أضيف بتاريخ : 20-12-2017


­ وسائل حماية الملكية الخاصة في الاقتصاد الإسلامي (*)

د. محمود بن إبراهيم الخطيب/ كلية الشريعة، جامعة العلوم الإسلامية العالمية

ملخص

تتعرض الملكية الخاصة هذه الأيام لاعتداءات بشتى الطرق والوسائل القديمة والحديثة، والباحث يحاول بيان وسائل حماية الملكية الخاصة في الاقتصاد الإسلامي، والتي منها: وسائل ذاتية؛ مادية ومعنوية، ووسائل تعتمد على المسؤولية الجماعية، وأخرى تعتمد على الدولة؛ بإحياء دور الحسبة، وتفعيل الرقابة، وتنفيذ الجزاءات والحدود الشرعية على من يعتدي على ملكية غيره، وأخرى تشريعية تعتمد على النصوص الشرعية والتطبيقات العملية، حيث حرم الاعتداء على الملكيات بالسرقة وغيرها، وحث على حفظ الأمانة، وتوثيق العقود، والحجر على السفهاء. ولم يترك الإسلام للدولة حرية التدخل في الملكيات بل ضبطها، ونظم نزْع الملكيات للمصلحة العامة، كما على الدولة منْع بيع الأراضي لغير المواطنين، وإصدار قوانين منظمة لحقوق الملكية الفكرية، والأسواق المالية من مضاربات ومزايدات، ومتاجرة بالعملات، والعمل على القضاء على السرقات الإلكترونية، وعلى الدول الإسلامية وضع ميثاق خاص بحماية الملكية، وتطبيق قوانين حماية الملكية بحزم وقوة. بهذا يمكن القول: إن الإسلام يملك من الوسائل الناجعة القادرة على حماية الملكية الخاصة.

مقدمة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، الذي تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك. أما بعد:

فقد كانت الملكية بكل صورها وأشكالها- وما زالت- مجالاً للاعتداء عليها بوسائل مختلفة؛ من نهب، وسلب، وسرقة، وغصب، واختلاس... وكان لكل عصر طرقه وأساليبه في الاعتداء.

وفي هذه الأيام كثرت الاعتداءات على الملكية الخاصة، وذلك بسبب: ضعف الوازع الديني، وتدني المستوى الأخلاقي لدى الناس، وبخاصة بعد ظهور طرق جديدة للاعتداءات الكترونية وغيرها، إضافة للطرق القديمة؛ للاستحواذ على ممتلكات الآخرين بطرق ملتوية، وبأساليب لا يقرها الشرع، من ذلك: نزع ملكية العقارات دون مبرر، والمضاربات والمزايدات في البورصات والأسواق المالية، والمتاجرة بالعملات، وما يعتريها من شبهات، وبخاصة مع وجود بعض الشركات المالية الوهمية، كل هذا أدى إلى أزمات ومشكلات مالية للعالم بعامة، ولمعظم الدول الرأسمالية بخاصة، والتي اشتدت جذوتها في الثلث الأخير من عام (2008م).

وإزاء ذلك فإن العالم هذه الأيام يبحث عن وسائل لحماية الملكية الخاصة، وإنقاذ العالم من المشاكل الاقتصادية، مع أن الوسائل موجودة في الاقتصاد الإسلامي، مما يوجب على علماء الأمة بيان هذه الوسائل، وتفعيلها؛ ليعرفها العالم، وليعود الناس إلى رشدهم، حيث إن الإسلام احترم الملكية الخاصة، وقرر حرمتها، ويظهر ذلك من خلال النصوص الشرعية والتطبيقات العملية، ووضع الوسائل الناجعة لحمايتها، وحماية غيرها من الملكيات من أي اعتداء، في هذا العصر وكل عصر ومصر، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً)[29: النساء].

مشكلة البحث:

إن الكتابة في موضوع البحث (وسائل حماية الملكية الخاصة في الاقتصاد الإسلامي) من الأمور المهمة؛ وبخاصة مع التطور غير المنضبط في المعاملات، والاعتداءات الواضحة على الملكيات، وبخاصة الملكية الخاصة، مما يوجب على الباحثين بيان الوسائل التي يمكن استخدامها لحماية الملكية الخاصة؛ ليعرفها الجميع، ويطبقوها في حياتهم العملية، وفق الشريعة الإسلامية، بما في ذلك الوسائل الحديثة.

فبناء على ذلك يحاول الباحث الإجابة عن السؤال الآتي:

ما وسائل حماية الملكية الخاصة في الاقتصاد الإسلامي؟

الكتابات السابقة:

اهتم الكثيـرون بالكتابة عن الجوانب المختلفـة

للملكية، ولكن لم يطلع الباحث على بحث كتب عن وسائل حماية الملكية الخاصة بشكل مستقل، عدا ما كُتِبَ عن الملكية أو ما يتعلق بها، وبخاصة ما يتعلق بقيود الملكية الخاصة وضوابطها، من ذلك ما كتبه:

-عبد السلام داود العبادي، الملكية في الشريعة الإسلامية، عمان مكتبة الأقصى، 1394ﻫ/ 1974م، وهو من الكتب الرائدة في مجاله، الذي ركز على القيود على الملكية بمختلف أنواعها، وغيرها من موضوعات، ولكنه لم يتعرض لحماية الملكية بشكل مباشر.

-عبدالله بن عبدالعزيز المصلح، قيود الملكية الخاصة، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1408ﻫ/ 1988م.

-عبدالحميد محمود البعلي، الملكية وضوابطها في الإسلام، القاهرة، مكتبة وهبة، 1405ﻫ/ 1985م.

-عبد الكريم زيدان، القيود الواردة على الملكية الفردية في الشريعة الإسلامية، عمان، جمعية عمال المطابع التعاونية، 1402ﻫ1982م.

-عدنان خالد التركماني، ضوابط الملكية في الفقه الإسلامي، جدة، دار المطبوعات الحديثة، 1404ﻫ/ 1984م.

فالكتب سالفة الذكر ركزت على القيود والضوابط، التي فرضها الإسلام على ملكية المال، وهذه القيود والضوابط ما وجدت أصلاً إلا لحماية الملكية، فهي قيود لمصلحة المجتمع ومصلحة مَن يملك.

ولكن هناك من الكتب التي تعرضت لحماية الملكية العامة والخاصة بشكل أو بآخر، دون تفصيل، وهي ليست كافية لتغطية موضوع البحث، منها ما كتبه:

-عبدالله مختار يونس، الملكية في الشريعة الإسلامية ودورها في الاقتصاد الإسلامي، الإسكندرية، مؤسسة شباب الجامعة، 1407ﻫ/ 1987م. حيث ذكر المؤلف بعض التشريعات التي تحمي الملكية.

-مصلح عبد الحي النجار، تأصيل الاقتصاد الإسلامي، الرياض، مكتبة الرشد 1424ﻫ/2003م، الذي تطرق للأساليب التربوية، وأساليب الردع والزجر، وبعض الأساليب الإدارية، الخاصة بحماية الملكية.

ويأمل الباحث أن يُغطي هذا البحث، (وسائل حماية الملكية الخاصة في الاقتصاد الإسلامي)، بشكل أوفى وأوضح، حسب ما هو مبين في منهج البحث وآليته.

منهج البحث وآليته:

سيكون البحث وصفياً استقرائياً تحليلياً، معتمداً على النصوص الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، ومصادر الفقه الإسلامي وما كُتِبَ في موضوع البحث من كتابات سابقة.

وسيُعالَج البحث: في مقدمة، وأربعة مطالب، التي تشكل وسائل حماية الملكية، وخاتمة تشمل: النتائج والتوصيات.

المقدمة:

المطلب الأول: الحماية الذاتية:

1- الوسائل المادية.

2- الوسائل المعنوية.

المطلب الثاني: الحماية الجماعية.

المطلب الثالث: الحماية التشريعية.

المطلب الرابع: حماية الدولة

الخاتمة: النتائج والتوصيات.

المقدمة

قبل الحديث عن وسائل حماية الملكية الخاصة، يمكن توضيح مصطلحات البحث وبعض المفاهيم ذات العلاقة به:

-الوسيلة: وهي ما يتقرب به إلى الشيء (الغير)، والجمع الوسائل، والوسيل: قيل جمع وسيلة، وتوسل فلان إلى ربه بوسيلة تقرب إليه بعمل. وسَلَ فلان إلى الله تعالى: عمل عملاً تقرب به إليه([1]). بهذا تكون الوسائل هي الأعمال، وتشمل: الأعمال المادية وغير المادية.

-الحماية: حماه يحميه حماية؛ دفع عنه([2])، حمى الشيء؛ منعه ودفع عنه، ومنعه مما يضره([3])، والحمى؛ كل ما يحمى ويدافع عنه([4]). والحماية تكون للملكية من اعتداءات الغير، كحماية الملكية من السرقة والغصب([5])، ولا تكون الحماية إلا للملكية الحلال، والملكية الحرام لا حماية لها أصلاً.

-الحفظ: صيانة الشيء وحراسته، ورعايته والذب عنه([6])، وحفظت المال وغيره حفظاً، إذا منعته من الضياع والتلف، وحفظته صنته من الابتذال([7])، مثل حفظ المقاصد الخمسة: (الدين، والنفس، والعقل، والمال، والعرض)، ومنها حفظ المال بشتى أنواعه، كحفظ الأمانات، والودائع، والرهون.

-القيود: أمور توضع لتعيق الحركة، كقيد الدابة([8])، الذي يعيق حركتها، والشريعة الإسلامية لا تطلق العنان للمرء لكي يعمل ما يشاء في ملكه، وإنما قيدت تصرفاته لتحقيق المصلحة، ولا تضر بالآخرين؛ لتكون موافقة للشريعة الإسلامية، مثل:

- القيود على أسباب الملك، حيث منع الإسلام كل طرق الكسب الحرام.

- قيود التصرف بالملك، كتحريم إنفاق المال في المحرمات.

من هذا المنطلق؛ مُنِعَ التصرف المضر بالأفراد وبالمجتمع، وتنمية المال بالطرق غير المشروعة، فالملكية مقيدة بأوامر الله ونواهيه، يجب إحرازها وإنفاقها بطرق مشروعة.

بهذا يمكن القول: إن الحماية تختلف عن الحفظ، وعن القيود.

باختصار: حماية الملكية: منعها مما يضرها، والحفظ: رعايتها. والقيد: إعاقة حركتها.

- المال: عُرِّفَ المال بتعريفات متعددة، نختار منها:

تعريف الإمام الشاطبي: "بأنه ما يقع عليه الملك ويستبد به المالك عن غيره، إذا أخذه من وجهه (الشرعي)، كالبيع والشراء والتجارة، ويستوي في ذلك النقود الذهبية والفضية، والأوراق المالية؛ الأسهم والسندات، والطعام والشراب واللباس على اختلافها"([9]).

وبهذا يشمل المال الأعيان والمنافع، والنقود والعروض.

وعرَّفه ابن عابدين في حاشيته: "ما يميل إليه الطبع ويمكن ادخاره وقت الحاجة"([10]). وهذا التعريف غير كاف؛ لأن من الأموال ما لا تميل إليه النفوس كالسموم، ومنها ما لا يمكن ادخاره وبخاصة في عصر ابن عابدين؛ كالخضار التي كانت لا تدخر بصورة عامة، لكنها مال، ومنها ما يدخل ضمن الأمور المعنوية، كحق الابتكار والتأليف والعلامة التجارية([11]).

ومن التعريفات الحديثة تعريف عبد السلام العبادي (الأمين العام لمجمع القه الإسلامي الدولي بجدة): "ما كان له قيمة مادية بين الناس، وجاز شرعاً الانتفاع به في حال السعة والاختيار"([12]). أي دون حال الضرورة، كحال ضرورة الانتفاع بأكل الميتة، وهذا التعريف يعتبر من أشمل التعريفات؛ لأنه يشمل كل شيء.

وجاء في معجم لغة الفقهاء، المال: "اسم لجميع ما يملكه الإنسان، وأصله: ما يميل إليه الطبع ويمكن ادخاره كالنقد وما يمكن أن يقوم مقامه. وهو: كل ما يمكن الانتفاع به ما أباح الشرع الانتفاع به من غير حالات الضرورة..."([13])، ما ذكره معجم لغة الفقهاء يجمع بين عدة تعريفات منها: تعريف الشاطبي، وتعريف ابن عابدين، فلم يأت بجديد.

والمال كما جاء في القانون المدني الأردني: مادة (53) هو: "كل عين أو حق له قيمة مادية في التعامل"([14]). كالأسهم والسندات والأوراق النقدية.

مما سبق ذكره، يمكن القول: إن المال يشمل كل شيء له قيمة، ويمكن أن يكون محلاً للمُلْك وجاز الانتفاع به، عيناً أو منفعة، مادياً أو معنوياً في حال السعة والاختيار.

- الملكية:

أقر الإسلام الملكية، وذكرها القرآن الكريم في عدة مواضع، منها: قوله تعالى:(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ)[71: يس].

والأصل في الملكية؛ أن المال مال الله، قال تعالى:(...وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ..)[33: النور]، وملكية الأفراد ملكية استخلاف، جيل يخلف جيلاً، قال تعالى:(آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ)[7: الحديد]. وهذا تقرير لحق الإنسان في التملك، قال ابن كثير في تفسيره بعد أمر الله عباده بالإيمان: "حث على الإنفاق مما جعلكم مستخلفين فيه؛ أي ما هو معكم على سبيل العارية لأنه كان بأيدي من كان قبلكم ثم صار إليكم"([15]).

