أضيف بتاريخ : 17-08-2022


حكم الكنوز والآثار في الشريعة الإسلامية والقانون، دراسة مقارنة (*)

الدكتور محمد عودة العمرو/ دكتوراه في الاقتصاد الإسلامي

الملخص

تعدّ هذه الدراسة مساهمة متواضعة عن حكم الكنوز والآثار في الشريعة والقانون، من حيث تعريف الكنز والرّكاز والآثار لغةً واصطلاحاً عند الفقهاء، وبيان الفرق بين الكنز والمعادن، وأنواع الكنوز والآثار من حيث زمانها: إسلامية وما قبل الإسلام، ومكانها: الموجودة في الأرض المَوَات، أو في أرض لا يعلم لها مالك، أو في ملك الانسان المنتقل إليه ببيع أو ميراث أو هبة، أو في ملك شخص آخر مسلم، أو ذمي، أو في أرض حرب، وبيان حكم تملك الكنوز والآثار، والواجب الشرعي فيها، ومصرفه، وحكم القانون في الكنوز والآثار.

الكلمات المفتاحية: الركاز. الدفائن. الكنوز. الآثار. الخمس. الحكم الشرعي. الحكم القانوني

المقدمة

كثر الحديث مؤخراً عن الكنوز والآثار، حتى إن البحث عنها طمعاً في الثراء الفاحش دعا العديد إلى التساؤل عن حكم تملكها، وما يجب على من وجدها شرعاً وقانوناً، والملاحظ يجد أن معظم من تصدى وتفرغ للبحث عن الكنوز لم يحالفهم الحظ في العثور على شيء، ولكن ربما وبطريق الصدفة وأثناء الحفريات قد يجد أحدهم كنزاً أو آثاراً، ممّا يستدعي طرح هذا الموضوع ودراسته، لذلك تأتي هذه الدراسة التي تلقي الضوء كمساهمة متواضعة في هذا الموضوع.

مشكلة الدراسة

أصبح البحث عن الكنوز والآثار منتشراً في مجتمعنا، وتكاثرت الأسئلة حولها، لذا ستحاول هذه الدراسة بمشيئة الله الإجابة عن التساؤلات التالية:

1. ما الرأي الشرعي في حيازة الكنوز والآثار وتملكها لواجدها؟

2. ما هي نظرة القانون للبحث عن الكنوز والآثار، وتملكها؟

3. ما مصير الكنوز والآثار التي يجدها المسلم في باطن الأرض؟

أهداف الدراسة

تهدف هذه الدراسة إلى بيان ما يلي:

أولاً: معنى الكنوز والركاز والآثار لغةً واصطلاحاً، والفرق بينها وبين المعادن.

ثانياً: حكم تملك الكنوز والآثار في الشريعة والقانون.

ثالثاً: موقف الشريعة والقانون من البحث عن الكنوز والآثار.

الدراسات السابقة

1. دراسة بني عطا 2005م، (ملكية المعادن والركاز وزكاتهما في الفقه الإسلامي دراسة مقارنة)، هدفت الدراسة إلى بيان المقصود بالمعادن والركاز وأهميتهما وقيمتهما، والفرق بين المعادن والكنوز، وحكم ملكيتهما وشروط إخراج زكاتهما، من خلال بيان الباحث للمعنى اللغوي والاصطلاحي للمعدن والركاز، وأهميتهما في حياة الناس والدول، وأقسامها وموضعها أو مكانها، وملكية المعادن والركاز، وإقطاع المعادن، وحكم الاستحواذ على أصل المعدن، والأحكام المتعلقة بالعثور على الركاز، وزكاة المعادن والركاز من حيث صفته، وشروط إخراج الحق منه، والمقدار الواجب إخراجه، ووقت وجوب الزكاة ومصارف خمس المعادن والركاز[1].

2. دراسة القضاة، 2001م، (أحكام الركاز في تشريع الزكاة وأثره في البنيان الاجتماعي والاقتصادي)، هدف الباحث من هذه الدراسة إلى بيان أحكام الركاز في الفقه الإسلامي باعتباره مورداً طارئاً نادر الوقوع، وإبراز الجوانب الرّوحية والاجتماعية والاقتصادية في نفقات الركاز باعتباره مصرفاً يعود للدولة أو المساكين أو الفقراء أو المشردين، وإبراز أثر خمس الركاز على البنيان الاجتماعي والاقتصادي في حياة الأمة الإسلامية، من خلال تعريفه للركاز لغةً واصطلاحاً وأقوال الفقهاء فيه وعلاقة الكنز بالمعادن وحكمه، وحكم الركاز، وصفته، والواجب إخراجه من الرّكاز وشروطه، ومصرفه، وآثار خمس الركاز في البنيان الاجتماعي، والبنيان الاقتصادي .[2]

3. دراسة السكر، 2001م، (أحكام المستخرجات في الفقه الإسلامي وتطبيقاتها المعاصرة، دراسة فقهية مقارنة) هدف الباحث من دراسته إلى جمع شتات المادة العلمية المبعثرة في الكتب والأبواب الفقهية معاً، ووضع القواعد والضوابط التي تحكم المستخرجات، وبيان مدى قدرة الفقه الإسلامي على مسايرة مستوى يبلغه ركب الحضارة الإنسانية، وتقريب المادة العلمية إلى أفهام الناس، من خلال تناوله لمفهوم المستخرجات لغة واصطلاحاً: معادن وركاز وما ألقاه البحر، وبيان أنواعها، وأهميتها، وأسباب ملكيتها، والوسائل العامة لملكية المعادن، وصورها، وحق أهل الذمة في استغلال المعادن والعمل فيها، وملكية الكنوز البرية، وملكية المعادن والكنوز والحلي ومواد الزينة والصيد البحري، وبيان الحق المالي الواجب في المعادن والكنوز والمستخرجات البحرية، وتناول تطبيقات معاصرة لمستخرجات الأرض مثل البترول وأحجار الأرض والأملاح والمياه المعدنية والآبار الارتوازية[3].

ويلاحظ الباحث أن الدراستين الأولى والثالثة تحدثت عن أحكام المستخرجات بشكل عام، والدراسة الثانية تتناولت الآثار الاجتماعية والاقتصادية للركاز، بينما هذه الدراسة متخصصة في أحكام الكنوز والركاز والآثار، متعرضة للناحية القانونية.

منهج الدراسة

استخدم الباحث المنهج الوصفي، معتمداً على البحث والاسقراء والنقد والتأصيل، من خلال جمع المسائل الفقهية المتعلقة بالركاز والكنوز وأحكامها من كتب الفقه المعتمدة، وذكر الأدلة، والترجيح بين المذاهب، وتوثيق الآراء الفقهية من مصادرها، وتخريج الأحاديث.

مخطط الدراسة

قسّم الباحث الدراسة إلى مقدمة وفصلين وخاتمة:

في المقدمة: تحدث الباحث عن أهمية الدراسة، ومشكلتها، وأسئلتها، وأهدافهـا، والدراسات السابقة، ومنهج الدراسة، ومخطط الدراسة.

الفصل الأول: تناول الكنوز والركاز والدفائن والآثار في الشريعة الإسلامية، وقسم إلى أربعة مباحث:

المبحث الأول: تعريف الكنوز والركاز والدفائن والآثار لغة واصطلاحاً: وقسم إلى أربعة مطالب:

المطلب الأول: تعريف الركاز لغة واصطلاحاً.

المطلب الثاني: الفرق بين الركاز والمعدن.

المطلب الثالث: تعريف الكنز لغة واصطلاحاً.

المطلب الرابع: تعريف الآثار لغة واصطلاحاً.

المبحث الثاني: طبيعة وحقيقة الكنوز والركاز والدفائن والآثار، وقسم إلى مطلبين:

المطلب الأول: طبيعة الكنوز والركاز والدفائن والآثار.

المطلب الثاني: حقيقة الكنوز والركاز والدفائن والآثار موضع الدراسة.

المبحث الثالث: حكم تملك الكنوز والركاز والدفائن والآثار.

المبحث الرابع: الواجب الشرعي في الكنوز والركاز والدفائن والآثار، وقسم الى أربعة مطالب:

المطلب الأول: ما يجب على الكنوز والركاز والدفائن والآثار.

المطلب الثاني: على من يجب الخمس في الكنوز والركاز والدفائن والآثار.

المطلب الثالث: النصاب والحول في الكنوز والركاز والدفائن والآثار.

المطلب الرابع: مصارف خمس الكنوز والركاز والدفائن والآثار.

الفصل الثاني: الكنوز والركاز والدفائن والآثار في القانون.

وأخيراً: الخاتمة التي تضمنت نتائج الدراسة والتوصيات.

الفصل الأول

الكنوز والركاز والدفائن والآثار في الشريعة الإسلامية

ويقسم إلى أربعة مباحث:

المبحث الأول: تعريف الكنوز والركاز والدفائن والآثار لغة واصطلاحاً.

المبحث الثاني: طبيعة وحقيقة الكنوز والركاز والدفائن والآثار.

المبحث الثالث: حكم تملك الكنوز والركاز والدفائن والآثار.

المبحث الرابع: الواجب الشرعي في الكنوز والركاز والدفائن والآثار.

المبحث الأول

تعريف الكنوز والركاز والدفائن والآثار لغة واصطلاحاً

ويقسم إلى أربعة مطالب:

المطلب الأول: تعريف الركاز لغة واصطلاحاً.

