أضيف بتاريخ : 10-03-2011


القواعد الفقهية وأثرها في المعاملات المالية

"نظرية الظروف الطارئة"(*)

 فضيلة المفتي الدكتور محمود فهد مهيدات / مدير الدراسات والبحوث

 الملخص

تقوم نظرية الظروف الطارئة التي تقوم على افتراض وجود عقد تراخى تنفيذه -كعقد المقاولة وعقد التوريد والبيع الآجل وبيع التقسيط ونحوها- فيطرأ ظرف طارئ يجعل تنفيذ العقد يلحق ضررا بالغا بأحد العاقدين يخرج عن المألوف، فتتدخل حينئذ لإزالة ذلك الضرر الذي سيلحق بأحد المتعاقدين، وذلك برد التزامات العقد إلى الحد المعقول، تحقيقا لمقتضيات العدالة ورفعا للظلم عن المتعاقدين.

لذا جاءت هذه الورقة لبيان التأصيل الفقهي لنظرية الظروف الطارئة من خلال القواعد الفقهية التي تنهض بها، ومن ثم بيان دور هذه النظرية في معالجة الآثار الضارة التي قد تلحق بأحد المتعاقدين نتيجة لتغير الظروف، ومن ثم دورها في إعادة التوازن العقدي الذي يحقق العدالة بين الأطراف المتعاقدة، وأثر ذلك على الجانب الاقتصادي.

وقد توصلت الدراسة إلى أن نظرية الظروف الطارئة لها دور كبير في تعديل الالتزامات العقدية لكثير من المعاملات المالية، كتغير قيمة النقود عند الوفاء ببعض الالتزامات العقدية -كالبيع الآجل وبيع التقسيط وكعقد التوريد وعقد المقاولة ونحوها- على نحو تحقيق العدالة بين المتعاقدين، كما توصلت الدراسة إلى أن النظرية ومن خلال تعديلها لبعض الالتزامات ستكون بمثابة ائتمان وأداة من أدوات التحوط للمستثمرين مما سينعكس بالتالي أثر ذلك على النشاط الاقتصادي.

 المقدمة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

الأصل في العقود اللزوم والوفاء، لكن قد يحدث ظروف طارئة تحول دون ذلك فتتسبب في مظلمة لم تكن معتبرة وقت العقد، والشريعة الإسلامية قد قامت على أساس تحقيق العدالة عند التطبيق العملي لعقود المعاملات المالية التي تقوم على أساس التراضي غير المشتمل على الظلم وأكل أموال الناس بالباطل، فهي تنظم حقوق العباد لتبادل الأموال والمنافع بينهم، وعليه فإن القواعد الفقهية تسهم في استخراج الأحكام الشرعية لما يستجد من نوازل ومسائل طارئة، لذا فان دراستها لها أهمية كبرى لكل من الفقيه والمجتهد والمفتي لأنها تيسر لهم تتبع جزئيات الأحكام واستخراجها من موضوعاتها المختلفة وحصرها في موضوع واحد وبذلك يتفادى التناقض في الحكام الشرعية المتشابهة.

وبما أن أبواب المعاملات المالية من أهم أبواب الفقه وأدقها، وبخاصة في هذا العصر التي تطورت فيه المعاملات المالية تطورا باهرا، فإن بيان أحكامها الشرعية من خلال القواعد الفقهية يجنب تلك الوقائع كثيرا من التناقض والاضطراب في أحكامها الشرعية، ونظرية الظروف الطارئة المستخلصة من مجموعة من القواعد الفقهية الكبرى لها دور كبير في معالجة الكثير من الآثار الضارة التي قد تلحق بطرفي العقد نتيجة لتغير الظروف، وما تلك المعالجة إلا تحقيقا للعدالة التي قامت الشريعة الإسلامية في تشريعاتها على أساسها عند التطبيق العملي للالتزامات العقدية، وعليه فان نظرية الظروف الطارئة تهدف إلى تعديل الالتزامات العقدية على نحو يحقق العدالة بين المتعاقدين لأن مبنى النظرية يقوم على إزالة الضرر الناتج من جراء إمضاء العقد على مقتضاه، نتيجة ظرف لم يكن متوقعا، ولم يتسبب به أحد العاقدين.

وتأتي هذه الورقة مساهمة في بيان القواعد الفقهية التي تنهض بهذه النظرية، ومن ثم بيان دور هذه النظرية في كيفية معالجة الالتزامات العقدية في المعاملات المالية وبيان أثر ذلك على النشاط الاقتصادي. 

