أضيف بتاريخ : 17-01-2018


تحقيق رأي الحنفية في حكم الإجارة الموصوفة في الذمة(*)

 المفتي الدكتور محمد الهواملة

مقدمة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق؛ ليظهره على الدين كله، فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، حتى أتاه اليقين، وبعد؛

فالإنسان –ذلك المخلوق المدني– لا يستطيع العيش في معزل عن بني جلدته، إذ لا بد له من الاعتماد على غيره، فهو محتاج لغيره، وغيره محتاج إليه، وفي ذلك مدعاة إلى الخلطة فيما بينهم، وقد نظم الإسلام الأحكام المتعلقة بهذا الجانب في باب المعاملات وغيرها.

ومن صور المعاملات والعقود التي نظمها الإسلام، عقد الإجارة، فقد اعتنى به اعتناء كبيرا؛ نظرا لأهميته في الحياة، وقد شرع له من الأحكام من تكفل الحقوق لأصحابهما، متبعا في ذلك عناية دقيقة ومنهجية محكمة نظمت كامل مقتضيات العقد من حيث الضوابط والأحكام.

ومن المسائل الاقتصادية التي يروق بحثها ويستعذب نسجها، مسألة "الإجارة الموصوفة في الذمة عند الحنفية" حيث اعترى هذه المسألة بعض الغموض والإشكالات الفقهية، والتي تتمثل في تحديد رأي الحنفية في حكمها؛ لذا تروم الدراسة بحث هذه المسألة وتحقيقها؛ من أجل إزالة اللبس عنها وبيان الوجه الصحيح لها.

وإني لأرجو الله تعالى أن يكون البحث هذا مصدرا مهما ومرجعا مفيدا، يقدم خدمة جليلة للاقتصاد الإسلامي، ولعل في هذا استجابة لأمر الله تعالى، بطلب العلم وتعليمه؛ لتحقيق النفع لعباده، وأسأل الله تعالى أن يجعل عملي هذا خالصا لوجهه الكريم؛ فلست أطلب العلم إلا له سبحانه وتعالى.   

أسباب اختيار الموضوع:

1- أهمية هذا الموضوع وحيويته ودخوله في كثير من التطبيقات المعاصرة.

2- ورود بعض الإشكالات الفقهية في عرض الرأي الصحيح للحنفية في المسألة مدار البحث.

أهداف الدراسة وأهميتها:

تهدف الدراسة إلى بحث مسألة "حكم الإجارة الموصوفة في الذمة عند الحنفية" من أجل بيان رأيهم الصحيح فيها، وذلك بسبب اختلاف بعض الفقهاء المعاصرين في تحديد الرأي الصحيح للحنفية في هذه المسألة.

وتبرز أهمية الدراسة في أنها تعمل على تحقيق رأي الحنفية في مسألة مهمة تتميز بتعدد تطبيقاتها المعاصرة؛ مما يكون له أثر كبير في النشاط الاقتصادي المعاصر.

منهجية البحث:

ترتكز منهجية البحث على النقاط الآتية:

1- المنهج الاستقرائي: ويتمثل في تتبع الآراء في المسألة مع إيراد الأدلة الشرعية.

2- المنهج التحليلي: من خلال النظر في جزئيات المسألة، وتحليل النصوص الشرعية، وصولا للرأي الصحيح.

خطة البحث:

بعد جمع المادة العلمية؛ اقتضت طبيعة هذه الدراسة أن تكون ستة مطالب وفق الترتيب الآتي:

المطلب الأول: تعريف الإجارة الموصوفة في الذمة.

المطلب الثاني: ماهية الإجارة عند الحنفية.

المطلب الثالث: مشروعية الإجارة عند الحنفية.

المطلب الرابع: شروط صحة الإجارة عند الحنفية.

المطلب الخامس: الخلاف الفقهي المعاصر في تحديد رأي الحنفية في الإجارة الموصوفة في الذمة.

المطلب السادس: بيان الرأي الصحيح للحنفية في الإجارة الموصوفة في الذمة.

وفي نهاية البحث ذكرت النتائج التي توصلت إليها.. ثم قائمة للمراجع التي رجعت إليها أثناء البحث.

المطلب الأول

تعريف الإجارة الموصوفة في الذمة

تعتبر الإجارة عموما من العقود المسماة، والتي لها من الشهرة والحضور ما يغني عن التعريف، ومن باب التذكير بها؛ نورد تعريفها اللغوي والاصطلاحي.

الإجارة لغة:

الإِجارَة: مِنْ أَجَر يَأْجِرُ، وَهُوَ مَا أَعطيت مِنْ أَجْر فِي عَمَلٍ. والأَجْر: الثَّوَابُ؛ وَقَدْ أَجَرَه اللَّهُ يأْجُرُه ويأْجِرُه أَجْراً وآجَرَه اللَّهُ إِيجاراً. وأْتَجَرَ الرجلُ: تَصَدَّقَ وَطَلَبَ الأَجر([1]) ويقال: آجَرَه يُؤْجِرُه إِذا أَثابه وأَعطاه الأَجر وَالْجَزَاءَ، وَكَذَلِكَ أَجَرَه يَأْجُرُه ويأْجِرُه، والأَمر مِنْهُمَا آجِرْني وأْجُرْني. وَآجَرَ الإِنسانَ واستأْجره. والأَجيرُ: المستأْجَرُ، وَجَمْعُهُ أُجَراءُ([2]).

الإجارة في اصطلاح الحنفية:

هي: عقد على منفعة معلومة مباحة بعوض معلوم إلى مدة معلومة([3]).

ولا يختلف المعنى الاصطلاحي لـ"الإجارة الموصوفة في الذمة" عن المعنى العام للإجارة، من حيث ورود العقد على منفعة مباحة بعوض معلوم إلى مدة معلومة، إلا أن محل العقد في الإجارة الموصوفة لا يكون معلوما إلا من خلال أوصافه، كأن يرد العقد على استئجار سيارة موصوفة بأنها من ماركة معينة وسنة معينة.. الخ.

وقد أشار الفقهاء إلى هذا النوع بقولهم: "وهي ضربان: أشار إلى الأول منهما بقوله (مدة معلومة من عين معلومة) معينة كـ أجرتك هذا البعير (أو) من عين (موصوفة في الذمة) كـ أجرتك بعيرا صفته كذا ويستقصي صفته([4]).

وقال الكاساني: "وإن كانت الإجارة على دواب بغير أعيانها فسلم إليه دواب فقبضها فماتت لا تبطل الإجارة، وعلى المؤاجر أن يأتيه بغير ذلك؛ لأنه هلك ما لم يقع عليه العقد؛ لأن الدابة إذا لم تكن معينة فالعقد يقع على منافع في الذمة، وإنما تسلم العين ليقيم منافعها مقام ما في ذمته، فإذا هلك بقي ما في الذمة بحاله فكان عليه أن يعين غيرها"([5]).

التعريف المختار للإجارة الموصوفة في الذمة:

يمكن تعريف الإجارة الموصوفة في الذمة على أنها: عقد على منفعة عين مباحة موصوفة، يمكن استيفاؤها، بعوض معلوم إلى مدة معلومة.

