطيطة من الدين المؤجل في حال تعجيل السداد قبل حلول الأجل.

الرفع الثالث: حكم الشرط الجزائي في حال المدين الموسر.

الفرع الأول: حكم اختصار إجراءات بيع السيارات مرابحة بتنازل واحد بدلاً من تنازلين

كانت إجراءات بيع السيارات مرابحة في البنك الإسلامي الأردني تستلزم أن يقوم البائع بالتنازل لصالح البنك، ثم يقوم البنك بالتنازل لصالح العميل، وذلك بناء على رأي المستشار الشرعي السابق للبنك الشيخ عبد الحميد السائح رحمه الله تعالى، ثم قررت هيئة الرقابة الشرعية الرجوع عن هذه الفتوى وعدّ البيع مرابحة جائزاً في حال وجود تنازل واحد -من البائع مباشرة للعميل-.

الفتوى الأولى:

تم توجيه سؤال عن الإجراءات المطبقة في ذلك الوقت والتي منها: "أ. يقوم البنك بإبلاغ البائع لتسجيل السيارة باسم المشتري من البنك. ب. يقوم البائع للبنك بالتنازل عن السيارة إلى المشتري مرابحة بعد أن يكون قد قبض قيمة السيارة من البنك"، ثمّ عرض السؤال الاقتراح الثاني: "نقترح أن يتم تنظيم عقد بيع بين البائع والبنك حسب الصيغة المرفقة لإثبات ملكية البنك للسيارة والذي يتم بموجبه أمر البائع بالتنازل عن السيارة باسم المشتري مرابحة ..." [61].

وفي آخر الاقتراح: "أم ترون ضرورة تسجيلها باسم البنك أولا ثم التنازل عنها للمشتري مرابحة بعد ذلك"[62].

وجاء في الجواب: "لا يصبح البنك مالكاً ومتسلماً إلا إذا سجل المبيع تسجيلاً رسمياً حسب ما يتطلب ذلك القانون الخاص"[63].

واعتبر الصيغة المقترحة في السؤال لا تغير من هذه الحقيقة شيئاً، ثم قال: "وعليه يجب تسجيل السيارة باسم البنك حتى يصبح مالكاً ومتسلماً لها وحتى يصح له أن يبيعها بالشراء حسب الاتفاق"[64].

الفتوى الثانية:

مضمون السؤال عن مدى شرعية تمويل السيارات بدون نقل الملكية باسم البنك (السيارات المشطوبة)، حيث جاء ما نصه: "ومن المهم الإشارة هنا إلى أنه يتم نقل ملكية السيارة الممولة من البائع إلى الآمر بالشراء مباشرة، لأنه لا يستطيع أن يسجلها باسم البنك كما هو متبع في تمويل السيارات بالمرابحة لدى البنك"[65].

فأجابت هيئة الرقابة الشرعية بما نصه: "قررت الهيئة أن هذا الأمر جائز شرعاً، لأنّ العقد يتم بالإيجاب والقبول، وترى الهيئة ضرورة المحافظة على حقوق البنك ..."[66].

نلاحظ في الفتوى الثانية أنّ تعليل الإجابة بالجواز الشرعي ليس للضرورة أو الحاجة؛ لأن التسجيل باسم البنك متعذّر -كما في الحالة المذكورة في السؤال- إنما السبب لكون العقد يتم بالإيجاب والقبول، وهذا يدلّ على الرجوع عن الفتوى السابقة التي كانت تعتبر الملك لا يتمّ إلا بالتسجيل وإلا كان باطلاً، والدليل على الرؤية الجديدة للبنك هو التطبيق العملي الإجرائي لمعاملة بيع السيارة مرابحة، حيث يتم التنازل فيها مباشرة من البائع إلى العميل، وذلك في جميع أنواع السيارات سواء كانت جديدة أو مستعملة أو مشطوبة أو حاصلة على الإعفاء الجمركي أو غير حاصلة عليه.

سبب الرجوع عن الفتوى:

أولاً: مراعاة لمصلحة العميل لكيلا يكلفه مصاريف زائدة من خلال دفع الرسوم مرتين، وفي ذلك من تعقيد المعاملة وصعوبتها ما لا يخفى.

