مقالات

هل يمكن إيجاد بديل شرعي مأمون عن التأمين التقليدي

الكاتب : الباحث الدكتور حمزة مشوقة

أضيف بتاريخ : 16-12-2025


هل يمكن إيجاد بديل شرعي مأمون عن التأمين التقليدي(*)

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

فقد أصبح التأمين أحد الضروريات التي لا يستغني عنها المجتمعات المعاصرة، وقد كَثُر الجدل الفقهي في موضوع التأمين، ولذلك سيركز هذا المقال على عرض متسلسل لموضوع حكم التأمين وبدائله الشرعية.

مشروعية عقد التأمين التجاري

ظهر التأمين التجاري من حيث هو عقد منظم ومؤسسة منظمة في القرن الرابع عشر الميلادي في إنجلترا؛ حيث عُثر على وثيقة تأمين بحري سنة 1347م، ثم صدرت بعد ذلك مراسيم برشلونة عام 1435م التي قننت عقد التأمين البحري، وظهر بجانب التأمين البحري التأمين على الحياة بالنسبة للبحارة والقبطان؛ حيث عُثر على بوليصة تأمين على الحياة في لندن عام 1583م، ثم ظهر التأمين على الحريق عام 1666م على إثر الحريق الذي التهم الجزء الأكبر من بيوت لندن، ثم انتشرت شركات التأمين التجارية بعد ذلك في أنحاء العالم.

وكان من أوائل الفتاوى التي أجابت في حكم التأمين للعلامة أحمد بن يحيى المرتضى (ت 8400هـ) في كتابه [البحر الزخار] حيث قال: "إن ضمان ما يسرق أو يغرق باطل"، وكان خاتمة المحققين العلامة ابن عابدين الحنفي أول من تطرق إلى أحكام التأمين بشكل تفصيلي؛ حيث قال في حاشيته المشهورة [رد المحتار على الدر المختار بشرح تنوير الأبصار]: "مطلب مهم فيما يفعله التجار من دفع ما يسمى ‌سوكرة وتضمين الحربي ما هلك في المركب" ثم ذكر تفصيل صورة التأمين وأجاب عن حكمها قائلاً: "والذي يظهر لي: أنه لا يحل للتاجر أخذ بدل الهالك من ماله؛ لأن هذا التزام ما لا يلزم"، ثم ذكر بعض الاعتراضات التي يمكن أن تدافع عن التأمين وأجاب عنها، وظهر في بدايات القرن العشرين رسالة لمفتي الديار المصرية محمد بخيت المطيعي (ت1906) [أحكام السوكورتاه] بيّن فيها أن عقد التأمين فاسد؛ بسبب الغرر والخطر والقمار.

ولم يظهر الخلاف بشكل قوي حول حكم التأمين إلا في منتصف القرن العشرين حيث ظهر فريق من كبار الفقهاء المعاصرين ممن دافع عن حكم التأمين من حيث هو –بغض النظر عن بعض الشروط التي تفسد العقد– كالشيخ مصطفى الزرقا والشيخ علي الخفيف وغيرهما، وكانت وجهة نظرهم مبنية على أن التأمين التجاري يمكن تخريجه على العدد من العقود المشروعة مثل عقد الموالاة، ونظام العواقل في جناية الخطأ، وعقد الحراسة، وضمان خطر الطريق، وكان الشيخ الزرقا يرى أن محل عقد التأمين التجاري هو الأمان الذي يحصل عليه المستأمن من عقد التأمين.

ولكن جمهور الفقهاء المعاصرين أمثال الشيخ محمد أبو زهرة والدكتور الصديق الضرير ومجمع الفقه الإسلامي الدولي والمجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي وغيرهم اعتبروا أن التأمين التجاري يتضمن العديد من المحذورات الشرعية:

1. فيه غرر كثير؛ حيث إن مبلغ التأمين يتوقف على تحقق وجود الخطر المؤمن عليه، ولأن المستأمن الذي دفع قسط التأمين لا يدري هل يحصل على مبلغ التأمين، ولأن مقدار العوض الذي سيحصل عليه المستأمن عند تحقق الخطر مجهول.

