أضيف بتاريخ : 22-10-2014


أحكام البناء والاستئناف في الصلاة (دراسة فقهية تطبيقية مقارنة)(*)

محمد فالح مطلق بني صالح/ كلية الشريعة، جامعة اليرموك

ملخص

عالج هذا البحث الموسوم بـ (أحكام البناء والاستئناف في الصلاة، دراسة فقهية تطبيقية مقارنة) جملة من العوارض الطارئة على الصلاة، وبين أثر كل عارض عليها من حيث الصحة، فيصح البناء والإتمام، ومن حيث الإبطال، فيجب القطع والاستئناف، فقد عالج عارض صلاة التيمم. إذا حضر الماء أثناءها أو بعدها، وتبين جواز البناء وعدم الإعادة، كما عالج طارئ الحدث على الصلاة، وتبين وجوب استئناف الوضوء وصحة البناء على الصلاة في حالات، ووجوب استئناف كل من الوضوء والصلاة في حالات أخرى.

وعالج خطأ المصلي في جهة القبلة، وتبين أن خطأ التيامن والتياسر فيما بين المشرق والمغرب أو ما في حكمها لا يبطل الصلاة، لكن ينحرف إذا علم بذلك إلى صواب خبر الثقة ويبني على صلاته، كما تبين أنّ محاريب البلدان التي لم ينقطع سكانها من عهد الفتح الإسلامي، هي دلائل صحيحة على جهة القبلة يجب اعتمادها في الصلاة، أما المساجد التي تنشأ بعدها فيجب استخدام الوسائل الحديثة في تحديد قبلتها.

هذا وقد تمت معالجة تلك العوارض الواردة وأمثالها، بالاعتماد على مقاصد الشريعة في استعمال الرخص والتيسير لاستدامة المداومة على العبادة، لأن اعتماد العزائم وحدها يؤدي إلى العجز عنها أحيانا.

المقدمة

الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى، وآله وصحبه والتابعين ومن اقتفى وبعد:

فإن علم الفقه ومعرفة الأحكام الشرعية من أفضل العلوم وأعلاها قدرا، وأجلّها نفعا، إذ بهذا العلم يعرف الحلال من الحرام، وصحيح العبادة من فاسدها، وبه يطمئن قلب المكلّف إلى سلامة عبادتـه، ويرتـاح من وسوسة الشيطان وعناء الجهل بالأحكام، وبه تتكون الملكة الفقهية، وأدب الخلاف لدى طلاب العلم الشرعي خاصة، إذ بهما يستطيع التعامل مع المسائل الفقهية للوصول إلى الصواب أو الأصوب، بعيدا عن التعصب والمراء.

ومن المسائل الفقهية التي قد يخفى على المكلف جوابها، (مسألة البناء والاستئناف في الصلاة) لتفرقها في ثنايا الأبواب الفقهية المطولة.

مشكلة الدراسة:

مع أن مشكلة الدراسة تكاد تكون واضحة في العنوان والمقدمة؛ باعتبار أن مفردات الموضوع مبثوثة نتفاً وتفاريق في الأبواب الفقهية المتنوعة هنا وهناك، من غير رابط يجمع شتاتها في بحث مستقل، يكون بمتناول طلاب العلم فضلاً عن العامة.

فقد جاءت هذه الدراسة المتواضعة لتضيف إلى جهود السابقين إجابات على الإشكالات التالية:

  1. هل كل إخلال ببعض شروط صحة الصلاة - كالقعود في الفريضة، وانكشاف العورة، والانحراف عن جهة القبلة، سواء كان عمدا أو سهواً أو جهلاً أو إكراهاً- هل كل ذلك مبطل للصلاة فيجب استئنافها أو لا؟ وهل سبق الحدث في الصلاة مبطل للوضوء والصلاة فيستأنفهما معاً؟ أو مبطل للوضوء دون الصلاة، فعليه الوضوء والبناء على صلاته ؟ أو ماذا؟
  2. هل كل خطأ في القراءة الواجبة في الصلاة يبطلها فيجب استئنافها؟-عمدا كان أو سهوا، أو نسيانا، أو جهلا، أو إكراها- أو لا يبطلها، فيصح له البناء والإتمام، سواء كان ذلك الخطأ يغير المعنى تغييراً يسيرا، أو تغييراً فاحشا يكفر معتقده، أو لا معنى له؟
  3. هل كل زيادة في الصلاة تبطلها بالكلية فيجب استئنافها من جديد؟ أو لا تبطلها فيصح البناء؟ -سواء كانت تلك الزيادة من جنسها، أو من غير جنسها, جهلاً أو إكراهاً؟

هذه الإشكالات وغيرها مما تمكن الإجابة عليها في بحث مستقل، هي الإضافة التي أراد الباحث أن تكون إسهاماً في الصروح الفقهية المطردة.

أهمية الدراسة:

تبدو أهمية الدراسة واضحة من خلال عرض الاسئلة الواردة في مشكلة الدراسة، باعتبار ذلك نمطاً من أنماط الحفاظ على الصلاة، التي هي من أهم أصول العبادات المرتبطة بأصول العقيدة، كقوله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) المائدة/6.

والمحافظة على الصلاة إنما تكون بإقامة شروطها وأركانها وآدابها على الوجه المشروع، وبما يمنع الاختلال الواقع أو المتوقع فيها. وبما يلازمها من رفع للحرج، كالرخص والتشريعات المخففة بالنسبة إلى الحقوق المتعلقة بالمريض والمسافر، وفاقد ما يستر عورته في الصلاة، وغير ذلك من مكملات الصلاة ومحسناتها, فلو طلبت العزيمة على الإطلاق لتعذّر أدائها على من لم يجدها، ولذا يرتفع الحرج عن صاحبها ويصلي على حسب ما أوسعته الرخصة([1]) عند فقدها.

منهج الدراسة:

استخدمت الدراسة المنهج العلمي المقارن، لمناسبته لموضوع الدراسة القائم على استقراء المسائل المختارة وجزئياتها، لذا اختار الباحث مجموعة من المسائل التي تتعدد فيها الآراء لا على سبيل الحصر والإحصاء، بل لكونها عملية واقعية ومهمة، حيث قام بتتبعها وجمعها من كتب الفقه عند المذاهب الأربعة على وجه الخصوص، وقد يتعدّاها إلى غيرها استثناءً عند اللزوم.

وكان عملي في ذلك تصوير المسألة، ثم عرضها على آراء المذاهب لمعرفة محل الوفاق والاختلاف، ثم أذكر الأدلة التي تؤيد كل مذهب على حدة، وأناقش ما يستدعي البحث مناقشته منها، ثم الترجيح لما يبدو أصوب دلالة أو أقرب إلى فحوى النص، ومقاصد التشريع.

هذا وسوف أقوم بالترجمة للمراجع الواردة عند ورودها لأول مرة ترجمة تامة, ثم أكتفي بعدها بذكر اسم المؤلف واسم المرجع والجزء والصفحة فقط حيثما وردت في البحث.

الدراسات السابقة:

لم يحض هذا الموضوع ببحث مستقل في الدراسات الفقهية السابقة، رغم أن مفرداته مبثوثة في الأبواب الفقهية عموما، كأمثلة استطرادية أو تكميلية في ثنايا المسائل الفقهية، وهذا من أهم الصعوبات التي واجهتها في هذه الدراسة.

ومن الدراسات التي أفادتني في هذا الشأن ما يلي:

1. موسوعة جمال عبد الناصر في الفقه الإسلامي([2]), حيث جاء ذكر مفردات العنوان تحت الحروف الهجائية المبدوءة بها؛ فمثلا؛ جاءت كلمة (استئناف) تحت حرف (الألف) وكلمة (بناء) تحت حرف (الباء), شأن المعاجم الفقهية, لكن بشيء من التوسع من خلال ذكر آراء المذاهب في الأمثلة المطروحة ومن غير أدلة.

2. الموسوعة الفقهية الكويتية([3]), فقد جاء ذكر مفردات العنوان تحت الحروف التي تناسبها, شأن المعاجم الفقهية، دون رابط موضوعي يجمعها في دراسة فقهية مستقلة، وهي دون موسوعة جمال عبد الناصر في الطرح, حيث اكتفت بذكر موضوع (البناء) وتعريفه لغة واصطلاحاً، مع أمثلة قليلة جداً وكذا بالنسبة لموضوع الاستئناف.

3. معجم لغة الفقهاء، لمحمد قلعه جي([4]), والتعريفات الفقهية للمجددي([5]), وهي معاجم فقهية فقط.

هذا وبالرجوع إلى كتب القدامى من الفقهاء، لم أجد للعنوان ذكرا يكفي، سوى ما ذكرته بعض كتب القواعد الفقهية، فقد ذكره كتاب الأشباه والنظائر لابن الوكيل([6]). بعنوان (البناء على فعل الغير في العبادات فيه صور)، منها: البناء على الأذان، فيه قولان، الخطبة، وفي جواز البناء فيها قولان، ومنها: الاستخلاف في الصلاة، وفي جوازه قولان.

وذكره كذلك كتاب الأشباه والنظائر في قواعد وفروع فقه الشافعية للسيوطي تحت عنوان:([7]) (البناء على فعل الغير في العبادات فيه نظائر) ثم ذكر الأمثلة التي أوردها ابن الوكيل ذاتها.

هذا ما تيسر الاطلاع عليه مما يخدم الدراسة، ولذا فإني أحسب أن مايميزها هو أن مسائلها، صارت ضمن منظومة فقهية واحدة، يسهل الرجوع إليها مباشرة، دون الإحالة إلى القواعد والضوابط العامة، والبحث عما يندرج تحتها من مسائل.

خطة الدراسة:

جاءت هذه الدراسة المعنونة بـ (البناء والاستئناف في الصلاة دراسة فقهية تطبيقية مقارنة) ضمن المباحث الآتية:

المبحث الأول: مفهوم البناء والاستئناف والألفاظ ذات الصلة, والضوابط المتعلقة بهما.

المطلب الأول: مفهوم البناء والاستئناف لغة واصطلاحا.

المطلب الثاني: المصطلحات والألفاظ ذات الصلة.

المطلب الثالث: ضوابط البناء والاستئناف في الصلاة.

المبحث الثاني: أحكام البناء والاستئناف المتعلقة بشروط صحة الصلاة .

المطلب الاول: البناء والاستئناف في الصلاة للمتيمم إذا تيسر له الماء.

المطلب الثاني: البناء والاستئناف في الصلاة لمن أخطأ القبلة.

المطلب الثالث: البناء والاستئناف في الصلاة لمن طرأ عليه (سبقه) الحدث.

المطلب الرابع: البناء والاستئناف في الصلاة للعريان إذا وجد الثوب أثناءها.

المبحث الثالث: أثر الطرؤات على الصلاة بناءً واستئنافاً.

المطلب الأول: البناء والاستئناف في الصلاة لطروء القدرة أو العجز أثناءها.

المطلب الثاني: البناء والاستئناف في الصلاة للأفعال الزائدة فيها.

المطلب الثالث: البناء والاستئناف في الصلاة للخطأ في القراءة الواجبة.

الخاتمة والتوصيات.

المبحث الأول

مفهوم البناء والاستئناف والألفاظ ذات الصلة والضوابط المتعلقة بهما

المطلب الأول: مفهوم البناء والاستئناف لغة واصطلاحا

البناء لغة: مصدر بنى، معناه التشييد([8]), فهو اسم لما بُني بناء.

والبنيان: الحائط, يقال بنيت أبني بناء وبنية([9]), قال تعالى:(وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً) النبأ/12.

والبناء اصطلاحا: إتمام العبادة بالنية الأولى أو التحريمة الأولى؛ إذا طرأ عليها خلل لا يوجب التجديد([10]), أو هو المضي في الماهية الأولى المبدوء بها إلى نهايتها بعد زوال العارض الطارئ عليها([11]), وهذا يعني عدم تجديد التحريمة بل يتم ما بقي من الصلاة([12]).

الاستئناف لغة: مصدر الفعل استأنف، يقال: استأنف الأمر: أخذ به وابتدأه, فمن معانيه لغة: الابتداء والاستقبال([13]).

والاستئناف اصطلاحا: إعادة الفعل للخلل في بعض أركانه([14]), أو هو: البدء بالماهية الشرعية من أولها بعد التوقف فيها وقطعها لمعنى خاص([15]), وقد استعمله الفقهاء في معناه اللغوي، ويغلب استعمالهم له في استئناف ما نقص من الأفعال قبل تمامها على الوجه الشرعي.

المطلب الثاني: المصطلحات والألفاظ ذات الصلة

الاستقبال لغة: المواجهة, يقال: استقبلت الشيء, أي: واجهته, فهو مستقبل بفتح القاف, اسم مفعول([16]), وفي الحديث: (لو استقبلت من أمري ما استدبرت، ما أهديت، ولولا أن معي الهدي لأحللت)([17])

والاستقبال اصطلاحا: مواجهة الشيء والشروع فيه بكيفية مخصوصة, ويأتي مرادفاً للاستئناف، ويأتي بمعنى الاتجاه إلى القبلة أو غيرها([18]).

الابتداء لغة: تقديم الشيء على غيره، والبدء: التقديم، يقال: بدأت بكذا، وأبدأت وابتدأت أي: قدمت([19]). قال الله تعالى: (وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ) السجدة/7 أي بدأ خلق آدم أبي البشر([20]).

وقال تعالى: (كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) الأعراف/29 أي كما بدأكم من الأرض تعودون إليها([21]). وكذا يقال: كان ذلك في ابتداء الأمر أي في أوّله([22]). ويقال: استأنفت الشيء، أي: أخذت فيه وابتدأته([23]).

والابتداء اصطلاحاً: لا يخرج عن المعنى اللغوي، فكأن الذي يشرع في عبادة، يأخذ فيها ويبتدؤها من أولها، فإن عرض لها ما يبطلها، وجب أن يبدأ بها من أولها كذلك، والفرق بين الابتداء الاستئناف، أن الابتداء أعم منه([24]) فكل ابتداء استئناف ولا عكس.

الإعادة لغة: مصدر أعدت الشيء، رددته، وأعدت الصلاة([25])، فعلتها ثانية، والعيد: الموسم السار، وجمعه أعياد، وعيد الفطر: يوم الفطر، وعيد الأضحى: يوم الأضحى، يعود كل عام.

والإعادة إصطلاحاً: فعل المأمور به في وقته المقدر له شرعاً مرة ثانية، وقد تكون الإعادة لخللٍ في الفعل الأول، كالخلل في الإجزاء، كمن صلّى بدون شرط الطهارة، فيعيدها في الوقت([26]) وقد تكون لخلل في الكمال، كمن صلّى منفرداً فيعيدها في جماعةٍ كما ذكره بعض الأصوليين من الحنابلة([27])، وغيرهم بقوله: وهذا أوفق للغّة والدين، أما اللغة، فإن العرب يقولون: أعدت الكرّة إذا كرّ مرّة بعد أخرى، وأما الدين، فإنه يقرر أن من صلى ثم حضر جماعة سُنَّ له أن يعيدها معهم([28])، فالمناسبة بين المعاني اللغوية والاصطلاحية ظاهرة.

وتختلف الإعادة عن الاستئناف بأن الأخير لا يكون إلا بعد قطع للماهية الأولى قبل تمامها([29]). بينما الإعادة قد تكون بعد إتمام الماهية الأولى. وتختلف كذلك عن البناء، بأن الأخير، استمرار لإتمام الماهية.

القضاء لغة: يعني الأداء، يقال: قضى الشيء؛ أداّه ويقال: قضيت الحج والدين؛ أديته([30]). قال تعالى: (فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ) البقرة/20.

والقضاء اصطلاحاً: هو فعل المأمور به خارج الوقت، لفوات فعله في الوقت– لعذرٍ أو لغير عذر- سواء كان لعذرٍ شرعي أو عقلي.

والفرق بين القضاء والاستئناف، أن الأول أخص، لأنه لا يكون إلا بعد الوقت المقدر، أما الاستئناف، فقد يكون داخل الوقت وقد يكون بعده([31]).

المطلب الثالث: ضوابط البناء والاستئناف في الصلاة

إن معرفة أحكام البناء والاستئناف في الصلاة، تستلزم بيان العوارض التي تعترضها، وأنواع الضوابط التي تحكمها، فإذا كان العارض مخلاً بشرط أو ركن على سبيل التعمد والاختيار، فإن ذلك يستدعي البطلان الذي ينتج عنه الاستئناف.

وإذا كان العارض على سبيل الجهل أو النسيان أو الإكراه، ففي أحكام ذلك تفصيل؛ فقد يكون العارض يسيراً مغتفراً، فيكفي فيه البناء، وقد يكون جسيماً، ففيه الاستئناف.

