أضيف بتاريخ : 04-11-2012


عناية النبي صلى الله عليه وسلم بالطفولة المبكرة

في ضوء حديث "يا أبا عمير ما فعل النغير"(*)

الدكتور علي إبراهيم سعود عجين / كلية الدراسات الفقهية والقانونية - جامعة آل البيت

ملخص

قام الباحث بدراسة حديث "يا أبا عمير ما فعل النغير" دراسة حديثية تربوية لبيان الدلالات المستنبطة من الحديث ولا سيما في موضوع (الطفولة المبكرة)، لما لهذه المرحلة من أهمية خاصة في حياة الإنسان.

وتم تقسيم البحث إلى مقدمة وثلاثة مباحث، الأول: في مفهوم الطفولة المبكرة وخصائصها، الثاني: جمع روايات حديث أبي عمير لبيان السياق التام للقصة، الثالث: مظاهر العناية بالطفولة المبكرة.

وخلصت الدراسة إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم وجه الخطاب المناسب والمعبر والمشوق والهادف لأبي عمير، كما عالج النبي صلى الله عليه وسلم حزن أبي عمير على فقدانه طيره الذي كان يلعب به بخطوات تربوية ونفسية ناجحة، كما كان للموقف النبوي مع أبي عمير أبعادٌ تربوية في الجانب الاجتماعي والعقلي، وخاصة في إقراره للعب الطفل بالطير.

وأوصى الباحث بضرورة توجيه الدراسات التربوية والنفسية المعاصرة نحو استخراج كنوز السنة النبوية في هذين المجالين.

المقدمة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فلقد ذكر الإمام ابن القاص الشافعي([1]) -رحمه الله- أن سبب تأليفه شرح حديث "أبي عمير" (أن بعض الناس عاب على أهل الحديث أنهم يروون أشياء لا فائدة منها، ومثّل ذلك بحديث "أبي عمير" هذا، وما درى أن في هذا الحديث من وجوه الفقه وفنون الأدب والفائدة ستين وجهاً)([2]).

فكيف لو رأى علماؤنا إهمال الناس -إلا من رحم الله- لسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم في زماننا؟! وإعراضهم عن اتخاذها منهجاً لحياتهم!!

ولعل ما أثار ابن القاص رحمه الله -لشرح حديث أبي عمير هو ما دفعني لشرح هذا الحديث- مع الفارق الكبير- لبيان أن السنة (منهج حياة) ولا سيما في العلوم التربوية والنفسية.

ولقد تعجبت كيف استطاع ابن القاص - رحمه الله- أن يستنبط هذه الفوائد من حديث لا يتجاوز بضع كلمات!! إلا أنها البلاغة النبوية المتمثلة بكونه صلى الله عليه وسلم أوتي جوامع الكلم.

مشكلة الدراسة:

تهدف هذه الدراسة إلى الإجابة عن التساؤلات الآتية:

  • ما هي مظاهر عناية السنة النبوية بالطفولة المبكرة على ضوء حديث "أبي عمير"؟
  • كيف كان الخطاب النبوي الموجه للطفولة المبكرة؟
  • ما هو دور السنة النبوية في الدراسات التربوية والنفسية المعاصرة؟

أهداف الدراسة:

تهدف الدراسة إلى بيان مظاهر العناية النبوية بمرحلة الطفولة المبكرة، لما لهذه المرحلة من أهمية خاصة في حياة الإنسان.

كما تهدف الدراسة إلى إبراز الجانب التربوي والنفسي للسنة النبوية.

منهج الدراسة:

أ‌) المنهج الاستقرائي: اتبع الباحث المنهج الاستقرائي في جمع روايات حديث "أبي عمير" من المصادر الحديثية لمعرفة السياق التام لقصة أبي عمير.

ب‌) المنهج الاستنباطي: حيث قام الباحث باستنباط الدلالات التربوية والنفسية من حديث: "أبي عمير" مستعيناً بالكتب المتخصصة في الطفولة المبكرة

الدراسات السابقة:

لم يجد الباحث -على حسب اطلاعه- دراسة تربوية معاصرة حول العناية النبوية بالطفولة المبكرة على وجه التحديد، وإن كانت هناك دراسات تربوية إسلامية حول تربية الأولاد في الإسلام، لعل من أجمعها من الناحية التربوية كتاب "مسؤولية الأب المسلم في تربية الولد، مرحلة الطفولة"، إعداد ناصر حسن صالح باحارث، ولقد أفدت منه في بعض جوانب البحث.

كما أن حديث "أبي عمير" تناوله العلماء بالشرح ابتداءً من الإمام ابن القاص الشافعـي -رحمه الله- وغيره من العلماء، وعلى أهمية ما ذكره الإمام ابن القاص من فوائد وما أضافه الإمام ابن حجر، حيث أفدت منهما في بحثي ولا سيما في موضوع تربية الأطفال إلا أنها كانت إشارات عامة لم تتطرق لتفاصيل العناية بالطفولة المبكرة.

ولقد ذكر الأستاذ يوسف بن محمد العتيق في كتابه "التعريف بما أفرد من الأحاديث بالتصنيف"([3]) ثلاثة شروح مخطوطة لحديث "أبي عمير".

مخطط البحث:

المقدمة.

المبحث الأول: مفهوم الطفولة المبكرة وخصائصها.

المطلب الأول: مفهوم الطفولة المبكرة.

المطلب الثاني: خصائص الطفولة المبكرة.

المبحث الثاني: قصة النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي عمير.

المطلب الأول: روايات حديث أبي عمير.

المطلب الثاني: السياق التام لقصة أبي عمير من خلال جمع الروايات.

المبحث الثالث: مظاهر عناية النبي صلى الله عليه وسلم بالطفولة المبكرة.

المطلب الأول: الخطاب المناسب للطفولة المبكرة.

المطلب الثاني: العناية بالجانب الانفعالي للطفولة المبكرة.

المطلب الثالث: العناية بالجانب الاجتماعي والعقلي للطفولة المبكرة.

الفرع الأول: الجانب الاجتماعي.

الفرع الثاني: الجانب العقلي.

النتائج والتوصيات.

المبحث الأول

مفهوم الطفولة المبكرة وخصائصها

المطلب الأول: مفهوم الطفولة المبكرة:

تمتد هذه المرحلة من سن (3) أعوام إلى نهاية سن (5) أعوام، وقد اختلفت التسميات التي أطلقت على هذه المرحلة، ويعود السبب في هذا الاختلاف إلى أي الأسس التي اعتمدت في تقسيم مراحل حياة الإنسان.

فقد عرفت بمرحلة الطفولة المبكرة وفقاً للأساس البيولوجي، أما وفقاً للأساس التربوي فعرفت باسم مرحلة ما قبل المدرسة، أما بيرجر (Berger, 1988) فتطلق على هذه المرحلة اسم سنوات اللعب، للتأكيد على أهمية اللعب، ويميل آخرون إلى إطلاق مسميات أخرى وفقاً لمرحلة التطور المعرفي أو الجنسي أو الأخلاقي التي يمر بها الطفل في هذه المرحلة، فلذلك سميت مرحلة ما قبل العمليات وفق تصنيف بياجيه، وبالمرحلة القضيبية وفق تصنيف فرويد، كما عرفت باسم المصلحية والفردية وفقاً لأساس التطور الأخلاقي الذي اقترحه كولبرج، إلا أن مصطلح الطفولة المبكرة يعد من أكثر المصطلحات شيوعاً([4]).