ثانياً: من باب التنافس مع المصارف الأخرى التي اختصرت الإجراءات المعقدة، وجعلت تسجيل السيارة مرة واحدة من البائع إلى العميل مباشرة[67].

الفرع الثاني: حكم الحطيطة من الدين المؤجل في حال تعجيل السداد قبل حلول الأجل

أجاب المستشار الشرعي للبنك الشيخ عبد الحميد السائح باعتبار الأرباح المبنية على بيع المرابحة للآمر بالشراء أرباحاً متحققة ومستحقة، بمعنى أنها أصبحت ديناً في الذمة، وبالتالي ليس للعميل أن يرجع على البنك بشيء ولو أداه قبل حلول الأجل، ثم ارتأت هيئة الرقابة الشرعية الجنوح لجواز إعادة جزء من أرباح عمليات المرابحة في حالة قيام العميل بتعجيل الدفع قبل حلول الأجل، وهذا ما سيتم توضيحه في الفتويين التاليتين:

الفتوى الأولى:

جاء في السؤال: "وأرجو التكرم ببيان الرأي الشرعي حول مسألة تحقيق أرباح عمليات بيع المرابحة للآمر بالشراء وما يخصّ كلّ سنة مالية من تلك الأرباح"[68].

أما الجواب فقد أشار لرأي المتقدمين من الفقهاء الذين يرون أن المدين إذا دفع الدين قبل حلول الأجل لا يعود على الدائن بشيء مقابل المدة الباقية، لأنه متبرع بالدفع قبل الأجل، كما أشار الجواب لرأي المتأخرين من الفقهاء أن الدائن ليس له من المرابحة إلا بقدر ما مضى من الأيام، والسبب أن ذلك أرفق للجانبين.

ثم ذكر المستشار الشرعي السابق أن ما تم طرحه في السؤال هو جنوح لرأي المتقدمين، وهو أن الربح يتحقق عند إجراء التعاقد اللاحق، لأنه ليس له أن يرجع بشيء ولو أداه قبل حلول الأجل، فالدين في ذمته هو في حكم القرض يستحق للبنك عند حلول الأجل[69].

الفتوى الثانية:

جاء في السؤال ما نصه: "هل يجوز إعادة جزء من أرباح عمليات المرابحة التي يقوم بها البنك في حالة قيام المتعامل -الآمر بالشراء- بتعجيل الدفع قبل تاريخ الاستحقاق؟"[70].

وكانت إجابة هيئة الرقابة الشرعية بالجواز، على ألا يكون ذلك شرطاً في عقد المرابحة، فالحطيطة من الدين المؤجل إذا لم تكن بناءً على اتفاق مسبق جائزة شرعاً، فهي من باب الهبة المشروعة غير المشروطة قبل العقد أو أثنائه، ترغيباً للمتعاملين بالتعجيل بالوفاء بالتزاماتهم[71].

سبب الرجوع عن الفتوى:

مراعاة لمصلحة العملاء وترغيباً لهم بالتعجيل بالوفاء بالتزاماتهم، كما جاء منصوصاً عليه في الفتوى.

الفرع الثالث: حكم الشرط الجزائي في حالة المدين الموسر

أجاب المستشار الشرعي السابق للبنك بجواز الاشتراط في حق المدين الموسر في حالة عدم سداده للقسط في موعد حلول الدين أن يعوّض البنك عن الضرر الناشيء أو المتعلّق بامتناعه عن الوفاء، وهذا حكم بجواز الشرط الجزائي في ديون المرابحات، وفي اجتماع لاحق لهيئة الرقابة الشرعية تم الاتفاق على إلغاء الشرط الجزائي في عقد المرابحة، وهذا يعتبر من باب الرجوع عن الفتوى.

الفتوى الأولى:

تم توجيه سؤال للمستشار الشرعي حول جواز إضافة بند في عقود المرابحات يجيز للبنك أن يطلب من العميل -في حالة تأخره عن سداد القسط في الموعد المحدد- التعويض عن الضرر الذي يصيب البنك بسبب هذا التأخير[72].