المطلب الثاني

ماهية الإجارة عند الحنفية

ينظر الحنفية إلى الإجارة عموما (المشاهدة والموصوفة) على أنها من عقود المعاوضة، وأنها بيع للمنافع، فيثبت الملك في الأجرة المسماة للمؤجر، ويثبت الملك في المنفعة للمستأجر.

قال الكاساني: "أما الأول: فهو ثبوت الملك في المنفعة للمستأجر، وثبوت الملك في الأجرة المسماة للآجر؛ لأنها عقد معاوضة إذ هي بيع المنفعة([6])، والبيع عقد معاوضة، فيقتضي ثبوت الملك في العوضين"([7]).

والحنفية اذ يقررون هذا، إلا أنهم يرون أن الإجارة عقد على معدوم، حيث أن المنفعة غير موجودة وقت العقد، فمن استأجر بيتا ليسكنه، فالسكنى غير موجودة، وإنما تحصل بعد استلام البيت ودخول المستأجر فيه، فتحصل شيئا فشيا.. ساعة فساعة، كلما سكن ساعة من الزمن، استحق المؤجر الثمن، كما أقام الحنفية، العين (البيت كما في المثال السابق) مقام المنفعة؛ حتى يصح العقد.

كما يرى الحنفية أن العين -التي هي سبب وجود المنفعة- أقيمت مقام المنفعة في حق صحة الإيجاب والقبول وفي حق وجوب التسليم، إذ أن العين هي التي يمكن تسليمها دون المنفعة فانعقد في حقها في الحال فوجب عليه تسليمها وصار العقد مضافا غير منعقد للحال في حق المنفعة؛ لأن أقصى ما يتصور العقد على المنفعة أن يكون العقد مضافا إلى وقت حدوثها فينعقد العقد في كل جزء من المنفعة على حسب وجودها شيئا فشيئا، وهذا معنى قولهم:" أن عقد الإجارة في حكم عقود متفرقة يتجدد انعقادها على حسب حدوث المنافع"([8]) وإنما قامت العين مقام المنفعة تصحيحا للعقد في حق الانعقاد، والتسليم ضرورة عدم تصورهما في المنفعة ولا ضرورة في حق الملك في البدل إذا ما ثبت للضرورة يثبت بقدرها فلا يظهر في حق ملك البدل كما لا يظهر في حق ملك المنفعة فيكون العقد مضافا إلى وقت حدوثها غير منعقد للحال في حقهما([9]).

قال شمس الأئمة السرخسي "المنافع لا تتولد من العين ولكنها أعراض تحدث في العين شيئا فشيئا"([10])، وقال: "الأجر يجب شيئا فشيئا"([11]).

وجاء في درر الحكام: "ولما كانت المنفعة كالحركة من الأعراض الزائلة وهي معدومة فيجب قياسا ألا تكون محلا للعقد ; لأن الشارع بضرورة الحاجة قد أعطاها حكم الموجود وجوز بأن تكون محلا للعقد فأقام العقد مقام المنفعة في العقود فيقال في تأجير دار مثلا قد أجرتك هذه الدار فتنعقد الإجارة بقبول المستأجر، أما إذا قيل: قد أجرتك منفعة الدار فعلى قول لا تصح الإجارة ولا تنعقد; لأن المنفعة معدومة فإضافة العقد إليها غير صحيح"([12])

هذا بشأن المنفعة المعقود عليها، أما ما يتعلق بالأجرة وكيفية ثبوتها فللحنفية تفصيل أورده الكاساني، وفيما يأتي نصه:

قال الكاساني: "أما الأول: فهو ثبوت الملك في المنفعة للمستأجر، وثبوت الملك في الأجرة المسماة للآجر؛ لأنها عقد معاوضة إذ هي بيع المنفعة، والبيع عقد معاوضة، فيقتضي ثبوت الملك في العوضين... وأما وقت ثبوته فالعقد لا يخلو إما إن كان عقد مطلقا عن شرط تعجيل الأجرة، وإما أن شرط فيه تعجيل الأجرة أو تأجيلها... فإن عقد مطلقا؛ فالحكم يثبت في العوضين في وقت واحد، فيثبت الملك للمؤاجر في الأجرة وقت ثبوت الملك للمستأجر في المنفعة"([13]).

وقال أيضا: "هذا إذا وقع العقد مطلقا عن شرط تعجيل الأجرة، فأما إذا شرط في تعجيلها ملكت بالشرط وجب تعجيلها، فالحاصل أن الأجرة لا تملك عندنا إلا بأحد معان ثلاثة: أحدها: شرط التعجيل في نفس العقد، والثاني: التعجيل من غير شرط: والثالث: استيفاء المعقود عليه. أما ملكها بشرط التعجيل فلأن ثبوت الملك في العوضين في زمان واحد لتحقيق معنى المعاوضة المطلقة وتحقيق المساواة التي هي مطلوب العاقدين، ومعنى المعاوضة والمساواة لا يتحقق إلا في ثبوت الملك فيهما في زمان واحد، فإذا شرط التعجيل فلم توجد المعاوضة المطلقة بل المقيدة بشرط التعجيل فيجب اعتبار شرطهما ... فيثبت الملك في العوض قبل ثبوته في المعوض؛ ولهذا صح التعجيل في ثمن المبيع وإن كان إطلاق العقد يقتضي الحلول، كذا هذا وللمؤجر حبس ما وقع عليه العقد حتى يستوفي الأجرة، كذا ذكر الكرخي في جامعه؛ لأن المنافع في باب الإجارة كالمبيع في باب البيع، والأجرة في الإجارات كالثمن في البياعات، وللبائع حبس المبيع إلى أن يستوفي الثمن، فكذا للمؤاجر حبس المنافع إلى أن يستوفي الأجرة المعجلة"([14]).

المطلب الثالث

مشروعية الإجارة عند الحنفية

تقدم أن الحنفية ينظرون إلى الإجارة عموما على أنها عقد على بيع معدوم، لأن الإجارة بيع المنفعة والمنافع للحال معدومة، والمعدوم لا يحتمل البيع، فلا يجوز إضافة البيع إلى ما يؤخذ في المستقبل كإضافة البيع إلى أعيان تؤخذ في المستقبل، فالقياس أن لا تجوز لما فيها من إضافة العقد إلى ما سيوجد، حيث أن الملك فيها يقع للبدلين ساعة فساعة؛ حسب حدوث المنافع، وقد أقيمت العين المستأجرة مقام المنفعة في حق إضافة العقد إليها؛ ليرتبط الإيجاب بالقبول، فإذا لا سبيل إلى تجويزها لا باعتبار الحال، ولا باعتبار المآل([15]).

وعن مشروعيتها قال السرخسي: "وزعم بعض مشايخنا -رحمهم الله- أن القياس يأبى جواز هذا العقد؛ لأنه يرد على المعدوم وهي المنفعة التي توجد في مدة الإجارة، والمعدوم ليس بمحل للعقد؛ لأنه ليس بشيء فيستحيل وصفه بأنه معقود عليه، ولأنه ملك المعقود عليه بعد الوجود لا بد منه لانعقاد العقد والمعدوم لا يوصف بأنه مملوك ولا يمكن جعل العقد مضافا؛ لأن المعاوضات لا تحتمل الإضافة كالبيع والنكاح"([16]).