فهناك عوارض هي أخطاء في القراءة الواجبة في الصلاة، وهذه قد تكون فاحشة تستوجب البطلان الذي ينتج عنه الاستئناف، وقد تكون غير فاحشة لا تغير المعنى ولا يكفر معتقدها، ففيها تفاصيل، وهناك عوارض هي أفعال زائدة في الصلاة، بعضها من جنس الصلاة، وبعضها من غير جنسها، وبعضها كثير وبعضها يسير، وجميع ذلك له معايير لدى الفقهاء تذكر في أماكنها من هذا البحث، وبناء على ما ذكرنا، ينشأ سؤال مفاده: ما معيار الصحة التي ينتج عنها البناء؟ وما معيار البطلان الذي ينتج عنه وجوب الاستئناف والإعادة، أو القضاء؟

وبالرجوع إلى كتب الأصول، نجد أن هناك خلافاً في ذلك عند ذكر أقسام الحكم الوضعي، باعتبار أن المصطلحين مدار البحث من تلك الأقسام، أو من لواحقها الجزئية.

فالفقهاء من الأصوليين: ذهبوا إلى أن معيار الصحة هو: أن يكون الفعل كافياً في إبراء الذمة وإسقاط القضاء فيما يوجب القضاء، والمتكلمون من الأصوليين: ذهبوا إلى أن معيار الصحة هو: موافقة فعل المكلف لأمر الشارع([32]). سواء أبرأ الذمة أو لا.

ويتفرع عن هذا الخلاف، أن الفقهاء الذين اعتمدوا معيار سقوط القضاء في الصحـة، يجعـلون صلاة المحدث الذي يظن الوضوء باطلة، لأنهم نظروا إلى يقين الحدث لا إلى الظن؛ كما يجعلون صلاة المتطهر الذي يظن الحدث صحيحة، لأن ذلك المعيار قائم على قاعدة (اليقين لا يزول بالشك)([33]). (والأصل بقاء ما كان على ما كان) ([34]). فعند ظن التطهر يغلب عدمه، وعند ظن الحدث يغلب عدمه.

أما المتكلمون الذين اعتمدوا معيار موافقة فعل المكلف لأمر الشارع، فيجعلون الصلاة في المثال السابق صحيحة، وصاحبها مثاب حتى لو اختل ركن من أركانها دون علم المصلي، لأن المصلي صلى صلاة يغلب على ظنه الطهارة فيها وقد فعل، فهي موافقة لأمر الشارع، فإذا تبين أنها لم توافق أمر الشارع، فقد وجب القضاء.

ولذا فالخلاف يكاد يكون لفظياً، ولم يبق النزاع إلا في التسمية([35]). فاعتبار الإسقاط، يوجب القضاء عند عدم الصحة، واعتبار الموافقة يوجب القضاء كذلك عند الإطلاع على الحدث. وكلاهما في النهاية مطالب بالقضاء.

وبناء على هذا البيان لمعيار الصحة، يتبين أنها عند المتكلمين؛ ما قابل البطلان، وهي عند الفقهاء، ما قابل البطلان أو الفساد، فالبطلان والفساد عندهم مترادفان([36]).

المبحث الثاني

أحكام البناء والاستئناف المتعلقة بشروط صحة الصلاة

المطلب الأول: البناء والاستئناف في الصلاة للمتيمم إذا تيسر له الماء

اتفق الفقهاء([37]) على أن التيمم ينتقض بما تنتقض به طهارة الأصل- الوضوء أو الغسل- وبالقدرة على الماء قبل الشروع بالصلاة أو بعد الفراغ منها.

واختلفوا في حكم انتقاض التيمم بحضور الماء أثناء الصلاة، ومنشأ الخلاف في ذلك، هل الناقض حضور الماء أو الحدث ذاته([38]

فمن قال بالأول، أوجب بطلان الصلاة وقطعها بمجرد وجود الماء ووجب الاستئناف.

ومن قال بالثاني: قال بعدم بطلانها بذلك، وصحح البناء والإتمام([39]) على ما مضى ما لم يطرأ حدث جديد. وبناء على ذلك، فللفقهاء في المسألة رأيان:

الرأي الأول: للحنفية([40]). وبعض المالكية([41]). والحنابلة([42]). والإباضية([43])، حيث ذهبوا إلى أن حضور الماء أو تذكره أثناء الصلاة، يعتبر مبطلاً للصلاة، وينتج عنه وجوب استئناف الوضوء والصلاة معاً.

الرأي الثاني: لبعض المالكية([44])، والشافعية([45])، ورواية مرجوحة لأحمد([46])، حيث ذهبوا إلى أن حضور الماء لا يبطل التيمم ولا الصلاة، فيصح البناء على ما مضى.

الأدلة:

استدل أصحاب الرأي الأول للقول ببطلان الصلاة عند حضور الماء بمايلي:

1. ما رواه أبو ذر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الصعيد الطيب طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته، فإن ذلك خير)([47]).

ووجه الدلالة؛ أن الحديث دل بمنطوقه، على وجوب استعمال الماء عند وجوده، ودل بمفهومه، على أن التيمم ليس بطهور عند وجود الماء، فعلى هذا يجب على من وجد الماء أن يتوضأ أو يغتسل إن كان جنباً، بمجرد حضور الماء، لأن الأمر في الحديث للوجوب عند المتكلمين([48]).

2. ومن المعقول: فإن طهارة المتيمم انعقدت بغاية محدودة، وهي وجود الماء، لحديث أبي ذرٍ المتقدم. وتنتهي تلك الطهارة عند وجود الماء، فوجب قطع الصلاة واستئنافها بوضوء جديد، وإلا فإنه يكون قد أتمها بغير طهارة، وهذا لا يجوز، وبذلك يتبين أنه لم تبق حرمة للصلاة([49]).

واستدل أصحاب الراي الثاني لمذهبهم بمايلي:

1. قوله تعالى: (وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ) محمد/33.

ووجه الدلالة: أن الآية بمنطـوقها تنهى المصلي عن قطع صلاته التي انعقدت بطهارة مشروعة، والمصلي والحالة هذه غير قادر على استعمال الماء إلا بخروجه من تلك الصلاة، وهو ممنوع من ذلك، فلا يكون واجداً للماء حكماً، فصح البناء بذلك التيمم، حفاظاً على حرمة صلاة انعقدت مجزية([50]).

2. ومن المعقول يستدل على ذلك من وجوه:

الوجه الأول: تقاس صلاة المتيمم الذي رأى الماء أثناء الصلاة، على صلاة المتيمم الذي رأى الماء بعد الفراغ منها، فهذه الأخيرة وقعت صحيحة، لأنها اعتمدت على طهارة مجزية شرعاً ولا توجب الإعادة، فكذا صلاة الذي رأى الماء قبل الفراغ منها تكون صحيحة ويصح البناء عليها، لأنها أنشئت بطهارة مجزية لا توجب الإعادة([51]). والعلة المشتركة ولو من بعض الوجوه، هي الدخول في الصلاة بطهارة مجزية للحالتين، وهذا القياس هو ما يمكن إلحاقه بقياس الشبه([52])، لأن الفرع له شبه بحالة المحدث الذي لم يرتفع حدثه، وله شبه بالذي فرغ من صلاته، فهو قياس على الأصل بما يغلب على الظن أنه مثله.

الوجه الثاني: أن المصلي الذي شرع في الصلاة متيمماً، قد تلبس بمقصود البدل لفقدان الأصل وهو الوضوء، وطروء الأصل بعد التلبس بمقصود بدله لا يؤدي إلى إبطال ذلك البدل، ونظير ذلك، من فقد الرقبة في كفارة الظهار فشرع في الصيام، ثم وجد الرقبة أثناء الصيام، لا يلزمه إخراج الرقبة، لئلا يجمع بين خصلتين شاقتين من خصال الكفارة بكفارة واحدة، فكذا المتيمم لا يلزم باستئناف الوضوء([53]).

الوجه الثالث: أن الطهارة بعد صحتها لا تنقض إلا بالحدث؛ ورؤية الماء ليست حدثاً لكنها مانعة من ابتداء التيمم([54])، والموجود ليس إلا الرؤية، فلا تبطل الصلاة بها.

المناقشة:

ناقش الفريق الأول أدلة الفريق الثاني، وردوا عليها بمايلي:

  1. قولهم إن المصلي منهي عن إبطال صلاته، للآية الكريمة؛ قول صحيح لكن ليس على إطلاقه، لوجود نص في المسألة، وهو حديث أبي ذر رضي الله عنه، وفيه: (إن الصعيد الطيب طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته)([55]). فقد جعل الوضوء إلى غاية وجود الماء، والمحدد إلى غاية ينتهي عند وجود تلك الغاية، فإذا وجد الماء انتهى التيمم وما يترتب عليه، ووجب استعمال الماء للوضوء، ولأن التيمم خلف عن الوضوء، ولا يجوز المصير إلى الخلف مع وجود الأصل، كما في سائر الأخلاف مع أصولها([56]).
  2. قياسهم صحة بناء المصلي بتيمم إذا وجد الماء، على صحة استمرار الصائم بصومه عند وجود الرقبة، غير مُسلّم، لأن الواجب في العبادات التي لها بدل ومبدل، أن يكون الوقت المعتبر لها وقت الأداء لا وقت الوجوب، فالذي يقدر على الرقبة قبل الشروع في الصيام أو أثناءه قبل تمامه، فقد قدر على البدل وينتقل الأمر إلى المبدل، فكذا الحال في مسألة المتيمم إذا وجد الماء قبل الشروع في الصلاة أو بعدها قبل الفراغ منها، توضأ واستأنف الصلاة([57]).
  3. قياسهم صلاة من رأى الماء أثناء صلاته على صلاة من رأى الماء بعدها غير مسلم به، فرؤية الماء بعد الفراغ من الصلاة لا يؤثر على صلاة مضت بطهارة مشروعة، أما إذا رآه اثناء الصلاة؛ وجب عليه قطعها، لأنه تبين أنه ما زال محدثاً بحدثه السابق على صلاته ولم يوجد ما يزيله، ولم يظهر أثر ذلك الحدث إلا بعد حضور الماء، لأن التيمم قد أبيح اضطراراً، لئلا تجتمع على المصلي صلوات، فيُحرج في قضائها كلها، فسقط اعتبار الحدث السابق بمجرد حضور الماء، فوجب استئناف الوضوء للصلاة التي لم تؤد بعد([58]).

وناقش الشافعية والمالكية أدلة الرأي الأول بمايلي:

  1. استدلالهم بحديث أبي ذرّ المتقدم غير مُسلّـم، لأن النص وإن رتب وجوب التطهر بالماء على رؤيته، لكنه لم يتبين حكم ما إذا رأه أثناء الصلاة أو بعد الفراغ منها، فالاستدلال يحتمل الأمرين، بل إطلاق الرؤية يتبادر منه الانصراف إلى من هو خارج الصلاة، والتبادر أمارة الحقيقة، فتخصيصه بالرؤية أثناءها، تخصيص بلا مخصص، فصحت صلاته، وجاز البناء عليها وهو ما نقول به.
  2. قولهم: إن من رأى الماء في صلاته، ملزم بقطعها، وإلا، يكون قد أتمها بلا طهارة –وهذا لا يجوز- قولهم هذا يتعارض مع ما هو مقرر في مذهبهم، من أن طهارة التيمم، هي بدل مطلق وليس ببدل ضرورة، ويقصدون بذلك، أن التيمم يرفع الحدث إلى حين وجود الماء في حق الصلاة المؤداه ([59])، وما دام التيمم له هذه القوة عندهم في رفع الحدث بالكلية، فلماذا يجعلونه ضعيفاً أثناء الصلاة ولا يقوى على إتمامها بعد التحرم بها؟ وإذا تبين هذا فإن القول بإبطال الصلاة عند رؤية الماء يبدو غير مُتجه، وهو ما نراه.

الترجيح:

بعد استعراض الأقوال والأدلة ومناقشاتها، يبدو أن ما ذهب إليه المالكية والشافعية يتجه إلى الرجحان، لما ساقوه من الأدلة والمناقشات ولما يلي:

  1. إن القول بالبناء على الصلاة عند رؤية الماء أثناءها هو اعتماد على استصحاب صلاة بدأت صحيحة، ولم يطرأ ما يبطلها (والأصل بقاء ما كان على ما كان)([60]). حتى يظهر غيره حقيقة، والمصلي لم يظهر عليه ما يبطل تيممه ولا صلاته.
  2. القول بصحة البناء في هذه الحالة، تؤيده قاعدة (يغتفر في البقاء ما لا يغتفر في الابتداء)([61]). وقاعدة؛ (البقاء أسهل من الابتداء)([62]). يعني الوجود في الابتداء محكوم بشروط ربما لا تستمر إلى الانتهاء لعرض ما ينافيها، فالبقاء على ما توفرت شروط صحته في البداية أسهل من إبطاله واستئنافه، صوناً للعبادات عن العبث.
  3. إن القول بالبناء في الصلاة عند رؤية الماء أثناءها، هو أخذ برخصة مشروعة فقهاً، والقول بإبطالها وقت الأخذ بها، يجعل في ذهن المكلف نوعاً من التناقض والتشويش عند الأخذ بالرخص مفاده: التيمم رخصة، التيمم ليس رخصة، وهذا غير سديد في بناء الأحكام على الثبات والاستقرار.
  4. الإلزام بإبطال صلاة بدأت صحيحة، من شأنه أن يفوت على صاحبها فضائل كثيرة قد لا تعوض، كما لو كانت تلك الصلاة صلاة الجمعة، فإن وقت صلاتها محدود، فلو كلف المصلي بقطعها والانصراف للتطهر لفاتته الجمعة، ومثلها صلاة الجماعة الراتبة والأعياد والاستسقاء والجنائز ونحو ذلك.
  5. الأحكام الفقهية من شأنها اليسر والسهولة ورفع الحرج، وهي الحد الأدنى لما يطلب من المكلف، إلا أنه لا يمنع من الاستزادة إذا رغب، لذا فمن الناحية العلمية؛ إن الذي يرى في وقته سعة للتطهر مندوب إلى ذلك، بل إلى تجديد الوضوء لكل صلاة كلما تيسر له سواء في مسألتنا أو في غيرها.

المطلب الثاني: البناء والاستئناف في الصلاة لمن أخطأ جهة القبلة.

أجمع الفقهاء([63])على أن استقبال القبلة شرط لصحة الصلاة، فرضها ونفلها، لقوله تعالى: (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ) البقرة/144، ولا يجوز تركها إلا لعذر، كشدة الخوف والمقاتلة في الحرب، لقوله تعالى: (فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً) البقرة/239 وفي النفل للمسافر على الراحلة إلى جهة مقصده، فقد روى ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: (كان يصلي على راحلته حيث توجهت فإذا أراد الفريضة نزل فاستقبل القبلة)([64]).

وجه الدلالة أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي الفريضة إلى القبلة، ويرخص في النافلة إلى جهة مقصده([65]).

ثم إن صَوْبَ مقِصد المسافر قبلته، فلو انحرف في صلاته عن جهة مقصده دون حاجة بطلت صلاته، بخلاف راكب السفينة ونحوها – كالقطار- فلا يصح له ترك القبلة، لتمكنه من الركوع والسجود، ومثله راكب التعاسيف- وهو الهائم على وجهه، الذي ليس له صوب معين – فليس له ترك الاستقبال في فريضة أو نافلة([66]). أما المسافر فإنه يلزم بالاستقبال عند تحرمه عند القدرة، وإلا فلا([67]). والمربوط على خشبة إلى غير جهة القبلة ملحق بالمسافر والخائف، فيصلون على حالهم([68]).

آراء الفقهاء في البناء والاستئناف عند تيقن الخطأ في القبلة:

الرأي الأول: للحنفية([69]) والشافعي في القديم([70])، والحنابلة([71])، وجميعهم يرون أن تيقن الخطأ بعد الصلاة لا يبطلها إن كانت باجتهاد وإلا فتبطل، وكذا أثناءها، لكن يجب الانحراف أو الاستدارة إلى جهة الصواب ويبني حتى يتمها، إلا أن الحنابلة قيدوا ذلك بالسفر لصعوبة التحري أثناءه.

الرأي الثاني: للمالكية([72])، والشافعية في الأصح([73])، والإباضية([74])، والظاهرية([75])، حيث ذهبوا إلى وجوب الاستئناف لمن تيقن الخطأ في الجهة ولو بالتيامن أو التياسر، سواء ظهر الخطأ أثناء الصلاة أو بعدها، فتجب الإعادة، وإلا فالقضاء.

وسبب الخلاف في المسألة؛ هو معارضة الأثر الوارد بهذا الخصوص مع القياس، في تشبيه جهة القبلة في الصلاة، بشرط العلم بدخول وقت الصلاة، حيث أجمع العلماء على أن الواجب فيها إصابة الوقت، بخلاف الجهة فهي محل خلاف([76]).

الأدلة:

يستدل لأصحاب الرأي الأول القائل بالبناء بما يلي:

  1. قوله تعالى: (فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ الله) البقرة/115.