وجاء في الجواب الجواز بدليل الحديث النبوي الشريف: "ليّ الواجد يحلّ عرضه وعقوبته"، وحديث: "مطل الغني ظلم"، وأن الجواز في حال كان المدين موسرا[73].

 واستُدِلَّ على الجواز أيضا بأن الأصل في الشروط الصحّة واللزوم، والمسلمون على شروطهم إلا شرطا أحلّ حراما أو حرّم حلالا[74].

الفتوى الثانية:

تم إلغاء الشرط الجزائي (البند 26 من عقد المرابحة) وذلك في اجتماع هيئة الرقابة الشرعيّة (1/2011)، بتاريخ 2/3/2011م، وذلك بعد مداولات مع دائرة الإفتاء العام انتهت بترجيح إلغاء الشرط الجزائي[75].

سبب الرجوع عن الفتوى:

أولاً: مراعاة مصلحة المدين بعدم تكليفه بدفع أي مبالغ في حالة عدم السداد في الموعد.

ثانياً: مراعاة مصلحة البنك بالابتعاد عن الشبهات والأخذ بالأحوط.

ثالثاً: مبدأ التنافس مع البنوك التي ألغت الشرط الجزائي.

الخاتمة (النتائج)

أولاً: هيئة الرقابة الشرعية هي التي تقوم بإصدار الفتاوى للمؤسسة، وهي التي توجّه نشاطات المؤسسة، وتشرف عليها، لأنها تضمّ الشرعيين وغير الشرعيين، وتكون فتاويها ملزمة للمؤسسة.

ثانياً: أهم مميزات المصارف الإسلامية أنها جاءت لتوفير البديل الشرعي عن المعاملات الربوية المحرمة التي يتعامل بها في المصارف التقليدية، ولا يمكن تحقيق ذلك وتقديم معاملات مبتكرة بديلة متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية إلا بوجود هيئات الرقابة الشرعية، وهذا يدلّل على أهمية هذه الهيئات.

ثالثاً: من أهمّ واجبات هيئة الرقابة الشرعية اعتماد الجوانب الشرعية في عقد التأسيس والنظام الأساسي واللوائح والنماذج والسياسات المختلفة المراد تطبيقها في المصرف أو المؤسسة المالية، ومتابعة مدى التزام مؤسساتها ومصارفها بأحكام الشريعة الإسلامية في جميع معاملاتها واستثماراتها وأدوات التمويل فيها.

رابعاً: ساهمت المعاير الشرعية الصادرة عن أيوفي في ضبط جميع الأمور المتعلقة بالفتوى، وذلك من خلال المعيار رقم (29)، والمعنون بـ (ضوابط الفتوى وأخلاقياتها في إطار المؤسسات)، حيث تناول هذا المعيار جانب الفتوى باعتباره من المهام المنوطة بهيئات الرقابة الشرعية للمؤسسات المالية الإسلامية.

خامساً: الفتوى هي "تبيين الحكم الشرعي لمن سأل عنه في واقعة نزلت فعلاً –نازلة فتوى– أو يتوقّع حصولها، لا على سبيل الافتراض"، والرجوع عن الفتوى: رجوع المفتي عن حكمه على مسألة اجتهادية معينة إلى حكم آخر لتغير اجتهاده في المسألة.

سادساً: للفتوى مكانة عظيمة، وأهمية بالغة، فمسؤولية المفتي أمام الله تعالى كبيرة، لأن المفتي مبلِّغ عن حكم الله في المسألة.

سابعاً: أهم ضوابط الفتوى أهلية المفتي وكفاءته العلمية، واستناده في فتواه إلى الأدلة الشرعية المعتبرة، وأن يراعي التيسير في الفتوى من غير تسرع ولا تعصب.

ثامناً: رجوع المفتي عن فتواه له أصل في القرآن والسنة والأثر، والمفتي قد يرجع عن فتواه بسبب تغير اجتهاده لأمور كثيرة، أهمها: تغير العادة والعرف، ومراعاة المصلحة، وعموم البلوى وسد الذريعة، وضعف التدين وفساد الأخلاق.