وعلى الرغم من أن الحنفية لا يجيزون الإجارة قياسا، إلا أنهم يرون جوازها استحسانا عملا بالضرورة والحاجة الملحة لها([17]).

قال الزيلعي: "والقياس أن لا تجوز لما فيها من إضافة العقد إلى ما سيوجد، إلا أنها أجيزت للضرورة لشدة الحاجة إليها"([18]).

وقد استند الحنفية -عند أخذهم بالاستحسان في جواز الإجارة- إلى عدة أدلة، ذكرها الكاساني بقوله: "لكنا استحسنا الجواز بالكتاب العزيز، والسنة، والإجماع([19]). وفيما يأتي الإشارة إلى بعضها:

أولا: من الكتاب.

1- قال الله تعالى: {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [القصص: 27] 

وجه الدلالة: دلت الآية الكريمة على مشروعية الإجارة، وما ثبت شريعة لمن قبلنا فهو لازم لنا ما لم يقم الدليل على انفساخه([20]).

2- وقال الله تعالى: {وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا} [الزخرف: 32]

وجه الدلالة: أي: رفعنا بعضهم فوق بعض درجات، بالغنى والمال؛ ليستخدم بعضهم بعضا فيسخر الأغنياء بأموالهم الأجراء الفقراء بالعمل، فيكون بعضهم لبعض سبب المعاش هذا بماله، وهذا بأعماله، فيلتئم قوام أمر العالم([21])، فتدل الآية الكريمة على جواز العمل بأجر وهو الإجارة([22]).

3- وقال الله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233]

وجه الدلالة: نفى الله سبحانه وتعالى الجناح عمن يسترضع ولده، والمراد منه الاسترضاع بالأجرة ([23]).

ثانيا: من السنة النبوية.

1- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَعْطُوا الْأَجِيرَ أَجْرَهُ، قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ "([24]).

وجه الدلالة: أمر صلى الله عليه وسلم بالمبادرة إلى إعطاء أجر الأجير قبل فراغه من العمل من غير فصل، فيدل على جواز الإجارة([25]).

2- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: "اسْتَأْجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ بْنِ عَدِيٍّ هَادِيًا خِرِّيتًا - الخِرِّيتُ: المَاهِرُ بِالهِدَايَةِ - قَدْ غَمَسَ يَمِينَ حِلْفٍ فِي آلِ العَاصِ بْنِ وَائِلٍ، وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَأَمِنَاهُ فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا، وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلاَثِ لَيَالٍ، فَأَتَاهُمَا بِرَاحِلَتَيْهِمَا صَبِيحَةَ لَيَالٍ ثَلاَثٍ، فَارْتَحَلاَ وَانْطَلَقَ مَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، وَالدَّلِيلُ الدِّيلِيُّ، فَأَخَذَ بِهِمْ أَسْفَلَ مَكَّةَ وَهُوَ طَرِيقُ السَّاحِلِ"([26]).

وجه الدلالة: الحديث واضح الدلالة على الجواز، وقال الكاساني: أدنى ما يستدل بفعل النبي صلى الله عليه وسلم الجواز([27]).

ثالثا: الإجماع.

قال الكاساني: "وأما الإجماع فإن الأمة أجمعت على ذلك قبل وجود الأصم حيث يعقدون عقد الإجارة من زمن الصحابة -رضي الله عنهم- إلى يومنا هذا من غير نكير، فلا يعبأ بخلافه إذ هو خلاف الإجماع، وبه تبين أن القياس متروك لأن الله تعالى إنما شرع العقود لحوائج العباد، وحاجتهم إلى الإجارة ماسة؛ لأن كل واحد لا يكون له دار مملوكة يسكنها أو أرض مملوكة يزرعها أو دابة مملوكة يركبها وقد لا يمكنه تملكها بالشراء لعدم الثمن، ولا بالهبة والإعارة؛ لأن نفس كل واحد لا تسمح بذلك فيحتاج إلى الإجارة فجوزت بخلاف القياس لحاجة الناس كالسلم ونحوه، تحقيقه أن الشرع شرع لكل حاجة عقدا يختص بها فشرع لتمليك العين بعوض عقدا وهو البيع، وشرع لتمليكها بغير عوض عقدا وهو الهبة، وشرع لتمليك المنفعة بغير عوض عقدا وهو الإعارة، فلو لم يشرع الإجارة مع امتساس الحاجة إليها لم يجد العبد لدفع هذه الحاجة سبيلا وهذا خلاف موضوع الشرع"([28])

المطلب الرابع

شروط صحة الإجارة عند الحنفية ([29])

يشترط لصحة الإجارة ما يأتي([30]):

أولا: أن تكون المنافع معلومة. قال الكاساني: "أن يكون المعقود عليه وهو المنفعة معلوما علما يمنع من المنازعة، فإن كان مجهولا ينظر، إن كانت تلك الجهالة مفضية إلى المنازعة تمنع صحة العقد، وإلا فلا؛ لأن الجهالة المفضية إلى المنازعة تمنع من التسليم والتسلم فلا يحصل المقصود من العقد فكان العقد عبثا لخلوه عن العاقبة الحميدة، وإذا لم تكن مفضية إلى المنازعة يوجد التسليم والتسلم فيحصل المقصود، ثم العلم بالمعقود عليه وهو المنفعة يكون ببيان أشياء منها: بيان محل المنفعة حتى لو قال: أجرتك إحدى هاتين الدارين أو أحد هذين العبدين، أو قال: استأجرت أحد هذين الصانعين لم يصح العقد؛ لأن المعقود عليه مجهول لجهالة محله جهالة مفضية إلى المنازعة فتمنع صحة العقد"([31]).

وجاء في الاختيار للموصلي: "(والمنافع تعلم بذكر المدة كسكنى الدار وزرع الأرضين مدة معلومة) لأن المدة إذا علمت تصير المنافع معلومة، (أو بالتسمية كصبغ الثوب، وخياطته، وإجارة الدابة لحمل شيء معلوم أو ليركبها مسافة معلومة) لأنه إذا بين لون الصبغ وقدره وجنس الخياطة وقدر المحمول وجنسه والمسافة تصير المنافع معلومة، (أو بالإشارة كحمل هذا الطعام) لأنه إذا عرف ما يحمله والموضع الذي يحمله إليه تصير المنفعة معلومة"([32]).

ثانيا: أن يرد العقد على استيفاء المنفعة وليس العين.

جاء في اللباب: "(ويجوز استئجار الدور) جمع دار، وهي معلومة (والحوانيت) جمع حانوت، وهي الدكان، المعدة (للسكنى وإن لم يبين ما يعمل فيها)، لأن العمل المتعارف فيها السكنى فينصرف إليه (وله أن يعمل كل شيء) مما لا يضر بالبناء كما أشار إليه بقوله: (إلا الحداد والقصار والطحان)، لأن في ذلك ضررا ظاهرا، لأنه يوهن البناء ويضر به؛ فلا يملكه إلا بالتسمية (ويجوز استئجار الأراضي للزراعة)، لأنها منفعة مقصودة معهودة فيها (و) لكن (لا يصح العقد حتى يسمي ما يزرع فيها) لأن ما يزرع فيها متفاوت، وبعضه يضر بالأرض، فلابد من التعيين كيلا تقع المنازعة (أو يقول: على أن يزرع فيها ما شاء)؛ لأنه بالتفويض إليه ارتفعت الجهالة المفضية إلى المنازعة (ويجوز أن يستأجر الساحة) بالحاء المهملة - وهي الأرض الخالية من البناء والغرس (ليبني فيها) بناء (أو يغرس فيها نخلا أو شجرا)، لأنها منفعة تقصد بالأراضي كالزراعة"([33]).