هذا وان الإسلام لم يقم نظامه الاقتصادي على نوع محدد من الملكيات، فقد شملت الملكية في الإسلام بصورة عامة قسمين رئيسين: ملكية عامة وما تفرع عنها، وملكية خاصة([16]).

1- الملكية العامة.

هي الملكية التي تتعلق منفعتها بجميع من تظلهم الدولة الإسلامية من مسلمين وغيرهم، ويضعها ولي الأمر حيث يرى المصلحة المعتبرة شرعاً، ويدخل في شمول هذه الملكية بيت المال وما يلحق به من موارد([17]).

وهناك من أفرز عن هذا النوع من الملكية نوعين آخرين:

أ- الملكية الجماعية: وهي التي تتعلق منفعتها بكل من هو محتاج لها، ممن كان في دائرتها، كالمساجد والمدارس والمراعي والأنهار... الخ([18]).

ب- ملكية الدولة: هي كل ما تملكه الدولة، من مبان، وآلات، وأدوات... ويكون صاحب الاختصاص فيها هو بيت المال يتصرف فيها تصرف المالك في أملاكه، من بيع وإنفاق وهبة...([19]).

2- الملكية الخاصة (الملكية الفردية):

"هي اختصاص إنسان بشيء يخوله شرعاً الانتفاع والتصرف فيه وحده ابتداءً، إلا لمانع"([20])، أصالة أو إنابة. ومن الموانع: الحجر، والرهن والإفلاس.. الخ.

وقد أقر الإسلام الملكية الخاصة وحماها، ويظهر

ذلك واضحاً من خلال ما ورد فيها من أحكام، وما اتصل منها بقواعد التوزيع: كالإرث، والمعاملات: كالبيوع وغيرها، ومنع أي اعتداء عليها: كالسرقة والغصب([21]).

بهذا يظهر الفرق بين الملكية الخاصة والمال، والكسب، حيث إن الملكية الخاصة: هي اختصاص إنسان بشيء يخوله شرعاً الانتفاع والتصرف فيه وحده ابتداءً، إلا لمانع، وهي حق لصاحبها.

والمال يشمل كل شيء له قيمة، ويمكن أن يكون محلاً للمُلْك (الملكية) وجاز الانتفاع به، عيناً أو منفعة، مادياً أو معنوياً في حال السعة والاختيار. بهذا يدخل المال ضمن الملكية، وهو محل لها، وهذا يعني أن الملكية أشمل من المال.

وأما الكسب فيقصد منه: الطلب والسعي في طلب الرزق والمعيشة([22]). قال تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ)[267: البقرة]، والكسب سبب من أسباب الملكية.

وبعد كل ما ذكر يمكن القول: وسائل حماية الملكية: هي الأعمال التي تؤدي إلى حماية حق صاحبها؛ مما يخل به، أو يعتدي عليه.

وبعد هذا الكلام يطرح السؤال، ما وسائل حماية الملكية الخاصة في الاقتصاد الإسلامي؟.

وسائل حماية الملكية الخاصة:

اعترف الإسلام بالملكية الخاصة بشتى صورها وأشكالها، وأوجد وسائل لحمايتها والإبقاء على وجودها؛ لتؤدي رسالتها التي وجدت من أجلها؛ ولتساعد الإنسان على تحقيق العبودية والوحدانية لله عز وجل، وعمارة الأرض، والخلافة فيها كما أراد عز وجل.

وفي سبيل حماية الملكية أجاز الإسلام الدفاع عن المال؛ ولو أدى ذلك إلى قتل المعتدي، والموت في سبيل الدفاع عنه، ففي حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من قُتِل دون ماله فهو شهيد"([23]).

يقول علي عبد الواحد وافي: "ولا ينهى الإسلام عن الاعتداء على الملكية فحسب، بل إنه لينهى كذلك حتى عن مجرد النظر بعين تهمة أو حاسدة إلى مال الغير..."([24]). هذا القول يوضح مدى حرص الإسلام على حماية الملكية.

في الوقت الذي لم يترك الإسلام مسألة حماية الملكية الخاصة هكذا تعتمد على أصحابها؛ بل وضع وسائل ناجعة لحمايتهاً.

وفيما يلي أهم هذه الوسائل:

لحماية الملكية وسائل مختلفة يمكن استنتاجها من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، والمصادر التشريعية الأخرى، والتطبيقات العملية، وغير ذلك، نوردها في المطالب الآتية:

المطلب الأول

الحماية الذاتية

تشمل وسائل الحماية الذاتية: وسائل مادية، ووسائل معنوية.

أولاً: الوسائل المادية:

وتتمثل الوسائل المادية بعدة أمور منها:

1- الاعتدال في الإنفاق والاستهلاك، مع عدم الإعراض عن الآخرة

دعا الإسلام إلى الاعتدال في الاستمتاع بمباهج الدنيا مع عدم الإعراض عن الآخرة، فللفرد أن يأخذ من مال الله- وهو ملكه جل وعلا، كما قال تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[1: الملك] -ما يكفيه ويسد حاجته وحاجة من يعول، كل ذلك في حدود الاعتدال دون إسراف أو تقتير، أو تبذير([25])، فليس للإنسان أن ينتفع بمال الله عز وجل كما يشاء، بل إن حقه في الانتفاع في حدود حاجته فقط([26])، حيث نهى الإسلام عن الإسراف والتقتير، قال تعالى:(يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)[31: الأعراف]. وقال تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً)[67: الفرقان]، وقال تعالى:(كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى)[81: طه]، فهذا خطاب موجه لبني إسرائيل كما جاء في تفسير الطبري بحيث يأكلوا من رزق الله بدون اعتداء فيه وظلم لبعضهم البعض؛ لأن ذلك يؤدي إلى غضب الله([27])، ومن ذلك حِرْمانهم من الرزق، ومن ثمَّ زوال للنعمة، وهذا خطاب لنا باعتبار شرع من قبلنا شرع لنا إذا اتفق مع شرعنا. وزوال النعمة يؤدي إلى زوال أصل الملكية، فحماية للملكية توجب الالتزام بأوامر الله في الإنفاق بعدم الإسراف والتبذير. كما قال تعالى:(وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً. إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً* وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاء رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُوراً* وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً)[26-29: الإسراء]. فهذه الآيات الكريمة جعلت المبذرين في منزلة الشياطين ودعت إلى التوسط في الإنفاق، من غير إفراط ولا تفريط في الإنفاق؛ لأن التبذير والإسراف يوديان إلى الحسرة والندامة، وبالتالي إلى زوال الملكية([28]).

وحمايةً للملكية، بين رسول الله صلى الله عليه وسلم حد الطعام والشراب الذي نأكل ونشرب، في حديث عن المقدام ابن معدي كرب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطن، بحسب الآدمي لقيمات يقمن صلبه فإن غلبت الآدمي نفسه، فثلث للطعام وثلث للشراب وثلث للنفس"([29])، لأن الإنسان إذا ترك له أمر الأكل والشرب دون تنظيم، فربما يأتي في وقت قصير على كل ما في بيته من طعام.

كل هذه الآداب الإسلامية في الإنفاق: بعدم الإسراف والتبذير والتقتير، والتزام التوسط في الإنفاق؛ يحمي الملكية من الزوال.

في الوقت الذي يوجب الإسلام على المسلم مقابل تمتعه بمباهج الدنيا أن يستعمل ما وهبه الله عز وجل في سبيل الفوز بالآخرة، والإحسان للآخَرين، ولا يكن همه الإفساد في الأرض والإساءة لخلق الله([30])، قال تعالى:(وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)[77: القصص].

كما بين الله في محكم آياته أن الإعراض عن الآخرة والاستمتاع بالدنيا وما فيها من مفسدات، من ترف وفسق؛ سبب في هلاك المال والنسل، قال تعالى: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً)[16: الإسراء]، وبهذا تكون طاعة المولى جل وعلا سبباً في حماية الملكية من الهلاك والدمار في الحياة الدنيا.

2- أداء فريضة الزكاة.

إن إخراج الزكاة التي فرضها الله في محكم آياته وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وسيلة مادية تشريعية من وسائل حماية الملكية، ويظهر ذلك جلياً في عدة جوانب:

أ-منع أداء الزكاة يؤدي إلى نقص في الخيرات، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا"([31]). ومنع القطر (الأمطار) يؤدي إلى نقص في الإنتاج الزراعي؛ مما يؤدي إلى نقص في حصول الفرد على (الإنتاج) المال الذي هو من أهم عناصر الملكية، وربما يؤدي ذلك إلى زوالها، إذا لم يكن هناك إنتاج بسبب القحط، فأداء الزكاة حماية لأصل المال المزكى.

ب- وفي الجانب الآخر نجد أن أداء الزكاة لا يُنْقص المال بل يباركه، (يزيده)، والمباركة تحمي المال وأصله، قال تعالى:(يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) [276: البقرة]، كما جاء في حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله"([32])؛ لأن للزكاة أثار اقتصادية تؤثر على زيادة التوزيع، الذي يؤدي إلى زيادة الطلب على الإنتاج، وبالتالي زيادة الطلب على الاستثمار، مما يؤدي إلى زيادة الطلب على الأيدي العاملة أو تشغيل الطاقات المعطلة، وهكذا تحدث زيادات متوالية، بسبب زيادة طلب مِنْ كل مَنْ يستفيد من الزكاة([33])، ومن ثم زيادة الملكيات وحمايتها.

ثانياً: الوسائل المعنوية

جعل الإسلام من وازع الضمير حارساً يقوم للسهر على حماية الملكية؛ لأن الحماية المعنوية شعور نابع من ذات المسلم تجعله حريصاً على حماية الملكية بكل وسيلة ممكنة، وتجعله مسؤولاً أمام الله عن كل أفعاله، وتتمثل الوسائل المعنوية بعدة أمور منها:

أولاً: تحقيق المقاصد الشرعية:

جاءت الشريعة الإسلامية لتحقيق مقاصد معينة، وهذه المقاصد تتعلق بحماية حقوق الأفراد والجماعة، لذا يجب أن تكون كل تصرفات الإنسان منسجمة مع مقاصد الشريعة وأهدافها([34])؛ لأن الأمور بمقاصدها، فباعث الإنسان في كل حركاته منظور إليه من الشارع؛ إذ أن المقاصد أرواح الأعمال، كما أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح؛ لأن المسلم إذا أراد أن يجلب مصلحة لنفسه وبخاصة ما يتعلق بالملكية، فلا يجوز له الاعتداء على حق الآخر، والإضرار به، فلا ضرر ولا ضرار، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار"، كما قضى صلى الله عليه وسلم بذلك([35]). وبخاصة إذا كانت الوسيلة محرمة، فكثير من الأمور محرمة ليس لذاتها؛ وإنما سداً للذريعة خوفاً من الوقوع في الحرام([36]).

ومقاصد الشريعة الخمسة كما جاءت في كتاب الموافقات للإمام الشاطبي: حفظ الدين، والنفس، والنسل، والمال، والعقل([37]). فهذه الأمور من الضروريات التي تقوم عليها الحياة ويترتب على فقدانها اختلال هذه الحياة([38]). فواجب كل مسلم أن يحميها ويحافظ عليها، وبخاصة المال الذي يحتل مكانة عظيمة في تصريف حياة العباد اليومية؛ باعتباره قوام الحياة وزينتها، المعين للعباد على طاعة الله عز وجل، وعمارة الأرض وتحقيق الخلافة فيها([39])، حيث نظم الإسلام امتلاك المال وإنفاقه ضمن حدود لا يمكن تجاوزها، كما حدد طرق الكسب الحرام لتجنبها، ووضع جزاءات رادعة على من يعتدي عليه بأي شكل من أشكال الاعتداء، كالسرقة والغصب، وحذر من التصرفات والأعمال غير الأخلاقية المتعلقة بالمال وغيره، فلا غش ولا احتكار ولا غصب ولا نهب ولا بيوع محرمة...([40])، وكل ما ينضوي تحت الأخلاق العملية الفاسدة، حيث لا تختلف المبادئ الأخلاقية عن المقاصد الشرعية التي تهدف إلى تحقيق المصالح الجماعية المتفقة مع الأخلاق؛ لأن الشريعة ما جاءت إلا لإقرار الأخلاق وتدعيمها، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيما روي عن أبي هريرة "إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق"([41]).

ثانياً: حسن النية، والشكر لله، وتقواه.

إن قضية حماية الملكية ليست قضية مادية بقدر ما هي قضية أخلاقية، فحسن النية في التملك والشكر لصاحب النعمة، وهو الله في علاه، واستصحاب التقوى في كل شيء، وتنمية الوازع الديني مهابة لله وخوفاً منه، في كل المعاملات والتصرفات، من الأسباب التي تؤدي إلى المزيد من الثروات ودوامها ونموها، وفي ذلك حماية للملكية.

فرسول الله صلى الله عليه وسلم ربط كل شيء بالنية، فعن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ”إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو إلى امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه"([42]).

وقد علَّق ابن تيمية تعليقاً بليغاً على قوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات: "كلمة جامعة كاملة، فإن النية للعمل كالروح للجسد، وإلا فكل واحد من الساجد لله والساجد للشمس والقمر قد وضع جبهته على الأرض فصورتهما واحدة، ثم هذا أقرب الخلق إلى الله تعالى، وهذا أبعد الخلق عن الله"([43]).