 المبحث الأول

القواعد الفقهية: مفهومها ومصدرها وحجيتها وأهميتها

 المطلب الأول: القواعد الفقهية لغة واصطلاحا:

القاعدة في اللغة[1]: الأساس، وهي أساس الشيء وأصوله حسيا كان ذلك الشيء كقواعد البيت أو معنويا كقواعد الدين (أي دعائمه). قال تعالى: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (127البقرة). وقال تعالى: (قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ) (26 النحل). فالقاعدة في هاتين الآيتين الكريمتين بمعنى الأساس وهو: ما يرفع عليه البنيان.

أما القاعدة في الاصطلاح: اختلف الفقهاء في تعريفها وذلك بناء على اختلافهم في مفهومها، هل هي قضية كلية أم قضية أغلبية؟ فمن نظر إليها أنها قضية كلية عرّفها بما يدل على ذلك، ومن هذه التعريفات على سبيل المثال لا الحصر:

1. هي "قضية كلية يتعرف منها أحكام جزئياتها"[2].

2. هي "أصول فقهية كلية في نصوص موجزة دستورية أحكاما تشريعية عامة في الحوادث التي تحت موضوعاتها"[3]. وبالنظر إلى هذه التعريفات والتعريفات الأخرى التي تسنى لي الاطلاع عليها نجدها كلها تعريفات متقاربة المعنى، أي أنها تؤدي معنى واحدا هو "أنها حكم أو أمر كلي أو قضية كلية تفهم منها أحكام الجزئيات التي تندرج تحت موضوعاتها وتنطبق عليها"[4]. ومن نظر إليها أنها قضية أغلبية عرّفها بأنها "حكم أكثري لا كلي ينطبق على أكثر جزئياته لتعرف أحكامها منه"[5]. وقد أشار إلى هذا المعنى القرافي بقوله: "من المعلوم أن أكثر قواعد الفقه أغلبية"[6]. وهذا القول مبني على وجود مسائل مستثناة من تلك القواعد تخالف أحكام حكم القاعدة مثال ذلك: جواز السلم والإجارة في بيع المعدوم الذي فيه عدم الجواز، وطهارة الحياض والآبار في الفلوات مع ما تلقيه الرياح من البعر والروث وغيره[7].

 المطلب الثاني: مصادر القواعد الفقهية:

مصادر القواعد الفقهية هي تلك المصادر التي استمدت منها القواعد الفقهية، وهي الكتاب والسنة والإجماع، وتفصيل ذلك كما يلي[8]:

أولا: القواعد الفقهية التي مصدرها الكتاب:

أي التي استمدت من نصوص الكتاب. ونذكر منها ما يلي:

1. قال تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (275البقرة) فهذه الآية قد جمعت وجازة لفظها أنواع البيوع ما أحلّ منها وما حرم عدا ما استثنى.

2. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) (النساء29). هذه القاعدة شاملة لتحريم كل تعامل وتصرف يؤدي إلى أكل أموال الناس بالباطل من غير وجه مشروع يحله الله تعالى ورسوله عليه السلام -كالسرقة والغصب- وكل عقد باطل يعتبر نوعا من أكل أموال الناس بالباطل.

3. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (المائدة1). فالأمر في هذه الآية يقتضي الوفاء بكل عقد  مشروع، واحترام كل ما يلتزم به الإنسان مع الناس.

ثانيا: القواعد الفقهية التي استمدت من نصوص السنة نذكر منها ما يلي:

1. عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا ضرر ولا ضرار، ومن ضارّ ضارّه الله، ومن شاقّ شاقّ الله عليه)[9]، هذا النص من أهم القواعد وأشملها فروعا، وهي أساس منع الفعل الضار، وميزان القاضي في تقرير القضايا والحكم عليها بالعدل والإنصاف.

2. قال عليه السلام: (المسلمون عند شروطهم)[10] فظاهر الحديث يدل على وجوب احترام كل ما يرتضيه المتعاقدين من الشروط، إلا الشروط التي تحل الحرام وتحرم  الحلال.

3. سئل النبي عليه السلام عن حكم أنواع من الأشربة فقال: (كل مسكر حرام)[11]. فدل هذا على تحريم كل مسكر من عنب أو غيره مائع أو جامد، نباتي أو حيواني أو مصنوع.

ثالثا: القواعد الفقهية التي مصدرها النصوص التشريعية المعللة[12]:

وهي القواعد الفقهية التي استنبطها الفقهاء والمجتهدون من معقول نصوص الكتاب والسنة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: القاعدة الفقهية "الأمور بمقاصدها". فالأصل فيها قوله عليه السلام: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ نوى... الحديث)[13]. فالذي توخاه الفقهاء من وضع هذه القاعدة في ضوء هذا الحديث هو بيان أن تصرفات الإنسان وأعماله تختلف أحكامها ونتائجها باختلاف مقصود الإنسان من تلك التصرفات والأعمال، وبذلك تجد أن القاعدة تمثل المعاني التي تضمنها الحديث، ويشهد لهذه القاعدة قوله تعالى: (وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) (100 النساء).

