أضيف بتاريخ : 23-05-2023


ضوابط التقليد على المذاهب الفقهية (دراسة مقاصدية)

الإفتاء العام الأردني أنموذجاً(*)

المفتي هاني العابد والمفتي الدكتور نشأت الحوري

ملخص البحث

يدور محور البحث على موضوع  ضوابط التقليد على المذاهب الفقهية وأهميته واعتباره في مرعاة أحوال الناس، مع النظر الى أسسه ودواعيه بالضوبط المعتبرة، ومتى يكون مستساغاَ شرعا وكان لدائرة الإفتاء الأردني رؤية واضحة في اعتبار وأهمية المذاهب الفقهية الأخرى والاستفادة منها بالضوابط الشرعية عند الحاجة والضرورة والنظر الى حال المستفتي وقراءة الواقع المعاصر مع تحقيق المصلحة العامة ونحوها من خلال النظر الى المقاصد الشرعية والقواعد الفقهية وعموم الشواهد والأدلة الشرعية العامة والخاصة، لا بطريق الهوى والتشهي في الأخذ من المذاهب الأخرى في العديد من فتاويها مع أن الأفتاء الأردني يعتمد مذهب الإمام الشافعي أساساً ومنطلقاً بالفتوى.

أجمع أهل الأصول أن للعامي أن يقلد من شاء من المذاهب المعتبرة. وانه لا مانع في التقليد عند الحاجة ما لم يفض الى الترخص المذموم.

الكلمات المفتاحية: التقليد، المذاهب، دائرة الإفتاء العام،الضوابط، الفقه، المقاصد.

المقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

فإنّ شريعتنا الإسلامية بكافة أحكامها واضحةٌ كالشمس في رابعة النهار؛ لاستنادها على أصول رصينة انبرى لبيانها الفقهاء الاجّلاء تفصيلا وبياناً، فهم ورثة الأنبياء.

ومن سمات شريعتنا أنها صالحة لكل زمان ومكان، وفيها من الأحكام والنصوص الشرعية التي تسعف أهل الاجتهاد في إيجاد الحلول الشرعية  للمستجدات والنوازل المعاصرة، كما أنها تراعي مصالح العباد من خلال النظر الى الضروريات، والحاجيات، والتحسينيات.

كما أن العلماء توسعوا في النظر وتفسير النصوص مع اعتبار المحاسن والمقاصد، فتعدت الاختلافات والتفاسير والشروح في كثير من المسائل باختلاف الأنظار والاجتهاد، فظهرت المذاهب الفقهية وانتشرت في أرجاء عالمنا الأسلامي، فكان لتعدد المذاهب واختلافهم في المسائل الفقهية رحمة وسعة على الأمة في رفع الحرج والتيسير على الناس ومرعاة أحوالهم، فلا يمكن حمل الناس على مذهب واحد وقول واحد.

 قال صاحب الإبهاج:" وأما نحن فإنه يجوز التقليد للجاهل والأخذ بالرخصة من أقوال العلماء بعض الأوقات عند مسيس الحاجة من غير تتبع الرخص، ومن هذا الوجه يصح أن يقال الاختلاف رحمة إذ الرخص رحمة"([1]).

وعليه كان النظر إلى بعض فتاوى في دائرة الإفتاء الأردني في تقليد المذاهب الفقهية المعتبرة، علماً أن مذهب الدائرة هو مذهب إمامنا الشافعي رحمه الله من حيث الأساس، ولكن في بعض المسائل وقع اختيارهم على أقوال المذاهب الأخرى؛ لاعتبارات وضوابط منها رفع الحرج والمشقة والتيسير على الناس، وهو منهج حث عليه الشارع الحنيف، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (اللهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ)([2])، وعلاوة على هذا فإن هناك أسباب ضوابط أخرى سنذكرها في بابها إن شاء الله.

مشكلة الدراسة:

تكمن إشكالية البحث في محاولة الإجابة عمّا يلي:

ماهو تعريف التقليد عند الأصوليين؟

ما هي دواعي التقليد المذاهب الأخرى في الأحكام الشرعية؟

ماهي ضوابط التقليد المذاهب الأخرى عند الأصوليين؟

ما أهمية التقليد المذاهب الأخرى ومدى اعتباره عند الفقهاء؟

ما الفرق بين التقليد والتلفيق وتتبع الرخص، وحكم كل واحد منها ؟

ما أثر التقليد المذاهب الأخرى في فتاوى دائرة الإفتاء الأردني؟

أهداف الدراسة:

بيان مفهوم التقليد للمذاهب الأخرى واعتباره عند الأصوليين والفقهاء.

معرفة أهمية التقليد للمذاهب الأخرى في رفع الحرج والتيسير على الناس.

ذكر أثر التقليد للمذاهب الأخرى في فتاوى الإفتاء الأردني، دراسة تطبيقة عملية.

التأصيل للموضوع من خلال وضع النماذج والضوابط من أقوال الفقهاء والأصوليين.

الاطلاع على حكم التقليد والتلفيق وتتبع الرخص مع التفريق بينها.

الدراسات السابقة:

لم نجد بحثا ًمستقلا في أثر التقليد وضوابطه على  فتاوى الإفتاء الأردني، وكذلك لم توجد ضوابط واضحة ومحددة ومستقلة عند الأصوليين والفقهاء من حيث جواز التقليد والإنتقال الى المذاهب الأخرى؛ لأنّ معظم الباحثين تدور أبحاثهم على عموم هذا الباب، لا على الضوابط وأثرها على الفتوى وحكم التقليد وضابط الأخذ بالمذاهب الفقهية، بيد أننا وقفنا على بعض الدراسات ذات صلة بالموضوع نوعا ما، ومن هذه الدراسات: مفهوم التقليد وحكمه، للباحث الحضرمي أحمد الطلبه، مجلة البحوث والدراسات، 2012.

إلا أن الباحث لم يذكر الخلافات الأصولية والفقهية في حكم وضوابط التقليد بصورة مباشرة في الفتوى، وإنما ذكر عموم الخلاف بين المذاهب الفقهية.

أحكام التقليد عند الأصوليين، د.عبدالرحمن خصيفان، مجلة بريطانية ليدز، بحث محكم.

بين الباحث حكم التقليد دون نماذج واقعية معاصرة للمستجدات والنوازل.

منهج البحث:

اعتمدنا في كتابة البحث على مناهج البحث العلمي القائمة على الإستقراء، والتحليل، والاستنباط المتمثّل في النقاط الآتية:

استقراء المادة العلمية من أمّهات الكتب الفقهية.

تحرير المسائل التي يُراد بحثها.

ذكر التطبيقات الفقهية في كتب المذهب الشافعي.

عزو الأقوال الى أصحابها.

تخريج الأحاديث من مصادرها الرئيسية.

ذكر الخاتمة والنتائج والتوصيات والمراجع والمصادر.

خطة البحث:

المبحث الأول: التقليد تعريفه وحكمه وضوابطه:

المطلب الأول: تعريف التقليد لغة واصطلاحاً.

المطلب الثاني: حكم التقليد عند الأصوليين.

المطلب الثالث: التقليد والفرق بينه وبين التلفيق وتتبع الرخص.

المطلب الرابع: نماذج التقليد على المذاهب الأخرى عند الفقهاء.

المبحث الثاني: ضوابط التقليد، دراسة تطبيقية دائرة الإفتاء الأردني.

الخاتمة والنتائج والتوصيات مع قائمة المصادر والمراجع

المبحث الأول

التقليد تعريفه وحكمه وضوابطه

المطلب الأول: تعريف التقليد لغة واصطلاحاً:

التقليد لغة: التقليد مصدر قلَّد (فعَّل) تقليداً([3]).

وهو مأخوذ من القلادة التي تحيط بالعنق ونحوه، ومادة قلَّد تدور في اللغة على معان كثيرة منها:

1- التعليق: قال ابن فارس: "القاف واللام والدال أصلان صحيحان يدل أحدهما على تعليق شيء على شيء وليه به (اللغة)"([4]).

2- التحمل ومنه قولهم: تقلد الأمر أي احتمله.