المطلب الثاني: الفرق بين الركاز والمعدن.

المطلب الثالث: تعريف الكنز لغة واصطلاحاً.

المطلب الرابع: تعريف الآثار لغة واصطلاحاً.

المطلب الأول: تعريف الركاز لغة واصطلاحاً

لغة: الركاز: "ركز: الرَّكْزُ: غَرْزُكَ شَيْئًا مُنْتَصِبًا كَالرُّمْحِ وَنَحْوِهِ تَرْكُزُهُ رَكْزًا فِي مَرْكَزِهِ، وَقَدْ رَكَزَهُ يَرْكُزُهُ وَيَرْكِزُهُ رَكْزًا وَرَكَّزَهُ: غَرَزَهُ فِي الْأَرْضِ، وَالرِّكَازُ: قِطَعُ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ تَخْرُجُ مِنَ الْأَرْضِ أَوِ الْمَعْدِنِ. وَأَرْكَزَ الْمَعْدِنُ: وُجِدَ فِيهِ الرِّكَازُ؛ وَأَرْكَزَ الرَّجُلُ إِذَا وَجَدَ رِكَازًا"[4]، وأضاف الفيروزآبادي "الركيزة: دفين أهل الجاهلية وقطع الفضة والذهب من المعدن، وأركز وجد الركاز"[5]، فقطع الذهب والفضة ينطبق عليها المعنى اللغوي، وهي موضوع بحثنا.

واصطلاحاً: اختلف الفقهاء في تعريفه على قولين[6]:

القول الأول: جمهور الفقهاء: المالكية[7]، والشافعية[8]، والحنابلة[9]: عرّفوه بأنه دفين أهل الجاهلية من المال بأنواعه كافة.

القول الثاني: الحنفية[10]: وعرّفوه بأنه كل ما في الأرض من وضع الخالق (المعادن) أو وضع المخلوق (الدفائن) على تفصيل في ذلك.

ويرى الباحث أن تعريف الجمهور اقتصر على الركاز الذي كان من دفن الجاهلية، فهو تعريف زمانيّ، أما تعريف الحنفية فقد فرَق بين الركاز والمعدن دون التعرض للزمان، فجعلوا كل معدن مركوزاً في الأرض من الركاز، بصرف النظر عن وقت وجوده، وهذا الذي يرجحه الباحث في بحثه، فمن حفر اليوم أرضاً ووجد فيها معدنا يعدّ عند الحنفية ركازاً، أما عند الجمهور فلا يكون ركازاً ما لم يكن من دفن الجاهلية.

المطلب الثاني: الفرق بين الركاز والمعادن

اختلف أهل العراق وأهل الحجاز في مفهوم الرّكاز:

1. ذهب أهل العراق إلى أن الرّكاز يشمل المعادن والكنوز، مبررين ذلك بأنّ المال العادي الذي يوجد مدفوناً هو مثل المعدن، وأنّ أصل الركاز المعدن، والمال العادي الذي قد ملكه الناس مشبه بالمعدن، وهو مذهب السادة الحنفية، واستدلوا بما يلي:

أ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ وَالْبِئْرُ جُبَارٌ وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ)[11].

ووجه الدلالة أن المستخرج من الأرض نوعان: أحدهما يسمّى الكنز، وهو المال الذي دفنه بنو آدم في الأرض، والثاني يسمّى معدناً، وهو المال الذي خلقه اللّه تعالى في الأرض يوم خلق الأرض، والركاز اسم يقع على كل واحد منهما، إلاّ أنّ حقيقته للمعدن، واستعماله في الكنز مجاز[12].

ب. ما روى عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن جده عن أبي هريرة قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الركاز، قال: (الذهب الذي خلق الله في الأرض يوم خلق السماوات والأرض)[13]، ويدلّ هذا الحديث على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حمل الركاز هنا على الذهب الذي وجد بخلق الله سبحانه وتعالى دون تدخل البشر في تصنيعه.

2. بينما ذهب أهل الحجاز إلى أن الركاز هو كنوز الجاهلية، أي المال المدفون قبل الإسلام بفعل بشر، أما المعادن فليست بركاز، وهو مذهب جمهور الفقهاء: الشافعية والمالكية والحنابلة، واستدلوا بنفس الحديث الأول، مبرّرين أن الرسول صلى الله عليه وسلم فصّل بين المعدن والركاز، ولو كانا معاً لكان الحكم واحداً، فدلّ على أنّ الحكم في المعادن غير الحكم في الركاز، لأنّه صلى الله عليه وسلم فصَل بين المعادن والرّكاز بالواو الفاصلة، فلمّا قال:) وفي الركاز الخمس) عُلِمَ أنّ حكم الرّكاز غير حكم المعدن.

ويرى الباحث أنه قد يتفق المعدن والركاز في بعض الأحكام كالخمس مثلاً، إلا أنهما يختلفان في أصل الخلقة والوجود، فالمعدن قد يكون مورداً طبيعياً دون تدخل البشر مثل مادة الحديد الأولية الموجودة مع تراب الأرض أو تحتها، وقد يكون مصنّعاً من قبل الإنسان مثل الأدوات المعدنية التي استخدمها الناس في العصر الحجري، أما الركاز فقد صنع ودفن من قبل البشر، وعليه فالمعدن في الأرض لم يكلف شيئاً عند اكتشافه، أما الركاز فقد صنعه الإنسان بيده، لذلك يرجح رأي أهل الحجاز وجمهور الفقهاء للأسباب التالية:

1. الاستدلال بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي فرّق وفصّل بين المعدن والركاز، إذ إن تفريق الرسول صلى الله عليه وسلم في الحكم بين المعدن والركاز قد راعى التفرقية الخلقية بين المعدن والركاز، فأوجب الخمس في الركاز، وبين ما لا يجب فيه وهو المعدن الخام.

2. أن الركاز معدن وقع تحت الملك ودفنه مالكه في الأرض حفظاً له، والمعدن ما زال على أصله لم يقع تحت ملك أحد من الناس.

وقد ورد ذكر الركاز مرة واحدة في القرآن الكريم بلفظة (رِكْزًا)، بمعنى الصوت الخفي[14]، وذلك في قوله تعالى: (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا) [مريم: 98]، وللخفاء دلالة على أن الكنز تم إخفاؤه في الأرض.

المطلب الثالث: تعريف الكنز لغة واصطلاحاً

لغة: عرّفه ابن منظور بأنه: اسْمٌ لِلْمَالِ إِذَا أُحْرِزَ فِي وِعَاءٍ وَلِمَا يُحْرَزُ فِيهِ، وَقِيلَ: الْكَنْزُ الْمَالُ الْمَدْفُونُ، وَجَمْعُهُ كُنُوز، كَنَزَهُ يَكْنِزُهُ كَنْزًا وَاكْتَنَزَهُ، الْكَنْزُ فِي الْأَصْلِ الْمَالُ الْمَدْفُونُ تَحْتَ الْأَرْضِ"[15].

واصطلاحا: يطلق على أربعة أوجه[16]:

الوجه الأول وهو الأصل: المال المدفون تحت الأرض.

الوجه الثاني: كل مال لم تؤدّ زكاته، لما روي عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أَلْبَسُ أَوْضَاحًا[17] مِنْ ذَهَبٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكَنْزٌ هُوَ؟ فَقَالَ: "مَا بَلَغَ أَنْ تُؤَدَّى زَكَاتُهُ فَزُكِّيَ فَلَيْسَ بِكَنْز"[18].

الوجه الثالث: جمع المال وادخاره دون إنفاق ما يجب إنفاقه منه، لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) [التوبة: 34].

الوجه الرابع: المال المجمّع (المال المكتنز)، لما ورد في قوله تعالى: (لوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ) [هود: 12].

والكنز محلّ الدراسة هو الذهب والفضة والمعادن النفيسة والحاجيات المصنعة والمخبأة، ثمّ تمّ اكتشافها وإخراجها، وهي إما أن تكون دفنت بعد الإسلام، أو قبل الإسلام، وتعرف من خلال الكتابات والرسومات والنقوش التي عليها[19].

والفرق بين الكنز والركاز أنّ الكنز المال الموضوع في الأرض من خلق الله سبحانه وتعالى، والركاز المال المركوز في الأرض من صنع البشر[20]، فإذا كان الركاز من صنع البشر فهو كنز، والكنز مال فائض عن حاجة صاحبه ادّخره لوقت حاجته، وعادة ما يكون موضوعاً في مكان يحفظ فيه، وقد يكون هذا المكان باطن الأرض، وقد يكون غيره، ومالكه معروف وله حق التصرف فيه، أما الركاز فهو المال المركوز في باطن الأرض وغاب عنه صاحبه أو مات عنه أو نسي مكانه، فيأتي من يجده ويلحظ عليه علامة تدل على مالكه، أو لا يكون عليه علامة دالة على مالكه، فيحكم به زمان دفنه إن كان في الجاهلية أو الإسلام.

وعرفّه الفقهاء بقولهم: "أما الأول فالمستخرج من الأرض نوعان: أحدهما يسمى كنزاً، وهو المال الذي دفنه بنو آدم في الأرض"[21]، ونلاحظ أن هذا التعريف حدّد المراد بالكنز أنه المال الذي دفنه أصحابه، وهذا يدل على أن ما لا دافن له لا يوصف بأنه مال كنز.