 المبحث الثاني

الأدلة التي نهضت بتأصيل نظرية الظروف الطارئة

 المطلب الأول: مفهوم نظرية الظروف الطارئة:

الظرف الطارئ هو: كل حادث عام لاحق على تكوين العقد، وغير متوقع الحصول على العقد ينجم عنه اختلال بيّن في المنافع المتولدة عن عقد يتوخى تنفيذه إلى أجل أو آجال، ويصبح تنفيذ المدين لالتزامه كما أوجبه العقد يرهقه إرهاقا شديدا ويتهدده بخسارة فادحة تخرج عن الحد المألوف في خسائر التجار[14]، وكذلك كخروج سلعة تعهد المدين بتوريدها وارتفع سعرها ارتفاعا فاحشا غير مألوف ولا متوقع[15].

وعليه تعرف نظرية الظروف الطارئة بأنها " مجموعة القواعد والأحكام التي تعالج الآثار الضارة اللاحقة بأحد العاقدين الناتجة عن تغير الظروف التي تمّ بناء العقد في ظلها"[16]، إذا فإن الوصف الشرعي لنظرية الظروف الطارئة " أنها صورة من صور تعديل التزام العقد، أو فسخه على خلاف فيه بين القانونيين أو انفساخه بحكم الشرع"[17]، وعليه فإن مبنى نظرية الظروف الطارئة يقوم على تعديل العقد أو فسخه انفساخه تلقائيا بحكم الشرع لظرف طارئ غير قاهر لم يكن متوقعا عند إنشاء العقد، لكون العقد يكون متراخي التنفيذ ولا يقع دفعة واحدة، فيطرأ ظرف يؤدي إلي جريان العقد على نحو مرهق لأحد العاقدين على حساب الآخر.

 المطلب الثاني: الأدلة الشرعية التي نهضت بتأصيل نظرية الظروف الطارئة:

نهضت بتأصيل نظرية الظروف الطارئة عدة أدلة نجملها فيما يلي:

أولا: قوله تعالى " وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (188 البقرة).

وجه الدلالة: إن ما أتت عليه الجائحة مثلا من الثمار أو الزروع ينبغي أن يحط ويخفض من الثمن بقدر التالف حتى يتم إعادة التوازن بين ما يعطى كل من العاقدين وبين ما يأخذ، وإلا اختل هذا التوازن فأخذ أحدهما أضعاف ما أعطى، أو العكس، وهو ضرب من أكل أموال الناس بالباطل ودون مقابل، ذلك لأن ما استفيد نتيجة للظروف لا يقوم على سبب ثابت في نظر الشرع وهذا هو الباطل الذي لا يقوم على سبب شرعي معتبر، وكذلك إذا حال العذر الطارئ دون تمكن أحد طرفي العقد من استيفاء المنفعة مع كونها قائمة[18]، لذا فالسكوت عن تعديل الالتزام أو السكوت عن الفسخ أصبح أمرا مفضيا إلى التظالم والى أكل أموال الناس بالباطل، وهذا مما نهت عنه الشريعة، فالآية تحتوي على أصل تكليفي يتمثل بالحرمة  وهذا يشمل كل الأنشطة التي تسفر عن أكل أموال الناس بالباطل، لذلك فالنبي صلى الله عليه وسلم استنكر بقوله: (أرأيت إن منع الله الثمر فبم يستحل أحدكم مال أخيه) أن يأكل أحد العاقدين مال الآخر إذا اجتاحت الجائحة الثمر، على الرغم أن الأصل في العقود اللزوم والوفاء.

ثانيا: قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ) (النحل90).

وجه الدلالة: العدل هو المساواة والدقة في الاقتضاء بالمعاملات، أما الإحسان فيتجاوز العدل إلى الفضل والمفسرون قالوا: العدل هو الواجب، والواجب هو أمر الله تعالى، وقد يقضي بتكليف ما لا يطاق، وفي ذلك ظلم وجور وهما مما لا يتصور صدورهما عن الله تعالى، لذلك فكان الأمر بالإحسان للتخفيف من تفريط العدل أو المبالغة في تطبيقه، لأجل ذلك يتحول عن العدل إلى الإحسان، فوجوب الوفاء بالعقد عدل، وهو أمر الله تعالى ولكن جاء بالإحسان إذا تسبب الوفاء بالعقد في ضرر زائد نجم عن ظرف طارئ لم يكن في الحسبان، فيتحول عن العدل إلى الإحسان. بمعنى يوقف حكم الدليل نفيا للضرر اللازم لا لذاته بل لآثاره ويعمل على تعديل العقد أو إلى فسخه تخفيفا من آثار تنفيذ العقد[19].