2. فيه قمار؛ لأنه في النتيجة إما أن يكسب المستأمن وتخسر الشركة إذا تحقق الخطر المؤمن عليه، وإما أن تربح الشركة ويخسر المستأمن ما دفعه إذا لم يتحقق الخطر المؤمن عليه.

3. فيه ربا؛ لأن ما يدفعه المؤمن نقداً قد يُرد عليه أكثر أو أقل عند حدوث الخطر المؤمن عليه، ولأن شركات التأمين تقوم بإيداع أموالها في البنوك الربوية، وتقوم بالاستثمار في السندات ذات الفوائد المحرمة.

ويرى الباحث أن وجهة نظر المحرمين اتجهت نحو التحليل الجزئي لعقد التأمين والمقارنة بين ما يدفعه المؤمن وبين ما سيستفيد منه، ولذلك بنوا حكمهم على أنه غرر وقمار وربا، بينما اتجهت وجهة نظر المجيزين نحو التحليل الكلي لعقد التأمين وما يقصده المستأمنون حملة البوالص التأمينية، فاعتبروا الأمان هو محل عقد التأمين، ولم ينظروا إلى شبهة القمار؛ باعتبار أن شركة التأمين لا تنظر إلى العقد مع فرد واحد فقط بل تنظر إلى المجموع، ولذلك اعتبر الدكتور المصري أن الغرر في التأمين على مستويين: على مستوى العلاقة بين المستأمن وبين شركة التأمين فهذا يتحقق فيه الغرر، وعلى مستوى العلاقة بين المستأمنين وشركة التأمين فالغرر يتضاءل هنا وفق قانون الأعداد الكبيرة ونظرية الاحتمالات والحسابات الاكتوارية التي تساعد في تحديد القسط الصافي، فكثرة عدد المشتركين تحول الاحتمال من احتمال غير محسوب إلى احتمال محسوب.

وقد سعى الشيخ مصطفى الزرقا أن يخرج عقد التأمين التجاري على أنه عقد معاوضة تعاونية يسعى فيه مجموع المستأمنين إلى تعويض المتضرر منهم، ولكن الشركة تأخذ ربحها من الفائض التأميني (الفرق بين رصيد أقساط المستأمنين وبين ما يُدفع من تعويضات الأضرار).

ويرى الباحث أن الإشكالية الأساسية في التأمين التجاري في أساس استحقاق الشركة لربحها؛ وبيان ذلك أن الشركة تلتزم بتعويض المستأمنين من آثار الخطر المؤمن عليه في حال وقوعه، وهذا الالتزام هو الذي يولد الأمان عند المستأمنين الذي تحدث عنه الشيخ الزرقا، وتستحق الشركة أرباحها في حال لم يتحقق الخطر المؤمن عليه، وهذا يتضمن عدداً من المحظورات الشرعية: تعليق عوض الشركة على الخطر، وهذا يتضمن محذور الغرر المحرم، فالشركة تلتزم بالضمان عند حدوث الخطر مقابل أن يدفع المستأمن أقساطاً، وإذا لم يتحقق الخطر اعتبرت الأقساط المدفوعة أرباحاً لشركة التأمين، وهذا يتضمن محذوراً شرعياً آخر وهو أخذ الأجرة على الضمان، وهو محرم بالإجماع.

فأساس استحقاق أرباح شركات التأمين التجاري هو الخطر والغرر، وهذا يختلف عن أساس ربح شركات التأمين التعاوني الإسلامي كما سيأتي وهو استحقاق الأجر مقابل إدارة الوعاء التأميني أو الربح مقابل استثمار الأموال الموجودة في الوعاء التأميني، فلو سَلِم الأساس الذي يقوم عليه التأمين التجاري لجاز أن يغتفر فيه وجود الغرر، وهذا يعني أن المشكلة في بناء عقد التأمين التجاري وليس في فكرة التأمين.

وبذلك يمكن تخريج التأمينات الاجتماعية الحكومية التي تقوم بها الدول اتجاه المواطنين، فهي نظام تكافلي يهدف إلى الحماية الاجتماعية والاقتصادية للأفراد ولا يقوم على الاسترباح من العملية التأمينية كما تقوم عليه شركات التأمين التجارية، فالتأمينات الاجتماعية الحكومية مثل الضمان الاجتماعي يقوم على واجب الدولة في توفير الحياة الكريمة لمواطنيها وحفظ المصالح العامة للمجتمع، وعلى مبدأ التعاون والتكافل بين المواطنين المشتركين.