وفي الاصطلاح الشرعي يطلق عليها مرحلة عدم التمييز مع ملاحظة أن التمييز ليس له سن معينة يعرف بها، ولكن تدل على التمييز أمارات التفتح والنضوج.

وتبدأ هذه المرحلة منذ الولادة إلى التمييز([5]).

وعند جمهور المحدثين أن سماع الصغير للحديث مرتبط بالتمييز، قال الإمام الخطيب البغدادي: (فليس المعتبر في كتب الحديث البلوغ ولا غيره، بل يعتبر فيه الحركة والنضاجة والتيقظ والضبط) وقال: (إن السماع يصح بحصول التمييز والإصغاء)([6])، ونحوه قال الحافظ ابن حجر عند تعليقه على تبويب الإمام البخاري في كتاب العلم- باب متى يصح سماع الصغير؟ حيث أورد فيه حديث محمود بن الربيع رضي الله عنه قال: "عقلت من النبي صلى الله عليه وسلم مجة مجها في وجهي وأنا ابن خمس سنين من دلو" قال ابن حجر: (وقريب منه - أي سن الخمس سنوات- ضبط الفقهاء سن التمييز بست أو سبع، والمرجح أنها مظنة لا تحديد).

وقال: (بل الذي ينبغي في ذلك اعتبار الفهم، فمن فهم الخطاب سمع وإن كان دون ابن خمس وإلا فلا)([7]).

وتشكل هذه المرحلة قاعدة حيوية لمراحل التطور اللاحقة للفرد، حيث يمر الطفل بمرحلة حساسة من التطور الشامل لشخصيته بكل أبعادها، حيث يشكل الطفل في هذه المرحلة 50% من قواه الذهنية والإدراكية([8]).

وتشير الدراسات البحثية إلى أن السنوات الخمس الأولى ذات أهمية كبيرة في اكتساب الأطفال القدرة على التعلم والإبداع والحب والثقة وتطوير إحساس قوي بالذات، وقد تبين أن الطريقة المستخدمة في رعاية الأطفال تترك أثراً عميقاً في هؤلاء الأطفال في مراحل لاحقة من حياتهم وخاصة عندما يصبحون في مرحلة الرشد، ومن الواضح أن نجاح الفرد في مراحل الدراسة الابتدائية والمتوسطة والثانوية يعتمد إلى حد بعيد على اكتساب المهارات في مرحلة مبكرة من حياته، ومن هنا تتضح أهمية ومكانة هذه المرحلة في تطور الطفل في الحاضر والمستقبل([9]).

المطلب الثاني: خصائص مرحلة الطفولة المبكرة:

تمتاز مرحلة الطفولة المبكرة بعدد من الخصائص في الجوانب العقلية والانفعالية والاجتماعية والحسية والجسمية التي تميزها عن غيرها من مراحل النمو الإنساني([10]).

أما في الجانب العقلي، فيتميز إدراك الطفل في هذه المرحلة بأنه إدراك حسي وليس مجرداً، لهذا فإنه يتفاعل مع الأشياء تفاعلاً حسياً وتخيلياً، ويميل إلى اللعب الإيهامي وسماع القصص الخيالية، ويحاول أن يفهم كل ما يدور حوله لذلك تكثر أسئلته عن الأشياء والأشخاص، ويرغب في الحصول على الأجوبة.

كما يبدأ الطفل في إدراك المفاهيم مثل: الزمان، المكان، العدد، الأشكال، والتعميم في إطار ضيق، ويزداد معجمه اللغوي، كما يستخدم الجمل المفيدة ويميز الحروف في نهاية المرحلة، ويدور التفكير في هذه المرحلة حول الذات ويظهر فيه الرمزي الخيالي وليس المنطقي.

كما يتأثر الإدراك العقلي بالعوامل البيئية المحيطة.

وفي الجانب الانفعالي: يعد النمو الانفعالي مسألة ضرورية لإنماء شخصية الطفل في هذه المرحلة، ولكنه ينمو بصورة تدريجية، ويتأثر بردود الأفعال العامة السائدة في البيئة، والتي قد تختلف باختلاف الظروف والأشياء والأفراد والمواقف التي تؤثر في تنشئة الطفل.

ويلاحظ أن أول الانفعالات تظهر بصورة مركزة حول ذات الطفل كالخجل والشعور بالذات، ولوم الذات، ومشاعر الثقة بالنفس، كما يتوجه الطفل بالحب نحو الوالدين بسبب إشباع حاجاته من قبلهما، وتتميز انفعالات الطفل بالشدة والتنوع والتقلب والشفافية وعدم الاستقرار، ويظهر على الطفل شعور الخوف بسبب فقدان الأمن، وفقدان أمه، ويتطور السلوك الانفعالي من حالته الجسمية إلى حالته اللفظية([11]).

وفي الجانب الاجتماعي: يدور التكون الاجتماعي للطفل في هذه المرحلة بالتعامل مع نفسه، والتعامل مع الآخرين الذين يعيشون معه، ويتفاعل معهم خارج الأسرة، والتكيف مع الأشياء من حوله، والتوافق الاجتماعي.

ومن أبرز مظاهر النمو الاجتماعي، زيادة وعيه بذاته، وزيادة إدراكه للبيئة الاجتماعية وما فيها من علاقات، وبزيادة المشاركة الاجتماعية، وتوسيع قاعدة التفاعل الاجتماعي داخل الأسرة، ومع الأتراب، وتشكيل المعايير الاجتماعية والقيم الأخلاقية بإدراك الخطأ والصواب، وإنماء صداقات مع الأطفال الآخرين واللعب معهم، ومحاولة جذب الانتباه إليه، والميل إلى حب الثناء والتقدير، والجنوح نحو الاستقلال، وغيرها من مظاهر النمو الاجتماعي.

أما النمو الحسي في هذه المرحلة، فالطفل يستخدم حواسه، فهو يشم ويذوق ويتفحص الأشياء ويسمع، ويدرك الأشكال البسيطة، ويستمر في اختيار الأشياء المعقدة مع مرور الزمن، ويقارن بين الحجوم، ويفرق بين الكثير والقليل، ويدرك تسلسل الحوادث وأيام الأسبوع عند الخامسة، ويدرك الألوان وتسميتها، كما يدرك الموسيقى وبخاصة الإيقاعية، وهذا يعني أنه يستخدم حواس السمع والبصر والشم والذوق والحس عن طريق الجلد، لهذا فإنه يرغب الاتصال بأشياء العالم الخارجي لاكتشافه.