3- التسليم ومنه قولهم: قلد فلانًا الدين: سلمه إياه (العرب، 1414 هـ، صفحة ج3 ص 367)

وأما اصطلاحاً: فقد ترادف معنى التقليد عند الفقهاء من أهل الأصول في تعريف التقليد بأنه "قبول القول بغير بلا حجة"([5]).

وعليه يكون التقليد: هو الأخذ القول من غير البحث عن الدليل.

المطلب الثاني: حكم التقليد عند الأصوليين:  

قال الله تعالى: {وَلاَ تَقفُ مَا لَيسَ لَكَ بِهِ عِلمُ إِنَ السَمْعَ وَالبْصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنهُ مَسئُولاً} [الإسراء:36].

أمرنا الله تعالى بالبحث والنظر في معالم شريعتنا، وأنً العقل مناط التكليف، ورفع الله الحرج عن عباده فيما لا يتمكن الوصول إليه وعجزه عن البحث، إلا أن التقليد قد يستساغ شرعاً وقد يكون مذموماً في مواطن،  وعليه توسعت البحوث في الحكم على التقليد، ووقع الخلاف في بعض المسائل، ولأهميته أفرد الأصوليون باباً في التقليد والاجتهاد في كتبهم، واتفق الفقهاء والأصوليون على أن من عجز عن طلب العلم واتباع سبيله، فقد وجب عليه سؤال أهل العلم والذكر، قال تعالى: {فَسئَلُواْ أَهلَ الذِكرِ إنِ كُنتُم لاَ تَعلَمُونَ} [الأنبياء: 7].

قال الغزالي: "وقد اتفقوا على أنه إذا فرغ من الاجتهاد وغلب على ظنه حكم فلا يجوز له أن يقلد مخالفه ويعمل بنظر غيره ويترك نظر نفسه"([6]).

ويقسم التقليد من حيث الحكم على قسمين:

الأول: ما كان متعلقاً بأمور العقيدة، فلا يجوز التقليد فيه بالاتفاق ما عدا الحشوية  وأبي حسين العنبري.

قال الشيرازي: "فأما العقلي فلا يجوز فيه التقليد كمعرفة الصانع وصفاته ومعرفة الرسول صلى الله عليه وسلم وغير ذلك من الأحكام العقلية"([7]).

قال الشوكاني: "اختلفوا في المسائل العقلية، وهي المتعلقة بوجود الباري وصفاته، هل يجوز التقليد فيها أم لا؟ فحكى الرازي في "المحصول" عن كثير من الفقهاء أنه يجوز، ولم يحكه ابن الحاجب في "المختصر" إلا عن العنبري، وذهب الجمهور إلى أنه لا يجوز، وحكاه الأستاذ أبو إسحاق في "شرح الترتيب" عن إجماع أهل العلم من أهل الحق وغيرهم من الطوائف، قال أبو الحسين بن القطان: لا نعلم خلافا في امتناع التقليد في التوحيد"([8]).

الثاني: ما كان التقليد متعلقاً بالأحكام الشرعية أجاز العلماء من أهل الأصول والفقه التقليد ما كان في الفروع وجزيئيات مما لايعرف إلا بالإستدلال والنظر والبحث.

قال الشيرازي: "وأما الشرعي فضربان: ضرب يعلم ضرورة من دين الرسول صلى الله عليه وسلم كالصلوات الخمس والزكوات وصوم شهر رمضان والحج وتحريم الزنا وشرب الخمر وما أشبه ذلك، فهذا لا يجوز التقليد فيه لأن الناس كلهم يشتركون في إدراكه والعلم به، فلا معنى للتقليد فيه، وضرب لا يعلم إلا بالنظر والاستدلال، كفروع العبادات والمعاملات والفروج والمناكحات وغير ذلك من الأحكام فهذا يسوغ فيه التقليد"([9]).

ومن رحمة الله تعالى أن جعل رسالة محمد عليه الصلاة والسلام خالدة إلى قيام الساعة، ودأب العلماء في مشارق الأرض ومغاربها على دراسة الشريعة مع اختلاف النظائر والاجتهادات الفقهية حتى استقرت وأثمرت المذاهب الفقهية المشهورة والمعتبرة.

فأقوال المجتهدين واختلافاتهم الفقهية كانت وما زالت رحمة وسعة للأمة، فهي من نعم الله وجزيل فضله على عباده.

وحديث النبي عليه الصلاة والسلام: (إِنَّ أَصْحَابِي بِمَنْزِلَةِ النُّجُومِ فِي السَّمَاءِ فَأَيُّمَا أَخَذْتُمْ بِهِ اهْتَدَيْتُمْ , وَاخْتِلَافُ أَصْحَابِي لَكُمْ رَحْمَةٌ)([10])، وعلق عليه الحافظ السيوطي قوله: "إخباره صلى الله عليه وآله وسلم باختلاف المذاهب بعده في الفروع، وذلك من معجزاته؛ لأنه من الإخبار بالمغيَّبات، ورضاه بذلك، وتقريرُه عليه، ومدحُه له؛ حيث جعله رحمة، والتخيير للمكلف في الأخذ بأيها شاء من غير تعيين لأحدها، واستُنبِط منه: أن كل المجتهدين على هدى، فكلهم على حق، فلا لوم على أحد منهم، ولا ينسب إلى أحد منهم تخطئة؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (فَأَيّمَا أَخَذْتُمْ بِهِ اهْتَدَيْتُمْ)([11])، فلو كان المصيب واحدًا والباقي خطأ، لم تحصل الهداية بالأخذ بالخطأ"([12]).

قال ابن قدامة: "وجعل في سلف هذه الأمة أئمة من الأعلام، مهد بهم قواعد الإسلام، وأوضح بهم مشكلات الأحكام، اتفاقهم حجة قاطعة، واختلافهم رحمة واسعة، تحيا القلوب بأخبارهم، وتحصل السعادة باقتفاء آثارهم"([13]).

وذكر الشعراني في كتاب الميزان نقلاً عن سفيان الثوري: "لا تقولوا اختلف العلماء في كذا، وقولوا قد وسع العلماء على الأمة بكذا"([14]).

وأجمع الفقهاء من أهل الأصول على أنَّ للمسلم العامِّي أن يُقلِّد من شاء مِن المذاهب الفقهية المعتبرة.

 قال الإمام القرافي المالكي في "شرح تنقيح الفصول": "انعقد الإجماع على أنَّ مَن أسلم فله أن يُقلِّد من شاء من العلماء بغير حَجْرٍ"([15]).

وقال عليش في" فتح العلي": "الاختلاف رحمة للتوسع في الأقوال والوقوف مع المشهور، أو الموافق للدليل أو الراجح عند أهل النظر والذي عليه أكثر المسلمين تحجير على رأي واحد وميل بالناس إلى الحرج وما جعل الله في الدين من حرج"([16]).

قال مصطفى الزرقا: "وهذه المذاهب الفقهية كلها نسبتها إلى الشريعة الإسلامية متساوية؛ فآراء فقهاء الصحابة ومن بعدهم من التابعين وتابعيهم؛ كابن أبي ليلى، وابن شبرمة، ومكحول، والأوزاعي، والحسن البصري، وسعيد بن جبير، وكثير غيرهم، لها مِن القيمة والاعتبار ما لآراء أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل. وليس من المُحتَّم أن يأخذ كل قُطرٍ مذهبَ أحد المُجتهدين بكامله، بل يمكن أن يأخذ من قواعد كل مذهب وأحكامه ما يرى أنَّه الأليق بالمصالح الزمنية"([17]).

وعليه فإن دائرة الإفتاء العام الأردني كانت وما زالت تتتبع في منهجها وفتاويها في الاعتماد على المذاهب والأقوال الفقهية المعتبرة عند الحاجة والمشقة بضوابط محكَمة كما سيأتي معنا.

المطلب الثالث: التقليد والفرق بينه وبين التلفيق وتتبع الرخص:

التقليد يختلف عن التلفيق وتتبع الرخص؛ لأن الفقهاء من أهل  الأصول أجازوا التقليد، واختلفوا في حكم التلفيق والترخص.