تاسعاً: رجعت هيئات الرقابة الشرعية في البنك الإسلامي الأردني عن عدد من الفتاوى، ومن أهم أسباب هذا الرجوع مراعاة لمصلحة عملاء البنك وعدم تكليفهم مصاريف زائدة، ومن باب التنافس مع المصارف الأخرى التي اختصرت الإجراءات المعقدة، ومراعاة لمصلحة الجميع بالابتعاد عن الشبهات والأخذ بالأحوط.

التوصيات

أولاً: التوسع في الدراسات التطبيقية لموضوع الرجوع عن الفتوى للوقوف على الأسباب والآثار، والاستفادة من ذلك لوضع ضوابط ومعاير وأسس تحكم الرجوع عن الفتوى وتساهم في خدمية المالية الإسلامية.

ثانياً: المساهمة في إعداد تعليمات خاصة جديدة في موضوع الرجوع عن الفتوى يتم إضافتها لتعليمات الحاكمية المؤسسية الصادرة عن البنك المركزي الأردني.

 

(*) مجلة الفتوى والدراسات الإسلامية، دائرة الإفتاء العام، المجلد الثاني، العدد السادس، 1444هـ/ 2022م.

 


الهوامش

[1] انظر؛ ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، بيروت، دار صادر، 1414ه، ط3، ج5، ص579.

[2] ابن فارس، أحمد، معجم مقاييس اللغة، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، دمشق، دار الفكر، 1979م، ط2، ج2، ص427.

[3] هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، معايير المحاسبة والمراقبة والحوكمة والأخلاقيات التي تم اعتمادها حتى صفر 1437هـ -ديسمبر 2015م، معيار الحوكمة رقم (2) الرقابة الشرعية، الرياض، دار الميمان للنشر والتوزيع، ص1061.

[4]  هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، معايير المحاسبة والمراجعة والحوكمة والأخلاقيات، معيار الحوكمة للمؤسسات المالية والإسلامية رقم (1)، تعيين هيئة الرقابة الشرعية وتكوينها وتقريرها، ص 1046.

[5]  انظر: البنك المركزي الأردني، تعليمات الحاكمية المؤسسية للبنوك الإسلامية رقم (61/2015) ص (15-18)، نسخة إلكترونية منشورة على موقع البنك المركزي.

[6]  انظر: الشبيلي، يوسف، الضوابط الشرعية على المصارف، ضوابطها وأحكامها ودورها في ضبط عمل المصارف، من أبحاث مجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، الدورة التاسعة عشرة، إمارة الشارقة، دولة الإمارات العربية المتحدة، ص2.

[7]  انظر: القرضاوي، يوسف، تفعيل آليات الرقابة (الحلقة الأولى)، مجلة الاقتصاد الإسلامي، العدد 238، ص15.

[8]  انظر: ابن زغيبة، عز الدين، هيئات الفتوى والرقابة الشرعية في المؤسسات المالية الإسلامية، بحث مقدم إلى مؤتمر المصارف الإسلامية بين الواقع والمأمول، الإمارات العربية المتحدة، دبي، دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري، 21 مايو -3 يونيو 2009م، ص20-21، والهيتي، عبد الرزاق رحيم جدي، أثر الرقابة الشرعية على التزام المصارف الإسلامية بالأحكام الشرعية، بحث مقدم إلى مؤتمر المصارف الإسلامية بين الواقع والمأمول، الإمارات العربية المتحدة، دبي، دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري، 21 مايو -3 يونيو 2009م، ص18-19.

[9]  انظر: حماد، حمزة عبد الكريم، الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية، رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا، الجامعة الأردنية، 2004م، ص2-3.