وقال الكاساني: "وذكر بعض المشايخ أن الإجارة نوعان: إجارة على المنافع، وإجارة على الأعمال، وفسر النوعين بما ذكرنا وجعل المعقود عليه في أحد النوعين المنفعة وفي الآخر العمل، وهي في الحقيقة نوع واحد لأنها بيع المنفعة فكان المعقود عليه المنفعة في النوعين جميعا، إلا أن المنفعة تختلف باختلاف محل المنفعة فيختلف استيفاؤها باستيفاء منافع المنازل بالسكنى، والأراضي بالزراعة، والثياب والحلل وعبيد الخدمة، بالخدمة والدواب بالركوب والحمل، والأواني والظروف بالاستعمال، والصناع بالعمل من الخياطة، والقصارة ونحوهما، وقد يقام فيه تسليم النفس مقام الاستيفاء كما في أجير الواحد حتى لو سلم نفسه في المدة ولم يعمل يستحق الأجر"([34]).

 وقد فرع الكاساني على هذا الشرط فقال: "لا تجوز إجارة الشجر والكرم للثمر؛ لأن الثمر عين والإجارة بيع المنفعة لا بيع العين، ولا تجوز إجارة الشاة للبنها أو سمنها أو صوفها أو ولدها؛ لأن هذه أعيان فلا تستحق بعقد الإجارة، وكذا إجارة الشاة لترضع جديا أو صبيا لما قلنا، ولا تجوز إجارة ماء في نهر أو بئر أو قناة أو عين لأن الماء عين فإن استأجر القناة والعين والبئر مع الماء لم يجز أيضا؛ لأن المقصود منه الماء وهو عين، ولا يجوز استئجار الآجام التي فيها الماء للسمك وغيره من القصب والصيد؛ لأن كل ذلك عين، فإن استأجرها مع الماء فهو أفسد وأخبث؛ لأن استئجارها بدون الماء فاسد فكان مع الماء أفسد، ولا تجوز إجارة المراعي؛ لأن الكلأ عين فلا تحتمل الإجارة، ولا تجوز إجارة الدراهم والدنانير ولا تبرهما وكذا تبر النحاس والرصاص ولا استئجار المكيلات والموزونات؛ لأنه لا يمكن الانتفاع إلا بعد استهلاك أعيانها، والداخل تحت الإجارة المنفعة لا العين حتى لو استأجر الدراهم والدنانير ليعبر بها ميزانا أو حنطة ليعبر بها مكيالا أو زيتا ليعبر به أرطالا أو أمنانا أو وقتا معلوما ذكر في الأصل أنه يجوز؛ لأن ذلك نوع انتفاع بها مع بقاء عينها فأشبه استئجار سنجات الميزان، وذكر الكرخي أنه لا يجوز لفقد شرط آخر وهو كون المنفعة مقصودة والانتفاع بهذه الأشياء من هذه الجهة غير مقصود عادة، ولا يجوز استئجار الفحل للضراب؛ لأن المقصود منه النسل وذلك بإنزال الماء وهو عين"([35]).

ثالثا: أن تكون الأجرة معلومة.

قال المرغيناني: "ولا تصح حتى تكون المنافع معلومة، والأجرة معلومة لما روينا، ولأن الجهالة في المعقود عليه وبدله تفضي إلى المنازعة كجهالة الثمن والمثمن في البيع"([36]).

وقال الزيلعي: "(وما صح ثمنا صح أجرة) لأن الأجرة ثمن المنفعة فتعتبر بثمن المبيع، ثم إن كانت الأجرة عينا جاز كل عين أن يكون أجرة كما جاز أن يكون بدلا في البيع، وإن كان موصوفا في الذمة يجوز أيضا كل ما جاز أن يكون ثمنا أو مبيعا في الذمة كالمقدرات والمذروعات وما لا فلا ولا فرق بينهما فيه"([37]).

وقال: "(والأجرة لا تملك بالعقد بل بالتعجيل أو بشرطه أو بالاستيفاء أو بالتمكن منه)، أي لا تملك الأجرة بنفس العقد سواء كانت الأجرة عينا أو دينا، وإنما تملك بالتعجيل أو بشرط التعجيل أو باستيفاء المعقود عليه وهي المنفعة أو بالتمكن من استيفائه بتسليم العين المستأجرة في المدة"([38]).

رابعا: أن تكون المدة معلومة. قال الكاساني: "ومنها: بيان المدة في إجارة الدور والمنازل، والبيوت، والحوانيت، وفي استئجار الظئر؛ لأن المعقود عليه لا يصير معلوم القدر بدونه، فترك بيانه يفضي إلى المنازعة، وسواء قصرت المدة أو طالت من يوم أو شهر أو سنة أو أكثر من ذلك بعد أن كانت معلومة"([39]).

المطلب الخامس

الخلاف الفقهي المعاصر في تحديد رأي الحنفية في الإجارة الموصوفة في الذمة

عند قراءتي لبعض المؤلفات الحديثة بشأن الإجارة الموصوفة في الذمة؛ عثرت على قولين للفقهاء المعاصرين في تحديد رأي الحنفية في الإجارة الموصوفة في الذمة، وهما كما يأتي:

القول الأول: عدم جواز الإجارة الموصوفة في الذمة عند الحنفية.

وقد ذهب إلى هذا القول كل من: نزيه حماد([40]) وعبد الباري مشعل([41]) وأحمد محمد نصار([42]).

قال نزيه حماد: "وقد اختلف الفقهاء في مشروعية إجارة الذمة، فذهب جمهورهم من الشافعية والمالكية والحنابلة إلى جوازها في الجملة، وذهب الحنفية إلى أنها غير جائزة أصلا؛ لأن من شروط صحة عقد الإجارة عندهم كون المؤجر معينا([43])، وعلى ذلك فلا يجوز في الإجارة ورود العقد على منفعة موصوفة في الذمة غير متعلقة بذات معينة"([44]).

وقال أحمد محمد نصار: "اختلف الفقهاء في مشروعية الإجارة الموصوفة في الذمة فذهب الحنفية إلى منع إجارة منافع الأعيان الموصوفة في الذمة، واشترطوا أن تكون العين المؤجرة معينة "([45]).

وقال عبد الباري مشعل: "وقد اختلف الفقهاء في مشروعية إجارة الذمة، فذهب جمهورهم من الشافعية والحنابلة والمالكية إلى جوازها في الجملة. وذهب الحنفية إلى أنها غير جائزة أصلا، لأن من شروط صحة عقد الإجارة عندهم كون المؤجر معينا، وعلى ذلك فلا يجوز في الإجارة ورود العقد على منفعة موصوفة في الذمة غير متعلقة بذات معينة"([46]).