وحسن النية في التملك من وسائل حماية الملكية، وعدم دمارها وإتلافها، وذلك لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله"([44])، أي لم يحم مُلْكَهُ، حيث إن الأعمال بالنيات، والمقاصد معتبرة في التصرفات من العبادات والعادات([45])، وحسن النية يتطلب من المسلم أن يتجه إلى الله في كل شيء، وأن يتجنب الإضرار بالآخرين في تملكه، وفي بيعه وشرائه وتعامله، بل نية حسنة وتصرف سليم، فعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان الله مع الدائن حتى يقضي دينه، ما لم يكن فيما يكره الله"([46]). وفي رواية عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد كانت له نية في وفاء دينه إلا كان له من الله عون"([47]).

ويرتبط بحسن النية الشكر لله عز وجل، والله سبحانه وتعالى يجازي الشكور بدوام النعمة وزيادتها سواء بالزيادة المحسوسة أم بإنزال البركة، وتقضي الزيادة حماية الأصل قال تعالى:(وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)[7: إبراهيم] أي إن شكرتم نعمتي عليكم لأزيدنكم منها، وفي المقابل لئن كفرتم النعم وجحدتموها لأسلبكم إياها([48]). وبالشكر حماية لأصل النعمة وزيادتها.

والمال نعمة وشكر الله عليها يكون بالحرص على سلامة مصادره، وكسبه بالطرق المباحة، وصرفه وإنفاقه على وجوه الخير، ويكون الشكر أيضاً بالجوارح كاللسان، قال تعالى:(وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)[11: الضحى].

فالسعيد من وفقه الله للشكر، فمن شكر فقد صان وحمى ما أنعم الله به عليه من صحة ومال وولد …الخ، قال تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) [12: لقمان].

وإلى جانب الشكر لله على المسلم أن يتقي الله ويخافه؛ لأن في ذلك حماية للملكية، حيث إن مفهوم التقوى في الإسلام: هو العمل الصالح في كل شيء، وفي الجانب المادي إتقان المرء عمله وحسن الأخلاق وصدق المعاملة، وتتمثل التقوى في صورتها المثلى في عمارة الأرض وتحقيق معنى الخلافة فيها([49]).

والتقوى هي الإيمان المقرون بالعمل الصالح، قال تعالى:(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ)[7: البينة]، وهي العدل، وخدمة الناس، وبعبارة موجزة؛ التقوى نهج وأسلوب حياة، أساسه العمل الصالح المقرون بالإحساس بالله تعالى وابتغاء وجهه وخوفاً منه([50]).

قال تعالى:(أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً)[57: للإسراء]، وقال تعالى: (رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ)[37: النور]. وقد وعد الله من يخافه بالثواب العظيم. قال تعالى:(وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ)[46: الرحمن] فإذا أحسنت النية وشكر المسلم ربه على نعمته بقلب يفيض بالتقوى خوفاً من الله ومهابة منه؛ فإن ذلك يؤدي إلى حماية الملكية والمحافظة عليها، قال تعالى:(تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ. فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[16-17: السجدة].

وجاء في تفسير الرازي: وهذا يعني أن جزاء الإحسان إحسان والله يقول: أنا أحسنت أولاً والعبد أحسن في مقابله، فإذا أتى العبد بالعمل الصالح فليس عليه شيء؛ لأني أبرأته مما عليه من النعم، وهكذا يحسن العبد ويشكر ويحسن الله إليه ثانياً، ويشكر العبد ثالثاً ويجازيه رابعاً ([51])، كل هذا يؤدي إلى حماية المال وزيادته، والمحافظة عليه، ومن ثمَّ حماية الملكية.

المطلب الثاني

الحماية الجماعية

الأمة بمجموعها مسؤولة عن حماية الملكية؛ أفراداً وجماعات حاكمين ومحكومين، كما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، والأمير راع، والرجل راع على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"([52]).

فواجب الأمة بأسرها أن تمنع طرق الكسب المحرمة كالربا والاحتكار والغش والبيوع المحرمة...، وطرق الإنفاق المحرمة كالإنفاق على شرب الخمر، والمخدرات، والملاهي... كل هذه الالتزامات تؤدي إلى حماية الملكية.

فخطاب الشارع في كثير من الأحيان يأتي بصيغة الجمع وهذا يدل على أن المسؤولية مسؤولية جماعية، ويظهر ذلك من النصوص الآتية: قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)[278: البقرة]. فالشارع أمر الجماعة بتقوى الله وترك الربا؛ لما يجره من ويلات على الملكيات الخاصة والعامة، كما في الأزمة المالية المعاصرة، فتجنب الربا حماية للملكية من الدمار، لقوله تعالى:(يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ)[276: البقرة].

وقال تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ... وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)[282: البقرة]، فكتابة الدين والإشهاد على العقود من وسائل حماية الملكية التي أمر الله بها الجماعة؛ حماية للملكية الخاصة من الضياع أو النكران لتقادم الزمن أو لضآلة المبلغ.

وكذلك حذر الشارع من التعدي على أموال الناس وأكلها بغير حق، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً) [29: النساء].

كذلك يجب على الأمة الوفاء بعقودها وعهودها لما في ذلك من حماية للملكيات من الضياع، قال تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ)[1: المائدة].

كما أمر جل وعلا الجماعة بالعدل في كل شيء، حتى في معاملة الأعداء، قال تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)[8: المائدة]؛ لأن العدل يؤدي إلى الاستقرار والأمن، وهذا يؤدي إلى حماية الملكيات الخاصة من السرقات والاعتداءات المختلفة، كما يؤدي إلى ازدهارها.

كما نهى الله سبحانه وتعالى الأولياء -أي الجماعة- من تمكين السفهاء من التصرف في الأموال وتبديدها في غير منفعة، حماية لها رغم أنها في الحقيقة أموالهم، عندما يقول جل وعلا:(وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً)[5: النساء].

إلى جانب ذلك أمر الشارع الأمة بأسرها أن تقوم بالحسبة الممثلة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى:(كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ)[110: آل عمران]. قال ابن تيمية: "ويأمر المحتسب بالجمعة والجماعات... وينهى عن المنكرات من الكذب والخيانة وما يدخل في ذلك من تطفيـف المكيال والميزان ، والغش في الصنـاعات، والبياعات والديانات، ونحو ذلك"([53]).

كل هذه الخطابات والتوجيهات الربانية الموجهة للجماعة تدل دلالة واضحة على مدى تحمل الجماعة المسؤولية في حماية ملكية الأفراد والجماعة، ومنعها مما يضرها إذا انتشرت هذه الأعمال المحرمة. وفي المطالب الآتية توضيح لكثير من الأمور التي وردت في هذا المطلب؛ لأن الخطاب الرباني ليس قاصراً على الأفراد بل يشمل الأمة بأسرها.

المطلب الثالث

الحماية التشريعية

حمى الإسلام بتشريعاته المختلفة الملكية بصورة عامة والملكية الفردية (الخاصة) بخاصة، ومن أهم هذه التشريعات:

أولاً: تحريم الاعتداء على الملكيات

احترم الإسلام الملكية بشتى صورها وأشكالها، وبخاصة الملكية الخاصة، ويظهر هذا في حمايتها والمحافظة عليها من أي نوع من أنواع الاعتداءات والتي منها:

1- حماية ملكية الإنسان من تصرفات نفسه، والتي تعد اعتداء على الملكية وربما تتنافى مع الشريعة الإسلامية في كثير من الأحيان، حيث نهى الله عز وجل عن التبذير والإسراف، وتبديد الأموال في الطرق غير المشروعة، ويظهر ذلك في الولائم العامة، كالأعراس، وأعياد الميلاد، قال تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً)[67: الفرقان]، وقال تعالى: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً)[26: الإسراء].

2- ركز الإسلام على أنواع معينة من الاعتداءات؛ بالنص على حرمتها، وبيان حكمها الصريح؛ لأهميتها وخطورتها من ذلك:

أ- السرقة: فقد حُرِّمت السرقة ووضع الجزاء الرادع لمن يقترف هذه الجريمة النكراء، بقطع اليد؛ وذلك مجازاة على أخذ مال الناس، فتناسب الحكم بما استعانا به في ذلك، تنكيلاً من الله بهما على هذه الجريمة([54]). قال الله تعالى:(وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)[38: المائدة]. والسرقة لا تقتصر على سرقة الأشياء المادية، بل تشمل سرقة الأشياء المعنوية كالابتكارات، والسرقة بالطرق الحديثة، كالدخول على حسابات الغير في البنوك، وتحويلها لحساباتهم، ممثلة بالسرقة الإلكترونية.

ب) الغصب: حُرِّمَ الغصب وعقوبته التعزير، فيعزره الحاكم بما يراه مناسباً من الجلد أو السجن أو نحوهما، كما أن الغاصب مطالب برد المال الذي اغتصبه إذا كان قائماً أو بَدَله([55])، وذلك محافظة على الملكية، إلا إذا بلغ الغصب الحرابة (قاطع الطريق) فيطبق عليه حدها، حسب حاله، كما قال تعالى:(إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)[33: المائدة]. ومن الغصب القرصنة البحرية، والاستيلاء على مقدرات الأمم بالقوة والاحتلال.

3) شدد الإسلام على حرمة الأموال والأعراض، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة حجة الوداع: "إن الله قد حرٍَّم عليكم دماءكم وأموالكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا"([56])، وعن أبي هريرة قال: قال صلى الله عليه وسلم: "كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه"([57]).

ويدخل في هذا التحريم؛ أكل أموال الناس بالباطل بأية طريقة من طرق الكسب غير المشروع، كالاحتكار، وأكل مال اليتيم، والقمار، والظلم، وممارسة البيوع المحرمة([58])، وما إلى ذلك من وسائل اخترعتها النظم الاقتصادية الوضعية: كالتأمين، واليانصيب الخيري، وغير الخيري، والمسابقات غير الشرعية، والمقامرات التي أخذت حيزاً كبيراً من وسائل الإعلام المختلفة، والمضاربات المالية في الأسواق المالية، والبورصات، والاعتداء على الأراضي العامة والخاصة، ولتحريم هذه الأشياء أدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية. قال تعالى: (وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) [188: البقرة]، وهذا تحريم عام لكل مال يتحصل بالباطل.

وأما الاعتداء على الأراضي بخاصة والتي تحدث هذه الأيام، فهذا فيه ظلم عظيم، وإثم كبير، فعن سعيد بن زيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ظلم من الأرض شيئاً طوقه من سبع أرضين"([59]). وفي رواية لمسلم عن سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أخذ شبراً من الأرض ظلماً طوقه إلى سبع أرضين"([60]).

ويدخل ضمن أكل أموال الناس بالباطل ما يأخذه الموظفون من هدايا، وغلول([61])، فعن عدي بن عميرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخيطاً فما فوق، كان غلولاً يأتي به يوم القيامة"([62])، حتى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم منع الهدية لقضاء الحاجة (شفاعة)، فعن أبي أمامة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من شَفَعَ لأخيه شفاعة فأهدى له هدية عليها فقبلها؛ فقد أتى باباً من أبواب الربا"([63]).

ويدخل ضمن أكل أموال الناس بالباطل ما يأخذه الموظف من الرشوة، والمكاسب بسبب وظيفته بطريقة مباشرة أو غير مباشرة؛ كإحالة عطاء على أحد أقاربه، أو إفشاء أسرار العمل ليستفيد من ذلك بعضهم، دون الآخر، وغير ذلك.

والرشوة من أخطر المسائل المدمرة للمجتمع والمال: وهي كل مال يدفع للوالي، أو العامل أو الموظف أو القاضي بقصد قضاء مصلحة من مصالح العباد، يجب قضاؤها من غير دفع رشوة([64]). وقد حرمها الله عز وجل باعتبارها أكل مال بغير حق، وبالباطل، قال تعالى:(وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ([65]) لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)[188: البقرة]، ومنع الرشوة حماية للملكية؛ لأنها اعتداء على مال ألغير، فيجب حمايته.

والأحاديث النبوية الشريفة صريحة في حرمة الرشوة، فقد روى أبو داود في سننه عن عبد الله بن عمرو قال: "لعن رسول الله الراشي والمرتشي. وزاد الترمذي عن أبي هريرة؛ في الحكم"([66]) وكل مال يكسب بطريقة الرشوة يعد مالاً حراماً، تجب مصادرته ووضعه في بيت مال المسلمين؛ لأنه كسب غير مشروع، وتجب معاقبة من أخذه، ومن دفعه، ومن توسط بينهما([67]). وهذه الأموال الحرام لا تحمى بل تصادر وتوضع في بيت مال المسلمين، لأن حق المالك زال عنها، فلا حماية لها، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما رد المال الذي أخذه ابن اللتبية الأزدي عندما استعمله صلى الله عليه وسلم على صدقات بني سليم.(وسيذكر الحديث بتمامه عند الكلام لاحقاً عن إحياء دور الحسبة وتفعيلها).

ومن أخطر الأمور التي تدخل ضمن أكل أموال الناس بالباطل والتي أعلن الله الحرب على مقترفيها ولم يعلنها على غيرهم أكل الربا، الذي يقوم عليه الاقتصاد الحر، في معظم الدول الإسلامية، والذي أصبح من الأمور التي يمارسها المسلمون ويتعاملون بها بكل أريحية، قال تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ)[278-279: البقرة].