[10]  استفاد الباحث هذا المهام والواجبات بالجملة من: البنك المركزي الأردني، تعليمات الحاكمية المؤسسية للبنوك الإسلامية رقم (61/2015) ص (17-18)، نسخة إلكترونية منشورة على موقع البنك المركزي. وعبد الستار أبو غدة، الهيئات الشرعية: تأسيسها، أهدافها، واقعها، بحث قدم للمؤتمر الأول للهيئات الشرعية للمؤسسات المالية الإسلامية، والمنعقد في مملكة البحرين يومي الثلاثاء والأربعاء تاريخ: 22 و23 رجب، 1422هـ، 9-10، أكتوبر، 22001م، ص10-13.

[11]  هي إحدى أبرز المنظمات الدولية غير الربحية الداعمة للمؤسسات المالية الإسلامية، تأسست عام 1991م، ومقرها الرئيس مملكة البحرين، ومن أهم منجزاتها المهنية بالغة الأثر المعايير الشرعية والمعايير المحاسبية ومعايير الحوكمة والأخلاقيات. انظر الموقع الرسمي الإلكتروني لأيوفي: https\\aaoifi.com\about-aaoifi

[12]  هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، المعايير الشرعية، المعيار الشرعي رقم (29) ضوابط الفتوى وأخلاقياتها في إطار المؤسسات، الرياض، دار الميمان للنشر والتوزيع، مجهول تاريخ الطبع ورقم الطبعة، ص744 – 762.

[13]  ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، مادة: فتى، ص835.

[14]  ابن منظور، لسان العرب، مادة: فتى، ج4، ص373.

[15]  القرافي، أحمد بن إدريس، الفروق: أنوار البروق في أنواء الفروق، عالم الكتب، بدون طبعة وتاريخ، ج4، ص53.

[16]  هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، المعايير الشرعية، المعيار (29)، ص747.

[17]  ابن بطة، عبيد الله بن محمد، إبطال الحيل، تحقيق: سليمان العمير، الرياض، السعودية، طبعة دار عالم الفوائد، ج1، ص34.

[18]  إبراهيم، محمد يسري، الفتوى: أهميتها، ضوابطها، آثارها، بحث مقدم لنيل جائزة نايف بن عبد العزيز آل سعود العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة لعام 2007م، الدورة الثالثة، ط1، ص30.

[19]  أخرجه البغدادي، أحمد بن علي الخطيب، الفقيه والمتفقه، تحقيق: أبو عبد الرحمن عادل الغرازي، السعودية، دار ابن الجوزي، 1421هـ، ط2، ج2، ص12.

[20]  الشوكاني، محمد بن علي، نيل الأوطار، تحقيق: عصام الدين الصبابطي، مصر، دار الحديث، 1993م، ط1، ج8، ص121.

[21]  انظر: ابن منظور، لسان العرب، ج8، ص114، وابن فارس، معجم مقاييس اللغة، ج2، ص490.

[22]  انظر: وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، الموسوعة الفقهية الكويتية، الكويت، ط2، ج22، ص127.

[23] الخلف، جميل بن عبد المحسن بن حمد، رجوع المفتي عن فتواه، مشروعيته، وأسبابه، وأثره، مجلة البحوث والدراسات الشرعية، مصر، العدد السادس عشر، محرم، 2013م، ص12.

[24]  حقي، المولى أبو الفداء إسماعيل، روح البيان، بيروت، دار الفكر، مجهول سنة الطبع ومكانها، ج5، ص92.

[25]  النووي، محيي الدين بن شرف، كتاب المجموع شرح المهذب للشيرازي، تحقيق: محمد نجيب المطيعي، بيروت، لبنان، دار إحياء التراث العربي، 2001م، ج1، ص92-93.

[26]  أخرجه ابن حبان في صحيحه، انظر؛ ابن حبان، محمد، الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، ترتيب الأمير علاء الدين الفارسي، حققه: شعيب الأرناؤوط، باب: ذكر وصف العلماء الذين لهم الفضل الذي ذكرنا قبل، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1988م، ط1، ج1، ص291.

[27]  ابن الصلاح، عثمان بن عبد الرحمن، فتاوى ابن الصلاح، تحقيق: موفق عبد الله عبد القادر، بيروت، مكتبة العلوم والحكم، عالم الكتب، 1407هـ، ط1، ص7.