أدلة هذا القول: استند نزيه حماد إلى ما يأتي:

1- مادة (449) من مجلة الأحكام العدلية: " يلزم تعيين المأجور، بناء على ذلك لا يصح إيجار أحد الحانوتين من دون تعيين أو تمييز "([47]).

2- مادة (473) مرشد الحيران: "يشترط لصحة الإجارة رضا العاقدين وتعيين المؤجر([48]).

القول الثاني: جواز الإجارة الموصوفة في الذمة عند الحنفية.

وقد ذهب إلى هذا القول: عادل عوض بابكر([49]).

وقال: "ويرى الحنفية أن الإجارة الموصوفة في الذمة جائزة وإن تأخر دفع الاجرة في مجلس العقد"([50]) ولم يشر الباحث إلى مستنده في نقل هذا القول عن الحنفية.

المطلب السادس

بيان الرأي الصحيح للحنفية في الإجارة الموصوفة في الذمة

عند اطلاعي على ما تيسر لي من كتب الحنفية؛ لم أجد عندهم ما يشير إلى عدم جواز الإجارة الموصوفة في الذمة، وغاية ما هنالك أنهم اشترطوا شروطا عدة لصحة عقد الإجارة، وقد تم الاشارة اليها سابقا، وهي شروط عامة تصدق على الإجارة الموصوفة في الذمة وغيرها، إلا أنه لم يكن جملتها شرط التعيين الذي تكلم عنه أصحاب القول الأول.

وفي هذا المطلب سأقوم بعرض الأدلة التي استند إليها أصحاب القول الأول الذين يرون عدم جواز الإجارة الموصوفة في الذمة عند الحنفية، ومناقشتها، وصولا إلى تحرير مذهب الحفية.

الدليل الأول: "مادة (449)" يلزم تعيين المأجور، بناء على ذلك لا يصح إيجار أحد الحانوتين من دون تعيين أو تمييز ". وهو النص الذي استشهد به نزيه حماد من مجلة الأحكام العدلية.

توجيه النص والرد على الاستدلال به على تحريم الإجارة الموصوفة في الذمة:

أولا: النص لا يتكلم عن إجارة الذمة، وإنما عن الإجارة مطلقا (المشاهدة والموصوفة) إذا دخلها جهالة، ووجه الجهالة فيها هو وقوع العقد على أحد الحانوتين، والعقد على أحد الحانوتين دون تعيين أحدهما فيه جهالة واضحة، إلا أنه لا يوجد في هذه العبارة ما يدل على تحريم الإجارة الموصوفة عند الحنفية.

ومما يدل على مطلق الإجارة في نص مجلة الاحكام العدلية السابق، وليس الإجارة الموصوفة في الذمة، قول الكاساني الآتي:

 قال الكاساني: "ثم العلم بالمعقود عليه وهو المنفعة يكون ببيان أشياء منها: بيان محل المنفعة حتى لو قال: أجرتك إحدى هاتين الدارين أو أحد هذين العبدين، أو قال: استأجرت أحد هذين الصانعين لم يصح العقد؛ لأن المعقود عليه مجهول لجهالة محله جهالة مفضية إلى المنازعة فتمنع صحة العقد"([51]).

توجيه النص: يتضح من هذا، أن الكاساني يتكلم عن الإجارة المشاهدة التي دخلها جهالة، بدليل اسم الاشارة([52]) بقوله: "هاتين الدارين" و "هذين العبدين" حيث يرد اسم الاشارة (هذين، هاتين) على القريب المعين، وقوله " أحد، إحدى" أورث جهالة، فلا يعلم أي العبدين أو البيتين هو المقصود في العقد حتى يترتب عليه أثره، وهذا في الإجارة المشاهدة، فالموصوفة من باب أولى.

ثانيا: الجهالة التي تمنع صحة العقد، هي المفضية إلى النزاع فقط.

يلاحظ أن الكاساني قيد المنع للجهالة بالإجارة التي تفضي إلى المنازعة فقط، أما التي لا يحصل فيها نزاع فلا مانع منها.

قال الكاساني: "وأما الذي يرجع إلى المعقود عليه فضروب: منها: أن يكون المعقود عليه وهو المنفعة معلوما علما يمنع من المنازعة، فإن كان مجهولا ينظر إن كانت تلك الجهالة مفضية إلى المنازعة تمنع صحة العقد، وإلا فلا؛ لأن الجهالة المفضية إلى المنازعة تمنع من التسليم والتسلم فلا يحصل المقصود من العقد فكان العقد عبثا لخلوه عن العاقبة الحميدة. وإذا لم تكن مفضية إلى المنازعة يوجد التسليم والتسلم فيحصل المقصود"([53]).

ويقول أيضا: "فإن قيل أليس أنه لو استأجر دابة بغير عينها يجوز وإن كان المعقود عليه مجهولا لجهالة محله؟ فالجواب: إن هذه الجهالة لا تفضي إلى المنازعة لحاجة الناس إلى سقوط اعتبارها؛ لأن المسافر لو استأجر دابة بعينها فربما تموت الدابة في الطريق فتبطل الإجارة بموتها، ولا يمكنه المطالبة بدابة أخرى، فيبقى في الطريق بغير حمولة فيتضرر به، فدعت الضرورة إلى الجواز وإسقاط اعتبار هذه الجهالة لحالة الناس، فلا تكون الجهالة مفضية إلى المنازعة كجهالة"([54]).

وعلى هذا فلو أجره أحد السيارتين الموصوفتين، وهما من نفس النوع وتاريخ الصنع وجميع المواصفات، فلا مانع؛ حيث أن الجهالة يسيرة، لا تؤثر في العقد أو في استيفاء المنفعة.

ثالثا: لا يشترط رؤية المأجور لتعيينه.

أفادت نصوص فقهاء الحنفية أنه لا يشترط رؤية المأجور لتعيينه، كما أفادت بوجوب تعيين المأجور في حال الاشتباه بين اثنين أو أكثر مما قد يرد عليه العقد، وهذا في الاجارة مطلقا (المشاهدة والموصوفة)، فإذا وقع العقد على مأجور واحد موصوف في الذمة، وتم ذكر أوصافه، فلا يوجد ما يمنع صحة هذا العقد؛ لأنه عندها يكون معروفا ومعلوما ومعينا بانفراده، إذ المطلوب هو أن يكون المأجور معلوما علما يزيل الجهالة المفضية إلى النزاع، فإذا زالت الجهالة بذكر أوصافه، ولو لم يكن حاضرا، صح العقد وهذا في الإجارة المشاهدة والموصوفة على السواء.

ومما يدل على هذا، ما جاء في المادة (204) مجلة الأحكام، والتي تنص على أن: "المبيع يتعين بتعيينه في العقد. مثلا: لو قال البائع: بعتك هذه السلعة، وأشار إلى سلعة موجودة في المجلس إشارة حسية، وقبل المشتري، لزم على البائع تسليم تلك السلعة بعينها، وليس له أن يعطي سلعة غيرها من جنسها" ([55]).  