فهذه الحرب معلنة على كل مجتمع يرتكز على الربا في اقتصاده، شاملة حرب الأعصاب والقلوب، حرب على البركة والرخاء حرب القلق والخوف، وكذلك حرب السلاح بتسليط أمة على أمة، فهي حرب شاملة...([68]) وفي هذا دمار للملكيات، فيجب تجنب أكل الربا لتسلم الملكيات من هذا الدمار، وفي ذلك حماية لها.

وباجتناب كل ما حرَّم الله عز وجل؛ تتحقق الحماية الكاملة للملكية، وعدم محقها وزوالها، ويتجنب المرء غضب الله.

ثانياً: أداء الأمانة كما أمر الله.

حث الإسلام على أداء الأمانات إلى أصحابها، لما

في ذلك من حفظ الحقوق، وحماية للملكية من الاعتداء والضياع؛ بسبب إنكار الأمانات والتسويف في أدائها، والشواهد كثيرة على أداء الأمانات من ذلك:

- قوله تعالى: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً)[58: النساء]، وهذا خطاب عام لجميع المكلفين بأداء الأمانات بجميع أنواعها المتعلقة بالذمم سواء كانت حقوق الله أم حقوق العباد؛ من صلاة وزكاة وصيام وكفارات وودائع. ويعتبر الإسلام مَنْ لم يؤد الأمانات خائناً لله ولرسوله وللمؤمنين.

- وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)[72: الأنفال]، وقد بين الله إن من صفات المؤمنين أداء الأمانات ورعايتها، وقال تعالى:(وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ)[8: المؤمنون].

والرسول صلى الله عليه وسلم عدَّ خيانة الأمانة من علامات النفاق، فعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان"([69]). وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا أؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر".([70])

وقد نهانا الرسول صلى الله عليه وسلم أن ننزل إلى مستوى الخيانة في أداء الأمانة حتى لو عوملنا بها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تَخُنْ من خانك"([71]). ومن الأمانة كتابة الديون بحقها وتوثيق العقود والعهود والمعاملات.

ثالثاً: كتابة وتوثيق العقود

أمر الله عز وجل بكتابة الدين وتوثيقـه والإشهـاد عليه منعاً للجحود والإنكار، وإزالة لكل أسباب النزاع نتيجة سهو أو نسيان، بسبب طول الزمن، أو ضآلة المال المقتَرَضِ أحياناً، وبهذه الكتابة والتوثيق حفظ للحقوق من الضياع، وحماية للملكية الخاصة والعامة من النكران([72]).

وقد أنزل الله سبحانه وتعالى أطول آية في القرآن الكريم في كتابة الديون والعقود، وما يتعلق بإثبات الحقوق؛ من إشهاد ورهان، قال تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً... وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِباً فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ)[282-283: البقرة].

جاء في تفسير الجامع لأحكام القرآن للقرطبي رحمه الله:

1- إن الذي أمر الله تعالى به من الشهادة والكتابة لنفي التنازع المؤدي إلى فساد ذات البين، بجحود الحق، ولأجله حرمت البياعات المجهولة.

2- لما أمر الله بالكتابة والإشهاد وأخذ الرهان كان ذلك نصاً قاطعاً على مراعاة حفظ الأموال وتنميتها، وقد شرفه الله بحفظه إذ جعله قواماً للآدمي (أي المال)، وما جُعِلَ قوام فهو شريف، وقد نهى جل وعلا أن يسلم المال إلى غير رشيد، ونهى عن إضاعته، وهذا ينافي اعتقاد المتصوفة من أن إكثار المال حجاب وعقوبة، وأن حبسه ينافي التوكل. لذا احتاط الشارع بكل الوسائل حماية للمال ومحافظة عليه، لأن من طبع بعض الناس أنهم لا يوفون بالعقود ولا بالعهود([73]).

لذا يجب أداء الأمانة والعمل على توثيق العقود والعهود، حماية للملكية، كي لا تضيع الحقوق.

رابعاً: الحجر على السفيه والمجنون والصغير لصالحه ولصالح غيره.

الحجر شرعاً : هو منع الشخص من تصرفه في ماله لحظه أو لحظ غيره([74]).

السفيه: المبذر لماله الذي ينفقه فيما لا ينبغي([75])؛ بإنفاقه في شهواته أو بسوء تصرفه لقلة معرفته بمصالحه.

ودليل مشروعية الحجر على السفيه قوله تعالى: (وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً) [5: النساء].

فالسفيه يحجر عليه بطلب من ورثته فيمنع من التصرف في ماله بهبة أو عقد بيع أو شراء... إلخ حتى يرشد. كما يحجر على الصغير والمجنون؛ لأنهم لا يحسنون التصرف في أموالهم، فيحجر على الصغير إن كان ذا مال حماية لماله، ويكون الحجر على تصرفاته المالية لحظه، وبخاصة إذا كان يتيماً، واليتيم من مات أبوه وهو صغير قبل أن يبلغ، مع العلم أنه لا يُتْم بعد الاحتلام، لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يتم بعد احتلام ولا صمات (صوم) يوم إلى ليل"([76])، أي إنّ كل يتيم طفل.

ويرى أبو حنيفة أن من بلغ خمسة وعشرين عاماً يدفع إليه ماله ويزول عنه الحجر سفيهاً كان أو رشيداً([77]). وقد خالف الجمهور أبا حنيفة في ذلك، حيث أجازوا الحجر على الكبير([78])، فيحجر على السفيه سواء كان صغيراً أم كبيراً، وحجر الصبا يزول ببلوغه رشيداً([79]).

كما يحجر على المدين ويباع ماله في قضاء دينه، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع معاذ بن جبل- وهو رجل كبير- عندما كان مديناً حيث باع ماله([80]).

كذلك يحجر على المفلس ولو كان كبيراً؛ لأن المفلس قد يتصرف بماله فيضيع حق الجميع، رغم أن الحجر على المفلس مفسدة في حقه؛ ولكنه ثبت تقديماً لمصلحة الغرماء الدائنين على مفسدة الحجر على المدين، وذلك تقديماً لمصلحة غرمائه على مصلحته في الإطلاق، ولو بقي الإطلاق لترتب على ذلك ضرر بهم([81]).

وقد عمل السلف الصالح على حماية أموال الأيتام وحفظها؛ بتنميتها عن طريق التجارة وغيرها، فإنه روي عن جماعة من الصحابة أنهم دفعوا مال اليتيم مضاربة؛ بينهم عمر وعثمان وعلي وابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهم أجمعين([82]). وذلك حماية للأموال من الزوال والضياع، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ألا مَنْ ولي يتيماً له مال فليتجر فيه، ولا يتركه حتى تأكله الصدقة"([83]). فهذا أمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوجب تنفيذه.

وجاء في موطأ مالك ما يؤيد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عملياً: "عن مالك أن عائشة رضي الله عنها كانت تعطي أموال اليتامى الذين في حجرها مَنْ يتجر لهم فيها. وعن يحيى ين سعيد أنه اشترى لبني أخيه يتامى في حجره مالاً فبيع ذلك المال بَعْدُ بمال كثير"([84]).

ومقابل رعاية مال اليتيم يجوز للذي يعمل بماله أن يأكل بقدر عمالته([85])، أباً كان أو وصياً أو حاكماً أو أمين حاكم وهو أولى من تركه، وأن يأكل بالمعروف من غير إسراف([86])، وذلك تشجيعاً لهؤلاء على تنمية أموال اليتامى، لحمايتها من الهلاك، قال تعالى: (وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيباً)[6: النساء].

كما شدَّد الشارع على حماية أموال اليتامى، وعدم الاعتداء عليها بأي شكل من الأشكال، قال تعالى:(وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً)[2: النساء]، وقال تعالى:(إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً)[10: النساء]، وكذلك بين جل وعلا أنه لا يجوز التصرف بمال اليتيم إلا بالطريقة التي هي أحسن وذلك بحفظه وتثميره([87]) حماية له، قال تعالى: (وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[152: الأنعام].

ومن باب حماية مال اليتيم، جعل الشارع أكل مال اليتيم من الموبقات التي يجب اجتنابهن وإلا يستحق من يفعل ذلك العذاب الأليم يوم القيامة. قال صلى الله عليه وسلم: "اجتنبوا السبع الموبقات قالوا يا رسول الله وما هنَّ، قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات"([88]).

مما سبق من أدلة يجب على ولي أمر اليتيم أن يحمي مال اليتيم، ويستثمره، وإذا أكل منه فليأكل بالمعروف وبقدر عمالته.

المطلب الرابع

الحماية من قبل الدولة

وللدولة دور مهم في حماية الملكية، ويكون ذلك بعدة وسائل:

أولاً: إحياء دور الحسبة وتفعيلها

الحسبة اصطلاحاً: "هي أمر بالمعروف إذا ظهر تركه، ونهي عن المنكر إذا ظهر فعله"([89])  والحسبة من أهم الوسائل الناجعة لتدخل الدولة؛ حماية للملكية.

وكانت ولاية الحسبة هي السلطة الرقابية التي اعتمدت عليها الدولة الإسلامية للقيام بالمراقبة والتفتيش على الأسواق، والأسعار، والسلع، والموازين، والمعاملات الفاسدة، والطرقات، والأبنية، والأطعمة، والأدوية، وغير ذلك، حماية للملكيات الخاصة والعامة، مما يؤدي التلاعب بها إلى إلحاق الضرر بالمجتمع.

وقد تولى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه مراقبة السوق، فعن أبي هريرة رضي الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر برجل يبيع طعاماً فسأله، كيف تبيع؟ فأخبره، فأٌوحِيَ إليه، أن ادخل يدك فيه فأدخل يده فيه، فإذا هو مبلول؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس منا من غش"([90]).

ويذكر أن الرسـول صلى الله عليه وسلم ولى سعيد بن سعيـد بن العاص على السوق بعد فتح مكة، وكذلك كان الخلفاء الراشدون يتولون أمر رقابة السوق أو يَكِلون أمره إلى غيرهم، حيث ولى عمر بن الخطاب الشفاء الأنصارية على السوق (ربما ولاها أموراً تتعلق بالنساء)([91]).

وحماية للملكية الخاصة يقوم والي الحسبة بالنهي عن المنكر فيما يتعلق بحقوق الآدميين، كالتعدي في حد جار لجاره أو في حريم لداره، ومن أعمال والي الحسبة مراعاة أهل الصنائع في الأسواق فيراعي عمل الطبيب والمعلم في إتقان مهنتهما، وعمل الصاغة والحاكة والخبازين، ويختار لهذه المهن أهل الثقة والأمانة حفظاً على أموال الناس ويمنعهم من الغش والسرقة، ويأمر الصناع بتجويد صنائعهم([92]). ويتطلب ذلك مراقبة جودة الصناعة ومطابقتها للمواصفات التي تضعها، وهذا يدعو إلى إحياء دور الحسبة.

ففي مجال الإنتاج مثلاً يجب تفعيل الرقابة الإدارية؛ بتطبيق: "مجموعة الإجراءات التي توضع للتأكد من مطابقة التنفيذ الفعلي للخطط الموضوعة، ودراسة الانحراف في التنفيذ لكي تعالج نواحي الضعف والقصور، وتقضي على الخطأ بمنع تكراره"([93]). كل ذلك حماية للملكية، بحيث إذا نُفِّذَ الإنتاج حسب المواصفات المحددة، مع منع الخطأ، فإن في ذلك زيادة في الإنتاجية، ومن ثمَّ الإنتاج، الذي يؤدي إلى حماية أصل المال من النقص.

وتزداد مسئولية الدولة في الرقابة مع ازدياد التقدم الاقتصادي الذي تمر به الأمة الإسلامية، وذلك لتجنب المنحدرات التي انزلقت إليها النظم الاقتصادية الوضعية([94])، حيث كان من أسباب الأزمة المالية المعاصرة ضعف الرقابة بشتى صورها، مما أضر بملكيات الناس فباعوا بيوتهم، وخسروا ممتلكاتهم، قال تعالى:(وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)[105: التوبة] كما قال سبحانه وتعالى: (وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلكِن يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)[93: النحل]، فالكل مسؤول، كما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، والأمير راع، والرجل راع على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"([95]).

ففي الشواهد السابقة إشارة إلى صور الرقابة، وهي:

1- مراقبة الله للإنسان في كل أعماله وأنه سبحانه وتعالى سيحاسبه على ما قدمت يداه.

2- مراقبة القيادة (السلطة) ممثلة في رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد موته صلى الله عليه وسلم قام بهذه المهمة ولاة الأمر، حيث تبعه بذلك الخلفاء من بعده، وكانت ولاية الحسبة موجودة إلى جوار ولاية القضاء.

3- رقابة المجتمع بمختلف مستويات المسئولية فيه، كما في حديث (كلكم راع) ([96]).

4- الرقابة الذاتية المنبثقة من تقوى الله.قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [18: الحشر].

5- الإفادة من خبرات المجتمعات الأخرى بما يتفق مع الشريعة الإسلامية: قال تعالى: (قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) [11: الأنعام]، هذا بشأن الإفادة من خبرات الأمم السابقة أما خبرات الأمم الحاضرة فيمكن الإفادة منها في المجالات التكنولوجية، قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)[43: النحل].

