الفتاوى

الموضوع : حكم مَن مات بالسم
رقم الفتوى: 4027
التاريخ : 08-12-2025
التصنيف: المنجيات والبر والصلة
نوع الفتوى: بحثية
المفتي : لجنة الإفتاء



السؤال:

هل مَن يموت مسموماً يعد من الشهداء، مثل المبطون؟


الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله

المبطون هو مَن مات بداء البطن، قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: الْمَطْعُونُ، وَالْمَبْطُونُ، وَالْغَرِيقُ، وَصَاحِبُ الْهَدْمِ، وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) متفق عليه، وقد اختلف أهل العلم في تحديد الداء الذي يصيب البطن ويكون الميت به شهيداً على أقوال، من أعمّها ما نقله شيخ الإسلام الإمام النووي رحمه الله حيث قال: "وقيل: هو الذي يموت بداءِ بطنه مطلقاً" [شرح النووي على مسلم 13/ 63]، ووفق هذا القول فإن معنى المبطون يشمل من مات مسموماً، ويرجى أن يكتب الله سبحانه وتعالى له أجر الشهادة.

هذا؛ ومن مات مسموماً فهو على ثلاثة أقسام:

الأول: مَن مات بالسم ظُلماً؛ بأن دُسَّ له السم في طعامه أو شرابه؛ فهو في عِداد شهداء الآخرة، قال الإمام شمس الدين الرملي الشافعي رحمه الله: "ثم الميت إما شهيد أو غيره، والشهيد إما شهيد الآخرة فقط، وهو كل مقتول ظُلماً، أو ميت بنحو بطن كالمستسقى وغيره، خلافاً لمن قيَّده بالأول، أو طعنٍ أو غرقٍ أو غربةٍ" [نهاية المحتاج 2/ 496].

الثاني: مَن تناول السم بنفسه غير عالم بكونه سماً، أو تناول طعاماً أو شراباً فاسداً مع عدم علمه، فمات من جرائه؛ فهذا يشمله القول بأن المبطون هو مَن مات بداء البطن مطلقاً.

الثالث: مَن تعمَّد شرب السم؛ فهذا يُعدُّ منتحراً، أو مَن تعمَّد شرب محرَّم كالمسكر والمخدر ونحوه؛ فهذا لا يدخل في اعتباره شهيداً؛ للاشتراط في هذه الأصناف أن تكون ميتتهم في طاعة لا معصية، وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ شَرِبَ سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا) متفق عليه.

وكتابة أجر الشهادة تتفاضل في الدرجات، قال شيخ الإسلام الإمام النووي رحمه الله: "واعلم أن الشهيد ثلاثة أقسام: أحدها: المقتول في حرب بسبب من أسباب القتال؛ فهذا له حكم الشهداء في ثواب الآخرة وفي أحكام الدنيا، وهو أنه لا يغسَّل ولا يصلَّى عليه، والثاني: شهيد في الثواب دون أحكام الدنيا، وهو المبطون والمطعون وصاحب الهدم، ومَن قُتِل دون ماله، وغيرهم ممن جاءت الأحاديث الصحيحة بتسميته شهيداً؛ فهذا يُغسَّل ويُصلَّى عليه وله في الآخرة ثواب الشهداء، ولا يلزم أن يكون مثل ثواب الأول، والثالث: من غلّ في الغنيمة وشبهه ممن وردت الآثار بنفي تسميته شهيداً إذا قتل في حرب الكفار؛ فهذا له حكم الشهداء في الدنيا، فلا يُغسَّل ولا يُصلَّى عليه، وليس له ثوابهم الكامل في الآخرة" [شرح مسلم 2/ 164].

وعليه؛ فالمبطون هو مَن مات بداء البطن مطلقاً، ومنه مَن مات بالسم مظلوماً، أو شرب سماً من غير قصد وعلم منه، فيرجى أن يكتب الله سبحانه وتعالى له أجر الشهداء، بخلاف مَن تعمَّد احتساء السم، أو تعاطى محرمًا فمات منه. والله تعالى أعلم.





للاطلاع على منهج الفتوى في دار الإفتاء يرجى زيارة (هذه الصفحة)

حسب التصنيف[ السابق ]
رقم الفتوى[ السابق ]


التعليقات


Captcha


تنبيه: هذه النافذة غير مخصصة للأسئلة الشرعية، وإنما للتعليق على الموضوع المنشور لتكون محل استفادة واهتمام إدارة الموقع إن شاء الله، وليست للنشر. وأما الأسئلة الشرعية فيسرنا استقبالها في قسم " أرسل سؤالك "، ولذلك نرجو المعذرة من الإخوة الزوار إذا لم يُجَب على أي سؤال شرعي يدخل من نافذة " التعليقات " وذلك لغرض تنظيم العمل. وشكرا