فتاوى بحثية

الموضوع : حكم عقود الصيانة
رقم الفتوى: 3383
التاريخ : 02-05-2018
التصنيف: مسائل مالية معاصرة
نوع الفتوى: بحثية
المفتي : لجنة الإفتاء



السؤال:

هل تعد عقود الصيانة التي تشمل قطع الغيار من المقامرة، وبالتالي بطلانها؟


الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله 

تعرف عقود الصيانة بأنها عقد بين طرفين يتعهد أحدهما للآخر بمراقبة الأجهزة والآلات موضوع العقد في فترات دورية محدودة لتقوم بوظائفها دون تعطل أو نقص، كما يتعهد بإصلاح ما تعطب من القطع أو استبدال الجديد بالتالف الذي يدفع ثمنه صاحب المؤسسة، والتكييف الشرعي لعقد الصيانة هي كونها إجارة أشخاص؛ لأن العامل يلتزم بأعمال إصلاح ومراقبة دورية بأجر متفق عليه.

وأما القمار المنهي عنه فهو أن يتردد صاحبه بين الغنم والغرم، انظر: [شرح المحلي على المنهاج 4/ 267]، ولتجلية معناه لا بد من استحضار مفهوم الغرر، والفرق بينه وبين القمار، فالغرر هو ما كان مستور العاقبة، انظر: [المبسوط للسرخسي 12/ 194] كبيع الجنين في بطن أمه، فالغرر قد يكون فاحشاً كبيع الجنين في بطن أمه، وقد يكون يسيراً مغتفراً كبيع الدار مع عدم مشاهدة أساساتها، وبذلك يكون القمار أخص من الغرر؛ إذ أن القمار لا يكون إلا غرراً فاحشاً يقصد فيه طرفاه أن يربح أحدهما على حساب الآخر.

فالأدق اعتبار وجود شبهة الغرر في عقود الصيانة، وليس القمار؛ إذ قد يقع العطل أو النقص وقد لا يقع، ولكنها تعتبر من الغرر اليسير المغتفر بين الناس؛ لأن الغالب المقصود للطرفين في العقد هو تحقيق الانتفاع لهما معاً، وقد جرت الأعراف المعاصرة على اعتبار عقود الصيانة جزءاً مهما من الخدمات التي تساهم في تسيير عجلة الاقتصاد، فهي تندرج في مقصد الحاجات التي لا يستغني عنها الناس إلا بحرج ومشقة، فوجود الغرر فيها معفو عنه شرعاً؛ قياساً على الإجارة والجعالة التي اغتفر فيها الشارع وجود الغرر؛ قال الإمام النووي رحمه الله: "الأصل أن بيع الغرر باطل.. والمراد ما كان فيه غرر ظاهر يمكن الاحتراز عنه، فأما ما تدعو إليه الحاجة ولا يمكن الاحتراز عنه كأساس الدار... فهذا يصح بيعه بالإجماع" [المجموع 9/ 258].

وقد صدر قرار لمجمع الفقه الإسلامي برقم (103) (11/ 6)، ونصه: 

"أولاً: عقد الصيانة هو عقد مستحدث مستقل تنطبق عليه الأحكام العامة للعقود، ويختلف تكييفه وحكمه باختلاف صوره، وهو في حقيقته عقد معاوضة يترتب عليه التـزام طرف بفحص وإصلاح ما تحتاجه آلة أو أي شيء آخر من إصلاحات دورية أو طارئة لمدة معلومة، في مقابل عوض معلوم. وقد يلتزم فيه الصائن بالعمل وحده أو بالعمل والمواد.

ثانياً: عقد الصيانة له صور كثيرة، منها ما تبين حكمه، وهي:

1-عقد صيانة غير مقترن بعقد آخر، يلتـزم فيه الصائن بتقديم العمل فقط، أو مع تقديم مواد يسيرة لا يعتبر العاقدان لها حساباً في العادة.

هذا العقد يكيّف على أنه عقد إجارة على عمل، وهو عقد جائـز شرعاً، بشرط أن يكون العمل معلوماً والأجر معلوماً.

2-عقد صيانة غير مقترن بعقد آخر، يلتـزم فيه الصائن بتقديم العمل، ويلتـزم المالك بتقديم المواد.

تكييف هذه الصورة وحكمها كالصورة الأولى". والله تعالى أعلم.



للاطلاع على منهج الفتوى في دار الإفتاء يرجى زيارة (هذه الصفحة)

حسب التصنيف السابق | التالي
رقم الفتوى السابق | التالي

فتاوى أخرى



التعليقات


Captcha


تنبيه: هذه النافذة غير مخصصة للأسئلة الشرعية، وإنما للتعليق على الموضوع المنشور لتكون محل استفادة واهتمام إدارة الموقع إن شاء الله، وليست للنشر. وأما الأسئلة الشرعية فيسرنا استقبالها في قسم " أرسل سؤالك "، ولذلك نرجو المعذرة من الإخوة الزوار إذا لم يُجَب على أي سؤال شرعي يدخل من نافذة " التعليقات " وذلك لغرض تنظيم العمل. وشكرا