وعن النمو الجسمي لطفل هذه المرحلة، فتنمو الأطراف بصورة سريعة ويزداد الطفل طولاً ويزداد الوزن بمعدل 1 كجم في السنة، وتشتد عظام الجسم صلابة وتزيد حجماًَ وتكتمل الأسنان المؤقتة، وتبدأ قدرة الطفل على التحكم في جسمه وحركاته الكبيرة، ويزداد النمو الوظيفي لأجهزة الجسم حتى تقوم بوظائفها، حيث ينمو الجهاز العصبي ويتطور المخ، ويزداد نمو الجهاز الهيكلي والعضلي([12]).

المبحث الثاني

قصة النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي عمير

المطلب الأول: روايات حديث أبي عمير:

حديث أبي عمير مروي من عدة طرق عن أنس رضي الله عنه رواه عنه جملة من التابعين، وعنهم رُوي الحديث بألفاظ مختلفة وبعضهم يرويه مطولاً ومختصراً، قال ابن حجر: "وجميع ذلك يحتمل أن يكون من أنس رضي الله عنه ويحتمل أن يكون ممن بعده، والذي يظهر أن بعض ذلك منه والكثير منه ممن بعده، وذلك يظهر من اتحاد المخارج واختلافها"([13]).

فرواه البخاري([14]) والترمذي([15]) والنسائي([16]) وابن ماجة([17]) وأحمد([18]) من طريق شعبة عن أبي التياح عن أنس وفيه: "إن كان النبي صلى الله عليه وسلم ليخالطنا حتى يقول لأخ لي صغير: يا أبا عمير ما فعل النغير" واللفظ للبخاري.

ورواه البخاري([19]) ومسلم([20]) وأحمد([21]) من طريق عبد الوارث بن سعيد عن أبي التياح عن أنس ولفظه "كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً، وكان لي أخ يقال له أبو عمير -قال أحسبه فطيماً- وكان إذا جاء قال: يا أبا عمير، ما فعل النغير؟ نغر كان يلعب به. . . الحديث".

ورواه أبو داود([22]) من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل علينا ولي أخ صغير يكنى أبا عمير، وكان له نغر يلعب به، فمات، فدخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فرآه حزيناً، فقال: "ما شأنه؟" قالوا: مات نغره، فقال: "يا أبا عمير، ما فعل النغير؟".

ورواه النسائي([23]) من طريق قتادة عن أنس "كان النبي صلى الله عليه وسلم يلاطفنا حتى ربما قال لأخ لي صغير: يا أبا عمير ما فعل النغير".

ورواه أحمد([24]) من طريق حميد الطويل عن أنس قال: كان لأبي طلحة ابن يقال له: أبو عمير، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يضاحكه، قال: فرآه حزيناً، فقال: "يا أبا عمير ما فعل النغير".

وفي رواية أخرى عند أحمد([25]) من طريق حميد عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدخل على أم سليم ولها ابن من أبي طلحة -يكنى أبا عمير- وكان يمازحه، فدخل عليه فرآه حزيناً فقال: ما لي أرى أبا عمير حزينا، فقالوا: مات نغره الذي كان يلعب به، قال فجعل يقول: "يا أبا عمير ما فعل النغير".

ورواه ابن سعد في الطبقات([26]) من طريق الجارود قال حدثني أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يزور أمه أم سليم فتتحفه بالشيء تصنعه له، قال أنس: وأخ لي أصغر مني يكنى أبا عمير، فزارنا النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: "يا أم سليم ما شأني أرى أبا عمير ابنك خاثر النفس؟" فقالت: يا نبي الله ماتت صعوة له كان يلعب بها. قال: فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يمسح برأسه ويقول: "يا أبا عمير ما فعل النغير؟".

وفي رواية أخرى لابن سعد([27]) بيان أن هذا الصبي هو الذي مات بعد ذلك حيث أخفت أم سليم أمر وفاته عن أبيه أبي طلحة، فعن عمارة بن زاذان حدثنا ثابت البناني عن أنس أن أبا طلحة كان له ابن يكنى أبا عمير فكان النبي صلى الله عليه وسلم يستقبله فيقول: "يا أبا عمير ما فعل النغير؟" والنغير طائر، قال: فمرض وأبو طلحة غائب في بعض حيطانه، فهلك الصبي فقامت أم سليم فغسلته وكفنته وحنطته وسحبت عليه ثوباً، وقالت: لا يكون أحد يخبر أبا طلحة حتى أنا الذي أخبره، فجاء أبو طلحة فتطيبت له وتصنعت له وجاءت بعشاء ... الحديث.

ومن خلال هذه الروايات نلحظ اختلاف في ألفاظها، حيث عبرت بعضها عن تفاعل النبي صلى الله عليه وسلم مع الطفل بألفاظ متعددة مثل "يخالطنا"، "يدخل علينا"، "كان أحسن الناس خلقا"، "يلاطفنا"، "يمازحه"، "يلاطفه". وكلها تدل على حسن معاشرته صلى الله عليه وسلم لأبي عمير وأهله.

وبعض الروايات لم تذكر قصة موت النغير وحزن أبي عمير عليه، كما في رواية شعبة عن أبي التياح عن أنس عن البخاري وغيره.

ورواية النسائي من طريق قتادة، ورواية أبي داود من طريق حماد بن سلمة، ورواية أحمد من طريق حميد، جاءت مفصلة في ذكر سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن سبب حزن أبي عمير، ثم مداعبته له.

وفي رواية ابن سعد عن الجارود عن أنس جاءت مفصلة بذكر إتحاف أم سليم للنبي صلى الله عليه وسلم عند زيارته لها.

المطلب الثاني: السياق التام لقصة أبي عمير من خلال جمع الروايات:

من خلال الروايات السابقة يتضح لنا السياق المتكامل لقصة أبي عمير على النحو الآتي:

أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتاد زيارة أم سليم والدة أنس بن مالك وزوج أبي طلحة، وهذا ما عبر عنه أنس بقوله: "كان يخالطنا -أي كثير المخالطة لأهل بيته -، ومن بينهم أخ له من أمه يكنى أبا عمير وكان فطيماً، أي أنه تجاوز سن الرضاعة، وإذا علمنا أن سن الفطام غالبا ما يكون بعد السنتين، فيغلب على الظن أن أبا عمير قد دخل في السنة الثالثة من عمره. حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يستقبله عند زيارته، وفي إحدى هذه الزيارات رأى النبي صلى الله عليه وسلم أبا عمير قد بدت عليه آثار الحزن، فسأل عن سبب حزنه فأخبر أن نغره (طير صغير يشبه العصفور)([28]) الذي كان يلعب به قد مات، فمسح النبي صلى الله عليه وسلم رأسه وقال مداعباً وممازحاً ومسلياً: "يا أبا عمر ما فعل النغير؟".