جاء في شرح هذه المادة من كتاب درر الحكام ما يأتي:

"لفظ (الإشارة بحسية) الوارد في هذه المادة ليس للاحتراز، فإذا عين المبيع بغير الإشارة الحسية كالتعريف أو الوصف أو غيرهما فعلى البائع أن يسلم ذلك المبيع المعين وعلى المشتري أيضا أن يأخذه"([56]).

ملاحظة: هذه المادة وإن كانت تتحدث عن عقد البيع، إلا أن المصنف ذكرها في معرض حديثه عن عقد الإجارة، ولعل ذلك لأن الإجارة بيع للمنافع([57]).

ويلاحظ على الشرح -كتاب درر الحكام- أنه بعد ذكر المادة (409) من مجلة الاحكام العدلية، أحال إلى المادة (200) والتي تشترط كون المبيع معلوما عند المشتري([58]) والمادة (213) التي تتحدث عن بيع المجهول ([59]).

 وفي ذات المجلة ورد النص على كيفية ارتفاع الجهالة فقال المصنف: "(المادة 201) يصير المبيع معلوما ببيان أحواله وصفاته التي تميزه عن غيره مثلا لو باعه كذا مدا من الحنطة الحمراء أو باعه أرضا مع بيان حدودها صار المبيع معلوما وصح البيع ([60]).

وقال: " إن طرق العلم بالمبيع تختلف باختلاف المبيع، ومن طرق العلم به:

 أولا: بالإشارة.

 ثانيا: بالخواص التي تميزه عن سواه وهي مقداره وحدوده وصفاته.

 ثالثا: مكانه الخاص.

 رابعا: بإضافة البائع المبيع إلى نصفه.

 خامسا: ببيان الجنس على قول طريق العلم بالإشارة"([61]).

رابعا: التصريح بصحة الإجارة الموصوفة إذا تم وصف المأجور وصفا يزيل الجهالة.

جاء في كتب الحنفية ما يشير صراحة إلى جواز الإجارة الموصوفة في الذمة، ومن ذلك ما ورد في كتاب: درر الحكام في شرح مجلة الأحكام، تحت شرح المادة (449) السابقة من مجلة الاحكام العدلية، فقد جاء فيها:

"إذا وجد في مكان حمامان أحدهما للرجال والآخر للنساء، وبين المؤجر الحدود بوجه يشمل الحمامين وقال: (أجرتك الحمام الذي في المكان الفلاني)، فإذا كان للحمامين باب واحد ومدخل واحد، فالإجارة صحيحة وتكون للحمامين معا، وإذا كان لكل منهما باب على حدته ومدخل خاص فلا تصح الإجارة لعدم التعيين"([62]).

لقد بات واضحا من مما سبق عدم اشتراط رؤية المأجور لصحة عقد الإجارة، فيصح عقد الإجارة لمأجور غائب اعتمادا على وصفه، مادام الوصف أفاد العلم وانتفت به الجهالة، إلا أنه يجب تعيين المأجور في حال وقع العقد على أحد مأجورين، لوجود الجهالة، فإن زالت صح العقد والا فلا، وهذا في مطلق الإجارة (المشاهدة والموصوفة).

الدليل الثاني: م(473) مرشد الحيران: "يشترط لصحة الإجارة رضا العاقدين وتعيين المؤجر([63]).

توجيه النص: تنص هذه المادة بتمامها على أنه: "م (473)"يشترط لصحة الإجارة رضا العاقدين وتعيين المؤجر ومعلومية المنفعة بوجه لا فضي إلى المنازعة، وبيان مدة الانتفاع وتعيين مقدار الأجرة إن كانت من النقود وتعيين قدرها ووصفها إن كانت من المقدرات، فإن اختل شرط من شرائط الصحة المذكورة فسدت الإجارة"([64]).

ويرد على هذا الاستدلال بما تقدم من الملاحظات، ويزاد عليها، بأن المادة نصت على شروط صحة الإجارة، والتي عند انتفائها يكون جهالة مفضية إلى الفساد، وليس معناه عدم جواز الإجارة الموصوفة أصلا، والفساد يصحح عند رؤية المأجور في حال عدم الاكتفاء بالوصف.

جاء في تبيين الحقائق: " إذا كان ما وقع عليه عقد الإجارة مجهولا في نفسه أو في أجره أو في مدة الإجارة أو في العمل المستأجر عليه فالإجارة فاسدة وكل جهالة تدخل في البيع فتفسده من جهة الجهالة فكذلك هي في الإجارة"([65]).

وقال الكاساني: "والأصل عندنا: أنه ينظر إلى الفساد: فإن كان قويا بأن دخل في صلب العقد وهو البدل أو المبدل، لا يحتمل الجواز برفع المفسد، كما قال زفر: إذا باع عبدا بألف درهم ورطل من خمر فحط الخمر عن المشتري، وإن كان ضعيفا لم يدخل في صلب العقد بل في شرط جائز، يحتمل الجواز برفع المفسد، كما في البيع بشرط خيار لم يوقت أو وقت إلى وقت مجهول كالحصاد، والدياس أو لم يذكر الوقت، وكما في بيع الدين بالدين إلى أجل مجهول على ما ذكرنا"([66]).

وقال المرغناني: "(ويجوز استئجار الدواب للركوب والحمل إلخ ) إذا استأجر دابة للركوب، فإما أن يقول عند العقد: استأجرت للركوب ولم يزد عليه، أو زاد فقال: على أن يركب من شاء، أو على أن يركب فلان، فهي ثلاثة أوجه، فإن كان الأول فالعقد فاسد لأنه مما يختلف اختلافا فاحشا، فإن أركب شخصا ومضت المدة فالقياس أن يجب عليه أجر المثل لأنه استوفى المعقود عليه بعقد فاسد فلا ينقلب إلى الجواز، كما لو اشترى شيئا بخمر أو خنزير، وفي الاستحسان يجب المسمى وينقلب جائزا لأن الفساد كان للجهالة وقد ارتفعت حالة الاستعمال فكأنها ارتفعت من الابتداء لأنها عقد ينعقد ساعة فساعة فكل جزء منه ابتداء، وإذا ارتفعت الجهالة من الابتداء صح العقد، فكذا هاهنا"([67]).

ويقول وهبة الزحيلي: "وأسباب الفساد عند الحنفية ستة: الجهالة، والإكراه، والتوقيت، وغرر الوصف، والضرر، والشرط الفاسد".. وقال: " ويصبح الفاسد صحيحا بزوال صفة الفساد"([68]).

والحنفية ينظرون إلى الإجارة عامة على إنها عقد على معدوم، فهي غير جائزة ابتداء إلا أنها أجيزت للحاجة إليها، وليس الناس أحوج إلى الإجارة المشاهدة منها إلى الإجارة الموصوفة في الذمة.

وبهذا يتبين أن مذهب الحنفية هو جواز عقد الإجارة مطلقا (المشاهدة والموصوفة) إذا كان البدلان معلومين للعاقدين على وجه ينفي الجهالة.

الخاتمة

1- الإجارة الموصوفة في الذمة هي: عقد على منفعة عين مباحة موصوفة، يمكن استيفاؤها، بعوض معلوم إلى مدة معلومة.