ومعنى التلفيق لغة: "مصدره لفق، ويطلق ويراد به:الضم والملائمة، أو الكذب المزخرف ومنه ولفق الثوب من باب ضرب، وهو ضم شقة إلى أخرى فيخيطها، ومنه ضم الأشياء والأمور والملائمة بينهما لتكون شيئاً واحداً أو لتسير على وتيرة واحدة" ([18]).

أما اصطلاحاً: "التلفيق عند الأصوليين على معنى الجمع بين تقليد إمامين أو أكثر في فعل واحد، له أركان وجزئيات لها ارتباط بعضها ببعض ولكل منها حكم خاص، بحيث يتأتى من هذا الجمع حصول كيفية لا يقول بها أي من الإمامين"([19]).

ومنهم من عرف التلفيق: "الجمع بين المذاهب الفقهية المختلفة في أجزاء الحكم الواحد بكيفية لم يقل بها أيٌّ من تلك المذاهب"([20]).

يتبين من خلال التعريفين أن حقيقة التلفيق هو أخذ المقلد بأكثر من مذهب فقهي وقت واحد بنفس المسألة بحيث يحصل من هذا المزج هيئة مركبة لم يقل بها أحد ممن قلَّدهم، وإنما قال البعض ببعض أجزائها وقال آخرون ببعض آخر.

وينقسم التركيب إلى قسمين:

- الجمع بين حكمين في قضية واحدة، كمن جمع في صحة الوضوء بين أخذ بقول الشافعية في عدم النقض بالخارج النجس من غير السبيلين، وتقليد الحنفية في عدم نقض الوضوء بلمس المرأة، فهذا تركيب بين حكمين في قضية واحدة وهي صحة الوضوء.

- التلفيق بين أكثر من حكم في أكثر من مسألة، كمن جمع في صحة صلاته بين تقليد الشافعية في مسح ببعض شعر الرأس، وبين تقليد الحنفية في صحة الصلاة دون الطمأنينة، فهذا تركيب بين حكمين بين قضيتين مختلفتين وهما الوضوء والصلاة.

وذهب المتأخرون إلى جواز التلفيق عند الحاجة بشروط أن لا يخالف الإجماع أو استقر عليه العمل أو غير ناقض لأحكام القضاء أو يتعارض مع مقاصد الشريعة وإلا كان التلفيق مذموما([21]).

وذكر وهبة الزحيلي ضابط التلفيق المذموم والجائز قوله: "إن ضابط جواز التلفيق وعدم جوازه: هو أن كل ما أفضى إلى تقويض دعائم الشريعة والقضاء على سياستها وحكمتها، فهو محظور، وخصوصاً الحيل الشرعية الممنوعة، وأن كل ما يؤيد دعائم الشريعة، وما ترمي إليه حكمتها وسياستها لإسعاد الناس في الدارين بتيسير العبادات عليهم، وصيانة مصالحهم في المعاملات، فهو جائز مطلوب"([22]).

تتبع الرخص:

والرخص لغة: وتأتي الرُّخْصَة بمعنى التسهيل في الأمر، خلاف التشديد فيه([23]).

والرخصة شرعا: جواز الإقدام على الفعل مع اشتهار المانع منه شرعاً([24]).

وعرفها البعض: هي ما شُرع من الأحكام لعذر، تخفيفا ًعن المكلفين، مع قيام السبب الموجب للحكم الأصلي([25])، كمسح على الجبيرة والقصر بالسفر ونحوه.

والمراد بتتبع رخص الفقهاء: "أن يختار الشخصُ القولَ الأهونَ عليه من مذاهب واجتهادات الفقهاء، فيما اختلفوا فيه من المسائل"([26]).

واختلف الفقهاء وأهل الأصول على ثلاثة أقوال:

منهم من قال بالمنع ومنهم بالجواز ومنهم بالجواز مقيدا عند الحاجة والضرورة ما لم يخالف النص القطعي الدلالة أو خرق للإجماع ([27]).

والقول الثالث هو الأسلم، وهو ما دأب به العلماء وساروا عليه في غالب فتاويهم، وخصوصاً في الأحكام العملية.

وقال ابن عليش: "وأما التقليد في الرخصة من غير تتبع، بل عند الحاجة إليها في بعض الأحوال خوفَ فتنة ونحوها؛ فله ذلك"([28]).

قال الزركشي: "وفي فتاوى النووي الجزم بأنه لا يجوز تتبع الرخص، وقال في فتاوٍ له أخرى، وقد سئل عن مقلد مذهب: هل يجوز له أن يقلد غير مذهبه في رخصة لضرورة ونحوها؟ أجاب: يجوز له أن يعمل بفتوى من يصلح للإفتاء إذا سأله اتفاقًا من غير تلقّطِ الرخص ولا تعمُّدِ سؤالِ من يعلم أن مذهبه الترخيص في ذلك"([29]).

وعلى صحة من جوز التتبع الرخص قيده أيضاً بالنظر لحالة المستفتي لا على إطلاقه.

وقد علّق الزركشي على ذلك بقوله: "فلا ينبغي حينئذ إطلاق القول بالجواز مطلقاً لكل احد، بل يرجع النظر إلى حال المستفتي وقصده"([30]).

وقيد العِزُّ بن عبد السلام الجوازَ بأن لا يترتب عليه نقض حُكمُ الحاكم، وغير مخالف النَّص الذي لا يحتمل التأويل، أو الإجماعَ، أو القواعد الكلية أو القياس الجلي([31]).

وملخص الحكم بالجواز عند الفقهاءعلى التلفيق وتتبع الرخص إن كان مقيداً عند الحاجة والضرورة وحسب حال المستفتي بشرط عدم مخالفة النص القطعي أو خرق للإجماع أو نقض حكم حاكم من غير الهوى والتشهي.

المطلب الرابع: نماذج التقليد على المذاهب الأخرى عند الفقهاء:

حرص الفقهاء من أهل الفضل والعلم على أهمية الفقه ومصادره وأصوله فتعدد الآراء والاجتهادات في المسائل الفقهية، التي كانت وما زالت تعد من الضرورات الشرعية والحياتية، فسنة الله في خلقه أن جعل أحداث الحياة لا تنتهي، ووقائعها تتجدد وتتنوع، واختلاف الأفكار والأفهام والغايات والمقاصد واقع بين الناس في كل زمان ومكان.

وعليه فلا بد من وجود الآراء وتنوع الاجتهادات في الأحكام الشرعية، فقد نهج الفقهاء من المتقدمين والمتأخرين بالإشارة على المذاهب الفقهية المعتبرة في كتبهم، فكان لذكر آراء المذاهب ببعض المسائل بالشروحات والحواشي غاية ومقصد مشروع في نفس الفقيه بل صرح الفقهاء بتقليد المذاهب الأخرى في بعض المسائل لدواعي وأسباب مختلفة.

نماذج من كتب فقه المذاهب الأربعة في الإشارة على تقليد والأخذ بالمذهب الآخر للتيسير ورفع الحرج ونحوه وفي بعض المسائل:

الحنفية: معلوم عند الحنفية لا يجوز أخذ أجرة على عسب الفحل أي ضرابه إلا أن صاحب كتاب العناية أشار على اعتبار رأي الأخر من المذاهب الأخر للحاجة قوله: "(ولا يجوز أخذ أجرة عسب الفحل) أي ضرابه (وهو أن يؤجر فحلا لينزو على الإناث) وخرج بعض الشافعية والحنابلة لجوازه وجها، وهو أنه انتفاع مباح ولهذا جاز بطريق الاستعارة والحاجة تدعو إليه"([32]). 

الحنفية لا يجوزون الرعي بأرض الحرم لحرمتها، وخالف أبو يوسف من الحنفية مقلدا المالكية والشافعية بالجواز للحاجة والضرورة، قال العيني: "(وقال أبو يوسف رَحِمَهُ اللَّهُ: لا بأس بالرعي) ش: وبه قال الشافعي، ومالك: "لأن فيه ضرورة، فإن منع الدواب عنه متعذر"([33]).