وقد ورد ذكر الكنز في القرآن الكريم في ثمانية مواضع، بمعنى كنوز الذهب والفضة في أربعة مواضع، هي: قول الله سبحانه وتعالى: (أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ) [هود: 12]، وقوله تعالى: (أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ) [الفرقان: 8]، مع أن دلالة الكنز في هذه الآية مجازية وليست حقيقية، ويكون المراد بها ما له قيمة كبيرة عند الناس، وليس المراد به الذهب والفضة، خاصة أن الآية تتحدث عن الإنزال، والذهب والفضة من معادن الأرض لا من معادن الإنزال كالحديد مثلاً، وقوله تعالى: (فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ) [الشعراء: 57-58]، وقوله تعالى: (وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ) [القصص: 76]، وبمعنى المال الجسيم أو الصحف المدفونة[22]، وفي قوله تعالى: (وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا) [الكهف: 82]، وبمعنى المال الذي وجبت فيه الزكاة ولم يؤد حقه [23]في قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ، يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ) [التوبة: 34-35].

المطلب الرابع: تعريف الآثار لغةً واصطلاحاً

لغة: "الأثر: بقية الشيء، والجمع آثار وأثور، وخرجت في إثره وفي أثره؛ أي: بعده، واأتثرته وتأثرته: تتبعت أثره، ويقال: آثر كذا وكذا بكذا وكذا؛ أي: أتبعه إياه"[24].

واصطلاحاً: الأشياء والحاجيات التي صنعها الإنسان أو استعملها، كالسكن والآثاث والأدوات والفنون وأدواتها، ثم تركوها خلفهم بعد موتهم وخلفوها[25].

وقد ورد ذكر الآثار محلّ الدراسة في القرآن الكريم في ستة مواضع، بمعنى العلامة الدالة في قوله تعالى: (فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ) [الروم: 50]، وفي قوله تعالى: (سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) [الفتح: 29]، وفي قوله تعالى: (فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ) [طه: 96]، وبمعنى العلامات والآثار الدالة على البشر من أبنية وأموال[26] في قوله تعالى: (الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ) [غافر: 21]، وقوله تعالى: (كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ) [غافر: 82]، وقوله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ) [يس: 12].

المبحث الثاني

طبيعة وحقيقة الكنوز والركاز والدفائن والآثار

ويقسم إلى مطلبين:

المطلب الأول: طبيعة الكنوز والركاز والدفائن والآثار.

المطلب الثاني: حقيقة الكنوز والركاز والدفائن والآثار موضع الدراسة.

المطلب الأول: طبيعة الكنوز والركاز والدفائن والآثار

تقسم الكنوز والدفائن والآثار بطريقتين:

الطريقة الأولى: الزمنية: وتقسم إلى ثلاثة أقسام:

1. الجاهلية: ويقصد بها ما وضع قبل الإسلام، من العصور السابقة.

2. الإسلامية: وهو ما وضع بعد الإسلام، ويعرف بما عليه من كتابات وإشارات وعلامات إسلامية.

3. الركاز والكنوز والدفائن التي لا يوجد عليها علامة دالة على أنها إسلامية أو جاهلية.

الطريقة الثانية: المكانية: ويقسم إلى[27]:

1. ما وجد في أرض مَوَات، أو في أرض لا يعلم لها مالك، أو في طريق غير مسلوك، أو قرية خراب.

2. ما وجد في ملك الإنسان المنتقل إليه ببيع أو ميراث أو هبة.

3. ما وجد في ملك شخص آخر مسلم، أو ذمي.

4. ما وجد في أرض حرب.

المطلب الثاني: حقيقة الكنوز والركاز والدفائن والآثار موضع الدراسة

تتركز هذه الدراسة على الذهب والفضة والمعادن النفيسة التي صنّعها البشر وتركوها مخبئة في باطن الأرض، والقطع والحاجيات والجلود المكتوب عليها التي استعملها السابقون، وما تركوا من ممتلكات وأثاث والتي يتم العثور عليها في باطن الأرض في الغالب في مناطق سكناهم قبل أن تندثر، والقطع الذهبية التي استعملها المسلمون كنقد، وخاصة الذهب العثماني الذي خبأه الجيش التركي في مواقع من البلاد التي كانوا فيها قبل أن يرحلوا على أمل العودة لها، على أن المسألة تتعدى ذلك إلى عموم الناس، لأن التعامل في ذلك الزمان كان بدنانير الذهب ودراهم الفضة، ولم يكن للبنوك ظهور في ذلك الوقت، فكان الناس يلجأوون إلى الاحتفاظ بأموالهم بدفنها في باطن الأرض ثم يغيبون عنها أو يموتون دون أن يعلم من بعدهم عن أماكن وجود هذه الدنانير والدراهم.

المبحث الثالث

حكم تملك الكنوز والركاز والدفائن والآثار

يرى الباحث أن اتخاذ البحث عن الكنوز والدفائن والآثار كمهنة مكروه، لأنه إشغال للنفس بأمر نادر قد يصيب مرة في العمر فقط، وللكنوز والدفائن أقسام ثلاث:

القسم الأول: نبش القبور بحثاً عن الكنوز والدفائن: ولها ثلاث حالات:

أولاً: من يبحث بنبش القبور: إذ إن تعمّد نبش القبور بحثاً عن الكنوز والدفائن والآثار يكره، فقد كره الإمام مالك رحمه الله ذلك "وَقَالَ مَالِكٌ: أَكْرَهُ حَفْرَ قُبُورِ الْجَاهِلِيَّةِ وَالطَّلَبَ فِيهَا، وَلَسْتُ أَرَاهُ حَرَامًا فَمَا نِيلَ فِيهَا مِنْ أَمْوَالِ الْجَاهِلِيَّةِ فَفِيهِ الْخُمْسُ"[28]، وجاء في الفتوى رقم (2237) الصادرة عن دائرة الإفتاء العام في الأردن بتاريخ 16/7/2012م عدم جواز نبش القبور بحثاً عن الآثار لحرمتها، وأن نبش القبر فيه انتهاك لحرمة الميت[29].

ثانياً: من يبحث بطريقة عشوائية: أما إذا عثر الإنسان على كنز أو دفين أو آثار بمحض الصدفة أثناء الحفر للبناء أو بئر أو شقّ طريق أو الحفر لأعمال المياه والكهرباء، فالآثار التي يعثر عليها: وهذه بحكم الشرع والقانون ملك للدولة ويحظر التعامل بها، جاء في الفتوى رقم (1877) الصادرة عن دائرة الإفتاء العام في الأردن بتاريخ 23/6/2011م أنّ التنقيب عن الآثار من الأعمال التي تشرف عليها الدولة أو ولي الأمر، يتم فيها التفتيش عن آثار الأمم السابقة، مسلمة كانت أم غير مسلمة، ثم إظهارها وإبرازها للناس.

ثالثاً: من يبحث بطريقة علمية مستخدماً أدوات الكشف والاستشعار عن بعد: أما من يعمل في التنقيب عن الآثار لحسابه الخاص، فقد خالف الأنظمة التي وُضعت لمصلحة الأمة عامة، وعرض تلك المصلحة للاعتداء، فلا يحل له ذلك[30].

القسم الثاني: الكنوز والدفائن الإسلامية: وهذه تعدّ لقطة تملك بطريقة تملك اللقطة.  

القسم الثالث: الكنوز والدفائن ما قبل الإسلام: وهي الفترة السابقة على الإسلام، والدفائن في هذه الفترة لا تقتصر على عصر الجاهلية بالمعنى الخاص لهذا المصطلح، فهناك الدفائن الرومانية ودفائن الأنباط والدفائن الفارسية، وكلها سابقة على الإسلام، وهذه إذا عثر عليها الإنسان بطريق الصدفة وأدى الواجب فيها وهو الخمس فتملك الأخماس الأربعة الباقية جائز للأدلة التالية:

أولاً: قول الله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) [البقرة: 267]، قال القرطبي[31]: المقصود بمما أخرجنا لكم من الأرض النبات والمعادن والركاز، وبذلك يكون ما أصابه الإنسان من الأرض من الركاز كسباً مشروعاً وحلالاً، ومع أن الآية لم تبين أن المقدار الواجب إخراجه هو الخمس، إلا أنها بينت مشروعيته واعتباره كسباً مشروعاً، وفيها ما يدلّ على أنّ الركاز من إخراج العبد، لا من إخراج الله تعالى، وهو يختلف عن النبات وينابيع المياه، فهذا لا يخرج بفعل المكلف، بل بأمر الله له أن يخرج، أما الركاز فخروجه بسبب من المكلّف عند البحث عنه.

ثانياً: ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم العديد من الأحاديث التي تبيح تملك الركاز بعد دفع الحقّ الذي عليه وهو الخمس، ومن هذه الأحاديث:

1. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ وَالْبِئْرُ جُبَارٌ وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ)[32]، فإقرار الرسول صلى الله عليه وسلم بالخمس يعني أنّ الأخماس الأربعة الأخرى حلال لمن وجده.

2. عَنْ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ، فَدَخَلَ صَاحِبٌ لَنَا إِلَى خَرِبَةٍ يَقْضِي حَاجَتَهُ فَتَنَاوَلَ لَبِنَةً لِيَسْتَطِيبَ بِهَا فَانْهَارَتْ عَلَيْهِ تِبْرًا فَأَخَذَهَا فَأَتَى بِهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ قَالَ: (زِنْهَا)، فَوَزَنَهَا فَإِذَا مِائَتَا دِرْهَمٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (هَذَا رِكَازٌ وَفِيهِ الْخُمْسُ)[33].

3. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَذْهَبُ كِسْرَى فَلَا يَكُونُ كِسْرَى بَعْدَهُ، وَيَذْهَبُ قَيْصَرُ فَلَا يَكُونُ قَيْصَرُ بَعْدَهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُنْفِقُنَّ كُنُوزَهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى)[34]، فهذه بشارة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو كان فيها إثم لما بشّر صلى الله عليه وسلم بها.

4. عن زيد بن أرقم قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً عاملاً على اليمن فأتي بركاز فأخذ منه الخمس ودفع بقيته إلى صاحبه، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأعجبه[35]، وهذا إقرار من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثالثاً: ورد عن الخلفاء الراشدين أنهم أعطوا أربعة أخماس الركاز لمن وجده، ومن هذه الآثار:

1. عن سماك عن جرير بن رباح عن أبيه أنهم أصابوا قبراً بالمدائن، فوجدوا فيه رجلاً عليه ثياب منسوجة بالذهب ووجدوا معه مالاً، فأتوا به عمار بن ياسر رضي الله عنه فكتب فيه إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فكتب عمر رضي الله عنه إليه أن أعطهم ولا تنزعه[36].

2. عَنْ عبدالله بن بشر الخثعمي عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ يُقَالُ لَهُ حُمَمَةُ قَالَ: سَقَطَتْ عَلَيَّ جَرَّةٌ مِنْ دَيْرٍ قَدْيمٍ بِالْكُوفَةِ فِيهَا أَرْبَعَةُ آلافِ دِرْهَمٍ، فَذَهَبْتُ بِهَا إِلَى علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: اقْسِمْهَا خَمْسَةَ أَخْمَاسٍ فَقَسَمْتُهَا، فَأَخَذَ مِنْهَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خُمُسًا، وَأَعْطَانِي أَرْبَعَةَ أَخْمَاسٍ، فَلَمَّا أَدْبَرْتُ دَعَانِي، فَقَالَ: فِي جِيرَانِكَ فُقَرَاءُ وَمَسَاكِينُ، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: خُذْهَا فَاقْسِمْهَا فِيهِمْ"[37].

رابعاً: أجمع الفقهاء على أنّ الكنوز والدفائن الجاهلية فيها الخمس وأربعة أخماس لمن يجده[38]، وهذا إجماع على مشروعية هذا الكسب.

المبحث الرابع

الواجب الشرعي في الكنوز والركاز والدفائن والآثار

ويقسم إلى أربعة مطالب:

المطلب الأول: ما يجب على الكنوز والركاز والدفائن والآثار.

المطلب الثاني: على من يجب الخمس في الكنوز والركاز والدفائن والآثار.

المطلب الثالث: النصاب والحول في الكنوز والركاز والدفائن والآثار.

المطلب الرابع: مصارف خمس الكنوز والركاز والدفائن والآثار.

المطلب الأول: ما يجب على الكنوز والركاز والدفائن والآثار

ينظر إلى الواجب في الكنوز والدفائن والآثار إلى ثلاث حالات:

الحالة الأولى: الآثار التي يعثر عليها: وهذه لا شيء فيها، لأنها بالشرع وبحكم القانون ملك للدولة ويحظر التعامل بها (كما مر معنا) بغض النظر عن كونها تتبع لحضارة الدولة الإسلامية أو للحضارات الأخرى الفرعونية أو البابلية أو الرومانية أو الفارسية.

الحالة الثانية: الكنوز والدفائن الإسلامية: وهذه أجمع الفقهاء على أنها لُقطة، فقد جاء في "الموسوعة الفقهية": "لا خلاف بين الفقهاء في أن دفين أهل الإسلام لقطة"[39]، وهو ما يلتقط ويؤخذ من موضع لا يعرف مالكه، وحكمها أنه يعرّفها وينادي بها سنة لما روي عن شعبة عن سلمة، سمعت سويد بن غفلة قال: لقيت أبي بن كعب رضي الله عنه، فقال: أخذت صرة مائة دينار، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (عرّفها حولاً) فعرفتها حولاً، فلم أجد من يعرفها، ثم أتيته فقال: (عرفها حولاً) فعرفتها فلم أجد، ثم أتيته ثلاثاً، فقال: (احفظ وعاءها وعددها ووكاءها، فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها)، فاستمتعت[40]، فإن لم يعلم صاحبه يتملكها ويصرفها على نفسه إن كان فقيراً أو يتصدق بها، وإنْ ظهر صاحبها مستقبلاً فعليه رده له أو ضمانه[41]، لما رواه النسائي عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ  أَبِيهِ  عَنْ  جَدِّهِ  قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ اللُّقَطَةِ فَقَالَ: (مَا كَانَ فِي طَرِيقٍ مَأْتِيٍّ أَوْ فِي قَرْيَةٍ عَامِرَةٍ فَعَرِّفْهَا سَنَةً فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَلَكَ)[42].

 قال الحنفية: "ومن وجد كنزاً في دار الإسلام في أرض غير مملوكة كالفلاة، فإن كان على ضرب أهل الإسلام كالمكتوب عليه كلمة الشهادة فهو بمنزلة اللقطة"[43].

وقال الشافعية: "فإن وجد إسلامي بأن كان عليه شيء من القرآن أو اسم ملك من ملوك الإسلام علم مالكه فيجب رده عليه، لأنّ مال المسلم لا يملك باستيلاء عليه، وإن لم يعلم مالكه فلقطة، فيفعل فيه ما يفعل باللقطة الموجودة على وجه الأرض"[44].

وقال الحنابلة: "وقد اتفقوا على أنّ في الركاز الخمس كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، والركاز الذي لا ريب فيه؛ هو دفن الجاهلية"[45].

الحالة الثالثة: الكنوز والدفائن ما قبل الإسلام: وقد أجمع الفقهاء؛ الحنفية[46]، والشافعي[47]، والحنابلة[48]، والظاهرية[49]، على أنّ الواجب فيها الخمس وإن اختلفوا في تكييفها، هل هي غنيمة أم فيء أم زكاة؟ وهذا ما سنبينه عند الحديث عن مصارف الخمس، والدليل على ذلك:

1. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: )الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ وَالْبِئْرُ جُبَارٌ وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ([50]، والحديث يدل على أن الواجب في الركاز الخمس.

2. عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في كنز وجده رجل: )إن كنت وجدته في قرية مسكونة، أو في سبيل ميتاء، فعرّفه، وإن كنت وجدته في خربة جاهلية، أو في قرية غير مسكونة، أو غير سبيل ميتاء، ففيه وفي الركاز الخمس([51]، وكذلك يدل هذا الحديث على وجوب الخمس في الركاز والدفين الذي عرف ولم يعلم صاحبه.

3. عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً عاملاً على اليمن فأتي بركاز، فأخذ منه الخمس، ودفع بقيته إلى صاحبه، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأعجبه[52]، فإقرار الرسول صلى الله عليه وسلم يؤكد أنّ الخمس واجب في الركاز.

الحالة الرابعة: الرّكاز والكنوز والدفائن التي لا يوجد عليها علامة دالة على أنها إسلامية أو جاهلية: وفيه قولان:

القول الأول: الحنفية[53]، والحنابلة[54]، والشافعية[55]: اعتبروه لقطة وحكمها حكم اللقطة.

القول الثاني: المالكية: قالوا "ركاز يخمس"، حيث ورد: "قال مالك: فإن أشكل فلواجده ويخمس لعدم تحقق المعارض"[56].

ويخلص الباحث إلى أنّ الآثار ملك للدولة لما لها من معنى تاريخي وثقافي، فإذا ما وجدت تسلم إلى الجهة صاحبة الاختصاص وفق القوانين المعمول بها والتي تنظم ذلك، أما الكنوز الإسلامية فالأصل أنها لقطة تعرّف سنة، فإذا وجد صاحبها فهي له، وإلا يتملكها من وجدها مع شرط الضمان والردّ إذا ظهر صاحبها، ولكن تبقى المشكلة في الذهب التركي الذي دفنه الأتراك في البلاد التي كانوا فيها على أمل العودة له، ولكن لم يعودوا، فإن كان ملكاً شخصياً فهذا لقطة، أما إذا كان رواتب جند ونفقات عسكرية وحكومية، فهنا تكون قد عرفت الجهة صاحبة الحقّ، مع أن الواجد لا يعلم إنْ كان صاحبها جندياً أو من هو؟ ولكن مع تقادم الزمن وتعذر معرفة صاحبها الحقيقي، فأرى أنها ملك للدولة الإسلامية التي حلّت مكانها حالياً، فتسلّم لخزينة الدولة.

المطلب الثاني: على من يجب الخمس في الكنوز والركاز والدفائن والآثار

1. جمهور الفقهاء: الحنفية[57]، والحنابلة[58]، والثوري[59]، وأبو عبيد[60]: قالوا بوجوب الخمس على من وجده، مسلم أو ذمي، قال ابن المنذر[61]: "أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، على أن على الذمي في الركاز يجده الخمس، كبير أو صغير، عاقل أو مجنون، إلا أنّ ولي الصغير والمجنون هو الذي يتولّى الإخراج عنهما"[62].