المبحث الثالث

مظاهر عناية النبي صلى الله عليه وسلم بالطفولة المبكرة

المطلب الأول: الخطاب المناسب للطفولة المبكرة:

ناقش العلماء مسألة توجيه الخطاب للصغير من خلال حديث أبي عمير فاستنبطوا منه جواز مواجهة الصغير بالخطاب خلافاً لمن قال: (الحكيم لا يواجه بالخطاب إلا من يعقل ويفهم)، ونقل ابن حجر عن ابن القاص الشافعي الجواب على ذلك بقوله: (والصواب الجواز حيث لا يكون هناك طلب جواب، ومن ثم لم يسأله عن حاله بل سأل غيره)([29]).

واستدرك ابن حجر على ابن القاص فقال: (فيه جواز مواجهته بالخطاب إذا فهم الخطاب وكان في ذلك فائدة ولو بالتأنيس له)([30]).

لكن السؤال هنا من قال إن الطفل في هذه المرحلة لا يعقل الخطاب الموجه إليه؟!

فهذه المرحلة تعد من أسرع مراحل النمو اللغوي لدى الطفل تحصيلاً وتعبيراً وفهماً([31]) فالحكمة كل الحكمة في توجيه الخطاب إلى الطفل في هذه المرحلة، وكما يقول بول مسن: (إن دخول الطفل في عالم اللغة الإنسانية يفتح له عالماً من المعرفة)([32]).

ويرى د. هنداوي أن الطفل يتأثر نموه اللغوي بنوع المثيرات الاجتماعية، فيتأثر بلهجة الكبار وطريقة نطقهم([33]).

فإذا كان من الحكمة توجيه الخطاب للطفل في هذه المرحلة، فإن من الحكمة أيضاً العناية بنوعية الخطاب الموجه إليه، وحسن اختيار العبارات وفق معايير تربوية تؤدي الغرض من الخطاب، وهذا ما نلمحه من الخطاب النبوي لأبي عمير حيث تميز بخصائص تربوية عالية على النحو الآتي:

1) قصر الجملة: حيث كان عدد الكلمات ست كلمات وعدد أحرفها اثني عشر، وهي تناسب قدرات الطفل على الاستيعاب والفهم([34]).

2) السهولة: فالكلمات بعيدة عن التعقيد والتصعيب، فهي سهلة في نطقها ومضمونها مما يساعد الطفل على الفهم والحفظ([35]).

3) المتعة: فقد استعمل النبي صلى الله عليه وسلم السجع في خطابه للطفل، أو ما يطلق عليه أهل التربية: (التنغيم)، ويرى د. بني يونس أن كل ما هو إيقاعي وفيه تناغم يحظى باهتمام الطفل وينال إعجابه([36])، وقال ابن حجر: (وفيه -أي الحديث- جواز السجع في الكلام إذا لم يكن متكلفاً)([37]).

4) الإثارة والتشويق: فعبارة النبي صلى الله عليه وسلم الموجهة لأبي عمير كانت مليئة بالحيوية والإثارة، ممّا لفت انتباه الطفل إليه وذلك بعدة وسائل:

‌أ. ابتدأ بالنداء: يا أبا عمير، وناداه النبي صلى الله عليه وسلم بكنيته التي عرف بها عند أهله، وكانت العرب تكني أبناءها حتى لا تغلب عليها الألقاب([38]).

‌ب. استفهام: ما فعل النغير؟

‌ج. التصغير: نُغير.

‌د. إضافة الفعل إلى الطير.

5) الفصاحة: فالنبي صلى الله عليه وسلم خاطب طفلاً فطيماً بعبارة فصيحة واضحة وكأنما يخاطب الكبار، يقول د. بني يونس تحت عنوان (لا تلثغ مع طفلك): (إذا تكلم الكبار مع الأطفال بلغة الأطفال معتبرين بأنهم يفهمون لغة أخرى، فإن المهارات اللغوية السليمة لن تشكل أبداً علاوة، على هذا فإن الطفل في عملية استيعاب اللغة سوف يرتكز على كلام، بل على كلام الكبار، لذا إذا أراد أولياء الأمور أن يتكلم طفلهم بالشكل السليم، عليهم أن لا يلثغوا([39]).

ويستدل على ذلك بأن المذياع والتلفاز يبثون برامجهم بلغة الكبار والطفل في عمر سنتين يفهم بمنتهى الهدوء لغة البث العادية([40])، وهنا تظهر خطورة الحديث مع الأطفال بعبارة هزيلة فيها شيء من ميوعة الخطاب بزعم أن الطفل لا يفهم العبارات الفصيحة، أو بدعوى النزول إلى مستوى الطفل اللغوي والعقلي!!

فالمربي الناجح هو الذي يرقى بالطفل إلى المستوى الأعلى عقلياً ولغوياً ولا ينزل إلى المستوى الأدنى، فالطفل في مرحلة نمو متسارع، فهو بأمس الحاجة إلى أن يرقى لا أن يهبط به من خلال عبارات متدنية هزيلة.

6) مراعاة اهتمامات الطفل وميوله: فأبو عمير قد تعلق بهذا الطير وحزن لما أصابه، فخاطبه النبي صلى الله عليه وسلم بما تعلق به وبما هو في مجال اهتمامه.

7) خطاب هادف: فالخطاب النبوي لأبي عمير حقق أهدافاً سامية تناسب نمو الطفولة المبكرة على النحو الآتي:

‌أ. النمو العقلي: فالطفل في هذه المرحلة (يتصف بالخصوبة المفرطة في الخيال والقدرة على الربط بين الأسباب ونتائجها، إضافة إلى التطور العقلي في هذه المرحلة يكون في منتهى السرعة، حيث أكد العالم النفسي بلوم (Bloom) أن خمسين بالمائة من التطور العقلي للطفل يتم فيما بين الميلاد والعام الرابع من العمر([41]).

وفي إضافة النبي صلى الله عليه وسلم الفعل للطير بقوله: (ما فعل النغير؟) إشارة لخيال أبي عمير، ولنا أن نتصور ما الذي دار في ذهن أبي عمير من تساؤلات مثيرة من خلال سؤال النبي صلى الله عليه وسلم، كيف مات الطير؟ أين ذهب الطير؟ من هو المسبب؟ لماذا فقد القدرة على الحركة؟ إلى غير ذلك من التساؤلات التي تنمي العقل و تثير التفكير.

‌ب. النمو الانفعالي: فإن النبي صلى الله عليه وسلم إنما ذكر هذه العبارة لأبي عمير لعلاج ما أصاب الطفل من حزن على فقدانه الطير، فكان الخطاب النبوي يهدف لتسلية الطفل عما أصابه، ومشاركته في آلامه بإظهار الاهتمام به، وهو في أمس الحاجة لذلك في مثل هذا الموقف.

8) خطاب صادق: إن ما يميز خطاب النبي صلى الله عليه وسلم لأبي عمير أنه جمع بين إثارة الخيال والصدق في عبارة واحدة "ما فعل النغير؟"، وقد يظن البعض أنه لا يمكن استثارة خيال الطفل إلا بعبارات تغاير الواقع (غير صادقة)، ولا يعلم هؤلاء أن الطفل سيكتشف عاجلاً أم آجلاً عدم مصداقية من يخاطبه فيفقد قيمة أخلاقية عالية وهي الصدق، ولا سيما أنه يتخذ الكبار قدوة له.