وحماية للملكيات الخاصة من اعتداء الولاة عليها؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم تولى محاسبة عماله "فعن هشام بن عروة عن أبيه عن أبي حميد الساعدي أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل ابن اللتبية على صدقات بني سليم، فلما جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاسبه قال: هذا الذي لكم، وهذه هدية أُهديت لي، فقال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: فهلا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقاً؟ ثم قام رسول اللهصلى الله عليه وسلم فخطب الناس وحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد فإني استعمل رجالاً منكم على أمور مما ولاني الله، فيأتي أحدكم فيقول: هذا لكم، وهذه هدية أُهديت لي، فهلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته إن كان صادقاً؟ فوالله لا يأخذ أحدكم منها شيئاً- قال هشام: بغير حقه-، إلا جاء اللهَ يحمله يوم القيامة، ألا فلأعرفن ما جاء اللهَ رجل ببعير له رغاء، أو ببقرة لها خوار، أو شاة تيعر- ثم رفع يديه حتى رأيت بياض إبطيه- ألا هل بلغت؟"([97]).

والمسلم بصورة خاصة منوط يتحمل مسؤوليات تبعات جسام في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فعن أبي سعيد قال: سمعت رسول الله e يقول: "من رأى منكم منكراً فلينكره بيده، ومن لم يستطع فبلسانه، ومن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان"([98]).

قال تعالى:(وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[104: الأعراف].

وقد حرص الإسلام على التنديد بمن يتهرب من تحمل المسؤولية، لما له من تأثير سيئ يؤثر على المجتمع. قال جل وعلا:(لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ* كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ)[78-79: المائدة].

والإنسان العاقل يسلم من الجزاء سواء كان دنيوياً أو أخروياً إذا سلك المسلك الأخلاقي السليم وأدى ما عليه من المسؤوليات([99]). والله تعالى يقول:(مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[84: القصص].

ثانياً: تقرير حق العمل وتهيئته لكل مواطن.

لقد اهتم الإسلام بتنظيم الحياة الاقتصادية بتقرير حق العمل وتهيئته لكل مواطن، وفي ذلك حماية للملكيات من التعرض للاعتداءات؛ بسرقة أو غصب؛ لأن الحاجة ربما تدفع المرء لذلك، أو سؤال الناس. فقد روى أنس بن مالك: "أن رجلاً من الأنصار أتى النبي صلى الله عليه وسلم (يسأله) فقال له (النبي): أما في بيتك شيء؟ قال: بلى حِلْس نلبس بعضه ونبسط بعضه، وقُعْب نشرب فيه من الماء قال: ائتني بهما، قال: فأتاه بهما فأخذهما رسول الله صلى الله عليه وسلم  بيده، وقال: من يشتري هذين؟ قال رجل: أنا آخذهما بدرهم، قال: من يزيد على درهم؟ مرتين أو ثلاثة، قال رجل: أنا آخذهما بدرهمين، فأعطاهما إياه، وأخذ الدرهمين، فأعطاهما الأنصاري، وقال: اشتر بأحدهما طعاماً فأنبذه إلى أهلك، واشتر بالآخر قدوماً، فأتني به، فأتاه به فشد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عوداً بيده، ثم قال: اذهب فاحتطب وبع، لا أرينك خمسة عشر يوماً، فذهب الرجل يحتطب ويبيع، فجاءه وقد أصاب عشرة دراهم، فاشترى ببعضها ثوبا ًوببعضها طعاماً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا خير لك أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة، إن المسألة لا تصلح إلا لثلاث: لذي فقر مدقع أو لذي غرم مفظع أو لذي دم موجع"([100]).

وهذا الحديث يمكن أن يكون تشريعاً للعمل، يجب على ولاة الأمور السير بموجبه حسب المبادئ الآتية:

1- إن المتعطلين يجوز لهم الذهاب لولي الأمر لإيجاد عمل لهم، بملء الكرامة والعزة؛ لأن ذلك حق لهم.

2- إقرار الدولة بحق المتعطلين عن العمل؛ لأن الرسول لم يزجره، وأقره على حضوره، وهذا يدل على إنسانية سامية لحامل رسالة سامية.

3- على الدولة أن تسعى لإيجاد العمل المناسب لكل متعطل عن العمل، ولم يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل بالانصراف إلا بعد أن دبر أمره بما يناسب قدراته على العمل.

4- متابعة ولي الأمر لأحوال المتعطلين عن العمل، والاطمئنان على حالهم، حيث حدد رسول الله صلى الله عليه وسلم موعداً لمراجعته.

5- استحباب تزويد العامل بآلة العمل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم دبَّر الرجل بآلة العمل، مما يملكه، بتحويل المال إلى وسيلة إنتاج([101]).

وبهذه الإجراءات يقل عدد العاطلين عن العمل فتقل السرقات، وبالتالي تُحمى الممتلكات ويؤدي هذا إلى مزيد من الحركة الاقتصادية بسبب استتباب الأمن.

وقد حمى الإسلام أجرة العامل -كملكية له- من طمع الطامعين، كما يظهر من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي على لسان المولى جل وعلا القائل: "قال الله ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره"([102]). فجريمة أكل أجر الأجير في صف واحد مع جريمة الغدر بالإنسانية، ومع خيانة العهد بعد الحلف بالله، وهكذا بين الشارع أن الأجور لا يجوز التعدي عليها، وهي من مصادر الملكية التي يجب حمايتها([103]).

وفي المقابل ومن باب حماية حق (ملكية) صاحب العمل بالحصول على منتج جيد، أوجب الإسلام على العامل أن يتقن عمله، لحديث عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله عز وجل يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه"([104])، فلا يجوز التقصير في العمل؛ لأن ذلك يؤدي إلى إنتاج رديء؛ يضيع على الأمة فرصة الحصول على موارد مالية؛ لأن السلع الرديئة لا تجد لها سوقاً فتكسد. قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً)[30: الكهف].

ثالثاً: تنفيذ الجزاءات والحدود الشرعية.

أعطى الإسلام للضمير أهمية بوصفه الرقيب والمحاسب في الحياة الدنيا على السلوك غير السوي، وجميع التصرفات المادية وغيرها، ومنها المحافظة على حقوق الآخر، وعدم الاعتداء عليها، وبخاصة ما يتعلق بالملكية بشتى أنواعها وقد بينا أن الإسلام حرم الاعتداء على الأموال بأي نوع من الاعتداءات كالسرقة، بقطع يد السارق، كما أبرز القرآن الكريم الجزاء الأخروي، بأنواع العذاب الجسدي المتعدد الصنوف والأنواع، وذلك أن كل عمل من أعمال الإنسان محسوب عليه في الدنيا، ولا مناص من الجزاء([105]).

قال تعالى:(وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ)[47: الأنبياء].

وقد وضع الإسلام عقوبات دنيوية على ضعاف العقيدة، إذا اقتضى الأمر ذلك، كقطع يد السارق، وقتل قاطع الطريق إذا قتل، وتعزير الغشاش وهي تعتبر من أساليب الردع والزجر حماية للملكية([106]).

فلم يقف الإسلام عند الدعوة للأخلاق الفاضلة وتحذيره من الأخلاق الذميمة دون ربط ذلك بثواب أو عقاب؛ لردع وزجر المعتدي على ملكية الغير، جعل هذه الدعوة محفوفة بأنواع من المعاني التي من شأنها أن تخلق في نفوس المخاطبين بها الهيبة والمراقبة والارتياح بالشعور بالفائدة العاجلة والآجلة فيدعوهم إلى المسارعة إليها، وامتثال الأمر فيها، وبداعي الخوف من عقاب الله وعفوه، والطمع في ثوابه ورضاه، ولهذا وضع عقوبات دنيوية على المنحرفين عن العقيدة والذين لا يخافون الجزاء الأخروي يوم القيامة.

وهذا المسلك جاء لكبح جماح النفوس الشريرة، التي تترك بتصرفاتها ضرراً بنظام المجتمع وعقيدته، ومن العقوبات الدنيوية:

1- الحدود: وهي عقوبات مقدرة شرعاً في المعاصي لتمنع من الوقوع في مثلها: وتشمل: (حد الزنا، والقذف، وشرب الخمر والمسكرات، والسرقة، والحرابة، والردة، والبغي). ويلاحظ أن من هذه الحدود ما يتعلق بالمال والملكية بصورة عامة ومن ذلك السرقة والغصب والحرابة (قطاع الطرق) التي لها علاقة بالسطو على المال.

2- القصاص والدية: وتشمل: (القتل العمد، والقتل شبه العمد، والقتل الخطأ، والجرح العمد، والجرح الخطأ).

3- التعزيز: وهي عقوبات يقدرها الحاكم على من يقترف بعض الأمور كشهادة الزور والغش والاحتكار والخداع.. الخ.

وهناك من الأفعال يستحق عليها الإنسان العقوبة في الدارين كالامتناع عن دفع الزكاة عامداً فإنه يستحق التعزيز من ولي الأمر، وعقابه الأليم يكون في الآخرة، كل ذلك حماية لحق الفقراء في أموال الأغنياء، وحتى لا يمتنع الأغنياء عن أداء ذلك الحق.

رابعاً: ضبط تدخل الدولة.

يجوز للدولة أن تتدخل في الملكية الخاصة في حدود معينة، بحيث لا يؤدي ذلك إلى إلحاق الضرر بالمصلحة الفردية أو العامة، ويجب ضبط تدخلها وفق ما يأتي:

1- استهداف المصلحة العامة الحقيقية بحيث يؤدي عدم التدخل إلى إلحاق الضرر بالمصلحة العامة. أي لا يكون التدخل إلا لجلب مصلحة، أو دفع مفسدة.

2- لا يحقق التدخل أضرار مقصودة بحقوق الأفراد.

3- التعويض عن الأضرار من جراء تدخل الدولة في أمر مشروع، أما إذا كان الأمر لتصحيح أمر انحرف بالنشاط الاقتصادي عن الأصول الشرعية أو أضر بالصالح العام للمجتمع، كإنتاج الخمور فلا تعويض([107]).

4- إذا أرادت الدولة أن تحقق قدراً من التنمية الاقتصادية لرفع مستوى المعيشة، والرفاء العام للدولة الإسلامية.

5- في الحالات الاستثنائية، كالحروب والمجاعات، والجوائح.

6- ويجوز للدولة أن تتدخل في الملكية الخاصة إذا أرادت الدولة أن تعيد أموال الأمة لأصحابها، أو للحق العام، أو بتطبيق ما يسمى بالتأميم، قال العبادي: "وإذا كان التأميم يعني استرجاع أموال الأمة من أيدي الشركات الأجنبية فهو واجب، ذلك أنه لا يجوز في الشريعة أن يسمح للحربيين بالتحكم في المسلمين والسيطرة على مقدراتهم... وإذا كان التأميم يعني إعادة الأموال التي يجب أن تكون لمجموع الأمة، والتي لا يصح أن تقع تحت التملك الفردي، ... فهذا واجب" كالمصانع الثقيلة، أو إنتاج البترول... كما يمكن نزع الملكية لأسباب تتعلق بمصلحة الأمة، أو لتحقيق المساواة المادية مع التعويض العادل([108]).

أي إن الدولة لا تتدخل في الملكية الخاصة إلا إذا كانت هناك مصلحة معتبرة شرعاً.

وعلى الدولة تنظيم نزع الملكيات، ولا يكون ذلك إلا للمصلحة العامة، متقيدة بضوابط التدخل سالفة الذكر.

وعلى الدولة منع بيع الأراضي لغير المسلمين من غير المواطنين لما فيه من ضرر للعامة والخاصة مستقبلاً، وإذا أرادت الدولة تشجيع الاستثمارات فيمكن تأجير الأراضي لمدة محددة، أو منحها للمستثمر بدون أجرة لمدة محددة تؤول بعدها الأرض وما عليها للأمة.

خامساً: إصدار قوانين منظمة لحقوق الملكية الفكرية، والأسواق المالية والبورصات.

1- يجب على الدولة إصدار أنظمة وقوانين منظمة لحقوق الملكية غير المادية (المعنوية) بكل أنواعها ومن ذلك: حق الملكية الفكرية، باعتبارها منافع، حيث إن المنافع تعد مالاً([109]) يملك؛ لأن مناط المالية في الأشياء ليس بأعيانها بل بمنافعها، والمنفعة أمر معنوي([110]). وقد قامت المملكة الأردنية الهاشمية، بإصدار قانون حماية الملكية الفكرية، من ذلك قانون حق المؤلف رقم 22/1992الذي عدل برقم 9/2005، وكذلك قانون العلامة التجارية رقم 33/1952 الذي عدل برقم 15/2008.

ومما يؤكد أن الإنتاج الفكري في الإسلام من المنافع الواجب حمايتها كالملكية؛ ما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا مات

الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة أشياء: من صدقة

جارية، أو علم ينتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له"([111]).

فالعلم نوع من العمل الذي لا ينقطع بعد وفاة صاحبه، وهو مصدر من مصادر المنافع التي يمكن استيفاؤها([112]). وذلك أن المال: ما كان منتفعاً به، هو: إما أعيان أو منافع. والمنفعة مال يجب حمايتها، فواجب الدول حماية حقوق الابتكار والتأليف وبراءات الاختراع لأنها تملك، وما شابه ذلك، بإصدار قوانين تحميها من الاعتداء عليها، بأي شكل من الأشكال، كسرقة براءات الاختراع، وتقليد العلامات التجارية.