2. الشافعية في الجديد[63]: قالوا: لا يجب الخمس إلا على من تجب عليه الزكاة، لأنهم اعتبروا أنّ مصرف الركاز هو مصرف الزكاة.

ويرجح الباحث قول الجمهور بوجوب الخمس على من وجد الكنز مهما كان، كون الركاز يختلف عن الزكاة، حيث إن الزكاة تجب في المال المحرز المملوك أصلاً، بينما الكنز عكس ذلك فقد طرأ عليه الملك.

المطلب الثالث: النّصاب والحول في الكنوز والركاز والدفائن والآثار

اختلف الفقهاء في اشتراط النصاب وحلول الحول في الركاز والكنوز والدفائن وفق تكييفهم له، وذلك على النحو التالي:

1. جمهور الفقهاء: الحنفية[64]، والحنابلة[65]، وأصح الروايتين عن مالك[66]، والشافعي في مذهبه القديم[67]، عدّوا الركاز والكنوز والدفائن غنائم أو فيئاً، لذلك لم يشترطوا النصاب وحولان الحول.

2. الشافعي في الجديد[68]، يعده مالاً مستفاداً أثناء الحول وليس غنيمة أو فيئاً، والمعروف في مذهب الشافعي أن أي مال يستفيده المسلم أثناء الحول لا يضمه إلى ما عنده من مال، إنما يحسب لهذا المال المستفاد حولاً منفصلاً عن أمواله الأخرى، فمن الطبيعي هنا أن يشترط الحول والنصاب في الركاز، لأن له حكم المال المستفاد أثناء الحول، لذا اعتبره زكاة والزكاة يشترط فيها النصاب والحول.

يرى الباحث أن الكنز يجب عليه الخمس حال وجوده، وبغض النظر عن النصاب، لأنه كما قلنا ليس زكاة، وما يتبقى منه يضم إلى ملكه، وبعد عام إن بلغ النصاب مع ما ضم إليه تجب عليه الزكاة.

المطلب الرابع: مصارف خمس الكنوز والركاز والدفائن والآثار

اختلف الفقهاء في تكييف خمس الركاز والكنوز والدفائن إلى ثلاثة مذاهب، وترتب على ذلك اختلافهم في تقسيمه، وذلك على النحو التالي:

المذهب الأول: الظاهرية[69]، وقول للمالكية[70]: عدوه من الغنائم ويقسم حسب قوله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [الأنفال: 41]، ودليلهم في ذلك[71]:

1. إنّما حكم للركاز بحكم الغنيمة، لأنّه مال كافر وجده مسلم، فأنزل منزلة من قاتله وأخذ ماله، فكان له أربعة أخماسه.

2. قال تعالى: (فَكُلُوا مِمّا غَنِمْتُم حَلالاً طَيِّباً) [الأنفال: 69]، ومال الكافر غير الذمّي غنيمة لمن وجده.

المذهب الثاني: الحنابلة[72]، والمالكية[73]، وقول للحنفية[74]، وقول عند الشافعية[75]، والثوري[76]، عدوه فيء فيئاً، ويقسم وفق قوله تعالى: (مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [الحشر: 7]، واستدلوا بما روى أَبُو عُبَيْدٍ: عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ رَجُلا وَجَدَ أَلْفَ دِينَارٍ مَدْفُونَةً خَارِجًا مِنَ الْمَدِينَةِ، فَأَتَى بِهَا عمر بن الخطاب، فَأَخَذَ مِنْهَا الْخُمُسَ مِائَتَيْ دِينَارٍ وَدَفَعَ إِلَى الرَّجُلِ بَقِيَّتَهَا، وَجَعَلَ عُمَرُ يَقْسِمُ الْمِائَتَيْنِ بَيْنَ مَنْ حَضَرَه مِنَ الْمُسْلِمِينَ، إِلَى أَنْ فَضَلَ مِنْهَا فَضْلَةٌ، فَقَالَ: أَيْنَ صَاحِبُ الدَّنَانِيرِ؟ فَقَامَ إِلَيْهِ، فَقَالَ عُمَرُ: "خُذْ هَذِهِ الدَّنَانِيرَ فَهِيَ لَكَ"[77]، فلو كانت زكاة لخصّ بها أهلها، ولم يرده على واجده، ولأنه يجب على الذمي، والزكاة لا تجب عليه، ولأنه مال مخموس زالت عنه يد الكافر أشبه خمس الغنيمة[78].

المذهب الثالث: الحنفية[79]، والمشهور عن الشافعية[80]، وقول عند الحنابلة[81]، وعلي بن أبي طالب[82]: عدوه زكاة، وتقسم وفق مصارف الزكاة، كما في قوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [التوبة: 60]، واستدلوا على ذلك بما يلي:

1. ما روي مرفوعاً عَنْ عبدالله بن بشر الخثعمي عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ يُقَالُ لَهُ حُمَمَةُ قَال: سَقَطَتْ عَلَيَّ جَرَّةٌ مِنْ دَيْرٍ قَدْيمٍ بِالْكُوفَةِ فِيهَا أَرْبَعَةُ آلافِ دِرْهَمٍ فَذَهَبْتُ بِهَا إِلَى علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: اقْسِمْهَا خَمْسَةَ أَخْمَاسٍ، فَقَسَمْتُهَا، فَأَخَذَ مِنْهَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خُمُسًا، وَأَعْطَانِي أَرْبَعَةَ أَخْمَاسٍ، فَلَمَّا أَدْبَرْتُ دَعَانِي، فَقَالَ: فِي جِيرَانِكَ فُقَرَاءُ وَمَسَاكِينُ، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: خُذْهَا فَاقْسِمْهَا فِيهِمْ"[83].

2. "لأنه حقّ يتعلّق بمستفاد من الأرض، فأشبه صدقة المعدن والعشر، وفي جوازه رده على واجده وجهان لما ذكرنا من الروايتين"[84].

ويرى الباحث أنّ الكنز أقرب إلى الفيء، فهو ليس غنيمة أو زكاة، فالغنيمة إنما تكون بحرب وهزيمة وترك الأموال، ثم تغنم، والزكاة تختلف عن الركاز من عدة أوجه؛ فالصدقات تؤخذ من المسلمين تطهيراً لهم، بينما الركاز غير ذلك، ومصرف الزكاة محدد بالقرآن الكريم، ولا مجال للاجتهاد في قسمتها، بينما الركاز فيه الخمس بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وقسمته مسألة اجتهادية، وأموال الزكاة يجوز أن ينفرد أصحابها بقسمتها، بينما الركاز يجتهد الإمام في قسمته وفق مصلحة المسلمين، إضافة إلى أن الزكاة تكون على مال محرز مملوك أمضى حولاً في ملك صاحبه، أما الفيء فهو ما أخذ من دون قتال، فكأنما كان الكنز لغير المسلمين وأحرز بعد ذهابهم، لذلك يوزع كما يوزع الفيء، وهو لا يختلف عن توزيع الغنائم.

واختلف الفقهاء في كيفية توزيع الخمس على ثلاثة مذاهب:

1. الشافعية[85]، والحنابلة[86]: قالوا تقسم إلى خمسة أجزاء متساوية، واحد منها سهم الرسول، ويُصرف على مصالح المسلمين، وواحد يُعطى لذوي القربى، وهم مَن انتسب إلى هاشم بالأبوّة مِن غير فرق بين الأغنياء والفقراء، والثلاثة الباقية تُنفق على اليتامى والمساكين وأبناء السبيل، سواء أكانوا مِن بني هاشم أو مِن غيرهم.

2. الحنفية[87]: يقسمون الأموال إلى ثلاثة أقسام فقط، اليتامى والمساكين وأبناء السبيل، سواء أكانوا من بني هاشم أو من غيرهم، حيث قالوا: إن سهم الرسول صلى الله عليه وسلم، قد سقط بوفاته، وأما ذوو القربى فهم كغيرهم من الفقراء يعطون لفقرهم لا لقرابتهم من الرسول صلى الله عليه وسلم.

3. المالكية[88]، وأبو عبيد[89]، قالوا إن أموال الخمس ترجع إلى ولي الأمر يتصرف بها كما يشاء.

ويرى الباحث أن الخمس يسلم إلى بيت المال أو من ينوب عنه، وفي زماننا هذا يسلم إلى خزينة الدولة وولي الأمر يوزعها كيف يشاء بما يحقّق مصالح العباد.

الفصل الثاني

الكنوز والركاز والدفائن والآثار في القانون

نظمت المادة رقم (1078) من أحكام القانون المدني الأردني أحكام الكنوز والدفائن على النحو التالي:

1. الكنوز والمعادن وغيرها التي يعثر عليها في أرض مملوكة لشخص معين تكون مملوكة له وعليه الخمس للدولة.

2. الكنوز والمعادن التي تكتشف في أرض مملوكة للدولة تكون مملوكة لها كلها.

3. أما إن كانت الأرض موقوفة وقفاً صحيحاً فإن ما يكتشف يكون لجهة الوقف.

4. تنظم القوانين الخاصة الأمور المتعلقة بما ذكر.

ويرى الباحث أنّ القانون نظم المال الجاهلي ولم يتطرق للمال الإسلامي، ولم يقصد واضع القانون المال الجاهلي دون الإسلامي؛ لأنه يرى عدم الفرق في الحكم بين ما هو من دفن الجاهلية ودفن الإسلام، وجعل كلّ مال يوجد في باطن الأرض مملوكاً للجهة التي تملك الأرض فرداً كان أو وقفاً أو الدولة نفسها، وما جاء بشأن المال الجاهلي متوافق مع رأي جمهور الفقهاء.