وهذه المعادلة الصعبة كما يقال!! كيف نجمع بين صدق الخطاب وتنمية خيال الطفل؟!

إن المربي الفطن بما يمتلكه من أساليب تربوية مدعومة بمهارات لغوية معبرة يمكنه أن يصل إلى ذلك، فيحقق التوازن القيمي والعقلي للطفل.

وفي هذا السياق نذكر حديث عبد الله بن عامر رضي الله عنه حيث قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتنا وأنا صبي، قال: فذهبت أخرج لألعب، فقالت أمي: يا عبد الله تعال أعطك!، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وماذا أردت أن تعطيه؟"، قالت: أعطيه تمراً، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما إنك لو لم تفعلي كتبت عليك كذبة"([42]).

فإن الطفل في سنوات الطفولة المبكرة يستطيع إصدار الأحكام الأخلاقية ويقرر الصواب والخطأ بناء على مفاهيم يبنيهـا عن العدل، وإن ما يحدث بين الأطفال في هذه المرحلـة المبكرة من نموهم من مناقشات حول القواعد الأخلاقية من الحقوق والملكية، تعطي هؤلاء الأطفال الفرصة في تكوين الأفكار الأولى حول العدالة والإنصاف، كما أن مناقشة الراشدين القواعد الأخلاقيـة مع الأطفال يساعدهم في فهم تلك القواعد([43]).

ومن خلال ما سبق نؤكد ضرورة توجيه الخطاب للطفل في هذه المرحلة، مع الاهتمام بنوعية الخطاب بأن يكون مناسباً وممتعاً ومثيراً وهادفاً وصادقاً لتحقيق النمو المتكامل من النواحي العقلية والانفعالية والأخلاقية والاجتماعية.

المطلب الثاني: العناية بالجانب الانفعالي للطفولة المبكرة:

يعد النمو الانفعالي الوجه الرئيس للسلوك الإنساني، وأحد الأسس التي تعمل في بناء الشخصية السوية، ويشمل مفهوم الانفعال جميع الحالات الوجدانية بصورها المختلفة من حب وفرح وحزن وغضب وخوف وغيرها.

والانفعال تغير مفاجئ يشمل الفرد نفسياً وجسمياً ويؤثر في سلوكه الخارجي وفي إحساسه الداخلي، ويصاحب الانفعال عادة تغيرات فسيولوجية عدة، منها تغيرات في ضربات القلب وازدياد في ضغط الدم واضطرابات في التنفس.

ويبدو على الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة نشاط انفعالي متزايد يبلغ قمته في نهاية السنة الثالثة والرابعة، خاصة في غضبه وخوفه وحنانه وغيرته، ويطلق على هذه المرحلة (الطفولة الثائرة) لما تبدو عليها من انفعالات شديدة([44]).

وفي قصة أبي عمير نجده أصيب بالاكتئاب والحزن وهو ما عبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "ما لي أراه خاثر النفس"، وفي رواية "فرآه حزيناً" ويشير الاكتئاب عند الأطفال إلى الخذلان والكسل وفتور الهمة والشعور بالفشل وانحراف المزاج وزيادة الحساسية وسهولة جرح المشاعر والانسحاب الاجتماعي والهروب، مع فقدان الأمل والانغمار في التشاؤم من المستقبل([45]).

ويعرف عصام سرية الاكتئاب بقوله: (شعور بالحزن مصحوباً غالباً بانخفاض الفاعلية)([46]). ويرى د. مسن بأنه: (اضطراب سيكولوجي يتراوح من الطفيف إلى الشديد ويتميز بالحزن وقلة النشاط وشعور بالنبذ أحياناً، وبصعوبة في التفكير أو التركيز)([47])، ولو تأملنا تعريفات علماء النفس للاكتئاب والحزن نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم اختصرها بقوله: "خاثر النفس"، قال ابن حجر: (أي ثقيل النفس غير نشيط)([48]).

ولقد ذكر علماء التربية عدة أسباب لحصول الاكتئاب عند الأطفال منها وقوع حادث أدى إلى فراق شخص عزيز كوفاته أو سفره، ومنها كذلك شعور الطفل بالذنب لأمر ما([49])، وهما احتمالان واردان في قصة أبي عمير، حيث فقد شيئاً عزيزاً على قلبه لطالما تعلق به، وربما شعوره بالذنب بأنه كان سبباً في موت الطير أو لأنه لم يستطع إنقاذه من الموت، وإن كان الاحتمال الأول أرجح وهو ما جاء في الروايات "مات نغره" عندما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن سبب حزنه.

وإذا تتبعنا الخطوات النبوية لعلاج حزن أبي عمير (عملية الإرشاد والعلاج النفسي) نجده سار على النحو الآتي:

أولاً: الملاحظة: فقد لاحظ النبي صلى الله عليه وسلم آثار الحزن بادية على ملامح الطفل، والملاحظة هي الخطوة الأولى في عملية الإرشاد والعلاج النفسي، حيث عرفها د. حامد زهران (هي ملاحظة الوضع الحالي للعميل (المريض) في قطاع محدد من قطاعات سلوكه، وتسجيل لموقف من مواقف سلوكه)([50])، وفيما يبدو أن تكرار زيارة النبي صلى الله عليه وسلم لبيت أم سليم والدة أبي عمير جعله يدرك الحزن الذي طرأ على الطفل. وقال ابن القاص: "فيه ما يدل على إثبات التفرس في الوجوه"([51]).

ثانياً : السؤال (جمع المعلومات): وهي من خطوات عملية الإرشاد النفسي، فعندما لاحظ النبي صلى الله عليه وسلم علامات الحزن على الصغير سأل أهله عن سبب ذلك، "مالي أراه حزيناً"، "ما لي أراه خاثر النفس؟"، أي ما سبب حزنه؟؟ حيث لم يعتمد النبي صلى الله عليه وسلم على الملاحظة العابرة أو المصادفة وهو ما يُعرف بعملية (تشخيص الحالة)، ويرى د. زهران أن الوالدين يعدان مصدراً غنياً من مصادر المعلومات (خاصة في حالة الأطفال) - فهما يعرفنا الكثير من التفاصيل عن الطفل بصفة عامة وعن نموه وسلوكه بصفة خاصة([52])، وهو ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم عندما سأل أم سليم عن حال أبي عمير.

ثالثاً: إحاطته بالدفء والحنان (الطمأنينة): لتخفيف مصابه، وذلك بمسح رأس الطفل بيده الشريفة الحانية صلى الله عليه وسلم لتحقيق التعلق الآمن (Attachment security) لإشباع حاجات الطفل المرتبطة بالتعلق إما باحتضانه أو ملاعبته أو التبسم له([53]).