وبذلك يكون موضوع عقد التأمين التجاري قد حُسِم من قبل المجامع الفقهية، بل لم يحاول الفريق المجيز تصحيح عقود وبوالص شركات التأمين التجاري من الشروط الفاسدة، واتجهت الأنظار بدلاً من ذلك نحو التأمين التعاوني وتكييفه الفقهي وشروطه الشرعية وواقعه التطبيقي، وصار الخلاف في حكم التأمن التجاري بحثاً نظرياً.

نظام التأمين في الإسلام

تقوم فكرة نظام التأمين -كما بين ذلك الأستاذ عبد الرزاق السنهوري– على وجود تعاون منظم بين مجموعة من الناس لدفع الأخطار وتفتيتها بحيث إذا تعرض بعضهم لخطر تعاون الجميع في مواجهته بتضحية قليلة يبذلها كل واحد منهم يتلافون فيها أضراراً جسيمة، وقد تم تطبيقه في الحضارات البشرية منذ القدم.

ونظام التأمين يعتبر فكرة مقبولة في الإسلام، وتتفق مع مبدأ التعاون على البر والإحسان الذي دعا إليه الإسلام، وثمة أحكام كثيرة في التشريع الإسلامي تقوم على التكافل والتضامن مثل نظام النفقة على الأسرة، ونظام النفقة الواجبة على الأقارب، ونظام العاقلة في الدية، ونظام الزكاة، ونظام الصدقة في سبيل الله، ونظام الوقف، بالإضافة إلى واجب الدولة وبيت المال في توفير الحياة الكريمة للأفراد وتحقيق الضمان الاجتماعي لهم.

وقد وردت العديد من الصور المشروعة لنظام التأمين التي أقرها التشريع الإسلامي؛ ومن ذلك قصة الأشعريين الذين بنوا نظاماً تعاونياً على مستوى العشيرة؛ فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن ‌الأشعريين إذا أرملوا في الغزو، أو قل طعام عيالهم بالمدينة، جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم مني وأنا منهم) أخرجه البخاري.

 ومن ذلك أيضاً قصة سرية أبو عبيدة وأمره بجمع طعام الجيش ليقتسموه على السوية؛ فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: "لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا قبل الساحل، وأمّر عليهم أبا عبيدة بن الجراح، وهم ثلاثمائة، فخرجنا وكنا ببعض الطريق فني الزاد، فأمر أبو عبيدة ‌بأزواد الجيش فجمع، فكان مزودي تمر، فكان يقوتنا كل يوم قليلا قليلا" أخرجه البخاري، وعلق الإمام البخاري على الروايتين السابقتين: "لم ير المسلمون في ‌النهد بأساً"، والنهد –بكسر النون أو فتحها- أن يخرج كل من الرفقاء نفقة سفره، وتوضع النفقات كلها ويخلط بعضها ببعض، وينفق الجميع منها وإن تفاوتوا في الأكل، فالتناهد نظام جرى عليه عمل الصحابة وأقرهم عليه التشريع الإسلامي.

ويمكن أن يُخرج على التناهد الكثير من الصور المعاصرة التي يجري تطبيقها اليوم مثل صناديق التكافل التي تنشأ على مستوى العشيرة الواحدة، أو صناديق التكافل التي تنشأ بين أصحاب المهنة الواحدة، أو صناديق التكافل التي تنشأ بين موظفي الوزارة الواحدة، فتنشأ بذلك علاقة تكافل وتعاون بين المشتركين في تلك الصناديق، وهذا مما يقره التشريع الإسلامي.