2- ينظر الحنفية إلى الإجارة عموما على أنها عقد على معدوم حالة العقد، سواء كانت (إجارة على المنافع، أم على الأعمال)، ويرون أن العين التي هي سبب وجود المنفعة أقيمت مقام المنفعة في حق صحة الإيجاب والقبول وفي حق وجوب التسليم.

3- القياس عدم جواز الاجارة مطلقا عند الحنفية؛ لما فيها من إضافة العقد إلى ما سيوجد، إلا أنها أجيزت استحسانا للضرورة لشدة الحاجة إليها.

4- لا يشترط عند الحنفية رؤية المأجور لصحة عقد الإجارة، فيصح عقد الإجارة لمأجور غائب اعتمادا على وصفه، مادام الوصف أفاد العلم وانتفت به الجهالة المفضية للنزاع، كما يجب تعيين المأجور في حال وقع العقد على أحد مأجورين، لوجود الجهالة، فإن زالت صح العقد وإلا فلا، وهذا في مطلق الإجارة (المشاهدة والموصوفة). وهذا بخلاف العقد على مأجور واحد –وإن كان موصوفا-  إذا كان عينا واحدة؛ لأنه معين بانفراده، وإنما احتيج إلى تعيين أحدهما عند تعدد أعيانهما.

5- مذهب الحنفية هو جواز عقد الإجارة مطلقا (المشاهدة والموصوفة) إذا كان البدلان معلومين للعاقدين على وجه ينفي الجهالة.

 

(*) بحث مقدم لمجلة البحث العلمي الإسلامي، مركز الإمام البخاري للبحث العلمي والدراسات الإسلامية، جامعة أريس الدولية، لبنان، السنة الثانية عشرة، العدد الثامن والعشرون، 30/ 12 /2017م.

 

الهوامش

 


([1])  لسان العرب، ابن منظور، محمد بن مكرم، ط1، دار صادر – بيروت، 1414 هـ، ج4 ص10

([2])  لسان العرب، المرجع نفسه.

([3]) البناية شرح الهداية، العينى، محمود بن أحمد، ط1، دار الكتب العلمية – بيروت، لبنان، 2000م، ج10 ص 221

([4])كشاف القناع عن متن الإقناع، البهوتي، منصور بن يونس، دار الكتب العلمية، ج3 ص546

([5])  بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، الكاساني، علاء الدين، ط2، دار الكتب العلمية، 1986م، ج4 ص223

([6])  هي الفائدة التي تحصل باستعمال العين فكما أن المنفعة تتحصل من الدار بسكناها تتحصل من الدابة بركوبها. انظر: درر الحكام شرح مجلة الأحكام، ج 1 ص115

([7])  بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، الكاساني، مرجع سابق، ج4 ص201

([8])  تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، الزيلعي، عثمان بن علي، ط1، المطبعة الكبرى الأميرية - بولاق، القاهرة، 1313هـ. ج5 ص107

([9])  تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، الزيلعي، مرجع سابق، ج5 ص107

([10]) المبسوط، السرخسي، محمد بن أحمد، دار المعرفة – بيروت، 1993م، ج15 ص126 

([11]) المبسوط، السرخسي، مرجع سابق، ج16 ص21

([12])  درر الحكام شرح مجلة الأحكام، مرجع سابق، ج1ص 115.

([13])  بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، مرجع سابق، ج4 ص201

([14])  بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع مرجع سابق، ج4 ص203

([15]) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، الزيلعي، مرجع سابق، ج5 ص105؛ بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، الكاساني، مرجع سابق، ج4 ص173؛ الهداية في شرح بداية المبتدي، المرغيناني، علي بن أبي بكر، دار احياء التراث العربي - بيروت - لبنان، تحقيق: طلال يوسف. ج3 ص230

([16])  المبسوط، السرخسي، مرجع سابق. ج15 ص74

([17]) استحسان الضرورة: هو أن توجد ضرورة تحمل المجتهد على ترك القياس والأخذ بمقتضياتها؛ سدا للحاجة أو دفعا للحرج، وذلك عندما يكون اطراد الحكم القياسي مؤديا لحرج، أو يوقع في مشكلة في بعض المسائل، فيعدل حينئذ – استحسانا – إلى حكم آخر، يزول به الحرج، وتنحل به المشكلة. انظر: أثر الادلة المختلف فيها (مصادر التشريع التبعية) في الفقه الإسلامي، البغا، مصطفى ديب، دار الامام البخاري، دمشق. ص145

([18])  تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، الزيلعي، مرجع سابق، ج5 ص105  

([19])  بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، الكاساني، مرجع سابق، ج4 ص173

([20])  المبسوط، السرخسي، مرجع سابق، ج15 ص 74؛ تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، الزيلعي، مرجع سابق، ج5 ص105؛ بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، الكاساني، مرجع سابق، ج4 ص173

([21])  معالم التنزيل في تفسير القرآن (تفسير البغوي)، البغوي، الحسين بن مسعود، المحقق: عبد الرزاق المهدي، ط1، دار إحياء التراث العربي –بيروت، 1420 هـ، ج4 ص159

([22])  المبسوط، السرخسي، مرجع سابق، ج15 ص74

([23])  بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، الكاساني، مرجع سابق، ج4 ص 173-174

([24]) سنن ابن ماجه، القزويني، محمد بن يزيد، دار إحياء الكتب العربية - فيصل عيسى البابي الحلبي، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي. وهو متن مرتبط بشرح (السيوطي وآخرون) وبشرح السندي. بَابُ أَجْرِ الْأُجَرَاءِ، رقم الحديث 2443 ج2 ص817، وقال الألباني حديث صحيح.

([25])  بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، الكاساني، مرجع سابق، ج4 ص174

([26])  صحيح البخاري (الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه)، البخاري، محمد بن إسماعيل، ط1، دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي)، المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر، 1422هـ. والمتن مرتبط بشرحيه فتح الباري لابن رجب ولابن حجر. ومع الكتاب: شرح وتعليق د. مصطفى ديب البغا أستاذ الحديث وعلومه في كلية الشريعة - جامعة دمشق. بَابُ اسْتِئْجَارِ المُشْرِكِينَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ، أَوْ: إِذَا لَمْ يُوجَدْ أَهْلُ الإِسْلاَمِ، رقم الحديث 2263، ج3 ص89

([27])  بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، الكاساني، مرجع سابق، ج4 ص174

([28])  بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، الكاساني، مرجع سابق، ج4 ص174

([29])  هذا البحث معني أصالة ببيان الحكم العام للإجارة الموصوفة في الذمة في مذهب الحنفية، وفيما يأتي إشارة عامة لبعض الشروط، وإلا فإن البحث يطول جدا، ولا يسع المقام لاستقصاء جميع الجوانب المتعلقة بالموضوع، حيث أن الشروط كثيرة فمنها ما يرجع إلى العاقد، ومنها ما يرجع إلى المعقود عليه كالعلم بالمنفعة عن طريق الوصف الذي يقوم مقام المشاهدة، ومنها أن يكون الوصف حصل بزمن لا تتغير فيه صفات المنفعة الموصوفة.