ووجه الدلالة: ما ذكره المفسرون، أن هذه الآية نزلت في قوم عميت عليهم القبلة فلم يعرفوا شطرها، فصلوا على أنحاء مختلفة، فكأن الله عز وجل قال: لي المشارق والمغارب، فإن وليتم وجوهكم فهناك وجهي وهو قبلتكم، فذلك مُعلِّم إياهم أن صلاتهم ماضية([77]) على الصحة، ويؤيده ما جاء في سبب النزول، من أثر عبدالله بن عامر بن ربيعة قال: "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر في ليلة مظلمة، فلم ندر أين القبلة؟ فصلى كل رجل منا على حياله، فلما أصبحنا ذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت: (فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ الله)([78]) فالأثر ظاهر الدلالة على صحة صلاة من خفيت عليه القبلة، ثم استبان له بعد ما صلى أنه إنما صلى لغير القبلة حيث لم يرد فيه ذكر الإعادة([79]).

2. قوله صلى الله عليه وسلم: "ما بين المشرق والمغرب قبلة"([80]).

منطوق الحديث، يدل أن من اجتهد وصلى جهة القبلة مع تيامن أو تياسر ضمن حدود ما بين المشرق والمغرب، فلا يضر لأنه وسعه، بل يرى بعض المذاهب أن البيت قبلة من يصلي في مكة في بيته أو في البطحاء، ومكة قبلة أهل الحرم، والحرم قبلة الآفاقي، وهذا يعني أن نية عين الكعبة أو جهتها بالتحري يكفي عند من يرى وجوب النية([81]).

أما مفهوم الحديث، فيفيد عدم صحة صلاة من تجاوز المشرق إلى الشمال، أو تجاوز المغرب إلى الشمال، فمن ظهر له خطؤه فليستأنف، لأنه يكون مستدبر القبلة، أما من لم يتجاوز ذلك فصلاته صحيحة، ولا يضره التيامن أو التياسر.

3. قياس بناء صلاة المخطئ، على بناء صلاة أهل قباء([82])، عندما تحولت القبلة، فإنهم استداروا في صلاة الصبح عندما علموا فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام([83])، وفي كيفية الاستقبال روايات عدة لا يتسع لها المقام.

وجه الدلالة، أن أهل قباء لم يؤمروا بالإعادة، مع أنهم تحولوا بخبر الواحد([84]). فكذا من صلى باجتهاده وتبين خطؤه لا يعيد.

ووجه الشبه بين الحالتين، أن كلاً منهما وقعت بعض صلاته إلى غير القبلة، وبنى عليها، فلا إعادة.

ويستدل لأصحاب الرأي القائل بوجوب الاستئناف بما يلي:

  1. قوله تعالى: (فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ) البقرة/144، وجه الدلالة، أن الأمر فيها يوجب التوجه إلى عين الكعبة، فمن صلى بغير اجتهاد، فقد وقعت صلاته أو جزء منها إلى غير قبلة محسوبة([85])، وكذا لو اجتهد وصلى ثم تيقن خطأه، ولا يجزئ ما نهى الله عنه عما أمر به([86]).
  2. قياس الجهة على مواقيت الصلاة من وجهين، الوجه الأول: أن إصابة عين القبلة واجب في الصلاة، لأنه شرط لصحتها، كوجوب إصابة وقت الصلاة للصلاة، فمن صلى قبل دخول الوقت أعاد أبداً، إلا خلافاً شاذاً في صلاة المسافر عند المالكية، وقول للشافعية، إذا صلى العشاء قبل مغيب الشفق.

والوجه الثاني: أن الخطأ في جهة القبلة مبطل للصلاة لوجود المانع وعدم وجود المقتضي، كالخطأ في الصلاة قبل دخول وقتها مبطل لها، ووجه الشبه أن هذا ميقات وقت، وهذا ميقات جهة، فوجب الاستئناف في كليهما([87]).

المناقشة:

ناقش القائلون بصحة البناء أدلة الرأي الآخر بما يلي:

1. استدلالهم بالآية (فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ) قائم على اعتبارهم القبلة يقين عين الكعبة، وهو غير سديد، وصوابه أن الفرض يقين جهة الكعبة في المسألة الآنفة، حيث اعتبرت مساجد الصحابة وجماهير العلماء في المدن والقرى المعمورة، واغتفر فيها التيامن والتياسر، وهذا جائز عندكم، فقد جاء في المجموع ما يؤيده بقوله: "إذا دخل في الصلاة باجتهاد ثم شك فيه، ولم يترجح له شيء من الجهات، أتم صلاته إلى جهته ولا إعادة، نص عليه في الأم واتفقوا عليه"([88]).

وجاء كذلك قوله: "أما إذا ظهر الخطأ في التيامن والتياسر، فإن كان ظهر بعد الفراغ من الصلاة، لم يؤثر قطعاً والصلاة ماضية على الصحة، وإن كان في أثناءها انحراف وأتمها بلا خلاف"([89])، فإذا ثبت ذلك انتفى القول بأن جزءاً من الصلاة وقع إلى قبلة غير محسوبة، وثبت عكسه، وهو ما نقول.

2. استدلالهم بالقياس على بطلان الصلاة لخطأ الوقت، لا يسلم لهم من وجهين:

الوجه الأول: أن المصلي قبل الوقت لم يؤمر بالصلاة، إنما أمر بعد دخول الوقت، فهو لم يأت بما أمر، لأنه صلى قبل الأمر، بخلاف مسألة القبلة، فإن المصلي مأمور بالصلاة بغير شك، وقد أتى بها بما أدى إليه اجتهاده، ثم إن سائر الشروط تسقط عند العجز فكذا هنا([90]).

الوجه الثاني: أن الخطأ في الوقت غير مقبول، لسهولة معرفة الوقت بخلاف القبلة، ومعرفة الوقت في الحضر بسماع المؤذن الثقة لا تحتاج إلى اجتهاد، لأن المؤذن مخبر، وهو مقدم على الاجتهاد، فإن لم يكن في الحضر، استدل بالشمس نهاراً، وبالفجر الصادق عند الفجر، وبصياح الديك المجرب، وبالاشتغال بورد وقراءة دروس، وببعض الأعمال والوظائف المعتادة([91]). فإن لم يتيسر شيء من ذلك، فيمكن الاحتياط بتأخير الصلاة إلى ما يغلب على الظن أنه لو أخر أكثر لخرج الوقت، ولا يتيسر ذلك في القبلة، وبناء على ذلك، فلا وجه للشبه بين المسألتين، والقياس غير صحيح فسلم ما نقول.

الموازنة والاختيار:

بناء على ما سبق بيانه، تبين رجحان القول بصحة البناء على ما مضى عند التيامن أو التياسر وعدم وجوب الاستئناف، سواء ظهر الخطأ أثناء الصلاة أم بعدها، وذلك للأدلة المتقدمة وللاعتبارات الآتية:

  1. إن القول بالبناء موجب الخطأ في إصابة يقين جهة الكعبة، والقول بالاستئناف موجب الخطأ في إصابة يقين عين الكعبة، وكلا الأمرين حاصل بالاجتهاد الموصل إلى غلبة الظن، مع التسامح بالتيامن والتياسر والانحراف، فيصح البناء على الرأي الأول، ويصح البناء على الرأي الثاني إذا ظهر الخطأ أثناء الصلاة، فمن رأى أنه تحرف وهو مستيقنٌ الجهة، فالتحرف لا يكون يقين خطأ، ولم يكن عليه إن صلى أن يعيد كما نص على ذلك الشافعي([92]) رحمه الله، رغم ما نسب إلى المذهب بالاستئناف وهذا بمثابة خبر الثقة الذي يقول: رأيت خلقاً كثيراً من المسلمين يصلون إلى هنا، والأخذ بقول الثقة أخذ بقول مستندٍ إلى الرؤية([93]). وهذا محقق للمطلوب عند كلا الرأيين، فتبين أن الخلاف بلا ثمره تذكر.
  2. تأسيساً على ما تقرر آنفاً، فإن وسع المكلفين عالمهم وأميهم، هو اصطحاب نية عين الكعبة عند الدخول في الصلاة، بحيث يحصل ببال المصلي صورة شطر الكعبة عند عدم المشاهدة، وهي رؤية قلبية تشبه الرؤية البصرية، فإذا صلى كذلك، فقد تحقق الشرط لموافقته مأمور الشارع بالتولية شطر المسجد الحرام.

المطلب الثالث: البناء والاستئناف في الصلاة لمن طرأ عليه (سبقه) الحدث.

أتفق الحنفية([94])، والمالكية([95])، والشافعية([96])، والحنابلة([97])، على أن الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر شرط لصحة الصلاة وما كان في حكمها، سواء كان الحدث عمداً أو سهواً، وأن الصلاة بدونها باطلة، كما اتفقوا على جواز الصلاة مع الأعذار الدائمة، كالسلس، والاستحاضة، والرعاف، والقيء ونحوه([98]).

واختلفوا في حكم صلاة من طرأ عليه الحدث غير المعتاد، من حيث صحة البناء أو وجوب الاستئناف.

وصورة المسألة: أن يشرع في صلاته متوضئاً، ثم يطرأ عليه أحد الأحداث السابقة بغير اختيار، فهل ينصرف فيتوضأ ويبني، أم يستأنف؟ للفقهاء في حكم هذه المسألة رأيان:

الرأي الأول: للحنفية([99]). ومالك([100])، والشافعي في القديم([101])، ورواية لأحمد([102])، وجميعهم ذهب إلى القول بجواز البناء على ما مضى، للإمام والمأموم، والمنفرد.

الرأي الثاني: للمالكية([103]). والشافعي في الجديد([104])، والحنابلة في المعتمد([105])، والإباضية في الراجح([106]). وهؤلاء ذهبوا إلى القول بوجوب الاستئناف، وعدم الاعتداد بما مضى([107]).

الأدلة:

يستدل للحنفية ومن وافقهم للقول بالبناء بمايلي:

1. رواية السيدة عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أصابه قيء أو رعاف، أو قلس، أو مذي([108])، فلينصرف، فليتوضأ ثم ليبن على صلاته، وهو في ذلك لا يتكلم)([109]).

ووجهه، أن الحديث صريح الدلالة لبطلان الوضوء بطروء الحدث، مع اختلاف مخارجه، وصريح الدلالة بصحه الصلاة والبناء فيها، وذلك محمول على عدم الاختيار، فإن فعل باختياره شيئاً من ذلك كالكلام حيث لا ضرورة له، فإن ذلك مبطل للصلاة ويجب استئنافها([110]).

ووجه إيجاب الوضوء في الحديث، أن كلاً من القيء والقلس، فضلات نجسه خارجة من المعدة، وأن المذي خارج من مخرج البول، وأن الرعاف دم مسفوح، فوجب الوضوء من جميعها.

2. ما نسب إلى بعض الصحابة أنهم كانوا يقولون بالبناء ويفعلونه عندما يصاب أحدهم بالرعاف في صلاته، فكان ينصرف يتوضأ، وقيل يغسل الدم ويبني، منهم أبو بكر، وعمر، وعثمان، والعبادلة الثلاثة، وبعض التابعين؛ منهم طاووس وسعيد بن المسيب رضي الله عنهم ([111]). وفعل الصحابة لا يكون عن هوى، فدل على جواز البناء.

3. طرو (سَبْقُ) الحدث، وإن أبطل الوضوء، لا يلزم منه إبطال الصلاة، إلحاقاً له بأصحاب الأعذار الدائمة، الذين لا يبطل وضوؤهم ولا صلاتهم، والبناء جائز هناك، فجواز البناء في الصلاة وحدها أهون، بجامع عدم الاختيار فيهما.

4. إن البناء ثابت بالاستحسان([112])، المستند إلى حديث عائشة وأفعال الصحابة رضي الله عنهم، وإلى رفع الحرج والمشقة، خصوصاً عند كبار السن، والمرضى العاجزين ونحو ذلك، فيصح في ذلك البناء مع أن القياس يقتضي خلافه.

ويستدل للقائلين بوجوب الاستئناف بمايلي:

1. قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ) المائدة/6.

فالآية بمنطوقها عبارة ودلالة، تدل على وجوب التطهر من الأحداث، قديمها وطارئها عند كل صلاة، أما عبارةً؛ فلأن وجوب التطهر متبادر من صيغة": (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) وأنتم على غير طهر الصلاة فاغسلوا وجوهكم... ([113]).

وأما دلالةً؛ فوجوب التطهر يفهم من روح النص ومعقوله، لأن العلة التي يبنى عليها حكم وجوب التطهر- وهي الحدث قبل الصلاة - مساوية لواقعة الحدث الطارئ أثناء الصلاة، فكما أن الصلاة مع الحدث الأول باطلة يجب استئنافها، فكذا الصلاة التي طرأ فيها الحدث باطلة يجب استئنافها.

2. قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ)([114]). فالحديث صريح في بطلان الصلاة مع الحدث، ولم يفرق بين ما كان قبل الصلاة وبين ما كان أثناءها، كانكشاف العورة، وطروء النجاسة.

3. من سبقه الحدث يعتبر فاقداً لشرط من شروط صحة الصلاة، على وجه لا يعود هذا الشرط إلا بعد زمن طويل، وعمل كثير، حيث أن الاشتغال بالوضوء، يحتاج إلى الانصراف عن القبلة والمشي إلى أعمال التطهر والرجوع منها، وذلك يُخلّ بهيئة الصلاة ويقطعها، فوجب استئنافها. وقد نُسب إلى الإمام أحمد قوله: "إذا علم بحدث نفسه في الصـلاة أو علمه المأمومون، لزمهم استئناف الصلاة"([115]).

4. سبق الحدث يقتضي وجوب الاستئناف لفوات أهلية أداء أفعال الصلاة، ولهذا تبطل الصلاة في السبق، كما لو تعمد الحدث لبطلان طهارته([116]).

المناقشة:

نوقشت أدلة القائلين بالاستئناف بمايلي:

  1. استدلالهم بمنطوق الآية على وجوب التطهر واستئناف الوضوء لا اعتراض عليه بالجملة، لكنه لا يدل على وجوب استئناف الصلاة، ولا هو من لازم سبق الحدث، بل تحميل للنص معاني بعيدة لا تلازم بينها، وتحتاج إلى دليل آخر غير هذه الآية، وغاية ما يفيده النص وجوب التطهر للصلاة عند الحدث عامة، لكن ليس كل حدث يقطع الصلاة، وسبق الحدث لا يقطعها، للاستحسان المبني على النص، وأفعال بعض الصحابة كما تقدم بيانه([117]).
  2. استدلالهم بحديث: (لا تقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ)([118]).

استدلال على وجوب التطهر من الأحداث عامة، لكن يستثنى أحداث ذوي الأعذار الدائمة، حيث لا تقطع وضوءاً ولا صلاة([119])، فلئن كان سبق الحدث قاطعاً للطهارة، فلا يلزم منه قطع الصلاة معها، ما لم يطرأ مبطل آخر كانكشاف العورة قصداً، والكلام لغير حاجة.

  1. قولهم من سبقه الحدث يعتبر فاقداً لشرط من شروط الصحة على وجه لا يعود إلا بعد زمن طويل، لا خلاف فيه، بل الخلاف في التطهر الذي لا يحتاج إلى مثل ذلك، ولم يطرأ مع الحدث مبطل آخر، فإن كان الأمر كذلك وجب الاستئناف قطعاً.
  2. ما نسب إلى الإمام أحمد من القول بالاستئناف، مقصوده، إذا انصرف وتكلم([120]). وأخيراً أكتفي بهذا القدر من النقاش لأن لكل نقاش جوابه وهو أمر لا يتناهى من الطرفين لكن لا بد من التوفيق أو الترجيح.

الترجيح:

على ضوء ما تم عرضه من الأدلة لكلا الرأيين، يبدو رجحان القول بصحة البناء لما تقدم، وللاعتبارات الآتية:

  1. إن طروء الحدث، أمر تستدعيه بعض الطبائع، لعلة أو شيخوخة، سواء كان دائماً أو غير دائم، والدائم معفو عنه رفعاً للحرج والمشقة، وغير الدائم إن كان يسيراً فهو مثله، فيعفى عن إعادة الصلاة فيه كالطواف، بل يبني صاحبه، لأن (المشقة تجلب التيسير)([121]).
  2. إن المكلف قد يلجأ إلى البناء في العبادات المؤقته، كصلاة الجمعة والعيدين، لإدراك الفضيلة المتعلقة بهما، أو لإدراك الصلاة خلف أفضل القوم إذا كان يحتاج إلى طول وقت يمنعه من إدراك الفضيلة، فالشرع نظر له بجواز البناء([122]).
  3. إن القول بالبناء ليس على إطلاقه، بل مقيد بضوابط محددة، منها:

أن يكون الحدث الطارئ، حدثاً حقيقة لا توهماً، مثل: خوفه أن يبتدره الحدث، فينصرف قبل أن يسبقه الحدث، ثم يسبقه فعلاً وقد لا يسبقه، فلا يصح عندها البناء في ظاهر الرواية([123])، لأن قطعها يكون بغير سبب، ومنها: أن يكون حدثاً أصغر، فلا يجوز البناء في الحدث الأكبر، وصورته؛ أن يطرأ عليه تفكير بشهوة في صلاته فينزل، فإذا ذهب يغتسل ويعود، فإنه يحتاج إلى عمل كثير، والكثير مبطل، كما أن الغسل يقتضي كشف العورة، وهذا مبطل كذلك، بخلافه في الوضوء، فإن فعله يسير ولا يحتاج إلى عمل كثير، ولا كشف عورة.