ولذلك ينبغي التفريق بين نظام التأمين وبين عقد التأمين؛ لأن نظام التأمين لا يتعارض مع مقاصد التشريع الإسلامي ونصوصه، وأما عقد التأمين فثمة إشكاليات في صياغته، وعقد التأمين التجاري صيغ في ضوء الفكر الرأسمالي الذي لا يعترف بالنشاط غير الربحي كقطاع من قطاعات الاقتصاد، وربح شركات التأمين التجاري ينشأ من العملية التأمينية نفسها، وأما الفكر الاقتصادي الإسلامي فينظر نظرة متوازنة تجمع بين النشاط الربحي وبين النشاط غير الربحي، ويجعل من عقد التأمين نشاطاً تعاونياً تكافلياً لا يُقصد التربح منه، بل ينشأ أساس استحقاق الربح فيه من تقديم خدمات الإدارة أو خدمات استثمار الأموال الموجودة في الوعاء التأميني، وبذلك تميّز الفكر الاقتصادي الإسلامي أنه جعل من عقد التأمين قائماً على مبدأ التعاون والتكافل وليس على مبدأ الربح.

عقد التأمين التعاوني

التأمين التعاوني على ثلاثة أنواع:

1- التأمين التعاوني البسيط: ويتمثل في مجموعة أو جمعية تتكون من مجموعة من الأفراد ذوي حرفة أو تجارة محددة لتفادي الأضرار الناجمة عن الخطر الذي يهددهم أو يهدد مهنتهم، فيتفق أفراد الحرفة الواحدة على أن يضع كل واحد منهم مبلغاً من المال يودع عند أحدههم، فيصرف منه عند وقوع خسارة أو حريق أو خطر آخر، وهذا النوع موجود في جميع الحضارات والتجمعات البشرية، وقد عرف العرب هذا النوع من التأمين، وأقرهم التشريع الإسلامي على ذلك كما تقدم.

2- التأمين التعاوني المركب: ويتمثل بشركة متخصصة بأعمال التأمين التعاوني، ويكون جميع المستأمنين مساهمين في هذه الشركة، وتتكون منهم الجمعية العمومية ومجلس الإدارة، وهذا النوع بدأ تطبيقه في أوروبا في القرن الخامس عشر والسادس عشر الميلادي في ألمانيا وكانت جمعيات للتأمين التبادلي، ثم انتشرت في أنحاء أوروبا وفي الاتحاد السوفييتي أيضاً، وهي تختلف عن شركات التأمين الإسلامية أن كل مستأمن فيها يعتبر مساهماً، في حين أن حساب المساهمين في شركات التأمين الإسلامية ينفصل عن حساب المستأمنين، بالإضافة إلى موضوع الالتزام بأحكام الشريعة ومنه موضوع التعامل مع البنوك الربوية.

3- التأمين التعاوني الإسلامي:

بدأ البحث في إيجاد بديل شرعي لشركات التأمين التجارية في منتصف القرن العشرين، وعقد في ذلك الوقت أسبوع الفقه الإسلامي في جامعة دمشق في عام 1961م، وقدّم الدكتور الصديق الضرير ورقة حرّم فيها التأمين التجاري وأجاز التأمين التعاوني، واعتبر الضرير أن الأقساط التي يدفعها المشترك تكون تبرعاً منه للشركة تدفع لمن يحتاج إليها من المشتركين حسب النظام المتفق عليه، وبهذا بدأ التكييف الفقهي للتأمين التعاوني أنه عقد تبرع، ثم تتابع بعد ذلك قرار المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي عام 1977م وقرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي عام 1985م على اعتبار التأمين التعاوني قائم على التبرع والتعاون، ومشى على ذلك كثير من الباحثين والفقهاء والهيئات الشرعية وأغلب شركات التأمين التعاوني الإسلامي.

وقد أثار العديد من الفقهاء والباحثين إشكاليات حول موضوع اعتبار التأمين التعاوني تبرعاً؛ لأن المستأمن يدفع القسط بهدف أن يرمم صندوق التأمين التعاوني أي ضرر يصيب المشتركين وهو منهم، وبهدف أن يعوض الصندوق ضرره أيضاً في حال حدوثه، ولولا أنه مشمول بالتعويض لما اشترك أصلاً، وهذا يجعل في التأمين التعاوني شبهاً من عقود المعاوضات.