أما الآثار فقد صدر قانون الآثار رقم (21) لعام1988م، والذي نظم الأحكام المتعلقة بالآثار، إذ حددت المادة رقم (2:7: أ، ب، ج) طبيعة ما يعد آثاراً، وهي: أي شيء منقول أو غير منقول أنشأه أو صنعه أو خطه أو نقشه أو بناه أو اكتشفه أو عدله إنسان قبل سنة 1750 ميلادية بما في ذلك المغاور والمنحوتات والمسكوكات والفخاريات والمخطوطات وسائر أنواع المصنوعات التي تدلّ على نشأة وتطور العلوم والفنون والصنائع والديانات والتقاليد الخاصة بالحضارات السابقة أو أي جزء أضيف إلى ذلك الشيء أو أعيد بناؤه بعد ذلك التاريخ، وأي شيء منقول أو غير منقول يعلن الوزير أنه أثر بقرار يتم نشره في الجريدة الرسمية، والبقايا البشرية والحيوانية والنباتية التي يرجع تاريخها إلى ما قبل سنة ستمائة ميلادية.

وأكدت المادة رقم (5: أ، ب، د، و) على حصر ملكية الآثار غير المنقولة في الدولة، ولا يجوز لأية جهة أخرى تملك هذه الآثار بأية وسيلة من وسائل التملك، وإخضاعها لأحكام القانون، والتأكيد على أن ملكية الأرض لا تكسب صاحبها حقّ تملك الآثار الموجودة على سطحها أو في باطنها أو التصرف بها، ولا تخوله حق التنقيب عن الآثار فيها، وتسجل جميع المواقع الاثرية باسم الخزينة/الآثار، كما تسجل باسمها المواقع الأثرية غير المسجلة لدى الدائرة والتي يتم اكتشافها في أراضي الخزينة أو التي يتم استملاكها أو شراؤها.

ورتبت المادة رقم (7) على كل من لديه أو في حيازته أي آثار منقولة أن يقدم للدائرة جدولاً بها يتضمن أعدادها وصورها والتفاصيل الأخرى المتعلقة بها ووصفاً مختصراً لكل منها، وعلى الدائرة أن تقوم بتوثيقها حسب الأصول.

وبينت المادة رقم (8: أ، ب) على أن لدائرة الآثار شراء الآثار بالقيمة التي تقدرها وفقاً لأحكام القانون، وتبقى في حيازة صاحبها شريطة عدم التصرف بها بأيّ صورة من الصور إلا بموافقة الوزير بناء على تنسيب المدير، والاحتفاظ بالآثار مع الإشارة إلى أصحابها.

ومنعت المادة رقم (14) أي شخص طبيعي أو معنوي القيام بأية حفريات في المواقع الأثرية بحثاً عن الدفائن الذهبية أو أية دفائن أخرى.

وأشارت المادة رقم (15: ب) على صلاحية مدير عام دائرة الآثار العامة وبموافقة الوزير أن يدفع لمن اكتشف الأثر أو عثر عليه أو بلّغ عنه مكافأة نقدية مناسبة وفقاً لأحكام هذا القانون.

وحصرت المادة رقم (16: أ، ب) الحقّ في القيام بأعمال التنقيب عن الآثار في المملكة بدائرة الآثار العامة، مع السماح للمؤسسات والهيئات والجمعيات العلمية والبعثات الأثرية بالتنقيب عن الآثار بترخيص خاص وفقاً لأحكام هذا القانون، وذلك بعد التأكد من مقدرتها وكفاءتها على أن يجري التنقيب وفقاً للشروط التي يحددها المدير، والحظر على أي شخص طبيعي أو معنوي التنقيب عن الآثار في أي مكان في المملكة حتى ولو كان مملوكاً له.

وحصرت المادة رقم (21: أ، ب) ملكية الدولة لجميع الآثار التي يتم العثور عليها أثناء أي أعمال تقوم بها أي جهة أو شخص في المملكة، أو أي جهة مرخصة في المملكة.

ومنعت المادة رقم (23) الاتجار بالآثار في المملكة.

وسمحت المادة رقم (25: أ) لدائرة الآثار العامة وبموافقة الوزير شراء بعض أو جميع الآثار الموجودة بحيازة مالكها، على أن يتم تقدير ثمنها بالاتفاق مع الوزير وإذا لم يتم الاتفاق فيقدر الثمن من قبل خبيرين تعين الدائرة أحدهما ويعين الثاني من قبل مالك الآثار، وإذا اختلف الخبيران يعينان خبيراً ثالثاً مرجحاً.

ورتبت المادة رقم (26: أ، ب) المعاقبة بالحبس لكل من ينقب أو يتاجر أو يزور أو لا يفصح عما لديه من آثار، أو أتلف وخرب وشوّه الآثار متعمداً، أو سرق ونقل أثراً خلافاً للقانون، إضافة إلى مصادرة المواد وتسليمها إلى الدائرة.

كما رتبت المادة رقم (27: ج) عقوبة الحبس على من اكتشف أو عثر على أي أثر صدفة أو علم باكتشافه أو العثور عليه، ولم يبلغ عنه وفقا لأحكام هذا القانون.

وأكدت المادة رقم (28) على مصادرة أية آثار ارتكبت المخالفة من أجلها كما تصادر الأجهزة والأدوات وتصبح ملكاً للدائرة.

وهكذا يرى الباحث أن قانون الآثار حصر ملكية الآثار للدولة، ومنع أي جهة شخصية أو اعتبارية من التنقيب عن الآثار وبيعها وامتلاكها، بل رتب عقوبة على ذلك، ومصادرة الآثار المكتشفة، وهذا عين الصواب فالآثار ثروة قومية لها دلالات ومعان تاريخية لا يجوز أن تملك لأشخاص لا يعرفون قيمتها أو تباع للخارج وتفقد البلد معناها التاريخي، والأمر الطيب في هذا القانون هو صرف مكافأة لمن يجد آثاراً ويسلمها لجهة الاختصاص، أو شراء الآثار ممن وجدها بثمن متفق عليه، وبذلك نشجع المواطن على تسليم الآثار، ونمنع تهريبها خارج البلاد وبيعها بالسوق السوداء.

الخاتمة

يخلص الباحث إلى الأمور التالية:

أولاً: اختلف الفقهاء حول معنى الركاز واعتبار المعدن ركازاً، والمعتبر هو رأي الجمهور بالتفريق بين المعادن والركاز، كون المعادن موجودة أصلاً من خلق الخالق كمادة خام، أمّا الركاز فهو من صنع البشر تم تصنيعه.

ثانياً: تقسم الكنوز والدفائن والآثار بطريقتين: الزمنية: وتقسم إلى ثلاثة أقسام: الجاهلية: ويقصد بها ما وضع قبل الإسلام، والإسلامية: وهو ما وضع بعد الإسلام، ويعرف بما عليه من كتابات وإشارات وعلامات إسلامية، وما لا علامة دالة على أنها إسلامية أو جاهلية، أما الطريقة الثانية: المكانية: ويقسم إلى: أن يوجد في أرض مَوَات، أو في أرض لا يعلم لها مالك، أو في طريق غير مسلوك، أو قرية خراب، أو في ملك الإنسان المنتقل إليه ببيع أو ميراث أو هبة، أو في ملك شخص آخر مسلم، أو ذمي، أو في أرض حرب.

ثالثا: لا يجوز تملك الآثار، وإنما هي ملك للدولة وفق القانون، والشريعة، للفتوى الصادرة عن دائرة الإفتاء العام.

رابعاً: الكنز الإسلامي ويثبت بوجود علامة دالة أو كتابة أو إشارة، يملك بعد تعريفه على خلاف بين الفقهاء سنة أو ثلاثة، وعدم ظهور صاحبة شرط الردّ والضمان إن ظهر صاحبه.

خامساً: يثبت في دفن الجاهلية الخمس للمنافع العامة وما تبقى وهو أربعة أخماس يكون ملكاً للواجد الكنوز والدفائن الجاهلية (ما قبل الإسلام)، جائز تملك أربعة أخماسها إذا عثر عليها وأدى الواجب فيها وهو الخمس.

سادساً: الكنوز والدفائن التي لا يوجد عليها علامة دالة على أنها إسلامية أو جاهلية، فجمهور الفقهاء على أنها لقطة كما في الكنوز الإسلامية.

سابعاً: الكنوز العثمانية؛ والنقود الذهبية التركية، فينظر لحالتين: إن كانت لشخص خبأها وعلم ذلك بظروف وجودها فهي لقطة تعرّف، ثم تملك بشرط الردّ والضمان عند ظهور صاحبها، أما إذا كان ملك للدولة العثمانية كنفقات ورواتب موظفين وجند، فمالكها معروف، ولكن مع التقادم وحلول نظام حكم مكان نظام، فتكون للدولة وتسلم إلى الخزينة.

ثامناً: جمهور الفقهاء على أن الخمس يجب على الواجد مهما كان؛ مسلماً أم ذمياً، رجلاً أم امرأة، صغيراً أم كبيراً، ولا نصاب فيه، ولا يشترط حولان الحول.