ثالثا: القواعد الفقهية العامة.

استنبط الفقهاء المسلمون ضمن سعيهم هذا العديد من القواعد الفقهية وعملوا على تطبيقها لمعالجة الظروف الطارئة والأضرار الناجمة عنها ومن هذه القواعد نذكر ما يلي:

1. درء المفاسد أولى من جلب المصالح:

تتمثل هذه القاعدة في دفع المفسدة عند تعارضها مع المنفعة، بمعنى إذا تعارضت منفعة دائن في إلزام المدين بتنفيذ التزامه مع مفسدة الضرر الذي يصيب المدين إذا نفذ التزامه مع حدوث الظرف الطارئ، وجب دفع المفسدة، وبالتالي يدفع الضرر الناشئ عنها بالفسخ للعذر في عقد الإيجار مثلاً أو بالحط من الثمن بقدر التلف الذي سببته الجائحة في بيع الثمار[20]، وهذه القاعدة تترجم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ)، فالنبي صلى الله عليه وسلم قيّد الطاعة بالاستطاعة، وبالمقابل جعل النهي مطلقا، وفي هذا ما يدل على حرج  المفاسد ووجوب التصدي لها وتقديمها على جلب المنافع أو المصالح، لأن الواجبات تتأثر بالرخص من باب رفع الحرج، أما المفاسد فلا تتطرق إليها الرخص، وعليه إذا تعارضت مفسدة ومصلحة قدّم درء المفسدة، الناتجة عن الظرف الطارئ الذي لم يكن بالحسبان.

2. الضرر يزال:

هي قاعدة متفرعة عن قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار). والمعنى أن الضرر غير المستحق تجب إزالته إذا وقع أيا كان منشؤه، لأنه ظلم، ولا ريب أنه إذا كانت إزالته واجبة شرعا إذا وقع فان دفعه قبل وقوعه واجب من باب أولى، إذ من المقررات الشرعية أن الضرر يدفع بقدر الإمكان، لأن في ذلك حكمة بالغة، فالوقاية خير من قنطار علاج[21].

3. الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أم خاصة:

إذا كانت مواقع الضرورة مستثناة من قواعد الشرع، دفعا لها فالحاجة كذلك تيسيرا على الناس، ورفعا للعسر والضيق غير المألوف عنهم، والمدين بالالتزام المرهق نتيجة لعذر طارئ واقع في الحاجة التي تقرب من الضرورة، فيجب رفع الضيق غنه ولو استثناء من قواعد الشرع[22].

4. أدلة من السنة نهضت بتأصيل النظرية:

أ. قوله صلى الله عليه وسلم: (لو بعت من أخيك ثمرا فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا بم تأخذ مال أخيك بغير حق)[23].

وجه الاستدلال: قال القرطبي: هذا دليل واضح على وجوب إسقاط ما أجيج من الثمرة عن المشترى  ولا يلتفت إلى قول من قال: إن ذلك لم يثبت مرفوعًا إلى النبي  صلى الله عليه وسلم  وإنما ثبت من قول أنس؛ لأن ذلك ليس بصحيح؛ بل الصحيح: رَفْعُ ذلك من حديث جابر وأنس. واعتضد ذلك بأمره صلى الله عليه وسلم بوضع الجوائح[24].

ب. وعن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم "أمر بوضع الجوائح"[25].

وجه الاستدلال: من القواعد الفقهية أن الأمر يفيد الوجوب ما لم تصرفه قرينة، بل على العكس الأمر هنا أن هناك روايات تبين أن عدم وضع الجوائح لا يحل، وهو أكل لأموال الناس بالباطل وبدون وجه، فعن أبى سعيد رضي الله عنه قال: "أصيب رجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمار ابتاعها فكثر دينه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تصدقوا عليه فتصدق الناس عليه فلم يبلغ ذلك وفاء دينه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لغرمائه خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك". فقوله صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث ليس لكم إلا ذلك يدل على أنه لو كانت الجوائح لا توضع لكان لهم طلب بقية الدين[26].

ج. عائشة رضي الله عنها: سمع النبي صلى الله عليه وسلم صوت خصوم بالباب، عالية أصواتهم، وإذا أحدهما يستوضع الآخر، ويسترفقه في شيء، وهو يقول: والله لا أفعل، فخرج عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أين المتألي على الله، لا يفعل المعروف فقال: أنا، يا رسول الله، وله أي ذلك أحب[27].