رابعاً: تحقيق الذات لدى الطفل: مفهوم الذات هو الطريقة التي ينظر بها الفرد إلى نفسه، ويكون تفكيره وشعوره وسلوكه غالباً متسقاً ومنسجماً مع مفهومه عن ذاته([54])، وتقبل الذات يرتبط ارتباطاً جوهرياً موجباً بتقبل وقبول الآخرين، ومن ثم يجب على الوالدين والمربين أن يقدروا دورهم الخطير في نمو مفهوم الذات عند الأطفال، والعلاقة قوية بين مفهوم الذات والتوافق النفسي، فكلما كان الفرد سيء التوافق انحطت نظرته إلى نفسه([55])، ومن خلال الحوار النبوي لأبي عمير باستعمال: يا النداء ومخاطبته بكنيته: أبا عمير، والتعامل الإيجابي معه في هذا الموقف، كل ذلك عزّز في نفس الطفل المفهوم الإيجابي عن الذات وأدى إلى شعوره بالتوافق النفسي وقبول الآخرين له.

خامساً: المزاح والمفاكهة: إن فقدان أبي عمير لطيره أفقده فرح الطفولة وبهجتها، فلزم أن يكون العلاج من جنـس ما افتقده، وهو ما عبر عنه أخوه أنس بن مالك رضي الله عنه "كان يمازحنا" و"يفاكهنا"، يقول عصام سرية: (وغالباً ما يظهر الأطفال المكتئبون العجز والقنوط بسبب اعتمادهم على الكبار، ونادراً ما يظهرون الفرح والسرور، وغالبـاً ما يتحدثون بصوت خافت، ويلزمهم روح الفكاهة)([56]).

لقد كان موقف النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي عمير موقفاً لم يتجاوز بضع دقائق ما بين ملاحظة حزنه والسؤال عن سببه وممازحته، إلا أنه كان له الأثر البالغ في نفس أبي عمير بالتأنيس له كما عبر شراح الحديث([57])، وهو موقف يحمل في طياته الكثير الكثير لمن أراد التأسي بهدي النبي صلى الله عليه وسلم باتخاذ هدية منهج حياة ولا سيما في الجوانب التربوية والنفسية.

المطلب الثالث: العناية بالجانب الاجتماعي والعقلي للطفولة المبكرة:

الفرع الأول: الجانب الاجتماعي:

من أهم مطالب النمو الاجتماعي في هذه المرحلة، أن يتعلم الطفل كيف يعيش مع نفسه وكيف يعيش في عالم يتفاعل فيه مع غيره من الناس ومع الأشياء، ومن مطالبه نمو الشعور بالثقة والمبادأة والتوافق الاجتماعي([58]).

ويحتاج الطفل إلى توجيه ليدرك معنى المجتمع وتقوية الميل الاجتماعي لديه وتعليمه المعايير الاجتماعية السليمة.

وفي ضوء حديث أبي عمير نجد أن النمو الاجتماعي لأبي عمير قد تحقق من خلال أمرين، الأول: تكرار زيارة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل أبي عمير، ولذلك قال أنس رضي الله عنه "كان يخالطنا..."، وهذه اللفظة "يخالطنا" فيها من الدلالات ذات البعد الاجتماعي الشيء الكثير، وكأن النبي صلى الله عليه وسلم من كثرة مخالطته لهذه الأسرة ومنهم أبو عمير أصبح عضواً فيها فلذلك جاء في بعض الروايات أنه كان يقيل عندهم، وفي رواية أخرى عن أنس بن مالك "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزور أمه أمّ سليم فتتحفه بالشيء تصنعه له ... الحديث"([59])، بمعنى تكرمه بما يحبه صلى الله عليه وسلم كل هذه المشاهد الاجتماعية من تكرار الزيارة والقيلولة وإكرام الضيف، لا بد أن تترك أثراً اجتماعياً في نفس أبي عمير يدرك من خلالها دور المجتمع من حوله ويفهم معنى العلاقات الاجتماعية.

الأمر الثاني: إقرار النبي صلى الله عليه وسلم للعب أبي عمير بالطير، وهذا ما استنبطه العلماء من حديث أبي عمير، حيث نقل ابن حجر عن ابن القاص: (وفيـه -أي الحديث- جواز لعب الصغير بالطير، وجواز ترك الأبوين ولدهما الصغير يلعب بما أبيح اللعب به، وجواز إنفاق المال فيما يتلهى به الصغير من المباحات)([60]).

وقال الإمام النووي: (وجواز لعب الصبي بالعصفور، وتمكين الولي إياه من ذلك)([61]).

وعن أهمية اللعب في الجانب الاجتماعي نقل د. الريماوي عن سروف (Sourfe) أن اللعب ورشة اجتماعية، أو حلبة يجرب عليها الطفل الأدوار الاجتماعية المختلفة وحيداً أو مع أطفال آخرين، وإن غياب هذا النشاط لدى الطفل مؤشر دال على أن هذا الطفل غير عادي([62]).

ويرى د. هنداوي أن الحياة الاجتماعية للطفولة المبكرة عمادها اللعب وغايتها اللعب، إذ به يتعلم الأطفال طرائق الاتصال الاجتماعي والتكيف من خلال قوانين اللعب، واللعب يجعل الطفل أكثر إحساساً بمشاعر الآخرين ويبدأ عنده عهد التعاون مع غيره، ويتعامل معهم بلطف ويتناوب الأدوار معهم، وتزداد قدرته على حل الخلافات مع غيره، وبذلك يسهل على الطفل التكيف الاجتماعي([63]).

هذا عن دور اللعب في الناحية الاجتماعية على وجه العموم، أما عن اللعب بالحيوانات الأليفة على وجه الخصوص -ومنها اللعب بالطير- فإنه يعتبر وسيلة جيدة لتعليم الأولاد المسؤولية تجاه الأحياء، كما أنها تعلم الولد السلوك الاجتماعي من خلال علاقتها ببعضها البعض، فتكون مساعدة للولد على عملية التطبيع الاجتماعي([64]).

وقد قام البيطري كونج كوندريه بمبادرة تربوية تعتمد على التعليم بمرافقة الحيوانات الأليفة، فخلص إلى (أن الحيوان رمز للحياة بالنسبة للطفل)، فمنه يتعلم معنى المسؤولية وأشياء أخرى كثيرة([65]).

الفرع الثاني: الجانب العقلي:

وتتضح العناية بهذا الجانب في ضوء ما سبق من إقرار النبي صلى الله عليه وسلم للعب أبي عمير بالطير، فاللعب يقوم بعمليات معرفية على نطاق واسع، فالطفل يستطلع ويستكشف الألعاب الجديدة، وكذلك يقوم بتكرار الأفعال التي تحدث نتائج (مفهوم السببية)، وهو أيضاً يستدعي الصور الذهنية التي تمثل أحداثاً أو أشياء سبق أن مرت في خبراته السابقة، فهو يدرك ويتذكر ويتصور ويفكر([66]).