تاسعاً: اختلف الفقهاء في تكييف خمس الركاز والكنوز والدفائن وفق تكييفهم له؛ فمن اعتبره زكاة قسمه حسب مصارف الزكاة، ومن اعتبره غنيمة قسمه حسب أموال الغنيمة، ومن اعتبره فيئاً قسمه قسمة الفيء، ويرى الباحث أن الخمس يسلم إلى بيت المال أو من ينوب عنه، وفي زماننا هذا يسلم إلى خزينة الدولة وولي الأمر يوزعها كيف يشاء بما يحقق مصالح العباد.

عاشراً: نظمت المادة رقم (1078) من أحكام القانون المدني الأردني أحكام الكنوز والدفائن الجاهلي ولم يتطرق للمال الإسلامي، وما جاء بشأن المال الجاهلي متوافق مع رأي جمهور الفقهاء.

حادي عشر: نظم قانون الآثار رقم (21) لعام 1988م الآثار، إذ حصر ملكية الآثار للدولة، ومنع أي جهة شخصية أو اعتبارية من التنقيب عن الآثار وبيعها وامتلاكها، بل ورتب عقوبة على ذلك، ومصادرة الآثار المكتشفة، وصرف مكافأة لمن يجد آثاراً ويسلمها لجهة الاختصاص، أو شراء الآثار ممن وجدها بثمن متفق عليه.

 

(*) مجلة الفتوى والدراسات الإسلامية، دائرة الإفتاء العام، المجلد الأول، العدد الثاني، 1440هـ/ 2019م.

 

الهوامش


[1] . عبدالقادر علي حسين بني عطا، ملكية المعادن والركاز وزكاتهما في الفقه الاسلامي دراسة مقارنة، رسالة ماجستير، جامعة آل البيت، 2003م.

[2] . محمد أحمد القضاة، أحكام الركاز في تشريع الزكاة وأثره في البنيان الاجتماعي والاقتصادي، مجلة دراسات، الجامعة الأردنية، المجلد(28)، العدد1، 2001م، ص134-143.

[3] . محمد عواد عايد السكر، أحكام المستخرجات في الفقه الاسلامي وتطبيقاتها المعاصرة، دراسة فقهية مقارنة، رسالة دكتوراة، الجامعة الأردنية، 2001م.

[4] . جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور الإفريقي المصري (ت711ﻫ/1311م)، لسان العرب، بيروت، دار صادر، د.ت، (د.ط)، ج5، ص355.

[5] . مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي (ت817ﻫ/1415م)، القاموس المحيط، ضبط وتوثيق يوسف الشيخ محمد البقاعي، إشراف مركز البحوث والدراسات، بيروت، دار الفكر للطباعة والنشر، 1955م، (ط1)، ص461.

[6] . وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، الموسوعة الفقهية الكويتية، الكويت، دار السلاسل، 1427ﻫ، (ط2) ج24، ص118.

[7] . مالك بن أنس الأصبحي (ت179ﻫ/795م)، المدونة الكبرى، بيروت، دار الكتب العلمية، د.ت، (د.ط)، ج1، ص339.

[8] . بدر الدين محمد بن أبي بكر بن أحمد الأسدي الدمشقي الشافعي (ت587ﻫ/1470م)، بداية المحتاج في شرح المنهاج، دمشق، دار النوادر، 2012م، (ط1)، ج2، ص178.

[9] . منصور بن يونس البهوتي الحنبلي (ت1051ﻫ/1641م)، كشاف القناع عن متن الإقناع، تحقيق أبو عبدالله محمد حسن الشافعي، بيروت، دار الكتب العلمية، 1997م، (ط1)، ص260-263.

[10] . علاء الدين أبو بكر بن مسعود الكاساني الملقب بملك العلماء (ت 587ﻫ/1191م)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، بيروت، دار الكتب العلمية، 1986م، (ط2)، ج2، ص66. وأبو يوسف :يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن سعد بن حبتة الانصاري (ت182ﻫ/800م)، الخراج، تحقيق طه عبدالرؤوف سعد وسعد حسن محمد، عمان، دار كنوز المعرفة العلمية للنشر والتوزيع، 2009م، (ط1)، ص2.

[11]. محمد بن اسماعيل البخاري(ت256ﻫ/870م)، صحيح البخاري، كِتَاب الزَّكَاة، بَاب فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ، حديث رقم(1428).

[12] . الكاساني، علاء الدين أبي بكر بن مسعود الحنفي، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، تحقيق الشيخ علي معوض وآخرون، بيروت، دار الكتب العلمية، 2010م، (ط3)، ج2، ص 519.

[13]. ابو بكر احمد بن الحسين بن علي البيهقي(ت458ﻫ/1066م)، السنن الكبرى، تحقيق محمد عبدالقادر عطا، بيروت، دار الكتب العلمية، 2003م، (ط2)، ج4، ص152. (إلا أن عبد الله بن سعيد هذا متروك الحديث، ذكر ذلك ابن أبي حاتم .وقد روي من طريق أخرى عن أبي هريرة ولا يصح، ذكره الدارقطني).

[14]. ابو جعفر محمد بن جرير الطبري(ت310ﻫ/923م)، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ضبط وتوثيق صدقي جميل العطار، بيروت، دار الفكر، 1999م، (ط1)، ج16، ص146-147.

[15] . ابن منظور، لسان العرب، ج5، ص401-402.

[16] . محمد عمارة، قاموس المصطلحات الاقتصادية في الحضارة الاسلامية، القاهرة، دار الشروق، 1993م، (ط1)، ص487.

[17] . حلي من الدراهم الصحاح.

[18] . أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو الأزدي السَّجِسْتاني(ت275ﻫ/889م)، سنن أبي داود، كِتَاب الزَّكَاةِ، ما بلغ أن تؤدى زكاته فزكي فليس بكنز، حديث رقم (1564).

[19] . الموسوعة العربية العالمية، الرياض، مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع، 1996م، (ط1)، ج20، ص100.

[20] . علي بن محمد السيد الشريف الجرجاني (ت816ﻫ/1413م)، معجم التعريفات، تحقيق محمد صديق المنشاوي، القاهرة، دار الفضيلة للنشر والتوزيع والتصدير، د ت، (د ط)، ص97، وص157.

[21] . علاء الدين ابو بكر بن مسعود الكاساني الملقب بملك العلماء(ت587ﻫ/1191م)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، القاهرة، شركة المطبوعات العلمية، 1327ﻫ، (ط1)، ج2، ص66.

[22] . القرطبي، الجامع لاحكام القران، ج13، ص355

[23] . ابن كثير، اسماعيل بن عمر(774هـ)، تفسير القرآن العظيم، تحقيق محمد شمس الدين، بيروت، دار الكتب العلمية، 1419ه، (ط1)، ج2، ص 399.

[24] . ابن منظور، لسان العرب، ج5، ص5-10.

[25] . الموسوعة العربية العالمية، ج1، ص154.

[26] . ابن كثير، اسماعيل بن عمر(774هـ)، تفسير القرآن العظيم، تحقيق محمد شمس الدين، بيروت، دار الكتب العلمية، 1419ه، (ط1)، ج12، ص 183.

[27] . كمال السيد سالم أبو مالك، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، ج2، ص58-59،  http://www.qudamaa.com/vb/showthread.php?t=22 )

[28] . مالك بن أنس(ت179ﻫ/795م)، المدونة الكبرى، تحقيق السيد علي بن السيد عبدالرحمن الهاشم، طبع علي نفقة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، 1422ﻫ، (ط1)، ج2، ص176-177.

[29] . http://aliftaa.jo/Question.aspx?QuestionId=2237#.VGy1FzSUffI

[30] . http://www.aliftaa.jo/Question.aspx?QuestionId=1877#.VGMSNpSSy-k

[31] . القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج3، ص322.

[32] . البخاري، صحيح البخاري، كِتَاب الزَّكَاة، بَاب فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ، حديث رقم (1428).

[33] . احمد بن حنبل(ت241ﻫ/855م)، مسند أحمد، بَاقِي مُسْنَدِ الْمُكْثِرِينَ، هذا ركاز وفيه الخمس، حديث رقم (11889).

[34] . احمد بن حنبل، مسند أحمد، بَاقِي مُسْنَدِ الْمُكْثِرِينَ، يذهب كسرى فلا يكون كسرى بعده، حديث رقم (6721).

[35] . سليمان بن أحمد بن أيوب أبو القاسم الطبراني (ت360ﻫ/918م)، المعجم الكبير، تحقيق حمدي بن عبدالمجيد السلفي، الموصل، مكتبة العلوم والحكم، 1983م، (ط2)، حديث رقم (4993)، ج5، ص174.

[36] . ابو بكر احمد بن الحسين بن علي البيهقي (ت458ﻫ/1066م)، السنن الكبرى، تحقيق محمد عبدالقادر عطا، بيروت، دار الكتب العلمية، 2003م، (ط3)، حديث رقم (7743)، ج4، ص263.

[37] . البيهقي، السنن الكبرى، حديث رقم (7074)، ج4، ص157.

[38] . الكاساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، ج2، ص67. وبدر الدين محمد بن أبي بكر بن أحمد الاسدي الدمشقي الشافعي (ت587ﻫ/1191م)، بداية المحتاج في شرح المنهاج، دمشق، دار النوادر، 2012م، (ط1)، ج2، ص181. والقرافي، الذخيرة، ج3، ص70، (البهوتي، كشاف القناع عن متن الاقناع، ج2، ص260.