ومنها: ألا يفعل بعد الحدث فعلاً مبطلاً للصلاة، كالقهقهة أو المشي أو الأكل أو الشرب، وألا يطول الفصل للعود إلى الصلاة([124]). بهذه المسوغات والمحددات يمكن ترجيح البناء.

المطلب الرابع: البناء والاستئناف في الصلاة للعريان إذا وجد الثوب أثناءها.

لقد امتن الله على عباده بقوله تعالى:(يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ) الأعراف/26 وبقوله تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ) الأعراف/31 حيث كان الناس يطوفون بالبيت عراة، اتباعاً منهم لأمر الشيطان([125])، وقد استأنس الفقهاء بهاتين الآيتين الشريفتين إلى جانب أدلة صريحة من السنة، فاتفقوا([126])على أن ستر العورة من شروط صحة الصلاة، فلا تصح صلاة مكشوفها، مع قدرته على سترها، سواء كانت فرضاً أو نافلة، وهناك تفصيل لكل مذهب في مقدار الكشف الذي يبطل الصلاة ليس هذا مكانه.

واختلفوا في أحكام البناء والاستئناف، لمن صلى عرياناً لانعدام السترة أو شيء منها إذا وجدها أثناء صلاته([127]). وفي ذلك رأيان:

الراي الأول: للحنفية([128])، وقول عند المالكية([129])، حيث ذهبوا إلى القول بوجوب قطعها، بحيث يترتب عليه استئنافها إذا كان الكشف طويلاً، يتسع لأداء ركن.

الرأي الثاني: للشافعية([130])، والحنابلة([131])، وقول عند المالكية([132])، حيث ذهبوا إلى القول بصحة البناء على ما مضى إذا ستر عورته بعمل قليل.

الأدلة:

استدل كلا الطرفين بأدلة عقلية، مبنية على مقاصد شرعية، فاستدل للحنفية ومن معهم بمايلي:

  1. إن فرض الستر على المصلي، يلزمه قبل الشروع في الصلاة، لكنه شرع في الصلاة عارياً أو شبه عار لإنعدام السترة، فلما حضرت، صار حضورها مغيراً لما قبله من عدم، فكان مبطلاً وموجباً للاستئناف كالمتيمم إذا وجد الماء([133])أثناء صلاته، فالفساد إذاً مستند إلى سببه الأول، وهو الصلاة عارياً.
  2. إن الستر في الصلاة يعتبر تعظيماً لله، وهو مفروض عقلاً وشرعاً، فإذا كان الستر فرضـاً، كان الكشف مانعاً جواز الصلاة ضرورة([134]).

ويستدل للشافعية ومن معهم للبناء بمايلي:

  1. العمل اليسير لإعادة الستر لا يبطل الصلاة، فيما لو كانت السترة قريبة يمكن تناولها برفق، حيث يجب الستر بلا خلاف فبنى على ما مضى، لأن المدة التي يستغرقها الستر لا ينفك عن مثلها حال الإنسان عادة، فإن كانت السترة بعيدة تحتاج مشياً ووقتاً، وجب الاستئناف([135]).
  2. البناء يصح قياساً على صلاة أهل قباء، فإنهم استداروا وبنوا على صلاتهم ولم يقطعوها لمّا علموا بتحويل القبلة، ووجهه؛ أن صلاتهم كان بعضها لغير القبلة والبعض الثاني كان للقبلة([136])، ولم يعترض عليها، فهذه مثلها.

الموازنة والاختبار:

نظراً إلى مستند كل رأي من معقول، نخلص إلى مايلي:

  1. إن الخلاف يكاد يكون شكلياً بين الرأيين، فحيث يرى الحنفية وجوب القطع عند حضور السترة تعظيماً لله واستحياءً منه، نرى الشافعية ومن معهم يوجبون القطع عندما تكون مدة الكشف طويلة عرفاً، تعظيماً لله كذلك، بحيث يستوجب سترها عملاً يبطل الصلاة، كالحركات الثلاثة ونحوها، بخلاف ما لو كشفت الريح الثوب، أو عبث الطفل بثوب أُمة في الصلاة فأعادته سريعاً فلا تبطل.
  2. إن المقدار المتسامح بكشفه في الصلاة عند الضرورة عند الحنفية، هو أكبر مما يمكن أن ينحسر عنه الثوب لسبب ما، ومع ذلك لا يوجبون فيه قطعاً ولا استئنافاً، فالضابط عندهم، أن الانكشاف الكثير في المدة اليسيرة، بمنزلة الانكشاف اليسير في المدة الطويلة.

وفي مثل ذلك يقولون إذا توفر ثوب ربعه طاهر، وجب لبسه والبناء، مع أن النجاسة مانعة من الصلاة، لأنها تساوي انعدام السترة، لكن السترة آكد([137])، فتبين من ذلك صحة القول بالبناء في الكشف اليسير والاستئناف في الكشف الطويل، تقريباً لوجهتي النظر وتحرزاً من تعريض العبادات للإبطال لأقل العوارض، واخذاً بمبدأ اليسر والسهولة في العبادات.

المبحث الثالث

أثر الطروءات على الصلاة بناءً واستئنافاً

المطلب الأول: البناء والاستئناف في الصلاة لطروء القدرة أو العجز أثناءها.

اتفق الحنفية([138])، والمالكية([139])، والشافعية([140])، والحنابلة([141])، على وجوب القيام مع القدرة في الصلوات المفروضة للمنفرد والإمام والمأموم، لقوله تعالى:(وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ) البقرة/238 فمن ترك القيام مع القدرة، بطلت صلاته.

واتفقوا كذلك([142])، على عدم وجوب القيام في الصلاة مع المشقة، أو في صلاة النافلة، لأن ذلك مبني على التيسير، والرخص في العبادات من شأنها الإعانة على دوامها، خوفاً من العجز عنها أو قطعها([143]). ويستدل لذلك بحديث عمران بن الحصين رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (صلِّ قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً فإن لم تستطع فعلى جنب)([144])، فالحديث صحيح وصريح في صحة صلاة العاجز عن القيام على الهيئة التي يستطيعها.

أما العاجز الذي بدأ الصلاة قاعداً أو مومئاً لمرض، أو راكباً لخوف، ثم وجد من نفسه قدرة على أفعال الصحيح ركوعاً أو سجوداً، أو بدأها صحيحاً، ثم عجز عن القدرة أثناءها، فللفقهاء في حكم البناء والاستئناف في المسألة رأيان:

الرأي الأول: ذهب كل من الحنفية([145])، والمالكية([146])، والشافعية([147])، والحنابلة([148])، إلى أن من صح أثناء صلاته أتمها قائماً، ومن عجز أثناء صلاته بنى عليها حسب قدرته، وهذا يعني أن من كان يصلي مع العجز ثم قدر، وجب أن ينهض من قعوده، وينزل من ركوبه، ويبنيان على ما مضى وصلاتهم صحيحة، وإذا كان العكس، فلمن عجز عن القيـام أن يجلس ويبني قاعداً.

الرأي الثاني: ذهب كل من محمد بن الحسن من الحنفية([149]) ورواية للإمام مالك([150])، إلى وجوب القطع والاستئناف في الحالتين، يعني حالة القدرة بعد العجز أو العجز بعد القدرة.

الأدلة:

يستدل للجمهور القائلين بالبناء بمايلي:

1. قوله تعالى: (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا) البقرة/286.

2. قوله صلى الله عليه وسلم: (فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه)([151]).

وجه الدلالة من الآية والحديث: أن الشارع الحكيم، طلب إتيان الفعل بحسب الوسع والاستطاعة، والمصلي الذي عجز عن الصلاة إلا قاعداً، لم يكن مأموراً بغير هذا، فجاز له البناء فيها، والمريض الذي قدر على القيام، وجب النهوض للبناء قائماً لزاماً.

3. حديث السيدة عائشة رضي الله عنها في اقتداء أبي بكر قائماً برسول الله صلى الله عليه وسلم قاعداً ([152]).

وجه الدلالة، أن القائم وهو أبو بكر رضي الله عنه، اقتدى بالنبي صلى الله عليه وسلم قاعداً، لتعلق صلاة المقتدي بالإمام، فلما جاز اقتداء القائم بالقاعدة، جاز للمصلي أن يبدأ صلاته قائماً ويبني عليها قاعداً، أو يبتدِئها قاعداً ويبنى عليها قائماً عند تغير الحال.

4. حديث عمران بن الحصين([153])المتقدم، ومفهومه، صحة بناء العاجز على صلاته التي بدأها من قيام حسب استطاعته.

ويستدل للرأي القائل بالاستئناف بمايلي:

1. قوله تعالى: (وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ) البقرة/238 فالآية أمرت بعمومها بالقيام في الصلاة مع القدرة.

ودلت بمفهومها على عدم صحة صلاة القادر من قعود، وعلى عدم بناء القاعد على صلاته إذا صح إلا من قيام.

2. قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحد بعدي جالساً)([154])، فالحديث واضح في النهي عن اقتداء القائم بالجالس. ومثله النهي عن بناء القائم على صلاة نفسه من جلوس أو عكسه.

المناقشة والترجيح:

نوقش الذين يستدلون بالآية الكريمة: (وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ) بأنها ليست على عمومها، بل هي في حق القادر على القيام أن يبدأ أو أن يبني إذا قدر، وهذا لا خلاف فيه؛ وكلامنا في من كان قادراً ثم عجز، فهو قد صلى بحسب استطاعته ولم يؤمر بغير هذا، لحديث عمران بن الحصين. أما حديث النهي على الاقتداء بالجالس، فقد تبين مدى ضعفه وعدم الاحتجاج به، وعلى التسليم بحجيته، فهو منسوخ بحديث عائشة رضي الله عنها، في اقتداء أبي بكر رضي الله عنه قائماً برسول الله صلى الله عليه وسلم قاعداً، السابق ذكره، علماً بأن القياس يقتضي أن البناء على فعل نفسه أولى من البناء على فعل غيره.

فإذا تقرر ذلك، تبين رجحان رأي الجمهور القائلين بصحة البناء لمن كان عاجزاً ثم قدر، وبصحة البناء لمن كان قادراً ثم عجز، ويؤيده ما قرره النووي تبعاً للشيرازي بقوله: (ولو صلى قاعداً للعجز فقدر على القيام في أثنائها، وجبت المبادرة بالقيام ويبني، ولو صلى مضطجعاً فأطاق القيام أو القعود في أثنائها، وجبت المبادرة بالمقدور ويبني)([155]).

وأخيراً، بقيت فائدة جديرة بالتنبيه: بناء على اشتراط القيام مع القدرة في الصلاة، فإن كثيراً من الناس الذين يصلون صلاتهم كلها من قعود، بداعي المرض واستئناساً بحديث عمران بن الحصين، لا يفرقون بين ما يبيح القعود وبين ما لا يبيحه، فتجدهم يصلون جالسين فيما لا يصح معه الجلوس، وهنا يمكن أن نستخلص لهذه المسألة ضابطاً يندرج تحته كثير من التفاريع، فنقول: كل من كانت علته تمنعه من الركوع أو السجود ولا تمنعه من القيام للقراءة، فلا يصح له أن يشرع في صلاته جالساً على كرسي أو نحوه، لأن رخصته تبيح له الركوع والسجود من قعود ولا تبيح له القراءة ولا الاعتدال من قعود وهو قادر على القيام، بل عليه الدخول في الصلاة والقراءة من قيام بصورته الأدنى أو الأكمل، فإذا صار إلى الركوع والسجود، جلس على مقعده وأتى بالركوع ثم السجود، ومن منعته علته من الوقوف بأية صورة من صور القيام، ولم تمنعه من الركوع والسجود، فله أن يقرأ جالساً، فإذا صار إلى الركوع، اعتدل ثم ركع، وهكذا حسب قدرته أو ما لا يزعجه، وبناء على هذا وجب على المصلي أن يتعامل مع أعمال الصلاة لكل حالة بما يناسبها وحدها، دون أن تؤثر على بقية الهيئات، فلا يصح أن يترخص للعلة الواحدة بكل أعمال الصلاة وإن كانت لا تحتاجها، فلا تغني رخصة في فعل عن عزيمة في فعل أو هيئة أخرى.

المطلب الثاني: البناء والاستئناف في الصلاة للأفعال الزائدة معلوم أنّ الصلاة بجملتها عبادة توقيفية شرعا([156])، فإذا طرأ عليها طارئ من زيادة في شيء من أفعالها، أثّرت تلك الزيادة عليها بالبطلان الموجب للاستئناف؛ أو بإخلال يمكن تصحيحه والبناء عليها.

والزيادة الطارئة بالجملة نوعان: زيادة ليست من جنسها، وزيادة هي من جنسها

النوع الأول: الزيادة الـــتي ليست من جنس الصلاة، وأثرها عليها بناءً واستئنافاً.

يفرق الفقهاء في هذا النوع بين ما يؤثر على الصلاة بالبطلان وبين مالا يؤثر، نظراً إلى معيار الكثرة والقلة عندهم.

وقد وضع بعض الفقهاء عدة معايير لضبط الكثير المبطل الذي يغير نظم الصلاة ويذهب بخشوعها، والقليل الذي لا يعتبر مبطلاً لها، نستعرض أهمها لنختار ما يتفق منها مع الناحية العملية، وفيما يلي تلك المعايير:

  1. العمل الكثيـر، هو ما يحتاج عادة إلى عمل اليدين وإن عمل بواحدة كالتعمّم، ومنه تغطية الرأس، وشد السراويل البنطال لا فرق في ذلك بين عمده وسهوه، أما ما يحتاج فعله إلى يدٍ واحدة، فهو قليل وإن عمل بيدين اثنتين، كلبس القلنسوة على الرأس، وهو قول عند الحنفية([157])، وبعض الشافعية([158]).
  2. العمل الكثير، هو ما كان ثلاث حركات أو خطوات متوالية وإلا فقليل، وهو قول عند الحنفية([159])، وبه أخذ الشافعية([160])، لا فرق بين عمده وسهوه.
  3. العمل الكثير، ما يسع زمانه ركعة، والقليل ما لا يسعها، و به أخذ الشافعية([161]).
  4. الكثرة والقلة، مرجعها العرف والعادة، وهو قول كل من المالكية([162])، والشافعية([163])، والحنابلة([164]).
  5. مرجع الكثرة والقلة، مفوض إلى رأي المصلي، إن استكثره فكثير وإلا فقليل، وهو قول عند الحنفية([165]).
  6. العمل الكثير، هو الذي لا يشك الناظر إليه من بعيد أنه خارج الصلاة، فإن شك أو ظن فهو قليل، وهذا أصحها لاتفاق كلمة جمهور الفقهاء عليه([166])، لا فرق عندهم في الكثير بين أن يفعله عامداً عالماً بتحريمه، أو ناسياً أو جاهلاً، فإنه يبطل الصلاة.

المعيار المختار

إنّ الناظر في جملة المعايير السابقة، يبدو له أن أجمعها وأشملها للمقصود هو المعيار الأخير، وهو الذي جعل الحكم على العمل الزائد في الصلاة، هو النظر العام من بعيد، فيما يعتبر مبطلاً لها فيجب الاستئناف، أو غير مبطل فيصح معه البناء.

أمّا معيار الحاجة إلى عمل اليدين، أو الحركات المتوالية، أو الحركة الكبيرة، فيندرجان تحت النظر، حيث لا يشك الناظر إلى أصحاب تلك الأعمال أنهم خارج الصلاة، وأما المعايير الثلاثة الأخرى، فلا تصلح لضبط الصحة والبطلان، فالأعمال التي يستغرق زمانها وقت أداء ركعة قياماً وقراءة وركوعاً، هي أعمال كثيرة مخلّة بهيئة الصلاة وموالاة أعمالها، فيجب اعتبارها مبطلة، فكيف إذا اشتملت على اعتدال وسجود.

والتفويض إلى رأي المصلي يجعل الخصم هو والحكم في آن واحد، وكذا التفويض إلى العرف تفويض إلى رقابة لا ضابط لها، لأن لكل شخص عرفه الخاص، لكن قد يؤخذ على المعيار المختار فضلاً عن غيره، أن بعض أفعال النبي صلى الله عليه وسلم كان من الكثرة ما لو رآه الناظر لما شك أنه خارج الصلاة، كحمله أمامة بنت زينب ووضعها عند سجوده، وكقتله العقرب([167]) وهو يصلي، فإنه صلى الله عليه وسلم بنى على صلاته ولم يقطعها.