ووجوه الاستدلال: أن الحديث فيه الحض على الرفق بالغريم والإحسان إليه والوضع عنه. قال المهلب: وفى حديث عائشة النهي عن التألي على الله؛ لأن فيه معنى الاستبداد بنفسه، والقدرة على إرادته، فكأنه لما حتم بألا يفعل، ففهم من إنكار النبي صلى الله عليه وسلم التحريم لذلك رجع عن تأليه ويمينه، وقال: (له أي ذلك أحب) أي من الوضع عنه أو الرفق به.

خلاصة الأمر: إن هذه الأحاديث تنهض بمجموع لتفيد الحط من الثمن أو الفسخ، وقد أكد هذا الإمام القرطبي بقوله "وفي هذه الأحاديث دليل واضح على وجوب إسقاط ما اجتيح من الثمرة عن المشتري"[28].

 المطلب الثالث: ضوابط تطبيق نظرية الظروف الطارئة:

لنظرية الظروف الطارئة شروط يلزم توافرها لتطبيقها حتى يكون النظر فيها معتبرا، وهي:

أولا: وجود عقد يتراخى تنفيذه عن وقت إبرامه سواء أكان من العقود المستمرة التنفيذ كما عقد الإجارة أو كعقود بيع الثمار القائم على الشجر وبعد بدو صلاحه، أو كان عقد بيع فوري التنفيذ فيما عدا الزروع والثمار إذا كان الثمن كله مؤجل التنفيذ أو كان مقسطا، وعلى هذا فلا بد من وجود عقد تراخى وقت تنفيذه عن وقت إبرامه ليتصور طروء العذر أو الحادث بعد الإبرام وقبل التنفيذ أو أثناءه مما يجعل تنفيذ الالتزام التعاقدي ضارا ضررا زائدا نتيجة للظرف الطارئ[29].

ثانيا: أن يكون الحادث الطارئ ليس في الوسع توقعه ولا دفعه والتحرز منه، كحدوث فيضانات، أو تغير قيمة النقود، أو انتشار وباء، أو حدوث حروب..الخ من الحوادث التي لا يمكن دفعها ولا التحرز منها[30].

ثالثا: أن يكون الظرف الطارئ خارجا عن إرادة المتعاقدين، وعليه فإذا كان طوع إرادتهم فلا يعد من الضرر المسوغ لإعادة النظر في الالتزام، لذلك فيشترط أن لا يكون حدوثه بسبب أي من المتعاقدين وأن لا يكون مسئولا عن آثاره وحده،ولا ينتفع بأحكام هذه النظرية،

رابعا: أن يحدث ضرر زائد أو فاحش غير معتاد نتيجة لهذا الظرف أو العذر الطارئ، لا نتيجة الالتزام نفسه، وملازم حدوثه لتنفيذ موجب العقد، بحيث لا يمكن انفكاكه في الأعم الأغلب، ويستوي أن يكون الضرر ماديا اقتصاديا يخل بالتوازن بين الالتزامات الناشئة عن العقد، أو أن يكون معنويا يمس الاعتبار الإنساني، أو شرعيا يمنع الشارع نفسه من تنفيذ العقد لطروء هذا الحادث أو المانع الشرعي[31].

خلاصة الشروط: أن تطبيق نظرية الظروف الطارئة يكون على العقود التي يفصل بين إبرامها وبين تنفيذها فترة من الزمن يطرأ خلالها حادث استثنائي غير متوقع ولا يمكن دفعه أو التحرز منه، وخارجا عن إرادة المتعاقدين، يؤدي إلى جعل تنفيذ الالتزام مرهقاً للمدين ولكن لا يجوز إعمال أحكام نظرية الظروف الطارئة إذا كان تراخي تنفيذ الالتزام إلى ما بعد وقوع الظرف الطارئ راجعاً إلى خطأ المدين.

   المبحث الثالث

 تطبيقات نظرية الظروف الطارئة وآثارها الاقتصادية

المعاملات المالية هي عصب حياة الناس، ومحط كثير من احتياجاتهم وهي كثيرة الحدوث سريعة التطور تختلف باختلاف الأحوال والعادات، وتتجدد بحسب المطالب والحاجات وقد راعى الشارع فيها ذلك فجعل الأصل فيها الحل، وأوجب منها ما لا بد منه، وحرم ما فيه فساد ظاهر أو باطن، وحينما توجد حاجة ملحة أو ضرورة ملحة لمعاملة من المعاملات ويترتب على الامتناع عنها ضرر أكبر من نفعها فالشارع حينئذٍ يرخص في الفعل أو الترك إبقاءً للتشريع العام محافظاً به على المصلحة العامة، وضماناً لمصلحة الفرد، دون انفلات والمهم في كل هذا هو المحافظة على مقاصد الشرع. وعليه سنتناول في هذا المبحث أهم التطبيقات لنظرية الظروف الطارئة، ومن ثم نبين أهم الآثار الاقتصادية للنظرية.