[39] . الموسوعة الفقهية، إصدار وزارة الاوقاف والشؤون الإسلامية، الكويت، 1992م، (ط2)، الكويت، مطبعة ذات السلاسل، ج23، ص102.

[40] . صحيح البخاري، (ج3)، ص125، كتاب اللقطة، حديث رقم 2426.

[41] . يحيى بن آدم القرشي (ت203ﻫ/818م)، الخراج، تحقيق حسين مؤنس، القاهرة، دار الشروق، 1987م، (ط1)، ص73.

[42]. أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي الخراساني النسائي(ت303ﻫ/915م)، سنن النسائي، كِتَاب الزَّكَاةِ، ما كان في طريق مأتي أو في قرية عامرة فعرفها سنة فإن جاء صاحبها وإلا فلك، حديث رقم (2494) وحسنه الألباني.

[43] . الشيخ نظام (ت592ﻫ/1195م)، الفتاوى الهندية المعروفة بالفتاوى العالمكيرية، ضبط وتنقيح عبداللطيف حسن عبدالرحمن، بيروت، دار الكتب العلمية، 2000م، (ط1)، ج1، ص203-204.

[44] . بدر الدين محمد بن ابي بكر بن احمد الاسدي الدمشقي الشافعي(ت851ﻫ/1447م)، بداية المحتاج في شرح المنهاج، ج2، ص182.)

وقال المالكية: "الواجب فيه، وهو الخمس، للحديث، وقياسا على الغنائم". (القرافي، الذخيرة، ج3، ص70.

[45] . أحمد بن تيمية (ت728ﻫ/1328م)، مجموع فتاوى شيخ الاسلام ابن تيمية، جمع وترتيب عبدالرحمن بن محمد بن قاسم وابنه محمد، المدينة المنورة، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، 1995م، (ط1)، ج20، ص376.

[46] . محمد أمين بن عمر بن عبدالعزيز عابدين الدمشقي (ت1252ﻫ/1836م)، رد المحتار على الدر المختار المعروف بحاشية ابن عابدين، تحقيق محمد صبحي حسن حلاق وعامر حسين، بيروت، دار احياء التراث العربي، 1988م، (ط1)، ج3، ص237.

[47] . بدر الدين محمد بن ابي بكر بن احمد الاسدي الدمشقي الشافعي (ت851ﻫ/1447م)، بداية المحتاج في شرح المنهاج، ج2، ص182.) والمالكية، (مالك بن أنس، المدونة الكبرى، ج2، ص176-177).

[48] . ابن تيمية، مجموع الفتاوى، ج20، ص376.

[49] . أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري (ت456ﻫ/1064م)، المحلى بالآثار، بيروت، دار الفكر، د.ت، (د.ط)، ج7، ص324-327.

[50] . البخاري، صحيح البخاري، كِتَاب الزَّكَاة، بَاب فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ، حديث رقم(1428).

[51] . أبو عبدالله محمد بن عبدالله المعروف بالحاكم النيسابوري(ت405ﻫ/1014م)، المستدرك على الصحيحين، بيروت، وعمان، ودار ابن حزم، والدار العثمانية، 2007م، (ط1)، حديث رقم(2311)، ج2، ص85.

[52] . الطبراني، المعجم الكبير، حديث رقم(4856)، ج5، ص99.) (الهيثمي، بغية الرائد في تحقيق مجمع الزاوئد ومنبع الفوائد، ج3، ص226.

[53] . الكاساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، ج2، ص66.

[54] . البهوتي، كشاف القناع عن متن الاقناع، ج2، ص263.

[55] . شمس الدين محمد بن محمد الخطيب الشربيني(ت977ﻫ/1570م)، مغني المحتاج الى معرفة معاني الفاظ المنهاج، تحقيق على محمد معوض وعادل أحمد عبدالموجود، بيروت، دار الكتب العلمية، 1994م، (ط1)، ج2، ص103.

[56] . القرافي، الذخيرة، ج3، ص710.

[57] . الكاساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، ج2، ص66، والمالكية (القرافي، الذخيرة، ج3، ص71).

[58] . البهوتي، كشاف القناع عن متن الاقناع، ج2، ص260-263.

[59] . محمد رواس قلعة جي، موسوعة فقه سفيان الثوري، ص445.

[60] . أبو عبيد القاسم بن سلام (ت224ﻫ/838م)، الأموال، بيروت، مؤسسة ناصر للثقافة، 1981م، (ط1)، ص330.

[61] . أبو عبيد القاسم بن سلام، الأموال، ج1، ص142.

[62] . محمد بن أبي بكر بن أحمد الأسدي، بداية المحتاج في شرح المنهاج، ج2، ص178.

[63] . أبو زكريا محي الدين بن شرف النووي (ت676ﻫ/1278م)، المجموع شرح المهذب للشيرازي، تحقيق محمد نجيب المطيعي، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 2001م)، (ط1)، ج6، ص32-40.

[64] . الكاساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، ج2، ص66-68.

[65] . البهوتي، كشاف القناع عن متن الإقناع، ج2، ص260-263.

[66] . مالك بن أنس، المدونة الكبرى، ج1 ص339.

[67] . الشربيني، مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، ج2، ص103.

[68] . أبو زكريا محي الدين بن شرف النووي، المجموع شرح المهذب للشيرازي، ج6، ص32-40.

[69] . ابن حزم، المحلى بالآثار، ج5، ص385.

[70] . ابن عبدالبر، الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار وعلماء الأقطار فيما تضمنه الموطأ من معاني الرأي والاثار وشرح ذلك كله بالإيجاز والاختصار، ج3، ص421.

[71] . ابن حزم، المحلى بالآثار، ج5، ص385.

[72] . البهوتي، كشاف القناع عن متن الاقناع، ج2، ص260-263.

[73] . القرافي، الذخيرة، ج3، ص70.

[74] . بدر الدين محمد بن ابي بكر بن احمد الاسدي، بداية المحتاج في شرح المنهاج، ج2، ص182.

[75] . بدر الدين محمد بن ابي بكر بن احمد الاسدي، بداية المحتاج في شرح المنهاج، ج2، ص181.

[76] . محمد رواس قلعة جي، موسوعة فقه سفيان الثوري، ص445.

[77] . ابو عبيد القاسم بن سلام، الأموال، ص141. (ضعّفه الألباني، قال: رواه أبو عبيد (342/874) من طريق مجالد عن الشعبي، قلت: وهذا سند ضعيف، لأن مجالدا فيه ضعف، والشعبي لم يسمع من عمر. (محمد ناصر الدين الألباني، إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، تحقيق زهير الشاويش، بيروت، المكتب الإسلامي، 1985م، (ط2)، ج3، ص289، رقم (812).

[78] . موفق الدين عبدالله بن أحمد بن قدامة (ت620ﻫ/1223م)، المغني، بيروت، دار احياء التراث العربي، 1985م، (ط1)، ج2، ص610.

[79] . بدر الدين محمد بن أبي بكر بن أحمد الأسدي، بداية المحتاج في شرح المنهاج، ج2، ص182.

[80] . الشربيني، مغني المحتاج الى معرفة معاني الفاظ المنهاج، ج2، ص102-103.

[81] . موفق الدين عبد الله بن قدامة المقدسي (ت620ﻫ/1223م)، الكافي في فقه الإمام أحمد بن حنبل، تحقيق محمد فارس ومسعد عبد الحميد السعدني، بيروت، دار الكتب العلمية، 1994م، (ط1) ج1، ص408.

[82] . محمد رواس قلعة جي، موسوعة فقه علي بن أبي طالب، ص289.

[83] . البيهقي، السنن الكبرى، كتاب الجمعة، جماع أبواب حمل الجنازة، باب ما روي عن علي، حديث رقم (7074)، ج2، ص382. وأحمد بن علي محمد الكناني العسقلاني (ت852ﻫ/1448م)، التلخيص الحبير، القاهرة، مؤسسة قرطبة، 1995م، (ط1)، ج2، ص182. وجمال الدين أبو محمد عبد الله بن يوسف بن محمد الزيلعي (ت762ﻫ/1360م)، نصب الراية لأحاديث الهداية مع حاشيته بغية الألمعي في تخريج الزيلعي، تحقيق محمد عوامة، بيروت، مؤسسة الريان للطباعة والنشر، 1997م، (ط1) ج2، ص382.

[84] . ابن قدامة، الكافي في فقه الإمام أحمد بن حنبل، ج1، ص408.

[85] . النووي، المجموع شرح المهذب للشيرازي، ج18، ص15.

[86] . ابو يعلى محمد بن الحسين الفراء (ت458ﻫ/1131م)، الاحكام السلطانية، تحقيق محمد حامدى الفقي، بيروت، دار الكتب العلمية، 1983م، (ط1)، ص137.

[87] . أبو محمد محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد بن حسين الغيتابى الحنفى بدر الدين العيني (ت855ﻫ/1451م)، البناية شرح الهداية، بيروت، دار الكتب العلمية، 2000م، (ط1)، ج7، ص172.

[88] . أبو جعفر أحمد بن نصر الداوودي (ت402ﻫ/1011م)، الأموال، تحقيق مركز الدراسات الفقهية، الكويت، مركز الدراسات الفقهية، 2000م، (ط1)، ص70-71.

[89] . أبو عبيد القاسم بن سلام، الأموال، ص136.