والجواب: أنّ أفعاله صلى الله عليه وسلم كانت خاضعة لتصويب الوحي أوّلاً، ولتقريره التشريعي لمدى ضرورة تلك الأفعال والحاجة إليها ثانياً، ولا شك أن حمله لأمامة كان لضرورة حفظها من العثار أو البكاء، وأن قتله للعقرب كان لدفع الأذى، وكل ذلك ضرورات شرعية تجعل من الأعمال رخصاً استثنائية.

وإذا تقرّر ذلك ثبت أن معيار النظر من بعيد للأعمال المبطلة وعكسها، نظر يناسب حكمة التشريع ومقاصده.

مدى انطباق معيار الناظر في الأعمال الزائدة على الصلاة وهي نوعان:

أولاً: الأعمال الكثيرة المبطلة من غير جنسها عمدها وسهوها.

  1. الأكل والشرب مهما قلّ([168])، ولو كحمّصة وسكّرة، ويدخل فيه العلك، وذلك لندرة وقوعه في الصلاة، فلا يتصور فيه النسيان، بخلافه في الصوم، فلو حكم الشارع بالفساد لأدّى ذلك إلى الحرج، بينما لو رآه الناظر يأكل في الصلاة من بعيد لما شك أنه خارجها لما فيه من إخلال بنظم الصلاة.
  2. ترجيل الشعر أو لبس الثوب أو حمل الطفل وإرضاعه([169])، لما فيه من العمل الذي لا يشك فيه الناظر أن صاحبه خارج الصلاة، عامداً كان أو ساهياً.
  3. إخراج الهاتف المحمول؛ كما يحدث من بعض المصلين، حيث يحتاج إلى حركات متوالية لاستخراجه، والنظر إلى الرقم ثم إغلاقه وإعادته، ثم إعادة اليد إلى وضعها المعتاد، وهذه الصورة المعاصرة تشبه ما ذكره الفقهاء القدامى، من أخذ القوس وتثقيف السهم والرمي به([170])، فكلاهما يندرج تحت معيار: ما لو رآه الناظر من بعيد لما شك أنه خارج الصلاة.
  4. المشي خطوات متتابعات، كما لو تقدم المصلّي لسد فرجة في الصف الذي أمام صفّه، ومثله الضربات المتواليات بكامل اليد أو الرجل ونحو ذلك، لعدم الحاجة إليها لغير علّة([171])، ولو رآه الناظر في غير المسجد لما شك أنه خارج الصلاة، فهذه الصورة وأمثالها هي أعمال زائدة ومبطلة للصلاة لأنها تغيّر نظم الصلاة وتذهب بالخشوع.

ثانياً: الأعمال القليلة غير المبطلة من غير جنسها عمدها وسهوها.

يرى أغلب الفقهاء([172])، أن العمل القليل في الصلاة لا يفسدها إجمالاً، مع بعض التفصيل في ذلك، وفيما يلي بعض الصور التي لا ينطبق عليها معيار الإبطال على سبيل المثال لا الحصر:

  1. قراءة القرآن الكريم من المصحف الشريف، كما يفعله بعض الأئمة في صلاة التراويح، سواء كان يحفظه أو لا([173])، وقد نص الفقهاء على مثل ذلك بقولهم: (ولو فتح كتاباً وفهم ما فيه، أو قرأ في مصحف ولو قلب أوراقه لا تبطل، لأنه يسير ولا يشعر بالإعراض)([174])، لكنه مكروه ولذا فإن المصلي الذي يتابع القراءة من الشاشة لا تكون صلاته باطلة، لكن لا يصح أن يقتدي بالصلاة المنقولة عبر الشاشة في أفعاله، وخالف أبو حنيفة في القراءة من المصحف فجعلها مبطلة للصلاة([175])، حيث لم يؤثر عن الصحابة فعل ذلك، وجوابه، أنهم كانوا يحفظون القرآن ولم تكن بهم حاجة للقراءة من المصحف، فضلاً عن أن المصاحف لم تكن مطبوعة بصورتها الحالية، كما أنه لم يثبت ما يمنع القراءة من المصحف، فبقي الأمر على الإباحة الأصلية وهو ما نقول.
  2. الالتفات يميناً أو يساراً مع الكراهية لغير حاجة، لما روى ابن عباس قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يلتفت في صلاته يميناً وشمالاً ولا يلوي عنقه خلف ظهره)([176]) ولما ثبت أنه ثوِّب بالصلاة يعني صلاة الصبح (فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو يلتفت إلى الشعب)([177]) وكان أرسل فارساً للحراسة فجاز باعتباره قليلاً ولمصلحة الإرشاد.
  3. خلع النعلين، لما ثبت من أنه صلى الله عليه وسلم (خلع نعليه في الصلاة ووضعهما عن يساره)([178]) لأن ذلك عمل قليل لا يخل بركن من أركان الصلاة ومثله، خلع غطاء الرأس ونحو ذلك.
  4. السلام إشارة لفعله صلى الله عليه وسلم في حديث صهيب رضي الله عنه قال: (مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فسلمت عليه، فردّ إليّ إشارة)، وقال: لا أعلم، إلا أنه قال: إشارة بإصبعه([179]).
  5. المشي لفتح باب أو إغلاقه عند الحاجة، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: (استفتحت الباب ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي تطوعاً، والباب على القبلة، فمشى عن يمينه أو عن يساره ففتح الباب، ثم رجع إلى صلاته)([180])، ووجهه أنه صلى الله عليه وسلم مشى في الصلاة ولم يقطعها ثم بنى عليها وألحق الفقهاء بذلك الحكة ولو بالأصابع كلها، وإذا لم تكن متواليه([181]) وإخراج منديل عند العطاس ونحوه، ويقاس على ذلك بعض الأعمال، كتحريك سماعة الهاتف قليلاً للإشعار.
  6. المشي القليل والكلام القليل لمصلحة الصلاة، لما ورد في حديث ذي اليدين من أنه صلى الله عليه وسلم سلّم من ركعتين وخرج الناس، ثم سأله ذو اليدين فقال: (يا رسول الله أنسيت أم قصرت الصلاة ؟، ثم تقدم صلى الله عليه وسلم فصلى ما ترك ثم سلّم)([182])، وهذا ظاهر أنه صلى الله عليه وسلم بنى بالمصلين مع أنهم خرجوا من المسجد.
  7. دفع الأذى كقتل حية أو عقرب([183])، لقوله صلى الله عليه وسلم: (اقتلوا الأسودين في الصلاة الحية والعقرب)([184]) ومن باب أولى، وضع منديل على حشرة أمام سجوده أو إزاحتها، وتنحية طفل عن خطر، مالم يؤد ذلك إلى تكرار ضرب أو عمل، مما يخل بنظم الصلاة، فعندها يقطع الصلاة ثم يستأنف([185]).
  8. المشي الكثير والحركات الكثيرة في صلاة الخوف، خصوصاً عند التئام الصفوف كما هي مبسوطة في كتب الفقه.
  9. حمل الطفل عند الحاجة، لفعله صلى الله عليه وسلم، حيث حمل أمامة بنت زينب في الصلاة، فإذا سجد وضعها([186]) بخلاف الحمل للإرضاع، لما فيه من إعراض عن الموالاة والإخلال بنظم الصلاة.

النوع الثاني: الزيادة الــتي من جنس الصلاة وأثرها عليها بناءً واستئنافاً.

يفرق الفقهاء بين الزيادة التي تكون منها عن سهو أو جهل أو شك، وبين ما يكون منها عن يقين وعلم بالتحريم، فإن كانت الزيادة كثيرة أو قليلة عن سهو أو شك، فقد اتفق الفقهاء([187]) على عدم بطلان الصلاة، ولذا فصاحبها يبني عليها ويسجد للسهو آخرها.

واستدلوا لذلك بما يلي:

  1. قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلّى، أثلاثاً أم أربعاً ؟ فليصل ركعةً وليسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم، فإن كانت الركعة التي صلّى خامسة، شفعها بهاتين السجدتين، وإن كانت رابعة فالسجدتان ترغيم للشيطان)([188])، ففي هذا الحديث دليل على أن الزيادة من جنس الصلاة. لا تفسد الصلاة.
  2. أنه صلى الله عليه وسلم صلّى الظهر خمساً، فقيل له أزيد في الصلاة ؟ قال: (وما ذاك)، قال: صليت خمساً، فسجد سجدتين بعدما سلّم([189])، وهذه زيادة ركعة وسلام وسجود للسهو، فدل على عدم البطلان.
  3. قوله صلى الله عليه وسلم (إن أحدكم إذا قام يصلي، جاءه الشيطان فلبّس عليه، حتى لا يدري كم صلّى، فإذا وجد ذلك أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس)([190])، والسجدتان لجبر اللبس زيادة غير مبطلة.

أما إن كانت الزيادة في الصلاة متعمدة مع العلم بالتحريم، فقد اتفق([191]) الفقهاء على أنها تبطل الصلاة وإن قلّت، كزيادة ركوع أو سجود.

ويستدل لهذا الحكم بما يلي:

  1. ما زاد على فعل الرسول صلى الله عليه وسلم([192]) الذي حدث في قصة ذي اليدين، وحمله لزينب وقتله العقرب، فما زاد على ذلك يعتبر مبطلاً للصلاة وموجباً لاستئنافها، إلا أن يكون لضرورة.
  2. قوله صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"([193])، والزيادة في الصلاة عمل ليس عليه أمر النبي صلى الله عليه وسلم فوجب رده، والمردود معناه باطل غير معتدّ به، وإذا كان كذلك، وجب قطع الصلاة التي فيها الزيادة واستئنافها، ومما يؤيد ذلك قول النووي، (وهذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام، وهو من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم)، ويقول أيضاً (وفي هذا الحديث دليل لمن يقول من الأصوليين أن النهي يقتضي الفساد)([194]) يعني البطلان.

الخلاصة:

يتلخص هذا المطلب بالآتي:

أولاً: الأفعال الزائدة في الصلاة إن كانت ليست من جنسها وكانت كثيرة كالأكل والشرب وترجيل الشعر والمشي ثلاث خطوات متتابعات أو ثلاث حركات متواليات وما شابهها، فإن تلك الأفعال تعتبر مبطلة للصلاة، لأنه لو رآها الناظر من بعيد لما شك أن صاحبها خارج الصلاة، ولأنها تذهب بالخشوع.

ثانيا: الأفعال القليلة، كقراءة القرآن الكريم من المصحف الشريف، والالتفات يميناً ويساراً، وخلع النعلين أو تغطية الرأس، والحكة بالأصابع دون الكف، والمشي القليل، ودفع الأذى، وحمل الطفل، جميع هذه الأفعال غير مبطلة للصلاة عمدها وسهوها.

ثالثاً: الأفعال التي من جنسها وكانت عن سهو أو جهل كزيادة ركوع أو سجود ونحو ذلك، جميعها لا يبطل الصلاة، ويكفي في جبرها سجود السهو، وإن كانت عمداً فالعملي منها مبطل، أما القولي كتكرار فاتحة فلا يبطل.

رابعاً: الأفعال التي من جنسها إن كانت متعمدة مع العلم بالتحريم، فإنها مبطلة وإن قلّت.

المطلب الثالث: البناء والاستئناف في الصلاة للخطأ في القراءة الواجبة

أجمع الفقهاء عامة([195])، أن أصل القراءة في الصلاة فرض عين على كل قادر عليها، مستدلين بعموم الأدلة التي تأمر بإيجاب قراءة الفاتحة، وقراءة ما تيسر من القرآن، باعتبار أن الصلاة اسم للأقوال والأفعال، خلافاً لمن لا يوجب القراءة لأنه يعتبر الصلاة اسماً للأفعال فقط، وهو خلاف شاذ لا يلتفت إليه، قاله أبو بكر الأصم والحسن بن صالح([196]).

واختلف الفقهاء في نوع القراءة المفروضة إلى رأيين:

الرأي الأول: أن القراءة المفروضة في الصلاة، هي الفاتحة في كل ركعة للإمام والمنفرد إلا ركعة مسبوق، وفي المأموم خلاف، وبهذا أخذ الجمهور من المالكية ([197]). والشافعية([198]). والحنابلة([199]).

الرأي الثاني: أن المفروض في الصلاة، هو مطلق القراءة، أما الفاتحة بعينها فليست فرضاً، لكنها واجبة في الركعتين الأوليين على الإمام والمنفرد فقط، وتركها في ركعة يجبره سجود السهو، لأنه واجب كذلك، فإن لم يأت بسجود السهو، فقد بطلت الصلاة، وبهذا أخذ الحنفية([200])، ولكل من الرأيين أدلته، وقد حذفتها هنا استجابة لطلب التعديل، مكتفياً بهذه المقدمة كمدخل للمسألة، إلا أنني توصلت إلى رجحان رأي الجمهور بناء على أدلتهم التي تتبعتها في مظانها، حيث يرون فرضية الفاتحة في كل ركعة إجمالاً، وأما احتجاج الحنفية بقوله تعالى:(فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ) المزمل/20 وبقوله صلى الله عليه وسلم: (ثم اقرأ ما تيسر من القرآن)([201]). فيدلان على أن الواجب قراءة المتيسر من القرآن، وأن الفاتحة أيسر من غيرها حفظاً، فتعينت قراءتها، وأن الآية الكريمة نزلت قبل نزول الفاتحة، حيث كان صلى الله عليه وسلم مأموراً بقيام الليل، فنسخ ذلك بنزول الفاتحة([202])، وبهذا الجمع بين الأدلة يتبين أن الخلاف في ذلك شكلي فقط.

حكم الخطأ في القراءة الواجبة وأثره على الصلاة.

بناء على ما سبق بيانه في القراءة الواجبة، ينشأ سؤال عن حكم الخطأ في القراءة ومدى تأثيره على الصلاة بناءً واستئنافاً. والإجابة على هذا التساؤل بحاجة إلى التفصيل الآتي:

الخطأ في القراءة، إما أن يكون بتركها من ركعة أو أكثر، عمداً مع القدرة، أو سهواً، أو جهلاً.

وإما أن يكون الخطأ لحناً من حيث الإعراب([203])، أو الحركات، أو الحروف أو الكلمات.

أولاً: أحكام الخطأ بترك القراءة كلها أو بعضها:

إذا أخطأ المصلي، بترك القراءة الواجبة في ركعة عمداً مع القدرة، فركعته باطلة باتفاق الفقهاء([204]). وعليه استئنافها ما دام في الصلاة.

أما إن تركها سهواً أو جهلاً ثم تذكرها فلها أربعة أحوال([205]).

الأولى: أن يذكرها بعد السلام وطول الفصل، فتفسد صلاته، لتعذر البناء مع طول الفصل لتغيير نظم الصلاة، وعليه استئناف الصلاة كلها كما لو فاتته ركعة.

الثانية: أن يذكرها بعد السلام مباشرة، فيجب النهوض لركعة كاملة، لأن الركعة التي تخلو من القراءة باطلة باستثناء ركعة المسبوق، ومجرد الشك بتركها لا يضر؛ لأن صلاته مضت على الصحة.

الثالثة: أن يذكرها قبل الوصول إلى مثلها من ركعة أخرى، فعليه أن يعود لقراءتها ويبني على صلاته، ويكون ما بعد الترك لغواً، ثم يسجد للسهو بدل الزيادة واللبس، قياساً على من فاتته ركعة.

الرابعة: أن يذكرها بعد الوصول إلى مثلها، فعليه أن يجعل الأخرى مكانها وما قبلها لغواً، فيبني على صلاته ويسجد للسهو آخرها.

ثانياً: أحكام الخطأ (اللحن) في القراءة ذاتها:

عرف أهل الاختصاص الخطأ بقولهم: هو العدول عن الجهة، وهو أنواع([206]).

ومنها إرادة ما يحسن فعله لكن يقع الأداء خلاف ما يريده القارئ، وهذا ما عناه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: (إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان)([207]).

وعرفوا اللحن بقولهم: صرف الكلام عن سننه الجاري عليه إما بإزالة الإعراب أو بالتصحيف وهو المذموم وذلك أكثر استعمالاً([208]). واللحن عند علماء التجويد نوعان: جلي، وخفي:

فالجلي: يكون بتغيير حركة الإعراب أو البناء، أو بإبدال حرف مكان حرف، سواء غير المعنى أو لا، وحكمه: حرام قطعاً لمن تعمده مع القدرة على الصواب.

والخفي: يكون خطأ في أحكام التجويد عند ترك غنة أو إدغام أو مد ونحوه، لكنه لا يخل بالمعنى، وحكمه: حرام إن كان بترك أمر ظاهر، وإن كان بترك أمر دقيق فهو مكروه([209]). وليس غرض الدراسة تفصيل أحكام التجويد بتفرعاتها، فتلك مكانها الدراسات القرآنية.