المالكية: المعتمد عند  المالكية من عجز عن أداء الحج بنفسه فقد سقط عنه الحج،، ولا يقبل النيابة فيه حتى لو أوصى أو استأجر من يحج عنه لمرض أو عجز، سواء كان فرضًا أو نفلاً - فلا يكتب له أجر الحج، بل يقع نفلاً للأجير، وذلك قوله تعالى: }وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى{ [النجم: 39]، ولكن اعتبروا حجه أو عمرته إذا أوصى مرعاة لخلاف الشافعي بالجواز المطلق([34]).

الفاتحة ليس بمشروعة في صلاة الجنازة عند الإمام مالك، وكذلك البسملة بالفاتحة مكروه، ولكن استحب قراءة الفاتحة والبسملة بالصلاة مطلقاً عند المالكية للورع.

 قال القرافي: "شرعية الفاتحة في صلاة الجنازة فمالك يقول ليس بمشروعة، والشافعي يقول مشروعة واجبة، فالورع القراءة، وكالبسملة قال مالك مكروهة في الصلاة، وقال الشافعي وأبو حنيفة واجبة، فالورع أن تقرأ"([35]).

الشافعية: عند الشافعية يجب تعميم الزكاة لجميع الأصناف الثمانية كما يجب التسوية بين الأصناف، وجوز المتأخرون تقليداً  للجمهور على إعطاء الزكاة لصنف واحد لتعذر العمل على قول المذهب، قال ابن حجر في التحفة:" (يجب استيعاب الأصناف) الثمانية بالزكاة ولو زكاة الفطر لكن اختار جمع جواز دفعها لثلاثة فقراء، أو مساكين مثلا وآخرون جوازه لواحد، وأطال بعضهم في الانتصار له، بل نقل الروياني عن الأئمة الثلاثة وآخرين أنه يجوز دفع زكاة المال أيضا إلى ثلاثة من أهل السهمان قال، وهو الاختيار لتعذر العمل بمذهبنا ولو كان الشافعي حيا لأفتانا به"([36]).

لا يجوز الجمع للمريض في الصلاة لا تقديماً ولا تأخيراً على المذهب، وجوزه النووي وغيره من أئمة المذهب تقليداً لمذهب الجمهور لدواعي التيسير ورفع الحرج وقوة الدليل([37]).

قال الشربيني: "حكى في المجموع عن جماعة من أصحابنا جوازه بالمذكورات وقال: وهو قوي جدا في المرض والوحل، واختاره في الروضة، لكن فرضه في المرض، وجرى عليه ابن المقري. قال في المهمات: وقد ظفرت بنقله عن الشافعي اهـ وهذا هو اللائق بمحاسن الشريعة، وقد قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]"([38]).

الحنابلة: لا يجوز عند الحنابلة بيع المسك بفأرته أي داخل وعاءه للجهالة، وأشار ابن قدامة إلى رأي الشافعية بالجواز لمصلحة حفظ المسك وبقاء رائحته بقوله:" ولا يجوز بيع ما تجهل صفته كالمسك في الفأر، وهو الوعاء الذي يكون فيه... وقد قال بعض الشافعية: يجوز لأن بقاءه في فأره مصلحة له، فإنه يحفظ رطوبته وذكاء رائحته"([39]).

لا يجوز عند الحنابلة أكل المضطر الآدمي الميت المعصوم وهو غير مهدر الدم كالحربي والمرتد، وأجاز الحنفية والشافعية أكل المضطر الميت المعصوم، وأشار ابن قدامة إلى قول الحنفية والشافعية بالجواز ورجحه بقوله: "وإن وجده ميتا، أبيح أكله؛ لأن أكله مباح بعد قتله، فكذلك بعد موته. وإن وجد معصوما ميتا، لم يبح أكله، في قول أصحابنا، وقال الشافعي، وبعض الحنفية: يباح، وهو أولى؛ لأن حرمة الحي أعظم"([40]).

ومن خلال هذه النماذج كان للتيسير ورفع الحرج والمشقة ونحوها أثراَ بالغاً في جواز تقليد المذاهب الأخرى والخروج عن المعتمد في المذهب.

المبحث الثاني

ضوابط التقليد، دراسة تطبيقية دائرة الإفتاء الأردني

دائرة الإفتاء العام الأردني، ومن خلال العمل والاطلاع على الفتاوى كانت أنموذجاً في التعامل مع النصوص، والأخذ وتقليد المذاهب الأخرى بضوابط شرعية لحالات ومسائل خاصة تراعي حال المستفتي وحاجته في رفع الحرج والمشقة.

ومن الضوابط والنماذج من فتاوى دائرة الإفتاء العام الأردني في تقليد المذاهب الفقهية المعتبرة:

الضابط الأول: ما فيه تحقيق لمبدأ من مبادئ الإسلام كالتكافل: ومن نماذجها الصادرة من دائرة الإفتاء:

جواز قضاء دين الميت من الزكاة أخذًا بقول المالكية كما جاء في فتوى رقم: 3500، بتاريخ: 13-05-2019م، الموضوع  حكم سداد دين المتوفى من مال الزكاة.

ملخص الفتوى: "فلا حرج في قضاء دين الميت من الزكاة بناء على قول من قال بذلك من الفقهاء، وإبراء لذمة الميت من الديون".

ثانياً: جواز إعطاء الكفارات على شكل كوبانات أخذاً وتقيلداً لمذهب الحنفية كما جاء في فتوى حكم دفع أموال الكفَّارات لدعم مرضى السرطان رقم الفتوى: 3556، بتاريخ: 19-02-2020م، حكم دفع أموال الكفَّارات لدعم مرضى السرطان.

ملخص الفتوى: "وقد أجاز فقهاء الحنفية إخراج قيمة نصف صاع من الطعام براً أو أرزاً في الكفارات (1200 غم)، إذا كان هذا أنفع للفقير، جاء في [الاختيار لتعليل المختار 3/ 165] من كتب الحنفية: "ويطعم كما ذكرنا في صدقة الفطر لقوله عليه الصلاة والسلام في حديث سهل بن صخر أو أوس بن الصامت: (لكلّ مسكين نصف صاع من برّ)، ولأنه لحاجة المسكين في اليوم... فلا بأس شرعاً بأن يوكِّل الفقراء مركز الحسين للسرطان بقبض الكفَّارات عنهم، ثمّ صرفها لهم، من خلال تقسيم قيمة الكفارة الواحدة على كوبونات، باعتبار أنّ كلّ كوبون منها يساوي قيمة إطعام مسكين واحد، ثم يُعطى كلّ مريض من الفقراء من الكوبونات بقيمة إطعام مسكين (نصف صاع) ليشتري بقيمتها تلك الوجبات الخاصّة. والله تعالى أعلم".

الضابط الثاني: الحاجة ودفع المشقة والحرج.

ومن نماذج الحاجة ودفع المشقة والحرج من الفتاوى الصادرة من دائرة الإفتاء الأردني:

مسألة إخراج زكاة عروض التجارة نقداً على رأي الحنفية بجواز إخراج القيمة؛ لأن إخراج العين قد يتعذر ويشق على التجار.

جاء في فتوى الموضوع: يجوز إخراج زكاة عروض التجارة عيناً أو نقداً، رقم الفتوى: 3338، بتاريخ: 04-12-2017م.

ملخص الفتوى: "وعليه؛ فإنّ إخراج زكاة عروض التجارة يكون على مذهب السّادة الحنفية بالنقد أو أعيان تلك العروض بشرط أن يكون ذلك لمصلحة الفقير ومحققاً لدفع حاجته؛ لأن ذلك هو وجه القربة، فإن انتفى وجه القربة في أحد الأمرين فلا يصحّ الإخراج به، فإن كان في إخراج زكاة العطور من نفس البضاعة منفعة للفقير جاز، وإلا فلا".