[28]  انظر: الجوزية، ابن قيم، إعلام الموقعين عن رب العالمين، تحقيق: محمد عبد السلام إبراهيم، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1991م.ج1، ص9.

[29]  انظر: ابن قيم الجوزية، إعلام الموقعين، ج3، ص11.

[30]  انظر: النووي، محيي الدين بن شرف، روضة الطالبين وعمدة المفتين، تحقيق: زهير الشاويش، بيروت، المكتب الإسلامي، مجهول سنة الطباعة، ط3، ج11، ص99.

[31]  انظر: ابن الصلاح، فتاوى ابن الصلاح، ص21-29، والنووي، المجموع، ج1، ص96-101.

[32]  ابن الصلاح، فتاوى ابن الصلاح، ص29.

[33]  ابن الصلاح، فتاوى ابن الصلاح، ص28.

[34]  انظر: هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، المعايير الشرعية، ص749.

[35]  انظر: المصدر السابق، ص750.

[36]  متفق عليه، انظر؛ البخاري، محمد بن إسماعيل، الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه (صحيح البخاري)، تحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر، رقم الحديث 3560، دار طوق النجاة، 1422هـ، ط1، ج4، ص189، ومسلم بن الحجاج، المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (صحيح مسلم)، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، رقم الحديث 2327، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ج 4، ص1813.

[37]  انظر: هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، المعايير الشرعية، ص752.

[38]  انظر: المصدر السابق، ص752.

[39]  رواه ابن القيم عن عبد الله بن المبارك بإسناده إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى، ابن قيم الجوزية، إعلام الموقعين، ج1، ص27.

[40]  انظر: هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، المعايير الشرعية، ص752.

[41]  ذكر هذان السببان الإمام ابن القيم في كتابه إعلام الموقعين في الفائدة الأربعون: حكم رجوع المفتي عن فتياه، انظر؛ ابن قيم الجوزية، إعلام الموقعين عن رب العالمين، ج4، ص171.

[42]  انظر: ابن قيم الجوزية، إعلام الموقعين، ج4، ص172.

[43]  انظر: ابن الشاط، قاسم ابن عبد الله، إدرار الشروق على أنوار البروق، عالم الكتب، بدون رقم طبعة ولا تاريخ الطباعة، ج3، ص175.

[44]  انظر: الشاطبي، إبراهيم بن موسى، الموافقات في أصول الشريعة، تحقيق: عبد الله درّاز، القاهرة، دار الحديث، مجهول مكان ورقم الطباعة، ج2، ص460.

[45]  الشاطبي، الموافقات، ج2، ص475.

[46]  انظر: الشاطبي، الموافقات، ج4، ص436.

[47]  انظر: البجيرمي، سليمان بن محمد، تحفة الحبيب على شرح الخطيب، دار الفكر، بدون رقم الطبعة، 1995م.

[48]  السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، الحاوي للفتاوي، بيروت، لبنان، دار الفكر، 2004م، مجهول رقم الطبعة، ج1، ص441.

[49]  السبكي، علي بن عبد الكافي (ت756ه)، فتاوى السبكي، دار المعارف، مجهول رقم وتاريخ الطبعة، ج2، ص572.

[50]  انظر: ابن كثير، إسماعيل بن عمر، تفسير القرآن العظيم، تحقيق: سامي بن محمد سلامة، دار طيبة للنشر والتوزيع، 1999م، ط2، ج5، ص355.

[51]  ابن العربي، القاضي محمد بن عبد الله، أحكام القرآن، تحقيق: علي محمد البجاوي، بيروت، لبنان، دار إحياء التراث العربي، مجهول سنة الطباعة، ط1، ج3، ص221.

[52]  انظر: الخطيب البغدادي، الفقيه والمتفقه، ج2، ص421.

[53]  المصدر السابق، ج2، ص421.

[54]  المصدر السابق، ج2، ص421.

[55]  تم أخذ المعلومات المتعلقة بالتعريف بالبنك الإسلامي الأردني في هذا المطلب بتصرف من الموقع الإلكتروني للبنك على الويب: https://www.jordanislamicbank.com/ar ومن خلال التقرير السنوي الأربعين لعام 2018م والذي أعده البنك ونشره على موقعه الإلكتروني https://www.jordanislamicbank.com/ar/library-downloads.