ودليل الأحكام السابقة قوله تعالى: (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) المزمل/4 أي بين وأتقن النطق بكلمات القرآن كلمة بعد كلمة بسهولة واستقامة([210]). وبناء على هذا التوضيح لمعاني الخطأ واللحن، فقد اتفق علماء الفقه والقراءات([211]). على بطلان قراءة وصلاة من قرأ بالقراءات الشاذة التي تخرج عن مصحف عثمان بن عفان رضي الله عنه، شريطة كون القارئ على علم بذلك وقدرة على الصواب، فإن كان ذلك عن جهل فلا تبطل صلاته، لكن لا تحسب له القراءة بل يستأنفها.

أراء الفقهاء في خطأ القراءة (زلة القارئ):

الـرأي الأول: للمتقدميـن من الحنفيـة([212])، والمالكيـة([213])، والشافعيـة([214])، والحنابلـة([215])، والإباضية([216]). حيث ذهبوا إلى أنه مبطل للقراءة والصلاة وعليه استئنافها، سواء كان ذلك في الإعـراب أو في الحروف أو الكلمات.

وضابطه: أن يكون عن عمد وقدرة على الصواب، وعلم بالتحريم وتغيير للمعنى تغييراً فاحشاً، أو لا معنى له، أو ليس له مثل في القرآن، وصاحب ذلك آثم قطعاً.

ودليل ذلك: قوله تعالى: (يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ) البقرة/21 والخطأ في القراءة لا يعتبر قرءانا، ولا هو متلو حق تلاوته، أما إذا كان الخطأ عن سهو أو جهل، أو عدم قدرة، لعدم قبول ذلك طبعاً، كطباع بعض جفاة العرب والأعاجم، فلا شك في عدم بطلان القراءة والصلاة، سواء غَيّر المعنى أو لا([217]). لحديث المسيء صلاته، وأنه صلى الله عليه وسلم قال له: "إن كان معك قرآن فاقرأه، وإلا، فاحمد الله وكبّره وهلله"([218]).

ويلحق بالسهو والجهل، ما إذا كان الخطأ لا يغير المعنى تغييراً فاحشاً فيجب استئناف الكلمة فقط ويسجد للسهو آخر الصلاة([219]). لأن غاية ذلك أن يكون قد سهى عن كلمة دون أن يذكرها، فإنه لا يضر.

الرأي الثاني، للمتأخرين من الحنفية([220]). حيث ذهبوا إلى القول، إن خطأ الإعراب بكل أشكاله لا يعد مبطلاً للقراءة ولا للصلاة، سواء غَيّر المعنى أو لم يُغيِّر، حتى لو كان اعتقاده كفراً، ولذا فصاحبه يبني على صلاته أبداً، وعللوا ذلك، بأن أكثر الناس لا يميزون بين وجوه الإعراب. قال قاضي تعميد (وما قاله المتقدمون أحوط لأنه لو تعمد يكون كفراً، وما يكون كفراً لا يعد قرآناً، وما قاله المتأخرون فهو أوسع لأن الناس لا يميزون بين إعراب وإعراب)([221]). أما الخطأ في الكلمات أو الحروف، فهم متفقون مع الجمهور في أحكامها حسب التفصيلات المذكورة.

وفيما يلي نماذج من الأخطاء العمدية التي تبطل الصلاة حسب الضوابط عند الجمهور، ونماذج من الأخطاء التي لا تعتبر مبطلة للصلاة لكن توجب إعادة قراءة الكلمة فقط. والأمثلة على الحالين كثيرة، يصعب استيعابها في مثل هذا البحث.

أولاً: الأخطاء المبطلة في الصلاة في الإعراب وغيره.

أ. أمثلة الأخطاء في الإعراب([222]).

1. كسر أو ضم كاف الخطاب من قوله تعالى:(إِيَّاكَ نَعْبُدُ) الفاتحة/5.

2. كسر أو ضم تاء الخطاب من قوله تعالى:(أَنعَمتَ) الفاتحة/7.

3. فتح الميم، وضم الباء من قوله تعالى: (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى) طه/21.

4. ضم الهاء من لفظ الجلالة، وفتح همزة العلماء من قوله تعالى:(إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) فاطر/28.

وجه الدلالة: أن هذه الأخطاء الفاحشة تبطل الصلاة لأن عمدها كفر. والكفر لا تقبل معه صلاة.

ب. تخفيف الحرف المشدد([223]).

1. تخفيف الياء، من قوله تعالى: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) الفاتحة/5.

2. تخفيف الصاد من قوله تعالى:(الصِّرَاطَ) الفاتحة/6 بإظهار اللام.

وجه الدلالة: أن المعنى في (إيا) بالتخفيف هو الشمس([224]). وفي الصراط، زيادة لام لا تستحق الإظهار، فتصبح الكلمة لا معنى لها.

ج. حذف حرف أو تبديله([225]).

1. حذف الكاف من قوله تعالى:(إِيَّاكَ نَعْبُدُ)الفاتحة/5.

2. حذف الهمزة من قوله تعالى:(أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) الشرح/1.

3. إبدال الحـاء هـاءً من قـوله تعالى: (الْحَمْدُ للّهِ) الفاتحة/1 لتصبح الهمد عند غير الأعاجم.

4. إبدال الدال بالضاد من قوله تعالى:(وَلاَ الضَّالِّينَ) الفاتحة/7 لتصبح (الدالين).

5. إبدال الظاء بالضاد من قوله تعالى:(وَلاَ الضَّالِّينَ) الفاتحة/7 لأن الضاد من الضلال والظأ من ظل.

6. إبدال حرف الذال بالدال من قوله تعالى:(وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى) الضحى/6 لتصبح فهذى.

7. إبدال الطاء بالصاد مع سهولة الفصل بينهما بلا تكلف من قوله تعالى: (وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) العصر/3 لتصبح، وعملوا الطالحات.

فهذه الأمثلة وأشباهها ظاهرة في التغيير الفاحش للمعاني القرآنية، أو لأنها لا معنى لبعضها، ولذا فعمدها مبطل للصلاة، وسهوها مبطل للقراءة، وفيه سجود السهو.

د. إبدال كلمة بأخرى أو زيادة كلمة([226]).

1. إبدال كلمة الغبار بكلمة: (الْغُرَابِ) المائدة/31، التغيير فاحش والمعنى بعيد.

2. إبدال كلمة السرائل بكلمة: (السَّرَائِرُ) الطارق/9، التغيير فاحش والمعنى بعيد.

3. زيادة كلمة رب في قوله تعالى:(رَبِّ الْعَالَمِينَ) الفاتحة/2 فتصير رب رب العالمين فهذه الزيادة تشعر بالكفر عند تعمدها، لكنها لا تضر نسياناً أو لعلة في اللسان.

ثانياً: الأخطاء التي لا تغير المعنى، ولا تبطل الصلاة ولا يجب استئنافها لكن تعمدها حرام، وصاحبها آثم مع العلم بالحكم، إن عجز عن الصواب وهذا عند الجميع.

أ. في الإعراب([227]).

1. إبدال حركة بأخرى، مثل ضم نون:(الرَّحْمنِ) الفاتحة/3.

2. إبدال حركة بأخرى، مثل كسر دال:(نَعْبُدُ) الفاتحة/5.

3. إبدال حركة بأخرى كضم طاء:(الصِّرَاطَ) الفاتحة/6. فهذه الأخطاء لا تغير المعنى تغييراً فاحشاً ولا يختلف المعنى المراد.

ب. تخفيف المشدد([228]). مثل قوله تعالى:(وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً) الأحزاب/61 فالتغير غير فاحش.

ج. إبدال حرف بحرف لا يمكن الفصل بينهما إلا بتكلف([229])، مثل: المغظوب بدل:(المَغضُوبِ) الفاتحة/7 مثل السراط بدل: (الصِّرَاطَ) الفاتحة/6.

د. زيادة كلمة في الآية([230]) مثل: (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) الإسراء/23 وبراً.

ﻫ. إبدال كلمة بأخرى قريبة المعنى([231]). مثل: العليم بدل (الحكيم).

و. تردد القاف بين القاف والكاف في النطق([232]). من آية (المستقيم).

الترجيح:

بالنظر إلى جميع ما تقدم، يبدو أن مذهب الجمهور في الحكم بإبطال الصلاة ووجوب استئنافها في كل خطأ متعمد يغير المعنى تغييراً فاحشاً، وتساهلهم في حالات السهو والجهل، هو الراجح الذي يجب المصير إليه، لما تقدم وللحيثيات التالية:

  1. أن قواعدهم في ضبط حالات الخطأ المبطل وغيره، دقيقة ومستوعبة لجميع الأخطاء، مما يعين المسلم على إتقان عبادته.
  2. أن هذا الضبط، هو إحدى وسائل حفظ الكتاب العزيز وصونه عن الاستهانة، ليظل قلعة عصية، ومرجعاً خالداً للشريعة وعلومها، واللغة وبلاغتها.
  3. أن العامة من المسلمين، وهم القلة من الأمة، إذا كانوا لا يميزون بين أنواع الإعراب فهم معذورون إلى حين قدرتهم على تعلم ما يصحح صلاتهم، أما بقية الأمة وهم الأغلبية فلا يعذرون لقدرتهم على استيعاب آلات عصرهم المعقدة بإتقان، أليس القرآن الكريم هو الأسهل والأولى، لتصح به العبادة وتستقيم به الألسنة.

الخاتمة

توصلت هذه الدراسـة الى جمـلة من النتـائج وأهمها مايلي:

  1. البناء والاستئناف، والاستقبال والابتداء، والإعادة والقضاء، مصطلحات يجب الانتباه إليها، لمعالجة الاختلالات الطارئة على الصلاة وغيرها من العبادات.
  2. صلاة المتيمم بشروطه صحيحة لا يجب استئنافها ولو حضر الماء أثناءها أو بعدها
  3. الصلاة إلى جهة القبلة عن تحٍر واجتهاد صحيحة، وإذا أخبره ثقة بالخطأ انحرف الى الصواب وبنى على صلاته.
  4. المحاريب في البلدان التي دخلها الصحابة، أو أنشئت في عهدهم ولم ينقطع سكانها، تعتبر علامات صحيحة ولا يضرها التيامن والتياسر، لأن ما بين المشرق والمغرب قبلة لأهل المدينة ومن وراءها، ومثلها بقية الجهات.
  5. عند إنشاء المساجد الحديثة يجب الاعتماد على الوسائل المعاصرة في تحديد جهة الكعبة.
  6. المصلي قاعداً، يبني على صلاته من قيام إذا قدر أثناءها ولا يستأنف، والمصلي قائماً يبني على صلاته من قعود إذا عجز أثناءها ولا يستأنف، ومن قدر على القيام في بعض أفعال صلاته لايصح له القعود في جميع أفعالها.
  7. الأفعال الزائده على الصلاة من غير جنسها، تبطلها إذا كانت كثيرة مع العمد والعلم بالحرمة، ومعيار الكثير المبطل(ما لورآه الناظر من بعيد لا يشك أنه خارج الصلاة).
  8. الافعال الزائدة على الصلاة من جنسها سهواً أو شكاً لا تبطلها ويكفيه سجود السهو.

وأخيراً توصي الدراسة بما يلي:

  1. توجيه اهتمام الباحثين في تقاريرهم وأطروحاتهم إلى زيادة تأصيل مسائل البناء والاستئناف في الصلاة.
  2. هناك مسائل عدة بحاجة إلى دراسات معمقة بناءً واستئنافاً، في مواضيع الطهارات والأذان والصلاة وصلاة الجمعة وخطبتيها، والعيدين والاستسقاء والكسوف والخسوف وخطبها، وكذا الصوم ومناسك الحج والعمرة، تجب العناية بها لتصبح الدراسة بعدها دليلاً فقهياً موسوعياً، يفيد منه المتخصصون والمبتدؤن معاً.

 

(*) منشور في المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية، المجلد الثاني، العدد (4)، 1427ه‍/2006م. 

 

الهوامش:

 


([1]) الشاطبي، إبراهيم (ت790ﻫ)، الموافقات في أصول الشريعة، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت، ج2، ص15، 16.

([2]) موسوعة جمال عبد الناصر في الفقه الإسلامي، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ج5، ص135.

([3]) الموسوعة الفقهية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الكويت، حرف الهمزة، ج3، ص163، وحرف الباء، ج8، ص206.

([4]) قلعه جي، محمد رواس، وصادق حامد، معجم لغة الفقهاء، دار النفائس، بيروت، حرف الهمزة، ص37، وحرف الباء، ص90.

([5]) المجددي البركتي، السيد محمد، التعريفات الفقهية، دار الكتب العلمية، بيروت، ص46، حرف الباء.

([6]) ابن الوكيل، محمد (711ﻫ)، مكتبة الرشيد، الرياض، حرف الباء، ج2، ص41.

([7]) السيوطي، جلال الدين (ت911ﻫ)، الأشباه والنظائر في قواعد وفروع فقه الشافعية، مصطفى الحلبي، مصر، ص534.

([8]) قلعه جي وآخر، معجم لغة الفقهاء، ص90.

([9]) الأصفهاني، الراغب حسين (ت425ﻫ) مفردات ألفاظ القرآن دار القلم، بيروت، حرف الباء، ص147. والرازي، محمد (ت660ﻫ)، مختار الصحاح، دار الفكر، بيروت، حرف الباء، ص66.

([10]) الموسوعة الفقهية الكويتية، ج8، ص206.

([11]) المرجع السابق، ج3، ص163.

([12]) المجددي البركتي، التعريفات الفقهية، حرف الباء، ص46.

([13]) الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، ص95، والفيومي، أحمد، (ت770ﻫ)، المصباح المنير، دار المعارف، مصر، حرف الباء، ص63، والموسوعة الفقهية الكويتية، حرف (الألف)، ج3، ص163.

([14]) قلعه جي، وآخر، معجم لغة الفقهاء، مادة (أستأنف) ص37.

([15]) الموسوعة الفقهية الكويتية، مادة (استأنف)، ج3، ص163.

([16]) الفيومي، المصباح المنير، حرف القاف، ص488.

([17]) البخاري، محمد (ت 256ﻫ) الصحيح، كتاب الحج، باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت، دار إحياء التراث العربي، بيروت، مجلد ص294، رقم1651، بلفظه، ومسلم، ابو الحسين (ت 261ﻫ) الصحيح (مع النووي) مؤسسة مناهل العرفان، بيروت، ج8، ص155.

([18]) الموسوعة الفقهية الكويتية، مادة، (استقبل) ج03، ص163؛ وموسوعة جمال عبد الناصر في الفقه الإسلامي، مادة (استقبل)، ج7، ص280.

([19]) الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، كلمة بدأ، ص113.

([20]) الصابوني، محمد علي، صفوة التفاسير، دار القرآن الكريم، بيروت، ج2، ص502.

([21]) الصابوني، صفوة التفاسير، ط، ج4، ص441.

([22]) الفيومي، المصباح المنير، حرف الباء، ص40.

([23]) الفيومي، المصباح المنير، حرف الباء، ص26.

([24]) الموسوعة الفقهية الكويتية، ج3، ص163.

([25]) الفيومي، المصباح المنير، حرف العين، ص436؛ وقلعه جي وآخر معجم لغة الفقهاء حرف العين، ص294.

([26]) الفيومي، المصباح المنير، حرف العين، ص436؛ وقلعه جي وآخر، معجم لغة الفقهاء، حرف العين، ص294.

([27]) الطوفي، سليمان بن عبدالقوي (ت716ﻫ)، شرح مختصر الروضة تحقيق د. عبدالله التركي، مؤسسة الرسالة بيروت، ج1، ص447.

([28]) المرجع السابق، ذاته، ج1، ص448.

([29]) الموسوعة الفقهية الكويتية، ج3، ص164.

([30]) الفيومي، المصباح المنير، حرف (العين)، ص507.

([31]) الموسوعة الفقهية الكويتية، كلمة (قضاء)، ج3، ص164.

([32]) الطوفي، شرح مختصر الروضة، ج1، ص441-443؛ والشاطبي الموافقات في أصول الشريعة، ج1، ص291؛ وابن النجار، محمد الفتوحي (ت972ﻫ) شرح الكوكب المنير في أصول الفقه، دار الفكر، دمشق، ج1، ص464.

([33]) المجلة العدلية، القواعد الفقهية، المادة(4).

([34]) المجلة العدلية، القواعد الفقهية، المادة (5).

([35]) الطوفي، شرح مختصر الروضة، ج1، ص443.

([36]) الطوفي، شرح مختصر الروضة، ج1، ص445.