([30])  الهداية في شرح بداية المبتدي، المرغيناني، مرجع سابق، ج3 ص230؛ تحفة الفقهاء، السمرقندي، محمد بن أحمد، ط2، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، 1994م. ج2 ص347

([31])  بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، الكاساني، مرجع سابق، ج4 ص180

([32])  الاختيار لتعليل المختار، الموصلي، عبد الله بن محمود، مطبعة الحلبي - القاهرة (وصورتها دار الكتب العلمية - بيروت، وغيرها)، وعليها تعليقات: الشيخ محمود أبو دقيقة (من علماء الحنفية ومدرس بكلية أصول الدين سابقا)، 1937م.ج2 ص51

([33])  اللباب في شرح الكتاب، الميداني، عبد الغني بن طالب، المكتبة العلمية، بيروت – لبنان. ج2 ص89

([34])  بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، الكاساني، مرجع سابق، ج4 ص175

([35])  بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، الكاساني، مرجع سابق، ج4 ص176

([36])  الهداية في شرح بداية المبتدي، المرغناني، مرجع سابق، ج3 ص230

([37])  تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، الزيلعي، مرجع سابق، ج5 ص106

([38])  تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، الزيلعي، مرجع سابق، ج5 ص106

([39])  بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، الكاساني، مرجع سابق، ج4 ص181

([40]) في فقه المعاملات المالية والمصرفية المعاصرة، حماد، نزيه، ط1، دار القلم، دمشق، 1428هـ، ص328

([41]) حكم تأجيل الأجرة في إجارة الموصوف في الذمة، استكمال موضوع الصكوك، مشعل، عبد الباري، بحث مقدم إلى مجمع الفقه الإسلامي الدولي، الدورة الحادية والعشرون، الرياض 15-21 المحرم 1435ه الموافق 18-24 نوفمبر 2013م، ص4

([42]) فقه الإجارة الموصوفة في الذمة وتطبيقاتها في المنتجات المالية لتمويل الخدمات، نصار، أحمد، بحث مقدم إلى " مؤتمر المصارف الإسلامية بين الواقع المأمول " دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، 21 مايو – 2 يونيو 2009 م، ص6

([43]) أعتقد – والله أعلم – أن الذي كان يدور في خلد الدكتور الفاضل نزيه حماد، هو عدم جواز الإجارة المشاهدة، وهذا الذي أورد اللبس في التعبير؛ بعدم جواز عدم المعينة؛ مما أدى إلى نتيجة عدم جواز الإجارة الموصوفة في الذمة؛ وإلا فإن من البديهي جدا هو أن التعيين يكون بالمشاهدة ويكون بالوصف، ولذلك شواهد كما في السلم والاستصناع.

([44]) في فقه المعاملات المالية والمصرفية المعاصرة، حماد، مرجع سابق، ص328

([45]) فقه الإجارة الموصوفة في الذمة وتطبيقاتها في المنتجات المالية لتمويل الخدمات، نصار، مرجع سابق، ص6

([46]) حكم تأجيل الأجرة في إجارة الموصوف في الذمة، استكمال موضوع الصكوك، مشعل، عبد الباري، بحث مقدم إلى مجمع الفقه الإسلامي الدولي، الدورة الحادية والعشرون، الرياض 15-21 المحرم 1435ه الموافق 18-24 نوفمبر 2013، ص4

([47]) مجلة الأحكام العدلية، المؤلف: لجنة مكونة من عدة علماء وفقهاء في الخلافة العثمانية (تحقيق: نجيب هواويني)، نور محمد، كارخانه تجارتِ كتب، كراتشي، ص86، وانظر: فقه المعاملات المالية والمصرفية المعاصرة، حماد، مرجع سابق، ص328

([48]) مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان، قدري باشا، محمد، ط2، المطبعة الكبرى الأميرية، سولاق مصر، 1308هـ، ص76

([49])  استكمال موضوع الصكوك الاسلامية، دراسة مقارنة للجوانب القانونية والعملية والفقهية، بابكر، عادل، بحث مقدم إلى مجمع الفقه الإسلامي الدولي، الدورة الحادية والعشرون، الرياض 15-21 المحرم 1435ه الموافق 18-24 نوفمبر 2013م، ص4

([50])  استكمال موضوع الصكوك الاسلامية، دراسة مقارنة للجوانب القانونية والعملية والفقهية، با بكر، مرجع سابق، ص4

([51])  بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، الكاساني، مرجع سابق، ج9 ص330

([52])  اسم الاشارة: ما يدل على معين بواسطة اشارة حسية باليد ونحوها، إن كان المشار إليه حاضرا، أو إشارة معنوية إذا كان المشار إليه معنى، أو ذاتا غير حاضرة. انظر: جامع الدروس العربية، الغلاييني، مصطفى، ط1، دار احياء التراث العربي، بيروت، 2004م.ص89

([53])  بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، الكاساني، مرجع سابق، ج9 ص330

 ([54])  بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، الكاساني، مرجع سابق، ج9 ص330

([55]) مجلة الأحكام العدلية، مرجع سابق، ص 41

([56]) درر الحكام في شرح مجلة الأحكام، أمين أفندي، علي حيدر، (تعريب: فهمي الحسيني)، ط1، دار الجيل، 1411هـ، ج1 ص181

([57]) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، الزيلعي، مرجع سابق، ج5 ص106، وقال: قال - رحمه الله - (وما صح ثمنا صح أجرة) لأن الأجرة ثمن المنفعة فتعتبر بثمن المبيع، ثم إن كانت الأجرة عينا جاز كل عين أن يكون أجرة كما جاز أن يكون بدلا في البيع، وإن كان موصوفا في الذمة يجوز أيضا كل ما جاز أن يكون ثمنا أو مبيعا في الذمة كالمقدرات والمذروعات وما لا فلا ولا فرق بينهما فيه.

([58]) (المادة 200): يلزم أن يكون المبيع معلوما عند المشتري. مجلة الأحكام العدلية، مرجع سابق، ص 41

([59]) (المادة 213): بيع المجهول فاسد فلو قال البائع للمشتري: بعتك جميع الأشياء التي هي ملكي وقال المشتري اشتريها وهو لا يعرف تلك الأشياء فالبيع فاسد. مجلة الأحكام العدلية، مرجع سابق، ص 42

([60]) درر الحكام في شرح مجلة الأحكام، أمين أفندي، مرجع سابق، ج1 ص178

([61]) درر الحكام في شرح مجلة الأحكام، أمين أفندي، مرجع سابق، ج1 ص178

([62]) درر الحكام في شرح مجلة الأحكام، أمين أفندي، مرجع سابق، ج1 ص502

([63]) مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان، قدري باشا، مرجع سابق، ص76

([64])  مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان، قدري باشا، مرجع سابق، ص76

([65])  تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، الزيلعي، مرجع سابق، ج5 ص121

([66])  بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، الكاساني، مرجع سابق، ج11 ص248

([67])  العناية شرح الهداية، البابرتي، محمد بن محمد، دار الفكر، ج12 ص364

([68])  الفقه الاسلامي وأدلته، الزحيلي، وهبة، ط31، دار الفكر، دمشق، 2009م، ج9 ص283