المطلب الأول: تغيير قيمة النقود في العقود الآجلة:

عالج الفقهاء ما يطرأ على العقود الآجلة المعقودة بالنقود، فوضعوا له أحكاماً خاصة في حال تغيرت قيمة النقود، ومن هذه الأحكام إعمال نظرية الظروف الطارئة في العقود الآجلة موقوفة التنفيذ لتغير قيمة النقود لظروف طارئة أدت إلى ذلك التغير، وتفصيل ذلك على النحو الآتي:

مفهوم تغيير قيمة النقود:

يقصد بتغير قيمة النقود ما يطرأ عليها من كساد أو انقطاع أو فقدان أو رخص أو غلاء لا سيما مع ظهور الفلوس والقروش والنقود الورقية. وعليه: فتغير قيمة النقود هي أُس الاختلالات العقدية، بمعنى أن جميع الاختلالات العقدية مرتبطة بتغير قيمة النقود وجوداً وعدماً، فإن تغير قيمة النقود بجميع حالاته وصوره يؤدي إلى اختلال التوازن التعاقدي في العقود المتراخية التنفيذ، وهي العقود الآجلة، لذا كيف يمكن معالجة اختلال التوازن التعاقدي في العقود الآجلة إذا ما تغيرت قيمة النقود؟ يمكن معالجة اختلال التوازن التعاقد -بسبب الظروف الطارئة- في العقود المتراخية التنفيذ من خلال إعمال نظرية الظروف الطارئة، وبيان ذلك كما يلي:

بيّنا فيما سبق الشروط التي يجب توافرها لتطبيق النظرية، وعليه: فإذا حدث تغير في قيمة النقود ينظر إلى طبيعة التغير، وإلى أسبابه، والى آثاره، فإذا كانت الشروط متحققة في تغير قيمة النقود من حيث الرخص أو الغلاء الفاحش، أو الكساد، أو الانقطاع، أو إبطال السلطان العمل بها، ننظر إلى السبب فإذا كان ظرفاً طارئاً غير متوقع، ننظر إلى آثاره، هل أدى إلى إلحاق الضرر بأحد طرفي التعاقد على نحو يؤدي إلى إرهاقه في التزاماته، إذا تحقق ذلك كله نلجأ إلى إعمال نظرية الظروف الطارئة لإعادة التوازن التعاقدي وذلك رفعاً للظلم وتحقيقاً للعدالة من خلال توزيع العبء الطارئ بين المتعاقدين، وتوضيح ذلك ببيان بعض التطبيقات للنظرية على بعض عقود المعاوضات التي تكون متراخية التنفيذ، وذلك على النحو الآتي:

أولا: العقود الآجلة: العقد الآجل عبارة عن اتفاقية بين شخصين لتسليم أصل معين في وقت لاحق مستقبلاً وبسعر محدد يسمى سعر التنفيذ، ويتحدد في العقود عادة مواصفات الأصل،كدرجة الجودة أو التصنيف، والكمية وطريقة التسليم، ومكان التسليم والسعر وطريقة السداد، حيث يتم التفاوض على جميع هذه الأمور بين البائع والمشتري[32]. وعليه فيقصد بالعقود الآجلة: عقود المعاوضات المتراخي تنفيذها لأجل عن وقت إبرامه سواءً أكان من العقود المستمرة التنفيذ،كما في عقد الإجارة، أو كعقود بيع الثمار القائم على الشجر وبعد بدو صلاحه، أو كان عقد بيع فوري التنفيذ فيما عدا الزروع والثمار، إذا كان الثمن كله مؤجل التنفيذ أو كان مقسطاً " كبيع التقسيط، والتوريد، والمقاولة، والسلم، والاستصناع[33]". وليس المقصود بها العقود الآجلة المتعامل بها في الأسواق المالية (البورصة) كالبيع على المكشوف والبيع على الهامش... إلخ، وعليه فإذا حدث ظرف طارئ غير متوقع وقت العقد، يجعل تنفيذ العقود الآجلة تحدث اختلالا في التوازن التعاقدي على نحو يلحق إرهاقاً بيّناً بأحد طرفي التعاقد. عندها لا بد من رد الالتزام إلى الحد المعقول، رفعا للضرر  وتحقيقا للعدالة، ويكون ذلك بثلاثة طرق هي:

1. وقف تنفيذ العقد حتى يزول الحادث الطارئ إذا كان الحادث وقتياً يقدّر له الزوال في وقت قصير -كما في عقد المقاولة إذا ما ارتفعت الأسعار ارتفاعاً فاحشاً- ولكن ارتفاع يوشك أن يزول لقرب فتح باب الاستيلاء مثلاً، فيوقف القاضي تسليم البناء في الموعد المتفق عليه، حتى يتمكن المقاول من القيام بالتزامه دون إرهاق إذا لم يكن في وقف التنفيذ ضرر جسيم يلحق صاحب المبنى، جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي السابع: "ويحق للقاضي أيضاً أن يمهل الملتزم إذا وجد أن السبب الطارئ قابل للزوال في وقت قصير ولا يتضرر الملزمين له كثيراً بهذا"[34].