([37]) الكاساني، علاء الدين (ت 587ﻫ)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، مطبعة العاصمة القاهرة، ج1، ص207؛ والزيلعي، فخر الدين (ت 743ﻫ)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، دار المعرفة، بيروت، ج1، ص40-41؛ وابن رشد، محمد بن أحمد (ت 955ﻫ)، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، ط مصطفى الحلبي، مصر، ج1، ص73؛ والكشناوي، أبو بكر (د. ت) أسهل المدارك شرح إرشاد السالك في فقه الإمام مالك، دار الكتب العلمية، بيروت، ج1، ص83؛ والشربيني، محمد الخطيب (ت 997ﻫ)، مغني المحتاج في حل ألفاظ المنهاج، مصطفى الحلبي، مصر، ج1، ص101؛ وابن قدامة، موفق الدين الحنبلي (ت 620ﻫ) الكافي في فقه الإمام أحمد بن حنبل، ط، المكتب الإسلامي، بيروت، ح1، ص68-69؛ وابن النجار، محمد الفتوحي (ت 972ﻫ) منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات، مكتبة دار العروبة، مصر، ج1، ص38.

([38]) ابن رشد، بداية المجتهد، ج1، ص72.

([39]) ابن رشد، بداية المجتهد، ج1، ص72.

([40]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج1، ص209؛ والزيلعي، تبيين الحقائق، ج1، ص41.

([41]) ابن رشد، بداية المجتهد، ج1، ص72-73.

([42]) ابن قدامة، الكافي، ج1، ص68-69؛ وابن النجار، الفتوحي، منتهى الإرادات، ج1، ص38-39.

([43]) البهلوي، عبدالله بن محمد (ت400ﻫ)، كتاب الجامع، دار التراث القومي والثقافة، سلطنة عُمان، ج1، ص474.

([44]) الكشناوي، أسهل المدارك، ج1، ص83؛ وابن رشد، بداية المجتهد، ج1، ص73.

([45]) الشربيني، مغني المحتاج، ج1، ص101-102.

([46]) ابن قدامة، الكافي، ج1، ص68.

([47]) أخرجه أبو داود، سليمان بن الأشعث (ت275ﻫ) سنن أبي داود، باب، الجنب يتيمم، دار الفكر بيروت، ج1، ص91؛ والترمذي، أبو عيسى (ت279ﻫ) سنن الترمذي، باب، ماجاء في التيمم للجنب إذا لم يجد الماء، دار الفكر، بيروت، ج1، ص81؛ بلفظه، وقال حديث حسن صحيح؛ وانظر: ابن حجر، أحمد بن علي (ت 852ﻫ) التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، وذكر توثيقه عن كثيرين، مكتبة الكليات الأزهرية، ج1، ص163.

([48]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج1، ص207-208، وابن رشد، بداية المجتهد، ج1، ص73؛ وابن قدامة، الكافي، ج1، ص68، والمقنع، ج1، ص75.

([49]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج1، ص209.

([50]) الحصني، كفاية الأخيار، ج1، ص95.

([51]) الحصني، كفاية الأخيار، ج1، ص95.

([52]) الشيرازي، إبراهيم بن علي، (ت476ﻫ)، اللمع في أصول الفقه، دار الكتب العلمية، بيروت، ص106.

([53]) الحصني، كفاية الأخيار، ج1، ص96.

([54]) الشربيني، مغني المحتاج، ج1، ص102.

([55]) سبق تخريجه.

([56]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج1، ص207.

([57]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج6، ص2900 وابن قدامة، الكافي، ج1، ص69.

([58]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج1، ص209-211.

([59]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج1، ص204.

([60]) المجلة العدلية، القواعد الفقهية، المادة (5).

([61]) المرجع السابق، المادة (55).

([62]) المرجع السابق، المادة (56).

([63]) الموصلي، عبد الله بن محمود، (ت683ﻫ)، الاختيار لتعليل المختار، دار المعرفة، بيروت، ج1، ص86؛ وابن عبد البر، يوسف بن عبدالله، (ت463ﻫ)، الكافي في الفقه على مذهب أهل المدينة، مؤسسة النداء، أبو ظبي، ج1، ص63؛ والنووي، يحيى، (ت676ﻫ) المجموع، مطبعة الإمام مصر، ج3، ص194؛ وقاضي صفد، أبو عبدالله (780ﻫ) رحمة الأمة في اختلاف الأئمة، مؤسسة الرسالة، بيروت، ص93، والحصني، كفاية الأخيار، ج1، ص145؛ وابن قدامة، الكافي في فقه الإمام أحمد، ج1، ص117؛ والشماخي، عامر بن علي (ت762ﻫ) كتاب الإيضاح، وزارة التراث القومي، سلطنة عمان، ج1، ص453.

([64]) البخاري، الصحيح، كتاب الصلاة، باب التوجه نحو

القبلة حيث كان. مجلد 95، رقم 400، واللفظ له؛ ومسلم، الصحيح، مع النووي، كتاب الصلاة المسافرين وقصرها، ج5، ص209.

([65]) البجيرمي، سليمان، (ت1221ﻫ)، حاشية البجيرمي على منهج الطلاب، مصطفى الحلبي، مصر، ج1، ص176-177.

([66]) الشربيني، مغني المحتاج، ج1، ص143؛ والحصني، كفاية الأخيار، ج1، ص151-152، والمرداوي، علاء الدين (ت885ﻫ) الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ج2، ص5.

([67]) الشربيني، مغني المحتاج، ج1، ص143.

([68]) البجيرمي، حاشية البجيرمي، ج1، ص176.

([69]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج1، ص344؛ والموصلي، الاختيار لتعليل المختار، ج1، ص47.

([70]) النووي، المجموع، ج3، ص208-209، والشربيني، مغني المحتاج، ج1، ص147.

([71]) ابن قدامة، الكافي، ج1، ص118-119؛ والمرداوي، الإنصاف، ج1، ص17.

([72])ابن عبد البر، الكافي، ج1، ص63؛ والكشناوي، أسهل المدارك، ج1، ص110-111.

([73]) النووي، المجموع، ج3، ص208-209؛ والشربيني، مغني المحتاج، ج1، ص147؛ والحصني، كفاية الأخيار، ج1، ص146.

([74]) الشماخي، كتاب الإيضاح، ج1، ص457.

([75]) ابن حزم، علي (ت456ﻫ) المحلى، دار الفكر، بيروت، ج2، ص228، مسألة (353).

([76]) ابن رشد، بداية المجتهد، ج1، ص112.

([77]) الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ج1، ص503.

([78]) الترمذي، سنن الترمذي، باب ما جاء في الرجل يصلي لغير القبلة في الغيم، ج1، ص216، واللفظ له، وقال عنه: حديث حسن، وإسناده ليس بذاك، وفيه آخر ضعيف عن جابر فيما رواه الحاكم والدار قطني وفيه: فذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فلم يأمرنا بالإعادة وقال: "قد أجزأت صلاتكم" ورواه آخرون. انظر، الدار قطني، علي، سنن الدار قطني، باب الاجتهاد في القبلة وجواز التحري في ذلك، دار المحاسن للطباعة، القاهرة، ج1، ص271؛ وانظر، الزيلعي، نصب الراية، كتاب الصلاة، ج1، ص304.

([79]) الترمذي، سنن الترمذي، ج1، ص216.

([80]) الحديث رواه الترمذي وسبق تخريجه.

([81]) الزيلعي، تبيين الحقائق، ج1، ص101.

([82]) البخاري، الصحيح، باب التوجه نحو القبلة حيث كان، مجلد ص 95، رقم 399 ومسلم، الصحيح (مع النووي) باب تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة، ج6، ص9.

([83]) ابن قدامة، المغني، ج1، ص467.

([84]) الشوكاني، نيل الأوطار، ج2، ص186.

([85]) النووي، المجموع، ج3، ص209، والشماخي، كتاب الإيضاح، ج1، ص457.

([86]) ابن حزم، المحلى، ج2، ص228 مسألة (353).

([87]) ابن رشد، بداية المجتهد، ج1ن ص112.

([88]) النووي، المجموع، ج3، ص208.

([89]) النووي، المجموع، ج3، ص209، وانظر ابن قدامة، المغني، ج1، ص487.

([90]) ابن قدامة، المغني، ج1، ص485-488.

([91]) الحصني، كفاية الأخيار، ج1، ص144.

([92]) الشافعي، الأم، ج1، ص82؛ والنووي، المجموع، ج3، ص209؛ والحصني، كفاية الأخيار، ج1، ص147؛ وابن قدامة، المغني، ج1، ص457.

([93]) الحصني، كفاية الأخيار، ج1، ص146

([94]) ابن عابدين، حاشية ابن عابدين، ج4، ص3، والكاساني، بدائع الصنائع، ج2، ص876.

([95]) ابن عبد البر، الكافي، ج1، ص86، وابن رشد، بداية المجتهد، ج1، ص179.

([96]) الشربيني، مغني المحتاج، ج1، ص87.

([97]) ابن قدامة، الكافي، ج1، ص107، والمغني، ج1، ص160، 740، 744.

([98]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج1، ص143؛ والزيلعي، تبيين الحقائق، ج1، ص64، وابن جزي، محمد (ت741ﻫ) قوانين الأحكام الشرعية، ومسائل الفروع الفقهية، دار العلم للملايين، بيروت، ص38. والشربيني، مغني المحتاج، ج1، ص111، وابن قدامة، الكافي، ج12، ص42.

([99]) السرخسي، شمس الدين (ت 490ﻫ) كتاب المبسوط، دار المعرفة، بيروت، ج1، ص169؛ والكاساني، بدائع الصنائع، ج2، ص576-583؛ والموصلي، الاختيار لتعليل المختار، ج1، ص63.

([100]) ابن عبد البر، الاستذكار، ج1، ص306؛ والكافي، ج1، ص76، 87؛ وابن جزي، قوانين الأحكام الشرعية، ص50.

([101]) النووي، المجموع، ج4، ص4-6؛ والحصني، كفاية الأخيار، ج1، ص139؛ والشربيني، مغني المحتاج، ج1، ص187.

([102]) ابن قدامة، الكافي، ج1، ص182؛ والمغني، ج1، ص744

([103]) ابن عبد البر، الكافي في الفقه على مذهب أهل المدينة المنورة، ج1، ص86-88؛ وابن رشد، بداية المجتهد، ج1، ص179.

([104]) النووي، المجموع، ج4، ص4-6؛ والحصني، كفاية الأخيار، ج1، ص139، 182، والشربيني، مغني المحتاج، ج1، ص187.

([105]) ابن قدامة، الكافي، ج1، ص182، والمغني، ج1، ص744.

([106]) أطفيش، محمد، (ت 1332ﻫ)، شامل الأصل والفرع، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج2، ص171.

([107]) موسوعة الفقه الإسلامي المصرية، ج5، ص160.

([108]) القيء، فضلات تخرج من الفم على دفعات. والرعاف: دم يخرج من الأنف، والقلس: جشاء يخرج من الفم مرة واحدة، فإن عاد فهو قيء؛ والمذي، ماء رقيق يخرج بعد البول أو الشهوة. انظر، المصطلحات في الفيومي، المصباح المنير، وغيره، حروف، القاف والراء والميم.

([109]) ابن ماجه، محمد (ت273ﻫ) سنن ابن ماجه، باب ما جاء في البناء على الصلاة، دار الفيحاء، دمشق، رقم (1221)، ص171 واللفظ له؛ والدار قطني، سنن الدار قطني، باب الوضوء من الخارج من البدن كالرعاف والقيء، ج1، ص154؛ وفي الحديث ضعفاء والصواب إرساله؛ وأسند البيهقي إلى أحمد بن حنبل قوله: إسماعيل بن عياش، ما روى عن الشاميين، صحيح، ووثقه ابن معين، انظر: الزيلعي، نصب الراية، ج1، ص38، مرجع سابق.

([110]) النووي، المجموع، ج4، ص4-5.

([111]) ابن عبد البر، الاستذكار، ج1، ص304، 306-307؛ وانظر، الكاساني، بدائع الصنائع، ج2، ص576.

([112]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج2، ص576-577؛ والنووي، المجموع، ج4، ص4-6.

([113]) الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ج5، ص110.

([114]) البخاري (الصحيح) كتاب الوضوء، باب لا تقبل صلاة بغير طهور، مجلد، ص52، رقم (135).

([115]) ابن قدامة، المغني، ج1، ص741، 742، 743.

([116]) الشربيني، مغني المحتاج، ج1، ص187.

([117]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج2، ص876.

([118]) سبق تخريجه.

([119]) الحصني، كفاية الأخيار، ج1، ص182-183؛ والشربيني، مغني المحتاج، ج1، ص187-188.

([120]) ابن قدامة، المغني، ج1، ص741.

([121]) المجلة العدلية، القواعد الفقهية، المادة (17).

([122]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج1، ص577.

([123]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج2، ص577، 579.

([124]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج2، ص580، 583.

([125]) الطبري، جامع البيان، ج8، ص146.

([126]) الزيلعي، تبيين الحقائق، ج1، ص95، وابن عبد البر، الكافي، ج1، ص140، وابن جزي، قوانين الأحكام الشرعية، ص69، والنووي، المجموع، ج3، ص172. والشربيني، مغني المحتاج، ج1، ص187؛ وما بعدها، والبهوتي، منصور بن يونس (ت1051ﻫ) شرح منتهى الإرادات، عالم الكتب، بيروت، ج1، ص140.

([127]) هناك خلاف ينشأ عن هذا الاختلاف في كيفية أداء الصلاة للعريان، وملخصه، أن للفقهاء فيه رأيين، الأول، للحنفية والحنابلة، حيث ذهبوا إلى أن المصلي مخير بين الصلاة من قيام وركوع وسجود كالمعتاد، وبين الصلاة من جلوس. والثاني، لمالك والشافعي وابن المنذر، حيث قالوا بوجوب القيام والركوع والسجود كاملاً حال القدرة على ذلك. ويرى الباحث في هذه المسألة إمكان التوفيق بين الرأيين، بحمل الأول منهما على عدم إطلاع الغير عليه، وبحمل الثاني على خوف الإطلاع، وفي الثاني، يكون الجلوس بمثابة الثوب الساتر حكماً، وستر العورات مما حظ عليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله لبهز بن حكيم: (... فإن استطعت ألا يراها أحد فلا ترينها) قال: قلت فإن كان خالياً، قال (الله أحق أن يستحيا منه) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وقال عنه الترمذي، صحيح وأقره الذهبي. انظر: العجلوني، اسماعيل(ت 1162ﻫ) كشف الخفا ومزيل الإلباس، مكتبة التراث الإسلامي، حلب، ج1، ص59. وانظر فيما سبق، الزيلعي، تبيين الحقائق، ج1، ص98، 99، وابن قدامة، الكافي، ج1، ص63؛ والنووي، المجموع، ج3، ص188، وابن عبد البر، الكافي، ج1، ص105؛ والبهوتي، شرح منتهى الإرادات، ج1، ص140.

([128]) ابن عابدين، حاشية ابن عابدين، ج4، ص30، 31، 32. والسرخسي، شمس الدين (ت490ﻫ) كتاب المبسوط، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت، ج1، ص196، 197، والكاساني، بدائع الصنائع، ج1، ص328.

([129]) ابن عبد البر، الكافي، ج1، ص105، وابن جزي، قوانين الأحكام الشرعية، ص69.

([130]) النووي، المجموع، ج3، ص189، 190.

([131]) البهوتي، شرح منتهى الإرادات، ج1، ص146

([132]) ابن عبد البر، الكافي، ج1، ص105

([133]) ابن عابدين، حاشية ابن عابدين، ج4، ص31.

([134]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج1، ص328؛ والسرخسي، كتاب المبسوط، ج1، ص188، 196.

([135]) النووي، المجموع، ج1، ص189، 190، والشربيني، مغني المحتاج، ج1، ص187.

([136]) البهوتي شرح منتهى الإرادات، ج1، ص146؛ وابن قدامة، الكافي، ج1، ص114؛ وانظر: الحديث في البخاري (الصحيح) كتاب الصلاة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان، مجلد ص95، رقم (399) ومسلم، الصحيح (مع النووي) باب تحويل القبلة، ج6، ص9.

([137]) السرخسي، كتاب المبسوط، ج1، ص196، 197.

([138]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج1، ص319؛ والزيلعي، تبيين الحقائق، ج1، ص104

([139]) ابن عبد البر، الاستذكار، ج1، ص438، 448؛ وابن جزي، قوانين الأحكام الشرعية. ص73، 74.

([140]) النووي، المجموع، ج3، ص238؛ وقاضي صفد، رحمة الأمة في اختلاف الأئمة، ص77.

([141]) ابن قدامة، الكافي، ج1، ص127؛ والبليهي، صالح، السلسبيل في معرفة الدليل، حاشية على زاد المستقنع، دار الهلال، الرياض. ج1، ص125.

([142]) المراجع السابقة ذواتها.

([143]) الشاطبي، الموافقات، ج2، ص242، 243.

([144]) البخاري، الصحيح، باب إذا لم يطق قاعداً صلى على جنب، مجلد، ص205، رقم (1117). وابن ماجه، سنن ابن ماجه، باب ما جاء في صلاة المريض، ص172، رقم 1223.