طواف الحائض عند الضرورة، فقد أشارت دائرة الإفتاءالأردني رقم الفتوى: 3182، بتاريخ: 16-03-2016م، إلى:" ذكر أقوال الفقهاء فذهب الحنفية بجواز الطواف مع الإثم وعليها بدنة، كما ذهب الشافعية حكمها كالمحصر، والمالكية تصبر حتى ينقطع الدم أثناء فترة الحيض ولو للحظات فتطوف؛ لأن الطهر المتخلل أثناء الحيض يعد طهراً عندهم، وعند الإمام أحمد رواية في جواز طواف الحائض، وتجبره بدم، وابن تيمية من الحنابلة أجاز للمضطرة التي تخشى فوات الرفقة أن تطوف على حالها ولا شيء عليها".

ونصحت دائرة الإفتاء على من تأتيها حيضتها وقت الطواف وهي محرمة، لا بد من الاستفتاء بخصوص حالتها. والله تعالى أعلم.

الضابط الثالث: ما كان انسجاما مع الرأي المعتمد قضائياً.

وحتى لا يحدث تنازعا ووتناقضاً بين نظام القضاءالمستمد من أقوال الفقهاء مع فتاوى دائرة الإفتاء، فكان لزاماً التقيد برأي القضاء؛ لأن القضاء ملزم للإفراد ورأي الإمام يرفع الخلاف.

ومن نماذج هذا الإنسجام:

بيع العربون: أجاز الحنابلة بيع العربون على خلاف الحنفية والشافعية قالوا بالتحريم.

وأشارت الفتوى رقم: 2788 بتاريخ: 04-04-2013م:" وأجاز "مجمع الفقه الإسلامي" بيع العربون إذا قُيدت فترة الانتظار بزمن محدود، ويحتسب العربون جزءًا من الثمن إذا تم الشراء، ويكون من حق البائع إذا عدل المشتري عن الشراء. (الدورة الثامنة) قرار (76/ 3/ 85)، كما أجاز القانون المدني الأردني بيع العربون في المادة (107) منه.

والمختار عندنا جواز بيع العربون، وأن العربون الذي يدفعه المشتري يكون جزءًا من الثمن إن أمضى البيع، وإلا فهو للبائع إن عدل المشتري عن الشراء، شريطة أن يُحدد بفترة زمنية يتفق عليها الطرفان، وهذا من باب خيار الشرط. والله أعلم".

طلاق الغضبان المتوسط (المدهوش) وهو من فقد الإدراك والوعي الكاملين، لكنه في الوقت نفسه يورث خللا واضطرابا في الأقوال والأفعال.

هذا النوع يقع طلاقه عند الجمهور على خلاف ابن تيمية وابن قيم الجوزية من الحنابلة وابن عابدين من الحنفية قالوا بعدم وقوع طلاقه، وهو ما أخذ به قانون الأحوال الشخصية الأردني وما أكده مجلس الإفتاء الأردني في قرار رقم: (216) (6/ 2015) حكم طلاق الغضبان بتاريخ (28/شوال/1436هـ)، الموافق (13 / 8/2015م)، انسجاما مع القانون القضائي.

ملخص الفتوى: "الغضب المتوسط بين القسمين السابقين، حيث لا يؤدي إلى فقد الإدراك والوعي الكاملين، لكنه في الوقت نفسه يورث خللا واضطرابا في الأقوال والأفعال، ويخرج المرء عن عادته، ويفقد معه قدرا وافرا من القصد، وهو المسمى في قانون الأحوال الشخصية الأردني بـ(المدهوش).

فهذا النوع وقع فيه الخلاف بين الفقهاء على قولين، ذهب الجمهور منهم إلى وقوع الطلاق معه وعدم الإعذار به، ورجح ابن تيمية وابن قيم الجوزية من الحنابلة، وابن عابدين من الحنفية عدم وقوع طلاق هذا النوع من الغضب، وأنه في دائرة العفو واللغو... هكذا فإن ما أخذ به قانون الأحوال الشخصية الأردني (رقم/36 لعام/2010م)، في المادة (86)، وما يفتي به مجلس الإفتاء والبحوث والدراسات الإسلامية، هو القول بالعفو عن هذا النوع من الغضب المتوسط، وعدم وقوع الطلاق به، سواء في الطلقة الأولى أو الثانية أو في الثالثة؛ إيثارا لمبدأ ظهور القصد في العقود، ومعذرة بما عذرت به الأدلة الشرعية التي رفعت الحرج عن المخطئ والناسي والمجنون والمكره، وهكذا يلحق بهم كل من تأثرت إرادته بموانع التكليف وأشباهها".

الضابط الرابع: تحقيق مصلحة ظاهرة ودرء مفسدة:

ومن نماذج الفتاوى الصادرة من دائرة الإفتاء:

حكم تأجير سطح المسجد لمصلحة محققة: جاء في قرار مجلس الإفتاء رقم: (266) (20 / 2018) بتاريخ (5/ربيع الثاني/1440هـ) الموافق (13 / 12/ 2018م) بجواز تأجير سطح المسجد للمصلحة على خلاف مذهب الشافعية الذين قالوا بالمنع، قال النووي:" حائط المسجد من داخله وخارجه له حكم المسجد في وجوب صيانته وتعظيم حرماته وكذا سطحه والبئر التي فيه وكذا رحبته"([41]).

 وملخص الفتوى: "لاحرج في تأجير علو هذا المسجد لتركيب مولدات الطاقة الشمسية، حيث تعود الأجرة على منفعة المسجد ورعايته؛ ولكن بشرط أن لا يكون التأجير مانعاً ولا معيقاً ولا مضيقاً لأداء الصلاة فيه، فالشريعة لا تعطل المصلحة المحققة".

سن القوانين التي تنظم الزواج وتحقيق مصلحة  ظاهرة:

جاء في قرار مجلس الإفتاء رقم الفتوى: 2766، بتاريخ: 08-01-2013م: "لا نرى حرجًا في سن القوانين التي تنظم الزواج على الوجه الأقرب من المقاصد الشرعية، كسن القوانين التي تقيد زواج المرضى أو حاملي الأمراض الخطيرة التي تنتقل بسبب زواجهم إلى ذريتهم، أو تؤدي إلى انتقال العدوى بين الزوجين؛ وذلك كي لا يكون الزواج -في هذه الحالات- سببًا في وهن المجتمع، وإرهاق المؤسسات الصحية بجهود العلاج وتكاليفه".

سن القوانيين ملزم لوجوب طاعة الإمام، والإمام يرفع الخلاف عند وجود المصلحة ودرء مفسدة.

الضابط الخامس: ما يخدم أصلا من أصول الشرعية كالصدقات ومكارم الأخلاق ونحوه:

الأضحية عن الميت: نصت لجنة الإفتاءالأردني على جواز الأضحية عن الميت والأكل منها، رقم الفتوى: 2774، بتاريخ 03-02-2013، خلافا للمذهب الشافعي، لأن الأضحية عن الميت من جملة الصدقات التي حث عليها الشارع.

ملخص الفتوى: "والذي نفتي به هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة، وبه قال بعض الشافعية، أنها جائزة وإن لم يوص بها الميت، ويصل ثوابها إليه بإذن الله تعالى...... إن العلماء أجمعوا على وصول ثواب الصدقات إلى الأموات، والأضحية من جملة الصدقات".

الأضحية يأكل منها المسلم وغير المسلم:

لا يجوز للمسلم التصدق من الأضحية لغير المسلم عند الشافعية، وأجاز الحنفية الحنابلة التصدق أو الأكل من الأضحية  لغير المسلم؛ لأن الإسلام حث على حسن المعاملة والإحسان الى الناس، وبه أخذت دائرة الإفتاء رقم الفتوى: 3120، بتاريخ: 21-09-2015م، على جواز التصدق من الأضحية لغير المسلمين.

ملخص الفتوى: "لا حرج على المسلم أن يطعم غير المسلم من أضحيته المستحبة؛ وذلك أنها هدية وحسن معاملة، وقد جاءت الأحاديث النبوية الكثيرة تحث المسلمين على الإحسان لجميع الناس.