وقد ظهر في باكستان نوع جديد من شركات التأمين التعاوني الإسلامي التي تقوم على صيغة الوقف، ويرجع هذا التكييف إلى الدكتور محمد تقي العثماني فهو أول من صاغه وانتصره له، وهو مبني على جواز وقف النقود وعلى جواز أن ينتفع الواقف بوقفه وهو مذهب الحنفية والحنابلة، فتُنشئ شركة التأمين صندوقاً وقفياُ يكون أمواله وقفاً على المتضررين من المشتركين في الصندوق حسب لوائح الصندوق، وتكون الشركة ناظراً للصندوق الوقفي، وتكون أقساط المشتركين تبرعاً يخرج من ملكهم ويدخل في ملك الصندوق الوقفي، وما يحصل عليه المشتركون من تعويضات تعد عطاءً مستقلاً من صندوق الوقف لدخولهم في جملة الموقوف  عليهم حسب شروط الوقف.

وقد طبقت هذه التجربة في باكستان وماليزيا والسعودية وجنوب إفريقيا، ولكنها لم تنتشر؛ لأن طبيعة الوقف لا يتوافق مع طبيعة سوق شركات التأمين؛ لأن طبيعة فقه الوقف ليست مرنة، بينما تقوم أنظمة ولوائح شركات التأمين التعاوني على المرونة، مما أدى إلى توليد عقبات شرعية وارتفاع تكلفة التأمين.

وكان ثمة توجه فقهي آخر يتمثل في الابتعاد عن عقود التبرعات وعقود المعاوضات، وأن يُبنى تكييف التأمين التعاوني الإسلامي على عقد المناهدة والمشاركة في التعاون في المواساة بين المستأمنين، وكان أول من طرح هذا التكييف الدكتور علي القره داغي، وأخذ به المجلس الأوروبي للإفتاء وعدد من الباحثين، وهذا ما انتهى إليه قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي في دورته الحادية والعشرين عام 2013م، ومما جاء في القرار: (العلاقة بين المشتركين في الصندوق هي علاقة تعاون مجموعة من الأشخاص فيما بينهم بدفع مبالغ محددة لجبر الضرر أو جلب النفع الذي قد يصيب أحدا منهم، وهو تعاون مبني على المسامحة والمواساة وإباحة حقوق بعضهم بعضاً، وليس مبنيا على المعاوضة والمشاحة وقصد التربح).

ويرى الباحث أن قرار المجمع الأخير انتهى من الإشكاليات الفقهية التي دارت حول صيغ التأمين التعاوني الإسلامي وأقامها على مبدأ عام يتفق مع الفكر الاقتصادي الإسلامي وقواعد التشريع الإسلامي.

الخلاصة:

يعد نظام التأمين أمراً متفقاً عليه بين الديانات وأصحاب العقول والفكر، ولذلك اتجهت البشرية له منذ القدم، وتعددت التطبيقات والنماذج لهذا النظام، وقد أقر التشريع الإسلامي عدداً من التطبيقات التي كانت سائدة في عصر الوحي، وقد انطلق في العصور المتأخرة نموذج للتأمين يقوم على شركات خاصة تتربح من العملية التأمينية، وقام هذا النموذج على الفكر الرأسمالي الذي لا يعترف بالقطاع غير الربحي كقطاع اقتصادي، وقد اختلف الفقهاء المعاصرون في مشروعيته، ولكن المجامع الفقهية حسمت حكمه، واقترحت بدلاً من ذلك مجموعة من عقود التأمين، منها عقد التأمين القائم على التبرع، وعقد التأمين القائم على الوقف، وعقد التأمين القائم على التناهد والمشاركة في التعاون والمواساة، وقد انتهى مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي إلى أن التأمين التعاوني الإسلامي يقوم على مبدأ التعاون.

 

(*) مقال منشور في مجلة الوسطية، العدد الخامس والأربعون، السنة الثالثة عشرة، أيلول 2025م.

 

 

 

 

رقم المقال [ السابق ]

اقرأ للكاتب




التعليقات



تنبيه: هذه النافذة غير مخصصة للأسئلة الشرعية، وإنما للتعليق على الموضوع المنشور لتكون محل استفادة واهتمام إدارة الموقع إن شاء الله، وليست للنشر. وأما الأسئلة الشرعية فيسرنا استقبالها في قسم " أرسل سؤالك "، ولذلك نرجو المعذرة من الإخوة الزوار إذا لم يُجَب على أي سؤال شرعي يدخل من نافذة " التعليقات " وذلك لغرض تنظيم العمل. وشكرا


Captcha