وفي هذه المرحلة يكثر اللعب الإيهامي، وذلك مؤشر على النمو العقلي فهو يجعل من الحبل حصاناً، ومن العصا دراجة، ويتعامل معها وكأنها كائنات حية، ويطلق على هذا التفكير "الإحيائية" أي إضفاء الحياة على الجمادات، وهذه خاصية من خصائص هذه المرحلة([67]). فما بالك إذا كان ما يلعب به الطفل حياً أصالة كما كان طير أبي عمير.

وفي سؤال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي عمير ما فعل النغير؟ إثارة لخياله التفكيري حيث أضاف الفعل للطير، وتحت عنوان: التخيل يعمل على تطوير القدرات الإبداعية لدى الأطفال، يقول د. محمد بني يونس: (دع طفلك يشطح في خياله، فالذي يبدو لك من خياله أنه خرافات وخزعبلات وغير واقعي، فإنه يبدو لطفلك خلافاً لذلك، فالطفل يرى العالم المحيط به من زاويته الخاصة به لا من زاوية الآخرين. لا تضع إشارات حمراء (قف وممنوع) أمام خيال طفلك، فخياله هذا هو بذور أو أجنحة الإبداع. فقط يتطلب منك توجيهاً وتعديلاً)([68]).

ومن هنا نجد أن الموقف النبوي الذي كان في ظاهره علاجاً لانفعال الحزن الذي أصاب أبا عمير، كان له دلالات جانبية في النمو الاجتماعي والعقلي للطفولة المبكرة.

النتائج والتوصيات

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد، فبفضل من الله توصل الباحث إلى النتائج والتوصيات الآتية:

1) النتائج:

1) تميز الخطاب النبوي للطفولة المبكرة -ممثلة بأبي عمير- بأنه خطاب يناسب هذه المرحلة ويمتاز بالمتعة والتشويق والفصاحة والصدق كما كان مراعياً لميول واهتمامات أبي عمير، محققاً لأهداف تربوية ونفسية.

2) عالج النبي صلى الله عليه وسلم حزن أبي عمير على فقدانه لطيره الذي كان يلعب به بخطوات عملية (الإرشاد والتوجيه النفسي) حيث لاحظ حزن الطفل فسأل عن سببه ثم طمأنه بمسح رأسه وختم ذلك بممازحته لإدخال الفرح والسرور على قلبه.

3) في موقف النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي عمير دلالات تربوية لتحقيق النمو الاجتماعي والعقلي لمرحلة الطفولة المبكرة، ولا سيما في إقراره لأبي عمير على اللعب بالطير.

2) التوصيات:

يوصي الباحث المختصين في العلوم التربوية والنفسية إلى توجيه جهودهم لدراسة المضامين التربوية والنفسية في الكتاب الكريم والسنة المطهرة، لما فيها من إثراء علمي لهذين المجالين، وتسد الفجوة المفتعلة بين العلوم الإنسانية وعلوم الوحي.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

 

(*) منشور في "المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية"، المجلد الخامس، العدد (2/ب)، 1430ه‍/ 2009م.

 

الهوامش:


([1]) هو الإمام الفقيه، شيخ الشافعية، أبو العباس أحمد بن أبي أحمد الطبري ثم البغدادي الشافعي ابن القاص، له مصنفات في المذهب الشافعي، وله جزء في شرح حديث أبي عمير، قال الذهبي: (رأيت له شرح حديث أبي عمير)، انظر ترجمته: الذهبي، شمس الدين محمد ابن أحمد بن عثمان الذهبي (748ه)، سير أعلام النبلاء، تحقيق: إبراهيم الزيبق، بإشراف: شعيب الأرناؤوط، بيروت، مؤسسة الرسالة، ط8، 1412ه‍/ 1992م، (15/371-372).

([2]) نقل هذه المقدمة: ابن حجر، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (773-852هـ)، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، تحقيق: عبد العزيز بن عبد الله بن باز، بيروت، دار المعرفة، دون سنة الطبع، (10/584).

ولقد طبع جزء ابن القاص بتحقيق صابر بن أحمد البطاوي، نشر مكتبة السنة 1413ه‍، ولم أستطع الحصول على نسخة منه.

([3]) انظر: العتيق، يوسف بن محمد العتيق، التعريف بما أفرد من الأحاديث بالتصنيف، المجموعة الأولى، الرياض، دار الصميعي، ط1، 1418ه‍/1997م، ص181.

([4]) انظر: أبو جاود، د. صالح محمد علي أبو جادو، علم النفس التطوري - الطفولة والمراهقة، عمّان، دار المسيرة، الطبعة الأولى، 1425ه‍/2004م، ص271. والهنداوي، د. علي فالح الهنداوي، علم نفس النمو - الطفولة والمراهقة، العين، الإمارات العربية المتحدة، دار الكتاب الجامعي، ط1، 1422ه‍/2001م، ص173.

([5]) انظر: الموسوعة الفقهية، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، دولة الكويت، الطبعة الأولى، 1412ه‍/ 1992م، 27/20-21 مادة: صغر.

([6]) الخطيب البغدادي: أحمد بن علي بن ثابت (463هـ)، الكفاية في قوانين الرواية، بيروت، دار الكتب العلمية 1409ه‍- 1988م. ص63.

([7]) ابن حجر، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، مصدر سابق، ج1، ص173، حديث رقم (77).

([8]) انظر: الخوالدة، د. محمد محمود الخوالدة، المنهاج الشامل في تربية الطفولة المبكرة، عمّان، دار المسيرة، ط1، 1424ه‍/ 2003م، ص11.

([9]) انظر: أبو جادو، علم النفس التطوري، مصدر سابق، ص271-272.

([10]) انظر في هذه الخصائص: الخوالدة، المنهاج الشامل، مصدر سابق، ص 22-26.

([11]) انظر المصدر السابق.

([12]) انظر المصدر السابق.

([13]) ابن حجر، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (773-852م)، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، بيروت، دار المعرفة، دون سنة الطبع، (10/586).

([14]) الأدب- الانبساط للناس، رقم (6129).

([15]) البر والصلة - ما جاء في المزاح، رقم (1989).

([16]) السنن الكبرى، عمل اليوم والليلة، التسليم على الصبيان، رقم (10094).

([17]) الأدب، المزاح، رقم (3720).

([18]) (3/120) رقم (12223).

([19]) الأدب، الكنية للصبي وقبل أن يولد، رقم (6203).

([20]) الآداب، استحباب تحنيك المولود عند ولادته، رقم (2150).

([21]) (3/ 212)، رقم (13241).

([22]) الأدب، الرجل يتكنى وليس له ولد، رقم (4969).

([23]) السنن الكبرى، عمل اليوم والليلة، التسليم على الصبيان، رقم (10096).

([24]) (3/115)، رقم (1216).

([25]) (3/ 188)، رقم (12988).

([26]) (8/314)، في ترجمة أم سليم. قال ابن سعد: أخبرنا مسلم بن ابراهيم أخبرنا ربعي بن عبد الله بن الجارود الهذلي، حدثنا الجارود قال: حدثني أنس فذكره، وإسناده حسن. فيه ربعي بن عبد الله وجده الجارود بن أبي سبرة الهذلي البصري أبو نوفل، وهما صدوقان.