وقد نص على ذلك السادة الحنفية والحنابلة، كما في [المحيط البرهاني] من كتب الحنفية: "يستحب للمضحي أن يأكل من أضحيته، ويطعم منها غيره، ويجوز أن يطعم منه الغني والفقير، ويهب منه ما شاء لغني أو فقير، أو مسلم أو ذمي".

الضابط السادس: اعتبار العرف والحاجة بالمستجدات والنوازل المعاصرة:

من خصائص شريعتنا أنها صالحة لكل زمان ومكان، رغم وجود المستجدات العصرية والنوازل والأعراف كالأمور المالية والطبية وغيرها، فهناك أحكام كثيرة أيضاً اعتمد الشارع الحكيم في تقديرها على الأعراف والعادات؛ رعاية لمصالح الناس وحاجاتهم كالترخص بالاستصناع والمرابحة والسلم والعرايا ونحوه.

قال مصطفى الزرقاء: "قاعدة (لا ينكر تغير الأحكام المنوطة بالعرف والعادة بتغير أعراف الناس وعاداتهم من زمان لآخر)، فإن كان عرفهم وعادتهم يستدعيان حكماً ثم تغيرا إلى عرف وعادة أخرى، فإن الحكم يتغير إلى ما يوافق ما انتقل إليه عرفهم وعاداتهم"([42]).

ومن بين هذه النماذج:

التعامل بالأوراق النقدية، لم يعهد الفقهاء في القديم التعامل بالأوراق النقدية لوجود الذهب والفضة؛ وعليه فلم يعتبروا الفلوس من الأموال الربوية؛لأنها ليست من الأثمان، إلا أن دائرة الإفتاء الأردني وغيرها من المجامع الفقهية ذهبت الى أن التعامل بالأوراق النقدية ويجري عليها ما يجري على النقدين في مسائل الربا والزكاة.

ونص الفتوى في دائرة الإفتاء الأردني رقم: 3392، بتاريخ: 11-06-2018م: "لا يخفى أن الفتوى بعدم ربوية الأوراق النقدية يفتح باب المفاسد والشرور على المجتمعات، فالأزمات الاقتصادية التي نعيشها اليوم يرجع أهم أسبابها إلى التعامل بالربا وتسليع النقود، فاضطربت قيمة النقد، وارتفعت الأسعار، وازداد التضخم والبطالة، وازدادت معدلات الفقر والإفلاس، وتخلخلت اقتصاديات الدول واضطربت، وبالتالي فإن تشريع عدم ربوية الأوراق النقدية يؤدي إلى الفساد، ولو كان أئمة المذاهب الفقهية على قيد الحياة اليوم لأفتوا بربوية الأوراق النقدية، ولذلك نجد أن علماء الحنفية في بلاد ما وراء النهر أفتوا بحرمة التفاضل في النقود المغشوشة -مع أن معتمد المذهب الحنفي يقضي جواز التفاضل فيها- وعللوا ذلك: "أنها أعز الأموال في ديارنا، فلو أبيح التفاضل فيه ينفتح باب الربا" [الهداية في شرح بداية المبتدي 3 / 84]، كما نُقل عن إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله أنه قال: "ولو أن الناس أجازوا بينهم الجلود حتى تكون لها سكة وعين لكرهتها أن تباع بالذهب والورق نظرة" [المدونة 3 /5]. 

وعليه، فالذي نراه أن الأوراق النقدية تأخذ حكم الذهب والفضة من تحريم الربا ووجوب الزكاة وغيرهما. والله تعالى أعلم".

الاعتداء على الملكية الفكرية:

لايوجد عند الفقهاء المتقدمين ما يسمى في زماننا ملكية فكرية، إلا أنه في حقيقة الأمر حق عام غير قابل للبيع، ولكن في هذا الزمان تغيرت الأعراف والعادات في ظل التقدم والتطور؛ لأن الملكية الفكرية بوقتنا الراهن أصبحت كالسلعة التجارية، والقاعدة الأصولية تقول: "فلا ينكر تغير الأحكام بتغير العادات والأعراف".

وعليه جاءت قرارات المجمع الفقهي ودوائر الإفتاء الإسلامي على حرمة الاعتداء على الملكية الفكرية.

نصت دائرة الإفتاءالعام الأردني على حرمة الاعتداء على الملكية الفكرية، رقم الفتوى: 2771، بتاريخ: 31-01-2013م، نصها: "حقوق الملكية الفكرية والتأليف وبطاقات الائتمان من المسائل المستحدثة، وقد أصبحت تمثل في العرف التجاري قيمة كبيرة في المعاملات اليومية؛ لذلك اعترفت المجامع الفقهية بكونها حقوقًا وأموالاً لأصحابها، فلا يجوز سرقتها، ولا التلاعب بها، ولا الاعتداء عليها بأي شكل من الأشكال؛ قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) النساء/29.

وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي (قرار: 43): "الاسم التجاري، والعنوان التجاري، والعلامة التجارية، والتأليف والاختراع أو الابتكار، هي حقوق خاصة لأصحابها، أصبح لها في العُرف المعاصر قيمة مالية معتبرة لتموّل الناس لها، وهذه الحقوق يعتد بها شرعًا فلا يجوز الاعتداء عليها".

الضابط السابع: ما كان فيه منفعة للفرد والمجتمع:

حكمة التشريع كان لها سمة بارزة في بناء الأحكام بتحقيق منفعة للفرد والمجتمع.

 وعليه فإن دائرة الإفتاء في فتاويها تميل في بعض المسائل على عموم المنفعة سواء كان للأفراد أو المجتمع.

ومن بين هذه الفتاوى:

حكم سداد دين المتوفى من مال الزكاة:

ذهب الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة على أنه لا يصح قضاء دين الميت من الزكاة؛ إذ لا يمكن الدفع إليه على وجه التمليك، إلا أن المالكية أجازوا دفع الزكاة لسداد الدين عن الميت لوجود النفع للمدين والدائن، وكذلك إدراج الميت تحت عموم الغارمين وهو ما أخذت به دائرة الإفتاء رقم الفتوى: 3500، بتاريخ: 13-05-2019م، ملخصها: "قال الإمام الدسوقي رحمه الله معلقاً على ذلك: "قوله (ولو مات) رد بلو على من قال لا يقضى دين الميت من الزكاة؛ لوجوب وفائه من بيت المال... بل قال بعضهم: دين الميت أحق من دين الحي في أخذه من الزكاة؛ لأنه لا يرجى قضاؤه بخلاف دين الحي".

وعليه، فالواجب قضاء دين الميت من تركته، فإن لم يكن له مال ولم يتبرع أحد بقضاء دينه من الورثة أو الأقارب، وطالب الدائنون بأموالهم، فلا حرج في قضاء دين الميت من الزكاة بناء على قول من قال بذلك من الفقهاء، وإبراء لذمة الميت من الديون".

زكاة على من يستثمر ماله في صرافة العملات: اختلف الفقهاء في زكاة الصيارفة، هل يعدّ انقطاع الحول سبباً في عدم وجوب الزكاة عليهم، واستئنافه مرة أخرى:

الشافعية لا زكاة عليهم بسبب انقطاع الحول ولذا قيل (بشر الصيارفة لا زكاة عليهم)، وذهب الجمهور من الحنفية والحنابلة إلى وجوب الزكاة على الصيارفة؛ لعدم انقطاع الحول وإن اختلف الجنس في النقد، وهو ما أخذت به دائرة الإفتاء كون الصرافة لها عوائد كبيرة من الأموال وارباحها باهضة وهذا قد يفوت المنفعة على الفقراء حقهم من الزكاة.

نصت الفتوى رقم: 3127، بتاريخ: 30-09-2015م، ملخصها:" الأخذ برأي جمهور الفقهاء هو الأبرأ للذمة، والأنفع للفقير. والله تعالى أعلم".

الضابط الثامن: الأخذ بالأحوط: كزكاة الحلي فوق العادة مع أن مذهب الشافعية لا تجب الزكاة في الحُليّ المُباح، بخلاف الحنفية تجب فيه الزكاة مطلقاً.