2. زيادة الالتزام المقابل للالتزام المرهق، وذلك ليقلل خسارة المدين، مثال: إذا تعهد تاجر بتوريد ألف إردب من الشعير، بسعر ستين قرشاً للإردب، فيرتفع السعر إلى أربعة جنيهات فيرفع القاضي السعر الوارد في العقد، ولكن يلاحظ هنا أمران: ‏الأمر الأول: أن القاضي لا يرفع السعر الوارد في العقد إلى أربعة جنيهات، وإلا كان في ذلك تحميل للطرف الآخر، ليس فقط تبعة الارتفاع الفاحش للأسعار بأكمله، بل أيضاً تبعة الارتفاع المألوف. ‏الأمر الثاني: أن القاضي عندما يرفع السعر لا يفرض على الطرف الآخر أن يشتري بهذا السعر، بل يخيره أن يشتري به أو يفسخ العقد.

3. إنقاص الالتزام المرهق: كما إذا تعهد تاجر بتوريد كميات كبيرة من السكر، لمصنع من مصانع الحلوى بالتسعيرة الرسمية، ثم قل المتداول من السكر في السوق إلى حد كبير لحادث طارئ، كحرب منعت استيراد السكر، أو إغلاق بعض مصانع السكر، فيصبح من العسير على التاجر توريد جميع الكميات المتفق عليها؛ فللقاضي في هذه الحالة أن ينقص من هذه الكميات بالقدر الذي يراه كافيا لرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول فيصبح ملتزما بتوريد الكميات التي عينها القاضي لا أكثر[35] .

 المطلب الثاني: تغير قيمة النقود "الوفاء بالقرض":

القرض: هو دفع مال إرفاقا لمن ينتفع به ويرد بدله[36]، ويسمى نفس المبلغ المدفوع على الوجه المذكور قرضا، والدافع للمال: مقرضا، والآخذ: مقترضا ومستقرضا[37]. وعليه إذا ما تغيرت قيمة النقود ارتفاعا أو انخفاضا،أو كسادا، أو انقطع التعامل بها، أو أبطل السلطان العمل بها، وبافتراض تحقق شروط النظرية فإنّ إلزام المدين برد القرض سواء بمثله أو بقيمته يلحق الضرر بأحد الطرفين على نحو يؤدي إرهاقهم دون سبب، لذلك فليس من المطلوب أن يكافأ المحسن بالضرر، وليس المطلوب أن يحسن إليه لأن الإحسان بمثل هذه الحالة يعني الإضرار بالمدين، ومضارة الدائن للمدين بما نشأ له عن العقد من حق غير مشروع بمقتضى عموم قوله عليه السلام: "لا ضرر ولا ضرار" ويعني هذا أن الضرر غير المستحق تجب إزالته إذا وقع أيا كان منشؤه لأنه ظلم، إذن فالمطلوب ألا يضار لا الدائن ولا المدين، وعليه لا بد من حل يرفع الظلم عن الطرفين، وهو توزيع العبء الطارئ بين المتعاقدين يتقاسم كل منهما الضرر الناشئ عن تغير قيمة النقود وهو" الصلح على الأوسط منها  لئلا يختص الضرر من هذا الهبوط بأحد العاقدين"[38]. وبهذا يتقاسم كل من المقرض والمقترض الضرر الناشئ عن تغير قيمة النقود، وهو الحل الذي ترتضيه نظرية الظروف الطارئة،تحقيقا للعدالة بين المتعاقدين، ورفعا للظلم في الالتزامات العقدية وإعادة لتوازن الاختلال التعاقدي[39].