([145]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج1، ص319.

([146]) الصاوي، بلغة السلك، ج1، ص131.

([147]) الشافعي، الأم، ج1، ص70.

([148]) ابن قدامة، الكافي، ج1، ص127؛ والمغني، ج1، ص782.

([149]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج1، ص319، والموصلي، الاختبار، ج1، ص77

([150]) ابن عبد البر، الاستذكار، ج1، ص444.

([151]) مسلم، الصحيح (مع النووي) باب فرض الحج مرة في العمر، ج9، ص101 واللفظة له، وابن ماجه، سنن ابن ماجه، باب اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلد ص1، رقم 1.

([152]) البخاري، (الصحيح) باب، إنما جعل الإمام ليؤتم به، مجلد ص 37، رقم 687، ومسلم الصحيح (مع النووي) كتاب الصلاة باب، استخلاف الإمام إذا عرض له عذر، ج2، ص135، رقم (418).

([153]) سبق تخريجه.

([154]) الدار قطني، سنن الدار قطني، باب صلاة المريض

جالساً بالمأمومين، ج1، ص398، وقال: لم يروه غير جابر عن الشعبي، وهو متروك، والحديث مرسل لا تقوم به حجة. وابن عبدالبر، الاستذكار، باب صلاة الإمام وهو جالسن بلفظ (قاعداً) ج2، ص441؛ وقال: حديث لا يصح عند أهل العلم، إنما يرويه جابر الجعفي عن الشعبي مرسلاً، ولا يحتج بما يرويه مسنداً فكيف به مرسلاً.

([155]) النووي، المجموع، ج3، ص210

(169) انظر: النووي، المجموع، ج3، ص343. وللفقهاء في تعريف الصلاة فقهاً أقوال؛ منها: "الصلاة أقوال وأفعال مبتدأة بالتكبير مختتمة بالتسليم بشرائط مخصوصة" انظر: الشربيني، مغني المحتاج، ج1، ص120. ومنها: "الصلاة أركان مخصوصة وأذكار معلومة بشرائط محصورة في أوقات مقدرة بصفات معينة " انظر: الجرجاني: التعريفات، دار الكتب العلمية، طهران، ص58.

([157]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج 2، ص622، وابن عابدين، حاشية ابن عابدين، ج 4، ص87.

([158]) العمراني، البيان في فقه الإمام الشافعي، ج2، ص311، والنووي، المجموع، ج4، ص25، والحصني، كفاية الأخيار، ج1، ص182.

([159]) ابن عابدين، حاشية ابن عابدين، ج 4، ص87.

([160]) العمراني، البيان في فقه الإمام الشافعي، ج2، ص311.

([161]) النووي، المجموع، ج4 ص25، الشربيني، مغني المحتاج ج1، ص199.

([162]) الصاوي، بلغة السالك لأقرب المسالك، ج1، ص124.

([163]) العمراني، البيان في فقه الإمام الشافعي، ج2، ص311، الشربيني، مغني المحتاج، ج1، ص195-199.

([164] ) ابن قدامه، المغني، ج2، ص79.

([165]) ابن عابدين، حاشية ابن عابدين، ج4، ص87.

([166]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج2، ص623، وابن عابدين، حاشية ابن عابدين، ج4، ص87، والصاوي بلغة السالك لأقرب المسالك، ج1، ص126، والعمراني، البيان في فقه الإمام الشافعي، ج2، ص311، والنووي، المجموع ج4، ص25.

([167] ) أنظر ذلك وأمثاله في البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي أحاديث سيأتي تخريجها فل المسألة نفسها بعد قليل.

([168]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج2، ص623، والصاوي، بلغة السالك لأقرب المسالك، ج1، ص124. والشربيني، مغني المحتاج، ج2، ص200، ابن قدامه، المغني، ج1، ص64.

([169]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج2، ص623.

([170]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج2، ص622.

([171]) النووي، المجموع، ج4 ص25.

([172]) فقد ذكر ذلك الكاساني بقوله: "فأمّا القليل فغير مفسد"، بدائع الصنائع، ج2، ص622. والزيلعي بقوله: "العمل القليل لا يفسدها"، تبيين الحقائق، ج1، ص162. وابن عبد البر بقوله: "والقليل متجاوز عنه، ولا يفسدها المشي الخفيف إلى الفرجة في الصف"، الكافي، ج1، ص109. والنووي بقوله: "فإن كان قليلاً لم تبطل صلاته"، المجموع، ج4، ص24. وابن قدامة بقوله: "فإن كان كثيراً متوالياً أُبطل إجماعاً، وإن قلّ لم يبطلها"، الكافي، ج1، ص164-171، والمغني، ج1، ص78.

([173]) النووي، المجموع، ج4، ص27، والشربيني، مغني المحتاج ج1، ص199، والبهوتي، شرح منتهى الإرادات، ج1، ص191، وابن قدامة، الكافي، ج1، ص164. وقاضي صفد رحمة الأمة في اختلاف الأئمة، ص81.

([174]) الشربيني، مغني المحتاج ج1، ص199.

([175]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج2، ص611.

([176]) النسائي، أحمد (ت 303ﻫ)، سنن النسائي بشرح السيوطي، باب الرخصة في الالتفات يميناً وشمالاً، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ج 3، ص6، وابن حنبل، أحمد (ت 241ﻫ)، مسند الإمام أحمد، دار الفكر، بيروت، ج1، ص306.

([177]) أبو داود، سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب الرخصة في ذلك، ج1،  ص241.

([178]) أبو داود، سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب الصلاة في النعل، ج1، ص175. وابن خزيمة، محمد (ت 311 ﻫ) صحيح ابن خزيمة، باب ذكر الدليل على أن المصلي إذا أصاب ثوبه نجاسة وهو في الصلاة لا يعلم بها لم تفسد صلاته، شركة الطباعة السعودية، الرياض، ج1، ص384.

([179]) أبو داود، سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب رد السلام في الصلاة، ج1، ص243. والترمذي، سنن الترمذي، باب ما جاء في الإشارة في الصلاة، ج1، ص229، واللفظ له، وقال عنه حسن صحيح.

([180]) أبو داود، سنن أبي داود، باب العمل في الصلاة، ج1، ص242. والنسائي، سنن النسائي، باب المشي أمام القبلة خطىً يسيرة، ج3، ص11. ولم يحكما عليه.

([181]) الصاوي، بلغة السالك لأقرب المسالك، ج1، ص126. والشربيني، مغني المحتاج، ج1، ص199.

([182]) البخاري (الصحيح) كتاب الصلاة مجلد، ص107، رقم (482) وابن ماجه، سنن ابن ماجه، ص214 مجلد، واستخرج ابن دقيق العيد منه أحكاماً بقوله: الخامس الأفعال التي ليست من جنس الصلاة، إذا وقعت سهواً فإن كانت قليلة لم تبطل الصلاة، انظر إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام، دار الكتب العلمية، بيروت، ج1، ص25 وما بعدها.

([183] ) قاضي صفد، رحمة الأمة في اختلاف الأئمة ص95.

([184] ) أبو داود، سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب العمل في الصلاة، ج1، ص242. والترمذي، سنن الترمذي، باب ما جاء في قتل الأسودين في الصلاة، ج1، ص241، وقال حديث حسن صحيح، وللحديث شاهد في سنن ابن ماجه، باب قتل ذي الطفيتين، ص509، رقم (3535).

([185]) الشربيني، مغني المحتاج ج 1، ص198.

([186]) البخاري (صحيح) مجلد، ص113، رقم (516)، ومسلم، الصحيح (مع النووي) ج5، ص31، رقم (543).

([187]) الكاساني، بدائع الصنـائع، ج2، ص641، وابـن

عابدين، حاشية ابن عابدين، ج4، ص87، وابن عبد البر، الاستذكار، ج2، ص99، والصاوي، بلغة السالك، ج1، ص124، والشربيني، مغني المحتاج، ج1، ص198، وابن قدامة، الكافي، ج1، ص172، والمغني، ج1، ص682.

([188]) مسلم الصحيح (مع النووي)، باب السهو في الصلاة والسجود له، ج5، ص60. وابن عبد البر، الاستذكار، باب إتمام المصلي لما ذكر إذا شك في صلاته، ج2، ص197.

([189]) البخاري الصحيح (مع الفتح) كتاب السهو، باب ما جاء في السهو إذا قام من ركعتي الفريضة، ص223، رقم (1226) بلفظه. ومسلم الصحيح (مع النووي)، باب السهو في الصلاة والسجود له، ج5، ص64.

([190]) البخاري الصحيح (مع الفتح) باب السهو في الفرض والتطوع، ص224، رقم (1232) بلفظه. والترمذي، سنن الترمذي، باب في من شك في الزيادة والنقصان، ج1، ص246.

([191]) ابن عابدين، حاشية ابن عابدين، ج4، ص90، والصاوي، بلغة السالك لأقرب المسالك، ج1، ص124، الشربيني، مغني المحتاج، ج1، ص198-199، وابن قدامة، المغني، ج1، ص682، وابن ضويان، ابراهيم، منار السبيل في شرح الدليل، المكتب الإسلامي، بيروت، ج1، ص99.

([192]) سبق تخريج أحاديثها، وانظر: ابن قدامة: المغني، ج1، ص79.

([193]) البخاري الصحيح كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب إذا اجتهد العامل أو الحاكم فأخطأ خلاف الرسول صلى الله عليه وسلم من غير علم فحكمه مردود، مجلد، ص1296. ومسلم الصحيح (مع النووي)، كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة وردّ محدثات الأمور، ج12، ص16.

([194]) المرجع نفسه، وابن حزم، المحلى، ج4، ص20.

([195]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج1، ص324، والزيلعي، تبيين الحقائق، ج1، ص104، 105، وابن عبد البر، الكافي، ج1، ص65، وابن جزي، قوانين الأحكام الشرعية، ص74؛ والصاوي، بلغة السالك لأقرب المسالك، ج1، ص112، 113؛ والنووي، المجموع، ج3، ص285، والحضي، كفاية الأخيار، ج1، ص157؛ وابن قدامة، الكافي، ج1، ص131؛ والمغني، ج2، ص520.

([196]) النووي، المجموع، ج3، ص287.

([197]) ابن عبد البر، الكافي، ج1، ص65، والكشناوي، أسهل المدارك، ج1، ص122.

([198]) النووي، المجموع، ج3، ص285، والحضي، كفاية الأخيار، ج1، ص157.

([199]) ابن قدامة، الكافي، ج1، ص161.

([200]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج1، ص326؛ وقاضي صفد، رحمه الأمة في اختلاف الأئمة، ص80.

([201]) مسلم، الصحيح (مع النووي) باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، ج4، ص106.

([202]) النووي، المجموع، ج3، ص286، 287؛ وابن قدامة، الكافي، ج1، ص131، والمغني، ج1، ص520.

([203]) قال ابن عابدين: (إن الخطأ، إما في الإعراب، أي الحركات والسكون ويدخل فيه تخفيف المشدد، وقصر الممدود وعكسها، أو في الحروف بوضع حرف مكان آخر، أو زيادته، أو نقصه، أو تقديمه، أو تأخيره أو في الكلمات، أو في الجمل، أو في الوقف ومقابله، انظر ابن عابدين، حاشية ابن عابدين، ج4، ص104.

([204]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج1، ص433، 458، 459، والزيلعي، تبيين الحقائق، ج1، ص193؛ وابن عبد البرن، الكافي، ج1، ص66، وابن جزي، قوانين الأحكام الشرعية، ص91، والنووي، المجموع، ج3، ص285، وابن قدامة، الكافي، ج1، ص165.

([205]) ينظر: الكاساني، بدائع الصنائع، ج1، ص459؛ والزيلعي، تبيين الحقائق، ص193؛ وابن عبد البر، الكافي، ج1، ص66، وابن جزي، قوانين الأحكام الشرعية، ص91؛ والنووي، المجموع، ج3، ص43؛ 44، والحضي، كفاية الأخيار، ج1، ص186؛ والشربيني، مغني المحتاج، ج1، ص178؛ 179، 205؛ والبجيرمي، حاشية البجيرمي، ج1، ص194. وابن قدامة، الكافي، ج1، ص165؛ والبهوتي، شرح منتهى الإرادات، ج1، ص188.

([206]) الأصفهاني، مفردات الألفاظ القرآن، ص287، حرف الخاء.

([207]) ابن ماجه، سنن ابن حاجة، باب طلاق المكره والناسي، ص292، رقم 2045وله روايات وطرق أخرى، قال ابن رجب الحنبلي، حديث حسن انظر، جامع العلوم والحكم، مكتبة الرسالة الحديثة، عمان، ص350، رقم 39.

([208]) الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، ص738، حرف (اللام)، والفيومي، المصباح المنير، ص51، حرف (اللام).

([209]) لجنة التلاوة في جمعية المحافظة على القرآن الكريم، المنير في أحكام التجويد، ص14، 15.

([210]) الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، حرف (الراء)، ص341.

([211]) الهندية، الفتاوي الهندية، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ج1، ص81؛ والنووي، التبيان في آداب حملة القرآن، مكتبة ابن القيم، دمشق، ص82؛ والبيهوتي، شرح منتهى الإرادات، ج1، ص193.

([212]) ابن عابدين، حاشية ابن عابدين، ج4، ص104، 105؛ والهندية، التفاوي الهندية، ج1، ص81.

([213]) الخطاب، محمد (ت954ﻫ) مواهب الجليل بشرح مختصر خليل، ج2، ص102؛ والعدوي، الشيخ علي(ت1112ﻫ) حاشية علي الخرشي، دار النهضة العلمية، بيروت، ج1، ص504.

([214]) النووي، المجموع، ج3، ص359، 360؛ والبجيرمي، حاشية البجيرمي، ج1، ص194.

([215]) ابن تيمية، أحمد، (ت728ﻫ) مجموع فتاوي ابن تيمية، الطبعة الأولى، مجلد 22، ص443.

([216]) الشماخي، كتاب الإيضاح، ج1، ص502.

([217]) المراجع السابقة ذاتها.

([218]) الترمذي، سنن الترمذي، باب ما جاء في وصف الصلاة، ج1، ص186، رقم (302) وقال: حديث حسن.

([219]) التفاوي الهندية، ج1، ص80، 81 وابن عابدين، حاشية ابن عابدين، ج1، ص111؛ والرملي، شمس الدين، (ت1087ﻫ) نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، المكتبة الإسلامية، ج1، ص461.

([220]) الفتاوى الهندية، ج1، ص81، وابن عابدين، حاشية ابن عابدين، ج4، ص105.

([221]) المرجع ذاته

([222]) الفتاوى الهندية، ج1، ص81، ابن عابدين، ج1، ص114. والأنصاري، زكريا (ت926ﻫ) أسنى المطالب، دار الكتاب الإسلامي، القاهرة، ج1، ص151.

([223]) الفتاوى الهندية، ج1، ص81؛ ابن عابدين، حاشية ابن عابدين ج1، ص114؛ والعدوي على الخرشي، ج1، ص504، والأنصاري، أسنى المطالب، ج1، ص150؛ والبهوتي، منتهى الإرادات، ج1، ص188، وابن قدامة، الكافي، ج1، ص131؛ والشماخي، كتاب الإيضاح، ج1، ص502.

([224]) ابن عابدين، حاشية ابن عابدين، ج4، ص107؛ الرملي، نهاية المحتاج، ج1، ص461.

([225]) الفتاوى الهندية، ج1، ص79؛ وابن عابدين، حاشية ابن عابدين، ج4، ص112؛ الرملي، نهاية المحتاج، ج1، ص461، والشربيني، مغني المحتاج، ج1، ص158؛ البهوتي، منتهى الإرادات، ج1، ص188؛ وابن قدامة، الكافي، ج1، ص131؛ والشماخي، كتاب الإيضاح، ج1، ص502

([226]) الفتاوى الهندية، ج1، ص79-80، وابن عابدين، حاشية ابن عابدين، ج1، ص105-113، والرملي، نهاية المحتاج، ج1، ص461.

([227]) ابن عابدين، حاشية ابن عابدين، ج1، ص106؛ والرملي، نهاية المحتاج، ج1، ص461.

([228]) ابن عابدين، حاشية ابن عابدين، ج4، ص106.

([229]) الفتاوى الهندية، ج1، ص79؛ وابن عابدين، حاشية ابن عابدين، ج4، ص105.

([230]) الفتاوى الهندية، ج1، ص79-80؛ وابن عابدين، حاشية ابن عابدين، ج4، ص111.

([231]) الفتاوى الهندية، ج1، ص8؛ وابن عابدين، حاشية

ابن عابدين، ج3، ص113.

([232]) الشربيني، مغني المحتاج، ج1، ص158، والبجيرمي، حاشية البجيرمي، ج1، ص194؛ والرملي، نهاية المحتاج، ج1، ص461.