الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
تنقسم الحيوانات من حيث حكم بيعها إلى قسمين، وذلك تبع لإمكان النفع فيها، وهما:
القسم الأول: ما يُنتفع به من الحيوانات منفعة عامة معتبرة، وهذا يجوز بيعه واقتناؤه ولو كانت المنفعة معنوية؛ كالأنس وتمتيع النظر بألوان الطاووس مثلاً، أو الاستماع إلى صوت العندليب، يقول الإمام الخطيب الشربيني رحمه الله: "الشرط الثاني من شروط المبيع: النفع، أي الانتفاع به شرعاً ولو في المآل كالجحش الصغير، فلا يصح بيع ما لا نفع فيه؛ لأنه لا يُعدُّ مالاً، فأخذ المال في مقابلته ممتنع؛ للنهي عن إضاعة المال، وعدم منفعته...، أما ما ينفع من ذلك؛ كالفهد للصيد، والفيل للقتال، والقرد للحراسة، والنحل للعسل، والعندليب للأنس بصوته، والطاووس للأنس بلونه، والعلق لامتصاص الدم؛ فيصح" [مغني المحتاج 2/ 342].
القسم الثاني: ما لا ينتفع به، أو ينتفع به منفعة خاصة؛ فهذا لا يجوز بيعه؛ كالأسد، والنمر، والغراب غير المأكول، والحية، والعقرب، والخنفساء ونحوها، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري رحمه الله: "مما لا نفع فيه؛ كالأسد، والذئب، والحدأة، والغراب غير المأكول؛ باطل -أي بيعه- ولا نظر لمنفعة الجلد بعد الموت، ولا لمنفعة الريش في النبل، ولا لاقتناء الملوك لبعضها للهيبة والسياسة" [أسنى المطالب 2/ 10].
هذا، وإذا اختلف العرف في بعض الحيوانات فصار فيها نفع عام ممكن بعد أن لم يكن؛ جاز بيعها بناءً على أقوال مذهب السادة الشافعية، وذلك: كالحيات والعقارب -اليوم- ينتفع بِسمِّها لصناعة بعض الأدوية ومستحضرات التجميل، وكالأسود والنمور تباع لحدائق الحيوان لعرضها للعامة لأجل الترفيه.
وعليه؛ فلا حرج في بيع الأسود والنمور للحدائق العامة -وبما تسمح به القوانين السارية- للتمتع بالنظر إليها؛ لأن منفعتها لم تعد منفعة مقتصرة على الخاصة، بل صارت منفعتها عامة. والله تعالى أعلم.