[56]  التقرير الإحصائي الأربعون، مرجع سابق، ص7.

[57]  المعلومات السابقة بتصرف من موقع البنك الإلكتروني على الويب https://www.jordanislamicbank.com/ar/content/%D9%86%D8%B4%D8%A3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%86%D9%83.

[58]  بتصرف من التقرير الإحصائي الأربعون، ص 9.

[59]  بتصرف من الموقع الإلكتروني للبنك على الويب https://www.jordanislamicbank.com/ar/content/%D8%A5%D9%86%D8%AC%D8%A7%D8%B2%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%86%D9%83.

[60]  بتصرف من: البنك الإسلامي الأردني، الفتاوى الشرعية، ج3، ص 2-3 من المقدمة.

[61]  البنك الإسلامي الأردني، الفتاوى الشرعية، ج1، ص92، نشرة إعلامية رقم 4، تمثل فتاوى الشيخ عبد الحميد السائح المستشار الشرعي للبنك في ذلك الوقت.

[62]  البنك الإسلامي الأردني، الفتاوى الشرعية، ج1، ص92.

[63]  أي قانون البنك الإسلامي الأردني والقانون المدني الأردني في مواده 465، 488، 497، بحسب ما جاء في نص الفتوى في كتاب الفتاوى الشرعية، ج1، ص93.

[64]  البنك الإسلامي الأردني، الفتاوى الشرعية، ج1، ص93.

[65]  البنك الإسلامي الأردني، الفتاوى الشرعية، ج3، ص15، فتاوى صيغ التمويل والاستثمار: أولا: فتاوى بيع المرابحة للآمر بالشراء، أ. فتاوى مرابحة السيارات، سؤال رقم 1.

[66]  البنك الإسلامي الأردني، الفتاوى الشرعية، ج3، ص16.

[67]  كما في البنك العربي الإسلامي والذي حصل على فتوى من دائرة الإفتاء العام رقم (343) بتاريخ 6/10/2006م، حيث نصت الفتوى على الجواز بشرط أن يتم عقد مبايعة معترف به في المحاكم بين البائع الأول والبنك، ثم عقد آخر بين البنك والمشتري الثاني، والعقد الشرعي الصحيح الذي تترتب عليه الحقوق وتنشغل به الذمم هو العقد بين الطرفين بالإيجاب والقبول.

[68]  البنك الإسلامي الأردني، الفتاوى الشرعية، ج1، ص35.

[69]  المصدر السابق، ج1، ص37.

[70]  المصدر السابق، ج3، ص29.

[71]  المصدر السابق، ج3، ص29.

[72]  انظر: المصدر السابق، ج2، ص15.

[73]  المصدر السابق، ج2، ص15.

[74]  المصدر السابق، ج2، ص16.

[75]  تم أخذ رقم الاجتماع وتاريخه من رئيس قسم التدقيق الشرعي في البنك الإسلامي الأردني الدكتور علي أبو العز من خلال اتصال هاتفي لتعذر الالتقاء به بسبب ظروف أزمة وباء كورونا، وذلك بتاريخ 17/4/2020م.

رقم البحث [ السابق ]

اقرأ للكاتب

اقرأ للكاتب

أضيف بتاريخ: 21-10-2018

أسباب الاختلاف الفقهيّ

أضيف بتاريخ: 21-10-2018

الترخص في الفتوى




التعليقات


Captcha


تنبيه: هذه النافذة غير مخصصة للأسئلة الشرعية، وإنما للتعليق على الموضوع المنشور لتكون محل استفادة واهتمام إدارة الموقع إن شاء الله، وليست للنشر. وأما الأسئلة الشرعية فيسرنا استقبالها في قسم " أرسل سؤالك "، ولذلك نرجو المعذرة من الإخوة الزوار إذا لم يُجَب على أي سؤال شرعي يدخل من نافذة " التعليقات " وذلك لغرض تنظيم العمل. وشكرا