انظر ترجمتهما: ابن حجر: أحمد بن علي العسقلاني (773-852) تقريب التهذيب. تحقيق محمد عوامة، حلب، دار الرشيد، ط1، 1406ه‍/1986م، ترجمة ربعي برقم (1880) وترجمة الجارود برقم (881)، وباقي رجاله ثقات.

([27]) (8/317). قال ابن سعد: حدثنا يحيى بن عباد عمارة ابن زاذان، حدثنا ثابت البناني عن أنس فذكره، وفي اسناده ضعف، عمارة بن زاذان الصيدلاني أبو سلمة البصري، صدوق كثير الخطأ، كما قال ابن حجر في التقريب رقم (4847)، وقد جزم ابن حجر في الإصابة في تمييز الصحابة، ترجمة رقم (10672) ص1528 أنه هو الابن الذي مات لأبي طلحة وأخفت أمه خبره عن أبي طلحة. انظر ابن حجر: احمد بن علي العسقلاني، الاصابة في تمييز الصحابة، تحقيق حسان عبد المنان، عمان - بيت الأفكار الدولية، دون سنة الطبع.

([28]) انظر: ابن حجر، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، مصدر سابق، ج10، ص583.

([29]) المصدر السابق، ج10، ص585.

([30]) المصدر السابق، ج10، ص585.

([31]) انظر: الهنداوي، علم نفس النمو، مصدر سابق، ص192.

([32]) مسن: بول مسن وآخرون، أسس سيكلوجية الطفولة والمراهقة، ترجمة: د. أحمد عبد العزيز سلامة، الكويت، مكتبة الفلاح، ط1، 1407ه‍/1986م، ص227.

([33]) انظر: الهنداوي، علم نفس النمو، مصدر سابق، ص194.

([34]) انظر: العامر، نجيب خالد العامر، من أساليب الرسول صلى الله عليه وسلم في التربية، الكتاب الأول، الكويت، مكتبة البشرى الإسلامية، السعودية، دار المجتمع، الطبعة الأولى، 1410ه‍/1990م، ص98.

([35]) انظر: المصدر السابق، ص98.

([36]) انظر: بني يونس، د. محمد محمود بني يونس، سيكلوجية الطفولة المبكرة، عمّان، دار الثقافة، ط1، 2005م، ص31-32.

([37]) ابن حجر، فتح الباري، ج10، ص585.

([38]) انظر: المصدر السابق، ج10، ص582.

([39]) د. بني يونس، سيكلوجية الطفولة المبكرة، مصدر سابق، ص97-98.

([40]) انظر: المصدر السابق، ص97.

([41]) أبو جادو، علم النفس التطوري، ص285-286، مصدر سابق.

([42]) رواه أحمد، ج3، ص447، رقم (15793). وأبو داود، الأدب، التشديد في الكـذب، رقـم (4991)،
وفي إسناده راو مجهول وهو مولى عبد الله بن عامر الراوي عنه، وللحديث مشاهد من رواية أبي هريرة مختصراً. رواه أحمد، ج2، ص452، رقم (9835)، ولفظة "من قال لصبي تعال هاك ثم لم يعطه فهي كذبة".

([43]) انظر: الريماوي، د. محمد عودة الريماوي، علم نفس النمو (الطفولة والمراهقة)، عمان، دار المسيرة، ط1، 1424ه‍/2003م، ص258-259.

([44]) انظر: الهنداوي، علم نفس النمو، مصدر سابق، ص182.

([45]) انظر: ملحم، د. سامي محمد ملحم، علم نفس النمو دورة حياة الإنسان، عمان، دار الفكر، ط1، 1425ه‍/ 2004م، ص321.

([46]) سرية، عصام نور سرية، سيكولوجية الطفل، الإسكندرية، مؤسسة شباب الجامعة، 2002م، ص43.

([47]) مسن، بول مسن، أسس سيكولوجية الطفولة والمراهقة، مصدر سابق، ص 529.

([48]) ابن حجر، فتح الباري بشرح البخاري، مصدر سابق، ج10، ص583.

([49]) انظر: ملحم، علم نفس النمو، مصدر سابق، ص322.

([50]) زهران، د. حامد عبد السلام زهران، التوجيه والإرشاد النفسي، القاهرة، عالم الكتب، ط3، 1985م، ص173.

([51]) ابن القاص، جزء في فوائد حديث أبي عمير، ص15.

([52]) زهران: التوجيه والإرشاد النفسي، ص130.

([53]) انظر: بدير، د. كريمان بدير، الرعاية المتكاملة للأطفال، القاهرة، عالم الكتب، ط1، 1424ه‍/ 2004م، ص229.

([54]) انظر: سمارة، عزيز سمارة وآخرون، سيكولوجية الطفولة، عمان، دار الفكر، دون سنة الطبع، ص191.

([55]) انظر: زهران، د. حامد زهران، التوجيه والإرشاد النفسي، مصدر سابق، ص87.

([56]) انظر: سرية، عصام سرية، سيكولوجية الطفل، مصدر سابق، ص44.

([57]) انظر: ابن حجر، فتح الباري، مصدر سابق، ج10، ص585.

([58]) انظر: أبو جادو، د. صالح محمد أبو جادو، سيكولوجية التنشئة الاجتماعية، عمان، دار المسيرة، دون سنة الطبع، ص65، نقلاً عن د. زهران.

([59]) هاتان الروايتان رواهما ابن سعد في الطبقات، ج8، ص314، في ترجمة أم سليم.

([60]) انظر: ابن القاص، جزء في فوائد حديث أبي عمير، مصدر سابق، ص16. فتح الباري، مصدر سابق ج10، ص585.

([61]) النووي، أبو زكريا يحيى بن شرف النووي (631-676ه‍)، شرح صحيح مسلم، القاهرة، دار المنار، 1423ه‍/2003م، ج14، ص287.

([62]) انظر: الريماوي، د. محمد عودة الريماوي، في علم نفس الطفل، عمان، دار الشروق، ط1، 2003م، ص246.

([63]) انظر: د. علي فالح الهنداوي، علم نفس النمو، مصدر سابق، ص191.

([64]) انظر: باحارث، عدنان حسن باحارث، مسؤولية الأب المسلم في تربية الولد في مرحلة الطفولة، جدة، دار المجتمع، ط6، 1418ه‍/1997م، ص289. نقلاً عن فينيكس فيليب، فلسفة التربية، ص306.

([65]) انظر: قسم الترجمة والتحقيق، اللعب في حياة الأطفال، عمان، دار الأخوة، ط1، 1424ه‍/2004م، ص117-118.

([66]) انظر: السيد، د. خالد عبد الرزاق السيد، سيكولوجية اللعب نظريات وتطبيق، الإسكندرية، مركز الإسكندرية للكتاب، 2002م، ص24.

([67]) انظر: د. الهنداوي، علم نفس النمو، مصدر سابق، ص178.

([68]) بني يونس، د. محمد محمود بني يونس، سيكولوجية الطفولة المبكرة، مصدر سابق، ص37.