الفتاوى

الموضوع : حكم بيع مني الحيوانات
رقم الفتوى: 3854
التاريخ : 18-01-2024
التصنيف: البيوع المنهي عنها
نوع الفتوى: بحثية
المفتي : لجنة الإفتاء



السؤال:

هل يجوز بيع مني الحيوانات، وما الفرق بينه وبين نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ضراب الفحل؟


الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله 

لا حرج في بيع "مني الحيوانات"، أو أخذ الأجرة على حقنه أو تلقيحه إذا كان المني جزء حيوان طاهر غير الكلب والخنزير، جائز البيع والشراء، فإذا جاز بيع الكل جاز بيع الجزء أيضا، ولا يدخل بيع "المني" أصلاً في النهي عن "عسب الفحل" الوارد في الحديث، فليس النهي لكونه داخلاً في باب (يمنعون الماعون)، وإنما العلة في النهي أن استئجار الفحل لتحقيق الحمل فقط، وتحقق الحمل غير مضمون، والشريعة وردت بالنهي عن كل ما فيه غرر يفضي إلى التنازع والغبن، بالإضافة إلى أنه غير متقوم، ولا معلوم، ولا مقدور على تسليمه، كما ذكر شيخ الإسلام الإمام ابن حجر رحمه الله في [فتح الباري 4/ 461].

وهذه الإشكالات كلها لا تتحقق في بيع "المني" نفسه، فإذا تم استخراج المني من الحيوان فلا حرج في بيعه.

ولا نرى حرجاً في استئجار الفحل من الدواب أياماً معلومة، أو مرات محددة، وينتفع المستأجر في تلك المدة بإنزاء الفحل على الأنثى من الدواب، ويشفع لهذا الحكم بالجواز أن المقصود بالنهي الوارد في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَسْبِ الفَحْلِ" متفق عليه، هو استئجار الفحل لتحقيق الحمل، وهذا من بيوع الغرر؛ لأن تحقق الحمل غير مضمون.

كما أن من استأجر الفحل للانتفاع به انتفاعاً مطلقاً من غير تحديد منفعة الإنزاء ولا غيرها، فاستعمله المستأجر في طروق الأنثى تبعاً لا استقلالاً، لا يدخل في النهي، بل قال بعض فقهاء الشافعية: إن النهي متعلق بما إذا استأجر الفحل لينزو على الأنثى، وهذا ما قد لا يحصل، فالفحل قد ينزو بنفسه وقد لا ينزو، ولكن إذا استأجر صاحب الفحل ليساعد في إطراق الفحل وتيسير طريقة إنزائه على الأنثى فلا حرج حينئذ.

يقول ابن حجر الهيتمي الشافعي رحمه الله: "يستأجر صاحب الأنثى الفحل بمال معين زمناً معيناً ولو ساعةً لأن ينتفع به ما شاء، فتصح هذه الإجارة، كما هو قياس كلامهم في بابها، ويستوفي منافعه ولو بأن يحمله على أنثاه؛ لأن ما لا يجوز الاستئجار له قصدا يجوز له تبعا" [الزواجر 1/ 382].

ويقول الشبراملسي الشافعي رحمه الله: "محل حرمة الاستئجار حيث استأجره للضراب قصداً، فلو استأجره لينتفع به ما شاء جاز أن يستعمله في الإنزاء تبعا لاستحقاقه المنفعة، بخلاف ما لو استأجره للحرث أو نحوه فلا يجوز استعماله في الإنزاء؛ لأنه إنما أذن له في استعماله فيما سماه له من حرث أو غيره" [حاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج 3/ 447].

وعليه؛ فيجوز استئجار الفحل بمبلغ معين لزمن معين لعموم الانتفاع، وتكون إجارة صحيحة، وللمستأجر أن ينتفع بالفحل في النزوّ تبعا. والله تعالى أعلم.





للاطلاع على منهج الفتوى في دار الإفتاء يرجى زيارة (هذه الصفحة)

حسب التصنيف[ السابق | التالي ]
رقم الفتوى[ السابق | التالي ]


التعليقات


Captcha


تنبيه: هذه النافذة غير مخصصة للأسئلة الشرعية، وإنما للتعليق على الموضوع المنشور لتكون محل استفادة واهتمام إدارة الموقع إن شاء الله، وليست للنشر. وأما الأسئلة الشرعية فيسرنا استقبالها في قسم " أرسل سؤالك "، ولذلك نرجو المعذرة من الإخوة الزوار إذا لم يُجَب على أي سؤال شرعي يدخل من نافذة " التعليقات " وذلك لغرض تنظيم العمل. وشكرا