جاء في فتاوى الإفتاء الأردني الموضوع: هل في الحلي زكاة، رقم الفتوى: 2280، بتاريخ: 18-07-2012، التصنيف: زكاة النقد، ملخص الفتوى: "أن مذهب الشافعية لا تجب الزكاة في الحُليّ المُباح... ولو كان لديها مئة قطعة كل قطعة في حدود المعتاد لا تجب فيه الزكاة، ولو كانت لديها قطعة واحدة لكنها أكثر من المعتاد تجب فيها الزكاة، لأن ما زاد عن المعتاد كنز؛ والكنز تجب فيه الزكاة.

ومذهب الحنفية أن الحلي تجب فيه الزكاة مطلقاً؛ ولذا ينبغي من باب الاحتياط أداء زكاة الحليّ، ولا شكّ في حصول الثواب على ما يُدفع باسم الزكاة".

الخاتمة

الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان، وفيها من النصوص التي تسعف أهل الإجتهاد لإيجاد الحلول الشرعية، وقد أجاز علماء الأصول الأخذ بالأقوال المعتبرة عند الحاجة مع اعتبار الدليل، كما تعتمد دائرة الإفتاء المذهب الشافعي مما عرف عنه من الجمع بين العقل والنقل، واعتماده على أصول الفقه، فدائرة الإفتاء تنظر بعين التقدير لجهود أئمَة المذاهب الأربعة، وترى أن العلاقة بين المذاهب تتعاضد في بيان رحمة سعة الأحكام الشرعية في جمع نواحي الحياة على الأخذ في العديد من الفتاوى بمذهب غير الشافعية لاعتبارات من أهمها: رفع الحرج والمشقة بالضوابط المعتبرة التي ذكرت في البحث.

النتائج

* أجمع أهل الأصول أن للعامي أن يقلد من شاء من المذاهب المعتبرة.

* لا مانع في التقليد عند الحاجة ما لم يفض الى الترخص المذموم.

* الضابط  في اعتبار التلفيق وتتبع الرخص من عدمه أن كل ما أفضى إلى تقويض دعائم الشريعة فهو محظور، وأما ما يؤيد دعائم الشريعة مما لا يخالف نصاً قطعياً أو خرقاً للإجماع أو نقض حكم حاكم فلا مانع من الأخذ به.

* المتتبع لكتب المذاهب يرى العديد منها أشارت إلى المذاهب الأخرى وأخذت بها مخالفة معتمد المذهب عندهم من أجل ضرورة ورفع مشقة.

* أن دائرة الإفتاء لآراء فقهية معتمد عند المذاهب الثلاث مرعاية لحال المستفتي ودفعاً للحرج وانسجاماً مع القوانين الشرعية أو القانون المدني الأردني الذي اعتمد أحد هذه الآراء كمسائل الطلاق والعربون.

* تركزت الضوابط على دواعي رفع الحرج والمشقة عن الناس كذلك للمصلحة العامة والخاصة والنفع وإبراء الذمة والأحوط والحث وفضائل الأعمال كالصدقات ونحوها.

* راعت دائرة الإفتاء النوازل المعاصرة وصدر عنها فتاوى تحقق مقاصد الشرع كتحريم الربا في النقد ومسألة اعتبار الملكية الفكرية معتمدة في هذا المجال على العرف.

* أخذت دائرة الإفتاء في بعض الفتاوى بالأحوط والأبرأ للذمة كمسألة زكاة الحلي وصرف العملات.

التوصيات

* ضرورة إبراز أثر الإفتاء الأردني في الجمع بين اعتماد المذهب الشافعي والأخذ بالآراء المعتبرة عند المذاهب  الفقهية الأخرى المعتمدة.

* العمل على إظهار منهج الإفتاء الحضاري في تقدير المذاهب والانتفاع منها من غير تعصب.

* ضرورة الانتفاع من منهج الإفتاء في بيان محاسن الإسلام وتحسن تعامله مع الآخرين.

 

(*) مجلة الاستيعاب، مجلة علمية أكاديمية دولية محكّمة فصلية تصدر عن مخبر الدراسات الشرعية بجامعة أبو بكر بلقايد – تلمسان، الجزائر، المجلد الرابع، العدد الأول، 2022م.

 

الهوامش


([1]) السبكي، الإبهاج في شرح المنهاج (منهاج الوصول إلي علم الأصول للقاضي البيضاوي المتوفي سنه 785هـ)، تقي الدين أبو الحسن علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام بن حامد بن يحيي السبكي وولده تاج الدين أبو نصر عبد الوهاب، ج3، ص19الناشر: دار الكتب العلمية –بيروت، عام النشر: 1416هـ - 1995 م.

([2])    مسلم، المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري (المتوفى: 261هـ)، باب فضيلة الإمام العادل، رقم الحديث1828، ج3ص1458 المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي، الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت.

([3])  ابن منظور، لسان العرب، لابن منظور، محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور الأنصاري الرويفعى الإفريقى (المتوفى: 711هـ) هـ، صفحة ج3 ص 367، باب( قلد) الناشر: دار صادر – بيروت، الطبعة: الثالثة - 1414 هـ

([4])  ابن منظور" لسان العرب"، صفحة ج3 ص 367، باب( قلد).

([5])  الغزالي، المنخول من تعليقات الأصول، أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي (المتوفى: 505هـ)، حققه وخرج نصه وعلق عليه: الدكتور محمد حسن هيتو، ج1، ص582،  الناشر: دار الفكر المعاصر- بيروت لبنان، دار الفكر دمشق – سورية، الطبعة: الثالثة، 1419 هـ - 1998 م.

([6])  الغزالي، المستصفى في أصول الفقه، أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي (المتوفى: 505هـ)، تحقيق: محمد عبد السلام عبد الشافي،، الناشر: دار الكتب العلمية، الطبعة: الأولى، 1413هـ - 1993م.الغزالي، المنخول من تعليقات الأصول، أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي (المتوفى: 505هـ)، حققه وخرج نصه وعلق عليه: الدكتور محمد حسن هيتو، ج1،ص582،  الناشر: دار الفكر المعاصر- بيروت لبنان، دار الفكر دمشق – سورية، الطبعة: الثالثة، 1419 هـ - 1998م.

([7])   الشيرازي، اللمع في أصول الفقه، أبو اسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي (المتوفى: 476هـ)، ج1،125، الناشر: دار الكتب العلمية،، الطبعة الثانية 2003 م - 1424 هـ.

([8]) محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني (المتوفى: 1250هـ)، إرشاد الفحول إلي تحقيق الحق من علم الأصول، المحقق: الشيخ أحمد عزو عناية، دمشق - كفر بطنا، قدم له: الشيخ خليل الميس والدكتور ولي الدين صالح فرفور،، ج2، ص241، الناشر: دار الكتاب العربي، الطبعة الأولى 1419هـ - 1999م.

([9]) أبو اسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي (المتوفى: 476هـ)، اللمع في أصول الفقه،، الناشر: دار الكتب العلمية، ص125، الطبعة الثانية 2003 م - 1424 هـ.

([10]أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخُسْرَوْجِردي الخراساني، أبو بكر البيهقي (المتوفى: 458هـ)، السنن الكبرى، باب: أقاويل الصحابة إذا تفرقوا، رقم الحديث152، ج1، ص162 المحقق: د. محمد ضياء الرحمن الأعظمي، الناشر: دار الخلفاء للكتاب الإسلامي – الكويت.

([11]سبق تخريجه.

([12]) جلال الدين السيوطي،، جزيل المواهب في اختلاف المذاهب"، ص: 21، ط. دار الاعتصام- مصر 1422هـ.

([13])  أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة الجماعيلي المقدسي ثم الدمشقي الحنبلي، الشهير بابن قدامة المقدسي (المتوفى: 620هـ)، المغني الكبير، ج1، ص4، الناشر: مكتبة القاهرة.

([14]) عبد الوهاب الشعراني، كتاب الميزان، ص137 تحقيق عبدالرحمن عميرة، عالم الكتب.