وقد اهتمت الأمم المختلفة بالحقوق المعنوية منها الدول الإسلامية، فقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم 43(5/5) في دورته الخامسة في الكويت عام 1409ﻫ/ 1988م؛ ما نصه: "أولاً: الاسم التجاري والعنوان التجاري، والعلامة التجارية، والتأليف، والاختراع أو الابتكار: هي حقوق خاصة لأصحابها، أصبح لها في العرف المعاصر قيمة مالية، لتمول الناس لها، وهذه الحقوق يعتد بها شرعاً، فلا يجوز الاعتداء عليها"([113]).

كما يجب على الدولة وضع قوانين رادعة لأعمال القرصنة الإلكترونية (الغش المالي)، وسرقة أموال الناس بالدخول على حساباتهم في البنوك وتحويلها إلى حسابات خاصة. وتظهر هذه الجرائم في الدول المتقدمة، فقد حصل أكثر من 250.000 حادثة غش مالي عبر الشبكة الإلكترونية في بريطانيا عام 2007م، وقد قدرت هذه السرقات بحوالي 535 مليون جنيه استرليني، وهذا يتطلب من الأفراد في كل دولة أن يكونوا على يقظة من معلوماتهم الشخصية([114]).

2- كما يجب على الدولة أن تنظم عمل الأسواق المالية والبورصات حماية للملكية الخاصة وغيرها؛ بحيث تكون متمشية مع الشريعة الإسلامية، - وبالفعل صدر عن وزارة الصناعة في الأردن قانون مؤقت ينظم عمل البورصات في شهر 10/2008م -، مع التشديد على مراقبتها، ووضع حد أعلى للمزايدات بحيث لا تخرج عن القيمة الحقيقية للمؤسسة بحيث لا تؤدي المضاربة فيها (المزايدة) إلى خسارة، أو انهيار كما حدث في الأسواق المالية العالمية في الثلث الأخير من عام 2008م، وأدى إلى خسارة مليارات الدولارات، بسبب الانفتاح غير المحدد والإهمال في الإجراءات الرقابية المصرفية، وإخفاق مؤسسات الرقابة وهيمنة السياسة غير الرشيدة وعدم تطبيق القوانين والتشريعات المنظمة لعمل الأسواق المالية، وأسواق السلع كالحبوب، وتجاوز التعليمات، وابتعاد مؤسسات التدقيق والمحاسبة عن تطبيق المعايير الدولية في هذا المجال([115]). وكذلك بسبب عدم الخبرة في المضاربات والأسواق المالية للمتعاملين في بعض الأسواق كالأسواق الخليجية، والهوس في ممارسة المضاربات، وبخاصة الإلكترونية منها، مع اعتماد المضاربين (المزايدين) الصغار على الاستدانة من البنوك الربوية بضمان رواتبهم، فلا هم ربحوا، ولا هُم أبقوا رواتبهم على حالها. ومثل هذه (المضاربات) المزايدات التي لا تعبر عن تنمية حقيقية للاقتصاد الوطني، بل هي تبديد للثروات بما فيها من مقامرات، ومحاذير شرعية أخرى، من بيع المعدوم، وبيع ما لا يملك، وبيع من لا يضمن([116])، ونأخذ مثالاً على العقود المستحدثة، ما يسمى ببيع المستقبليات (التي يتم فيها تأجيل الثمن والمثمن): وهي عقود تجارية تقضي الشراء أو البيع للكميات المعينة من السلع لتواريخ مستقبلة معينة([117])، والعملية ليست بالبساطة هذه بل يجري على العملية عشرات البياعات بأثمان مختلفة يومياً، إلى أن يأتي يوم التسليم إن حصل ذلك، وهذه عملية محرمة، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "أما الذي نهى عنه النبي e فهو الطعام أن يباع حتى يقبض، قال ابن عباس: ولا أحسب كل شيء إلا مثله"([118]).

وحماية للملكيات لا بأس بغلق السوق المالي إذ رأت الدولة في ذلك مصلحة للأمة، كما فعلت بعض الدول كالكويت يوم الخميس 13/11/2008م، بطلب من المستثمرين حتى لا تتفاقم خسائرهم، كما ورد عن وسائل الإعلام المختلفة.

ومن الأمور التي تعتبر اعتداء على الملكيات الخاصة المتاجرة بالعملات؛ لأنها أدت إلى كوارث ماحقة للملكيات، وذلك بسبب إخراج النقود عن المهمة التي وجدت من أجلها، بالمتاجرة بها بالربا، وهو محرم بالكتاب والسنة... وقد نبه العلماء المسلمون وبخاصة في الأردن إلى عدم جواز المتاجرة بالعملات (النقود) كسلعة - مع جواز صرف العملات بالطرق الشرعية-، لأن ذلك إخراج للعملة عن مهمتها التي وجدت من أجلها وهي وسيلة للتبادل، وتسهيل المعاملات، ومخزن للقيم(من القيمة). كما بين الغزالي ذلك في كتابه إحياء علوم الدين بشأن النقدين: "إذ لا منفعة في أعيانهما، لأن الله خلق الدنانير والدراهم حاكمين ومتوسطين بين سائر الأموال حتى تقدر الأموال بهما ولتداولهما الأيدي، فمن ملكهما فكأنما ملك كل شيء، إذ طلب النقد لغير ما وضع له ظلم كما أن حبسه ظلم فلا معنى لبيع النقد بالنقد أو اتخاذ النقد مقصودا للادخار (الاكتناز) وهو ظلم"([119]).

مما سبق ذكره يتبين أن الاقتصاد الإسلامي يملك من الوسائل التي يمكن بها حماية الملكية الخاصة، والملكيات بكل صورها وأشكالها.

وبهذا يكون البحث قد أجاب عن السؤال المطروح، كمشكلة للبحث.

الخاتمة (النتائج والتوصيات)

أولاً: النتائج

مما سبق بحثه يمكن استنتاج مجموعة من النتائج:

1- إن الإسلام يملك من الوسائل الناجعة القادرة على حماية الملكية الخاصة، من كل طرق الاعتداءات القديمة كالسرقة بكل أشكالها القديمة وغيرها من الطرق المستحدثة للاعتداء؛ كالمتاجرة بالعملات، والمضاربة في الأسواق المالية المعاصرة، والمزايدات (المضاربات) الإلكترونية، وعقود المستقبليات (التي يتم فيها تأجيل الثمن والمثمن)، والقرصنة الإلكترونية.

2- لم يترك الإسلام مسألة حماية الملكية الخاصة هكذا تعتمد على أصحابها ومن يعنيهم أمرها؛ بل وضع وسائل لحمايتها من أي اعتداء؛ وسائل ذاتية نابعة من المالك نفسه: مادية ومعنوية بتحريم الإسراف والتبذير...الخ وتحقيق تقوى الله في النفس، وأي اعتداء خارجي؛ من أي طرف كان من كان.وحمَّل الجماعة مسؤولية حماية الملكية الخاصة، ووكل حمايتها للدولة عن طريق الحسبة، ووسائلها الرقابية على السوق المالية والسلعية؛ التي يجب تفعيلها بطرق حديثة، وتطبيق التشريعات الإلهية، مع وضع قوانين عصرية لحماية الملكية الخاصة وغيرها من الملكيات.

ثانياً: التوصيات (التوجيهات)

هذا ويمكن الأخذ بالتوصيات والتوجيهات الآتية:

1- على الدول الإسلامية وضع ميثاق خاص بحماية الملكية بكل أشكالها المادية والمعنوية، مستمد من الشريعة الإسلامية.

2- تطبيق قوانين حماية الملكية بحزم وقوة، على كل من يحاول الاعتداء على الملكيات بكل أنواعها، وبخاصة الملكيات الخاصة والملكيات الفكرية، والأسواق المالية، التي تتعرض للاعتداءات اليومية من قبل الناس.

3- على وزارات التربية والتعليم، والتعليم العالي، وكليات الشريعة الاهتمام بمسألة الملكية وما يتعلق بها ضمن مناهجها الدراسية. وإعطاء حماية الملكية أهمية بارزة في خطب ومواعظ ودروس وزارة الأوقاف؛ لما لخطب الجمعة بخاصة من أثر في تعميم الخطاب الإعلامي بين جمهور المسلمين.

4- إحياء دور الحسبة وتفعيلها؛ بالمراقبة الفعلية على ممارسات الأسواق والبورصات المالية والسلعية؛ والمتاجرة بالعملات، حفاظاً على ثروة الأمة، لكي لا تحدث أزمات مالية في الأسواق المالية الإسلامية، كما حدث في الأزمة المالية العالمية المعاصرة عام2008م، حماية للملكيات وبخاصة الملكية الخاصة.

 

(*) المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية، المجلد السادس، العدد (3)، 1431 ه‍/2010م.

 

الهوامش:

 


([1]) أحمد بن محمد بن علي المقري (ت770ﻫ)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي، بيروت، دار الكتب العلمية، 1398ﻫ/1978م، ج2، ص824. محمد أبي بكر الرازي (ت 666ﻫ)، مختار الصحاح، بيروت/ صيدا، دار الجيل، 1407ﻫ/ 1987م، ص721. إبراهيم مصطفى وزملاؤه، المعجم الوسيط، القاهرة، مجمع اللغة العربية، 1400ﻫ/ 1980م، ج2، ص1033.

([2]) محمد أبي بكر الرازي (ت666ﻫ)، مختار الصحاح، ص158.

([3]) إبراهيم مصطفى وزملاؤه، المعجم الوسيط، ج1، ص200.

([4]) محمد رواس قلعه جي وزملاؤه، معجم لغة الفقهاء، بيروت، دار النفائس، 1416ﻫ/1996م، ص164.

([5]) السرقة: أخذ مال محترم -البالغ نصاباً- وإخراجه من حرز مثله لا شبهة له فيه، على وجه الاختفاء. منصور بن إدريس البهوتي الحنبلي (توفي 1051ﻫ)، كشاف القناع على متن الإقناع، بيروت، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، 1402ﻫ/1982م، ج6، ص129.

الغصب: هو أخذ شخص حق غيره والاستيلاء عليه عدواناً وقهراً عنه. أحمد بن محمد بن علي المقري (ت770ﻫ)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي، ج2، ص536 سيد سابق، فقه السنة، جدة، مكتبة الخدمات الحديثة، 1407ﻫ، ج3، ص355.

([6]) إبراهيم مصطفى وزملاؤه، المعجم الوسيط، ج1، ص184. محمد رواس قلعه جي وزملاؤه، معجم لغة الفقهاء، ص161.

([7]) أحمد بن محمد بن علي المقري (ت770ﻫ)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي، ج1، ص172.

([8]) محمد أبي بكر الرازي (ت 666ﻫ)، مختار الصحاح، ص559. إبراهيم مصطفى وزملاؤه، المعجم الوسيط، ج2، ص769. محمد رواس قلعه جي وزملاؤه، معجم لغة الفقهاء، ص341.

([9]) إبراهيم بن موسى الشاطبي، الموافقات في أصول الشريعة، بيروت، دار المعرفة، ج2، ص17.

([10]) محمد أمين بن اليحمر المشهور بابن عابدين، رد المحتار على الدر المختار (حاشية ابن عابدين)، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1407ﻫ/1987م (ط29)، ج4، ص3.

([11]) حق الابتكار في الإنتاج الذهني: الصور الفكرية التي تفتقت عنها الملكة الراسخة في نفس العالم أو الأديب ونحوه، مما يكون قد أبدعه هو، ولم يسبقه إليه أحد". فتحي الدريني، حق الابتكار في الفقه الإسلامي المقارن، بيروت مؤسسة الرسالة، 1404ﻫ/1984م، ص9.

([12]) عبد السلام داود العبادي، الملكية في الشريعة الإسلامية، عمان مكتبة الأقصى، 1394ﻫ/1974م، ج1، ص179.

([13]) محمد رواس قلعه جي وزملاؤه، معجم لغة الفقهاء، ص366، 367.

([14]) عبد الناصر موسى أبو البصل، دراسات في فقه القانون المدني الأردني/النظرية العامة للعقد، عمان، دار النفائس، 1419ﻫ/1999م، ص17.

([15]) إسماعيل بن كثير (ت774ﻫ)، تفسير القرآن العظيم، بيروت، دار المعرفة، 1388ﻫ/1969م، ج4، ص305.

([16]) من أفضل ما كُتِبَ عن الملكية في الشريعة الإسلامية، ما كتبه الأستاذ الدكتور: عبد السلام داود العبادي، في رسالته للدكتوراه بعنوان: الملكية في الشريعة الإسلامية، عمان، مكتبة الأقصى، 1394ﻫ/ 1974م. 

([17]) محمد باقر الصدر، اقتصادنا، بيروت، دار الفكر، 1387ﻫ/1968م (ط2)، هامش ص393، 394. خالد عبد الرحمن أحمد، التفكير الاقتصادي في الإسلام، بيروت، دار الدعوة الإسلامية، 1397ﻫ، ص82. البهي الخولي، الثروة في ظل الإسلام، الكويت، دار القلم، 1401ﻫ/1981م، ص91. محمود بابللي، الاقتصاد في ضوء الشريعة الإسلامية، بيروت، دار الكتاب اللبناني، 1980م (ط2)، ص71.