([15]) أبو العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن المالكي الشهير بالقرافي (المتوفى: 684هـ)، تنقيح الفصول في علم الأصول، ج1، ص212، شرح ناصر بن علي بن ناصر الغامدي (رسالة ماجستير)، إشراف: فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور/ حمزة بن حسين الفعر، الناشر: رسالة علمية، كلية الشريعة - جامعة أم القرى.

([16]) محمد بن أحمد بن محمد عليش، أبو عبد الله المالكي عليش، فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك، (المتوفى: 1299هـ)، ج1، ص66، الناشر: دار المعرفة، الطبعة: بدون طبعة وبدون تاريخ.

([17]) مصطفى الزرقاء، المدخل الفقهي العام، ج 1، ص259، ط. دار القلم بيروت.

([18])  الفيومي، المصباح المنير، مادة "لفق"، (2/673)، "مختار الصحاح" للرازي، ص 601.

([19])  محمد سلام مدكور، الاجتهاد في التشريع الإسلامي"، ص188، دار الكتب العلمية، بيروت، طبعة 2001م.

([20])  عبد الله بن محمد بن حسن السعيدي، التلفيق وحكمه في الفقه الإسلامي للدكتور/ ص12، بدون طبعة، وعمدة التحقيق في التقليد والتلفيق لمحمد سعيد الباني ص91، ط. المكتب الإسلامي- دمشق.

([21]) الإفتاء المصري، بحث (التلفيق بين المذاهب الفقهية) بتصرف/ رابط الموقع https://www.dar-alifta.org/AR/ViewFatawaConcept.aspx?ID=%20182

([22]) وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، ج1، ص106، دار الفكر، دمشق،2002م الجوهري، الصحاح، مادة: رخص، ج4، ص178.

([23])  أبو العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن المالكي الشهير بالقرافي (المتوفى: 684هـ)، شرح تنقيح الفصول، المحقق: طه عبد الرؤوف سعد،الناشر: شركة الطباعة الفنية المتحدة، الطبعة: الأولى، 1393 هـ - 1973 م. قرار رقم 70 ( 1/8 )، بشأن الأخذ بالرخصة وحكمه، الدورة الثامنة المنعقدة في بندر سيري بيجوان، بروناي، دار السلام، من 21 ــ 27 حزيران ( يونيو )، 1993م، مجمع الفقه الإسلامي الدولي / جدة، قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي، ص 241 ــ 243، الدوحة، 2003م.

([24]) القرافي، شرح تنقيح الفصول، أبو العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن المالكي الشهير بالقرافي (المتوفى: 684هـ)، المحقق: طه عبد الرؤوف سعد، الناشر: شركة الطباعة الفنية المتحدة، الطبعة: الأولى، 1393 هـ - 1973م. قرار رقم 70 ( 1/8 )، بشأن الأخذ بالرخصة وحكمه، الدورة الثامنة المنعقدة في بندر سيري بيجوان، بروناي، دار السلام، من 21 ــ 27 حزيران ( يونيو )، 1993م، مجمع الفقه الإسلامي الدولي / جدة، قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي، ص 241 ــ 243، الدوحة، 2003م.

([25]) قرار رقم 70 ( 1/8 )، بشأن الأخذ بالرخصة وحكمه، الدورة الثامنة المنعقدة في بندر سيري بيجوان، بروناي، دار السلام، من 21 ــ 27 حزيران ( يونيو )، 1993م، مجمع الفقه الإسلامي الدولي / جدة، قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي، ص 241 ــ 243، الدوحة، 2003م.

([26]) وإليه ذهب ابن حزمٍ، والغزاليُّ، والنوويُّ، والسُّبكي، وابنُ القَيِّم، والشاطبي. انظر: لزركشي، البحر المحيط في أصول الفقه، أبو عبد الله بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي (المتوفى: 794هـ)، ج4، ص602، الناشر: دار الكتبي، الطبعة: الأولى، 1414هـ - 1994م.- عليش، فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك، محمد بن أحمد بن محمد عليش، أبو عبد الله المالكي (المتوفى: 1299هـ)، ج1، ص60، الناشر: دار المعرفة، الطبعة.

([27]ومن قال بالمنع ابن حزمٍ، والغزاليُّ، والنوويُّ، والسُّبكي، وابنُ القَيِّم، والشاطبي ونقل ابن حزمٍ وابن عبد البرِّ الإجماعَ على ذلك، وهناك من قال بالجواز: الحنفيَّة منهم السرخسي، وابن الهمام، وابن عبد الشكور، وأمير باد شاه.

ومنهم من توسط بين القولين: الجواز بقيد الحاجة والضرورة كالعز بن عبد السلام والقرافي وابن العطار. انظر: قواطع الأدلة (5/134)، المستصفى (2/391)، جمع الجوامع (2/400)، الموافقات (5/82)، البحر المحيط (8/382)، التحبير (8/4090. إعلام الموقعين (4/162)، الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام (ص208). مراتب الإجماع (ص58)، جامع بيان العلم (2/927). وبه أخذ المجمع الفقهي أي من قال بالجواز بقيد: انظر: بحث (تتبع الرخص) هشام السعيد على الموقع:  https://dorar.net/article/

([28])عليش، فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك، محمد بن أحمد بن محمد عليش، أبو عبد الله المالكي (المتوفى: 1299هـ)، ج1، ص60، الناشر: دار المعرفة، الطبعة: بدون طبعة وبدون تاريخ.

([29]) أبو عبد الله بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي (المتوفى: 794هـ) البحر المحيط في أصول الفقه، ج8، ص382، الناشر: دار الكتبي، الطبعة: الأولى، 1414هـ - 1994م.

([30]) الزركشي، البحر المحيط في أصول الفقه، ج8، ص381.

([31]) انظر: قواعد الأحكام (2/135-136)، نفائس الأصول (9/4148)، حاشيَة العطار (2/442) ونقله عن العز بن عبد السلام في فتاويه.

([32])  أكمل الدين أبو عبد الله ابن الشيخ شمس الدين ابن الشيخ جمال الدين الرومي البابرتي (المتوفى: 786هـ)، العناية شرح الهداية، محمد بن محمد بن محمود، ج9، ص97، الناشر: دار الفكر، الطبعة: بدون طبعة وبدون تاريخ

([33]) أبو محمد محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد بن حسين الغيتابى الحنفى بدر الدين العينى (المتوفى: 855هـ)، البناية شرح الهداية، ج4، ص415، الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت، لبنان، الطبعة: الأولى، 1420 هـ - 2000م.

([34])ا محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، (المتوفى: 1230هـ)، ج2، ص19. الناشر: دار الفكر.

([35])  أبو العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن المالكي الشهير بالقرافي (المتوفى: 684هـ)، الذخيرة، المحقق:محمد بو خبزة، الناشر: دار الغرب الإسلامي- بيروت، الطبعة: الأولى، 1994 م.

([36]) أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي، تحفة المحتاج في شرح المنهاج،، ج7، ص169، الناشر: المكتبة التجارية الكبرى بمصر لصاحبها مصطفى محمد، الطبعة: بدون طبعة، عام النشر: 1357 هـ - 1983م.

([37]) الدكتور نشأت نايف الحوري، دواعي إيراد أئمَة الشافعية ذكر المذاهب الأخرى دراسة تأصيلية، 12، منشور مجلة علمية محكمة بريطانية، 20019م، بتصرف.

([38]) شمس الدين محمد بن أحمد الخطيب الشربيني الشافعي (المتوفى: 977هـ)، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، ج1، ص534،الناشر: دار الكتب العلمية، الطبعة: الأولى، 1415هـ - 1994م.

([39]) ابن قدامة، المغني ج4، 158.

([40]) ابن قدامة، المغني، ج9، ص421.

([41]) ابن قدامة، المغني، ج9، ص421.

([42])  أحمد الزرقاء، شرع القواعد الفقهية، تحقيق: مصطفى أحمد الزرقا، ص 227، دار القلم، دمشق، ط5، 1419هـ - 1998م.