([18]) خالد عبد الرحمن أحمد، التفكير الاقتصادي في الإسلام، ص82.

([19]) محمود بابللي، الاقتصاد في ضوء الشريعة الإسلامية، ص71.

([20]) عبد السلام داود العبادي، الملكية في الشريعة الإسلامية، ج1، ص150.

([21]) إبراهيم دسوقي أباظة، الاقتصاد الإسلامي مقوماته ومنهاجه، القاهرة، الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية، ص48.

([22]) أحمد رضا (ت1362ﻫ)، متن معجم اللغة، بيروت، دار مكتبة الحياة، 1378ﻫ/1959م، 1380ﻫ/ 1960م، ج5، ص61. محمد مرتضى الزبيدي، تاج العروس، القاهرة، المطبعة الخيرية المنشأة بجمالية مصر، 1306ﻫ، ج1، ص455. الطاهر أحمد الراوي، ترتيب القاموس المحيط، القاهرة، عيسى البابي الحلبي وشركاه، 1390ﻫ/1970م، ج4، ص47. سعدي أبو جيب، القاموس الفقهي لغة واصطلاحاً، دمشق، دار الفكر، 1402ﻫ /1982م، ص319.

([23]) محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري (ت256ﻫ)، صحيح البخاري، كتاب المظالم، باب من قاتل دون ماله، القاهرة، مكتبة ومطبعة محمد علي صبيح وأولاده، ج3، ص169. أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت852ﻫ)، فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب المظالم، باب من قاتل دون ماله، صيدا/ بيروت، المكتبة العصرية، 1422ﻫ/2001م، حديث رقم (2480).

([24]) علي عبد الواحد وافي، أثر تطبيق النظام الاقتصادي الإسلامي في المجتمع (القسم السابع)، الرياض، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1404 ﻫ/1984م، ص497.

([25]) التبذير: صرف المال فيما لا ينبغي وإنفاقه على وجه الإسراف، وقيل صرف المال في الحرام. والإسراف: المسرف من لم يجاوز حد الكرم، وهو الإنفاق في المحارم, وقيل تجاوز الحد المعتاد في الإنفاق. والتقتير: منع الواجب، والتقتير على العيال: التضييق عليهم بالنفقة. عبد الله بن عمر البيضاوي (توفي 691ﻫ)، أنوار التنزيل وأسرار التأويل المعروف بتفسير البيضاوي، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1418ﻫ/ 1998م، ج3، ص253، ج4، ص130. محمد قلعه جي، معجم لغة الفقهاء، ص99، 48، 120.

([26]) أحمد الحصري، السياسة الاقتصادية والنظم المالية في الفقه الإسلامي، القاهرة، مكتبة الكليات الأزهرية، 1402ﻫ/1982م، ص69.

([27]) محمد بن جرير الطبري (ت310ﻫ)، جامع البيان عن تأويل آي القرآن المعروف تفسير الطبري، ضبط وتعليق محمود شاكر، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1421ﻫ/2001م، ج16، ص224، 225.

([28]) محمد بن علي الشوكاني (توفي 1250)، فتح القدير، بيروت، دار المعرفة، ج3، ص222.

([29]) محمد بن يزيد بن ماجه القزويني، صحيح سنن ابن ماجه، تحقيق محمد ناصر الدين الألباني، كتاب الأطعمة، باب الاقتصاد في الأكل وكراهة الشبع، الرياض، مكتب التربية العربي لدول الخليج، 1408ﻫ/ 1988م، حديث رقم (2704) (صحيح). محمد بن عيسى بن سورة الترمذي (توفي 279ﻫ)، سنن الترمذي، كتاب الزهد، باب ما جاء في كراهية كثرة الأكل، الرياض، مكتبة المعارف، حديث رقم (2380) (صحيح). 

([30]) إسماعيل بن كثير (ت774ﻫ)، تفسير القرآن العظيم، ج3، ص399.

([31]) محمد بن يزيد بن ماجه القزويني، صحيح سنن ابن ماجه، تحقيق محمد ناصر الدين الألباني، كتاب الفتن، باب العقوبات، حديث رقم (3246).

([32]) مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري (ت261ﻫ)، صحيح مسلم، كتاب البر والصلة، باب في العفو، بيروت/دمشق، المكتب الإسلامي، 1405ﻫ/1985م، حديث رقم(1790).

([33]) نعمت عبد اللطيف مشهور، الزكاة الأسس الشرعية

والدور الإنمائي والتوزيعي، بيروت، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 1413ﻫ/ 1993م، ص290-296.

([34]) محمد فاروق النبهان، أبحاث في الاقتصاد الإسلامي، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1406ﻫ/1986م، ص119. مصلح عبد الحي النجار، الاقتصاد الإسلامي، الرياض، مكتبة الرشد، 1424ﻫ/2003م، ص342.

([35]) ابن ماجه (ت 273ﻫ)، صحيح سنن ابن ماجه، كتاب الأحكام، باب من بنى بحقه لا يضر جاره، حديث رقم (1896)(صحيح). وقال السيوطي: حسن، جلال الدين السيوطي (ت911ﻫ)، الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير، بيروت، دار الكتب العلمية، ج2، ص203.

([36]) محمد عبد الفتاح الخطيب، حرية الرأي في الإسلام مقاربة في التصور والمنهجية، قطر، وقفية الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني للمعلومات والدراسات، 1428ﻫ/2007م، ص148، 152.

([37]) الشاطبي (ت790ﻫ)، الموافقات في أصول الشريعة، ج2، ص10.

([38]) سعيد أبو الفتوح محمد بسيوني، الحرية الاقتصادية في الإسلام وأثرها في التنمية، المنصورة/ مصر، دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع، 1408ﻫ/ 1984م، ص304.

([39]) عبد الله مختار يونس، الملكية في الشريعة الإسلامية ودورها في الاقتصاد الإسلامي، الإسكندرية، مؤسسة شباب الجامعة، 1407ﻫ/1987م، ص169.

([40]) الغش: نقيض النصح، ويأتي بمعنى الغل، وعدم الصفاء، ويقوم الغش على جهل المشتري أو عدم معاينته للسلع، أو تدليس وكذب البائع وخيانته للأمانة أو اختلاسه. محمد ابن منظور، لسان العرب، المؤسسة المصرية العامة للتأليف، القاهرة، ج8، ص213-214. محمد عبد المنعم عفر، النظام الاقتصادي الإسلامي، جدة، دار المجمع العلمي، 1399ﻫ/ 1978م، ص66.

الاحتكار: حبس الطعام أو غيره مما يحتاج إليه الناس

بقصد إغلائه عليهم. حسن الشاذلي، الاقتصاد الإسلامي مصادره وأسسه، القاهرة، 1979م، ص182. أحمد بن محمد بن علي المقري (ت 770ﻫ)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي، ج1، ص175.

      الغصب: هو أخذ شخص حق غيره والاستيلاء عليه عدواناً وقهراً عنه. أحمد بن محمد بن علي المقري (ت770ﻫ)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي، ج2، ص536. سيد سابق، فقه السنة، ج3، ص355.

النهب: الغلبة على المال والقهر. أحمد بن محمد بن علي المقري (ت770ﻫ)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي، ج2، ص769.

([41]) أحمد بن حنبل، مسند الإمام أحمد بن حنبل، خرجه شعيب الأرناؤط، بيروت مؤسسة الرسالة، 1417ﻫ/ 1997م، ج14، ص513. محمد بن إسماعيل البخاري (ت256ﻫ)، الأدب المفرد، ترتيب وتقديم كمال يوسف الحوت، بيروت، عالم الكتب، 1405ﻫ/1985م (ط2)، ص105.

([42]) محمد بن إسماعيل البخاري (ت 256ﻫ)، صحيح البخاري، كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله e، ج1، ص4. أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله e، صيدا/ بيروت، المكتبة العصرية، 1422ﻫ/ 2001م، حديث رقم (1).

([43]) أحمد بن تيمية (ت728ﻫ)، السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية، راجعه وعلق عليه محمد عبد الله السمان، القاهرة، مكتبة أنصار السنة المحمدية، 1381ﻫ/ 1961م، ص53. 

([44]) محمد بن إسماعيل البخاري (ت256ﻫ)، صحيح البخاري، كتاب الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس، باب من أخذ أموال الناس يريد أداءها أو إتلافها، ج3، ص144. ابن حجر، فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس، باب من أخذ أموال الناس يريد أداءها أو إتلافها، حديث رقم (2387). ابن ماجه، صحيح سنن ابن ماجه، كتاب الصدقات، باب من أدان دينًا لم ينو قضاؤه، الرياض، مكتب التربية العربي لدول الخليج، 1408ﻫ/1988م، حديث رقم (1955). 

([45]) الشاطبي، الموافقات، ج2، ص323. 

([46]) ابن ماجه، صحيح ابن ماجه، كتاب الصدقات، باب من أدان دينًا وهو ينوي قضاؤه، حديث رقم (1953) (صحيح).

([47]) محمد ناصر الدين الألباني، سلسلة الأحاديث الصحيحة، بيروت/ دمشق، حديث رقم (736). ورد الحديث في كتاب ابن حجر، فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس، باب من أخذ أموال الناس يريد أداءها أو إتلافها، ضمن شرح حديث رقم (2387). عبدالله بن عبدالرحمن الدارمي، سنن الدارمي، كتاب البيوع، باب في الدائن معان، حديث رقم (2598)، ج2، ص178.

([48]) إسماعيل بن كثير (ت774ﻫ)، تفسير القرآن العظيم، ج2، ص533.

([49]) محمد شوقي الفنجري، المذهب الاقتصادي في الإسلام، شركة مكتبات عكاظ للنشر والتوزيع، 1401ﻫ/ 1981م، ص203.

([50]) محمد شوقي الفنجري، ذاتية السياسة الاقتصادية، القاهرة، مكتبة السلام العالمية، 1401ﻫ/1981م، ص56. أو كتابه: المذهب الاقتصادي في الإسلام، شركة مكتبات عكاظ للنشر والتوزيع، 1401ﻫ/ 1981م، ص203.

([51]) محمد الرازي بن ضياء الدين عمر (ت604ﻫ)، التفسير الكبير للإمام الفخر الرازي، طهران، دار الكتب العلمية، الطبعة الثانية، ج25، ص181.

([52]) محمد بن إسماعيل البخاري (ت256ﻫ)، صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب المرأة راعية في بيت زوجها، ج7، ص41. ابن حجر، فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب المرأة راعية في بيت زوجها، حديث رقم (5200). مسلم، صحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، حديث رقم (1201).

([53]) أحمد بن تيمية (ت728ﻫ)، مجموع فتاوى شيخ

الإسلام ابن تيمية، جمع وترتيب عبد الرحمن بن محمد ين قاسم، الرياض، الرئاسة العامة لشؤون الحرمين الشريفين، ج28، ص71.

([54]) إسماعيل بن كثير (ت774ﻫ)، تفسير القرآن العظيم، بيروت، دار المعرفة، 1388ﻫ/1969م، ج2، ص56.

([55]) وزرة الأوقاف الكويتية، الموسوعة الفقهية، الكويت، وزارة الأوقاف الكويتية، 1414ﻫم1984م، ج31، ص234-236.

([56]) محمد بن إسحاق بن يسار (ت151ﻫ)، سيرة النبي/ سيرة ابن هشام، هذبها محمد بن عبد الملك بن هشام (ت 218ﻫ)، القاهرة، مكتبة محمد علي صبيح وأولاده، 1391ﻫ/1971م، ج4، ص1024.

([57]) ابن ماجه، صحيح سنن ابن ماجه، كتاب الفتن، باب حرمة دم المؤمن وماله، حديث رقم (3177) (صحيح).

([58]) راجع كتب الفقه المختلفة لمعرفة البيوع المحرمة، وكتاب البيوع في كتب الحديث، وكذلك كتاب نيل الأوطار للشوكاني، وكتاب سبل السلام للصنعاني.

([59]) محمد بن إسماعيل البخاري (ت256ﻫ)، صحيح البخاري، كتاب المظالم، باب إثم من ظلم شيئاً من الأرض، ج3، ص161. ابن حجر، فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب المظالم، باب إثم من ظلم شيئاً من الأرض، حديث رقم (2452).

([60]) مسلم، صحيح مسلم، كتاب البيوع، باب من ظلم من الأرض شبرا ًطوق من سبع أرضين، حديث رقم (970).

([61]) الغلول: السرقة من الغنيمة قبل القسمة. محمد رواس قلعة جي، معجم لغة الفقهاء، ص302، 303.

([62]) مسلم، صحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب ما كتم الأمراء فهو غلول، حديث رقم (1214).

([63]) سليمان بن الأشعث السجستاني -أبو داود- (ت275ﻫ)، سنن أبي داود، حكم على أحاديثه وآثاره وعلق عليه محمد ناصر الدين الألباني، كتاب البيوع، باب في الهدية لقضاء الحاجة، الرياض، مكتبة المعارف، حديث رقم (3541) (حسن).

([64]) عبد القديم زلوم، الأموال في دولة الخلافة، دار العلم

للملايين، 1403ﻫ، ص118 (بتصرف).

([65]) والإدلاء بالمال إلى الحكام لا يقتصر على رشوة القاضي أو الموظف أو آحاد الناس، بل قد يمتد إلى رشوة هيئات يكون تأييدها وسيلة إلى تسلم مقاليد الحكم، كهيئات الناخبين التي يزعم الفقه الدستوري الغربي أنها السلطة الرابعة في الدولة.

ودفع الرشوة يعد من أسباب الانحلال وعوامل الانهيار التي تصيب باستمرار المجتمعات غير الإسلامية. محمد عبد الله العربي، النظم الإسلامية-الاقتصادية، الحكومية، الدولية-، القاهرة، معهد الدراسات الإسلامية، ص8.

([66]) أبو داود (ت275ﻫ)، سنن أبي داود، كتاب الأقضية، باب في كراهية الرشوة، حديث رقم (4580) (صحيح). والترمذي، سنن الترمذي، كتاب الأحكام، باب ما جاء في الراشي والمرتشي في الحكم، حديث رقم (1336) (صحيح). وابن ماجه، صحيح سنن ابن ماجه، كتاب الأحكام، باب التغليظ في الحيف والرشوة، حديث رقم (1871) (صحيح).

([67]) عبد القديم زلوم، الأموال في دولة الخلافة، ص118.

([68]) سيد قطب، في ظلال القرآن، جدة، دار العلم للملايين، 1406ﻫ/1986م، ج1، ص325.

([69]) محمد بن إسماعيل البخاري (ت256ﻫ)، صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب علامة المنافق، ج1، ص16. ابن حجر، فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب علامة المنافق، حديث رقم (33).

([70]) محمد بن إسماعيل البخاري (ت256ﻫ)، صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب علامة المنافق، ج1، ص16. ابن حجر، فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب علامة المنافق، حديث رقم (34).

([71]) أبو داود، سنن أبي داود، كتاب البيوع، باب في الرجل يأخذ حقه من تحت يده، حديث رقم (3535) (حسن صحيح).

([72]) أحمد الحصري، السياسة الاقتصادية والنظم المالية في الفقه الإسلامي، ص337.

([73]) محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي (ت671ﻫ)، الجامع

لأحكام القرآن، بيروت، دار الكتب العلمية، 1420ﻫ/ 2000م، ج3، ص268-270.

([74]) أحمد بن حمزة بن شهاب الرملي الشهير بالشافعي الصغير (ت 1004ﻫ)، نهاية المحتاج شرح المنهاج في الفقه على مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه، بيروت، دار الكتب العلمية، 1424ﻫ/ 2003م، ج4، ص311-314. حمد العبد الرحمن الجنيدل، نظرية التملك في الإسلام، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1403ﻫ/ 1983م (ط2)، ص72.

([75]) جاد الله محمود بن عمر الزمخشري (ت528ﻫ)، تفسير الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، بيروت، دار الكتاب العربي، ج1، ص471. إبراهيم مصطفى وزملاؤه، المعجم الوسيط، القاهرة، دار الندوة، 1400ﻫ/ 1980م، ج1، ص434.

([76]) حمد بن محمد الخطابي، (ت388ﻫ)، معالم السنن شرح سنن أبي داود، كتاب الوصايا، باب متى ينقطع اليتم، بيروت، المكتبة العلمية، ج4، ص86.

([77]) علاء الدين أبي بكر بن مسعود الكاساني (ت 587ﻫ)، بدائع الصنائع، بيروت، دار الكتاب العربي، 1402ﻫ/1982م، ج7، ص171.

([78]) محمد بن علي الشوكاني (ت1255ﻫ)، نيل الأوطار، القاهرة، دار الريان/ دار الحديث، ج5، ص246.

([79]) أحمد بن حمزة بن شهاب الرملي الشهير بالشافعي الصغير (ت1004ﻫ)، نهاية المحتاج شرح المنهاج في الفقه على مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه، ج4، ص354. وفي الصفحة نفسها حاشية نور الدين علي بن علي الشبراملسي (1087).

([80]) محمد بن علي الشوكاني (ت1255ﻫ)، نيل الأوطار، ج5، ص244، 245.

([81]) فتحي الدريني، نظرية التعسف في استعمال الحق، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1397ﻫ/1977م (ط2)، ص229.

([82]) الكاساني (ت587ﻫ)، بدائع الصنائع، ج6، ص79.

([83]) الترمذي، سنن الترمذي، كتاب الزكاة، باب ما جاء في زكاة مال الصبي، حديث رقم (641)، (ضعيف)، ضعفه عبد الله بن يوسف الزيلعي، نصب الراية لأحاديث الهداية، جوهانسبرج بجنوب أفريقيا/ كراتشي بباكستان/ كجرات الهند، المجلس العلمي، 1357م، ج2، ص331.

([84]) عبد الرحمن السيوطي، تنوير الحوالك شرح موطأ الإمام مالك، كتاب الزكاة، زكاة أموال اليتامى والتجارة لهم فيها، دار الفكر، ج1، ص192.

([85]) لمزيد من المعلومات راجع صحيح البخاري، ج4، ص11. 

([86]) عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامه (ت 620ﻫ)، المغني، الرياض، مكتبة الرياض الحديثة، 1401ﻫ/ 1981م، ج4، ص264. الكاساني (ت 587ﻫ)، بدائع الصنائع، ج5، ص154، 155.

([87]) محمود بن عمر الزمخشري، تفسير الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، دار الكتاب العربي، بيروت، ج2، ص79.

([88]) محمد بن إسماعيل البخاري (ت256ﻫ)، صحيح البخاري، كتاب الوصايا، باب قول الله تعالى: ]إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً[[10: النساء]، ج4، ص12. ابن حجر، فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب الوصايا، باب قول الله تعالى:]إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً[[10: النساء]، حديث رقم (2766).

([89]) علي بن محمد بن حبيب الماوردي (توفي 450ﻫ)، الأحكام السلطانية والولايات الدينية، القاهرة، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، 1393ﻫ/ 1973م (ط 39)، ص240. محمد بن الحسين الفراء (ت458ﻫ)، الأحكام السلطانية، القاهرة، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، 1386ﻫ/1966م، ص284.

([90]) أبو داود، سنن أبي داود، كتاب البيوع، باب في النهي عن الغش، حديث رقم (3452) (صحيح). وقال عنه صحيح جلال الدين السيوطي (ت 911ﻫ)، الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير، بيروت، دار الكتب العلمية، ج2، ص138.

([91]) أحمد الحصري، السياسة الاقتصادية والنظم المالية في الفقه الإسلامي، ص444. عمر كحالة، أعلام النساء، ج2، ص301، كانت الشفاء كاتبة في الجاهلية، وهي راوية من راويات الحديث بالمدينة المنورة. يوسف بن عبد الله بن محمد ابن عبد البر، الاستيعاب، بيروت، دار الجيل، 1412ﻫ/1992م، ج4، ص1870.

([92]) لمعرفة المزيد عن هذه المسائل راجع؛ علي بن محمد ابن حبيب الماوردي (ت450ﻫ)، الأحكام السلطانية والولايات الدينية، ص255، 256. محمد بن الحسين الفراء، الأحكام السلطانية، صححه وعلق عليه محمد حامد الفقي، القاهرة، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، 1386ﻫ/1966م، ص302- 308. محمد عبد القادر أبو فارس، القاضي أبو يعلى وكتابه الأحكام السلطانية، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1403ﻫ/1983م، ص416- 418.

([93]) أحمد الحصري، السياسة الاقتصادية والنظم المالية في الفقه الإسلامي، ص529.

([94]) أحمد الحصري، السياسة الاقتصادية والنظم المالية في الفقه الإسلامي، ص440.

([95]) محمد بن إسماعيل البخاري (ت256ﻫ)، صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب المرأة راعية في بيت زوجها، ج7، ص41. ابن حجر، فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب المرأة راعية في بيت زوجها، حديث رقم (5200). مسلم، صحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، حديث رقم (1201).

([96]) علي البدري أحمد الشرقاوي، الاستثمارات المالية الإسلامية، القاهرة، مطبعة السعادة، ص26، 27.

([97]) محمد بن إسماعيل البخاري (ت256ﻫ)، صحيح البخاري، كتاب الأحكام، باب محاسبة الإمام عماله، ج9، ص95. ابن حجر، فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب الأحكام، باب محاسبة الإمام عماله، حديث رقم (7197). مسلم، صحيح مسلم، تحقيق محمد ناصر الدين الألباني، كتاب الأمارة، باب في هدايا الأمراء، حديث رقم (1215).

([98]) محمد ين عيسى بن سوره الترمذي، سنن الترمذي، حكم على أحاديثه وآثاره وعلق عليه محمد ناصر الدين الألباني، كتاب الفتن عن رسول الله e، باب ما جاء في تغيير المنكر باليد أو باللسان أو بالقلب، الياض، مكتبة المعارف، الرياض، حديث رقم (2172) (صحيح). ابن ماجه، صحيح سنن ابن ماجه، تحقيق محمد ناصر الدين الألباني، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها باب جاء في صلاة العيدين، مكتب التربية العربي لدول الخليج، الرياض، 1408ﻫ/ 1984م، حديث رقم (1053) (صحيح).

([99]) أمير عبد العزيز، دراسات في الثقافة الإسلامية مدخل إلى الدين الإسلامي، بيروت، دار الكتاب العربي، 1399ﻫ/1979م، ص 338-340. 

([100]) أبو داود، سنن أبي داود، كتاب الزكاة، باب ما تجوز فيه المسألة، حديث رقم (1641)، ص254. الترمذي، سنن الترمذي، كتاب البيوع، باب ما جاء في بيع من يزيد، حديث رقم (1218)، ص290، الحديث ضعيف كما حكم عليه محمد ناصر الدين الألباني في الكتابين.

([101]) عبد السميع المصري، مقومات الاقتصاد الإسلامي، القاهرة، مكتبة وهبة، 1395ﻫ/1975م، ص25، 26. البهي الخولي، الإسلام لا شيوعية ولا رأسمالية، القاهرة، 1951م، ص78، 79 لمزيد من المعلومات.

([102]) محمد بن إسماعيل البخاري (ت256ﻫ)، صحيح البخاري، كتاب البيوع، باب إثم من باع حراً، ج3، ص103. ابن حجر، فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب البيوع، باب إثم من باع حراً، حديث رقم (2227).

([103]) أحمد الحصري، السياسة الاقتصادية والنظم المالية في الفقه الإسلامي، ص102، 103.

([104]) سليمان بن أحمد الطبراني، المعجم الوسيط، تحقيق طارق بن عوض الله بن محمد وزميله، القاهرة، دار الحرمين، حديث رقم (897)، ج1، ص275.

([105]) عبد الواحد محمد الفار، الثقافة الإسلامية دراسة تأصيلية لمضمون الرسالة الإسلامية في ضوء القرآن والسنة، الرياض، 1403ﻫ/ 1983م، ص158.

([106]) مصلح عبد الحي النجار، الاقتصاد الإسلامي، ص318.

([107]) محمد فاروق النبهان، أبحاث في الاقتصاد الإسلامي، ص122- 125.

([108]) عبد السلام داود العبادي، الملكية في الشريعة الإسلامية، ج2، ص395- 397.

([109]) عبد الكريم زيدان، المدخل لدراسة الشريعة الإسلامية، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1417ﻫ/ 1996م، ص190. سعدي حسين علي جبر، الخلافات المالية وطرق حلها في الفقه الإسلامي، عمان، دار النفائس، 1423ﻫ/ 2003م، ص28.

([110]) فتحي الدريني، حق الابتكار في الفقه الإسلامي المقارن، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1404ﻫ/ 1984م (ط3)، ص27-29.

([111]) الترمذي، سنن الترمذي، كتاب الوصايا باب ما جاء في الصدقة عن الميت، حديث رقم (2880) (صحيح).

([112]) فتحي الدريني، حق الابتكار في الفقه الإسلامي المقارن، ص73.

([113]) وهبة الزحيلي، المعاملات المالية المعاصرة، دمشق/ بيروت، دار الفكر، 1423 ﻫ/2002م، ص594.

([114]) جريدة الرياض الاقتصادي (سعودية)، صفحة تقنية المعلومات، الخمبس 29 ذي القعدة 1429ﻫ/ 27نوفمبر 2008م، العدد 14766، ص7.

([115]) بسام الساكت، في مقابلة مع وكالة الأنباء الأردنية، جريدة الدستور الأردنية، الجمعة 20 شوال 1429ﻫ/ 19 تشرين أول 2008م، العدد 14809، صفحة أخبار اقتصادية، ص3.

([116]) لمعرفة التفاصيل عن البيوع المنهي عنها؛ ارجع لنيل الأوطار للشوكاني، أو سبل السلام للصنعاني.

([117]) محمد تقي العثماني، بحوث في قضايا فقهية معاصرة، دمشق، دار القلم، 1424ﻫ/2003م، ص130.

([118]) محمد بن إسماعيل البخاري (ت256ﻫ)، صحيح البخاري، كتاب البيوع، باب بيع الطعام قبل أن يقيض وبيع ما ليس عندك، ج3، ص85. مسلم، صحيح مسلم، كتاب البيوع، باب النهي عن بيع الطـعام قبل

أن يستوفى، حديث رقم (909)، ج2، ص345.

([119]) أبو حامد محمد بن محمد الغزالي (ت505ﻫ)، إحياء علوم الدين، القاهرة، مكتبة ومطبعة المشهد الحسيني، ج4، ص91، 92.