 المطلب الثالث: الجائحة في الثمر "عقد المساقاة والمزارعة"[40]:

الجائحة: هي الآفة التي تهلك الثمار والأموال وتستأصلها[41]، ومن طبيعة الثمار والبقول قبل جنيها، أن تصاب بآفات تقلل من قيمتها أو كميتها، وقد تكون الإصابة بها من الشدة بحيث تكون الخسارة الواقعة بسببها كبيرا خارجا عن النطاق العادي الذي يدخله المتعاقد في حسابه. وعليه فهل يتحمل المشتري هذه الخسارة وحده، أم يرجع بها على البائع، أم يوزع عبء الالتزام بين المتعاقدين، من خلال إعمال نظرية الظروف الطارئة، وذلك رفعا للظلم، وتحقيقا للعدالة، وإعادة للتوازن التعاقدي؟ إن السبيل لرفع الظلم عن العامل هو بإعمال نظرية الظروف الطارئة، لكن أن تكون الجوائح آفات طبيعية " كالبرد، والجراد، والقحط، والنار، والعفن"[42]، وليست من صنع الآدميين، وأن وقت الإصابة بعد بدو صلاحه، وقبل قطفه لحين استطابته، وعليه فإذا أصابت الجائحة الثمر بعد بدو صلاحه وبعد تخلف العامل عن قطفه بعد استطابته، فلا يعمل بالنظرية لأن الضمان على العامل لتقصيره بترك النقل في وقته مع قدرته، وعليه وبافتراض تحقق جميع شروط تطبيق النظرية في الجائحة، فإذا تلف من الثمر قدر خارج عن العادة وضع من الثمن ما يساويه[43]، وإن تلف كل الثمر بطل العقد، ورجع المشتري على البائع بجميع الثمن، وهذا يتوافق مع نظرية الظروف الطارئة، وقد أخذ بهذا مجمع الفقه الإسلامي[44].

العذر في الإجارة أو الزروع:

الإجارة: عقد منفعة مقصودة معلومة، قابلة للبذل والإباحة بعوض معلوم ، وهي من العقود اللازمة التي لا يستقل أحد العاقدين بفسخه،غير أن بقاء العقد على اللزوم مبني على شرط أن لا يحصل منه ضرر للعاقدين، وينقسم هذا الشرط إلى نوعين هما:

1. سلامة المأجور من حدوث عيب فيه يخل بالانتفاع به.

2. عدم حصول عذر يمنع من استيفاء المنفعة إلا بضرر[45].

وعليه فأي ضرر يحصل لأحد المتعاقدين من بقاء العقد على اللزوم، ويكون ناشئا من سبب خارج عن نطاق الالتزام فهو عذر، والعذر: هو العجز عن المضي على موجب العقد إلا بتحمل ضرر زائد لم يستحق بالعقد، ناشئ عن الظرف الطارئ، ويفترض انه ملازم التنفيذ، الالتزام لا ينفك عنه، فيتعين الفسخ طريقا لدفع الضرر[46]، وعليه فالفسخ ليس لذات العذر، إنما لمآله، وهو الضرر غير المستحق في حد ذاته أيا كان منشؤه، ويؤيد هذا ما قرره الشاطبي بقوله "أصل النظر في مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعا"[47]. والعذر قد يكون بجانب المؤجر: كأن يلحقه دين فادح لا يجد قضاءه إلا من ثمن المأجور، وبما أن البيع لا ينفذ إلا بإجازة المستأجر، جعل الدين عذرا في فسخ الإجارة؛ لأن إبقاء الإجارة مع لحوق الدين الفادح العاجل إضرار بالمؤجر؛ لأنه يحبس به ولا يجوز الجبر على تحمل ضرر غير مستحق بالعقد[48]. وقد يكون بجانب المستأجر: إذا أفلس وخرج من السوق، جعل عذرا  في فسخ الإجارة، لأنه لم يعد ينتفع بالمأجور، وبقاء العقد من غير استيفاء المنفعة ضرر لم يلتزمه بالعقد، من كل ما تقدم فإن الحكم بجواز فسخ عقد الإجارة بالعذر الذي يتعذر معه استيفاء المنفعة المقصودة من العقد،سواء كانت المنفعة للمؤجر أو للمستأجر،أو يتعذر معه بقاء العقد على اللزوم،إلا بضرر يلحق أحد طرفي العقد، يتوافق مع نظرية الظروف الطارئة، تحقيقا للعدالة بين المتعاقدين، ورفعا للظلم في الالتزامات العقدية وإعادة لتوازن الاختلال التعاقدي.

 المطلب الرابع: الآثار الاقتصادية لتطبيق نظرية الظروف الطارئة:

بعد هذا العرض لمجمل ما يتعلق نظرية الظروف الطارئة من حيث مفهومها وشروط تطبيقها والأدلة التي نهضت بها، وتكييفها الفقهي، وتطبيقاتها الفقهية، وكيفية معالجاتها للاختلالات العقدية، نستعرض في هذا المطلب أهم الآثار الاقتصادية لنظرية الظروف الطارئة، وذلك على النحو الأتي:

1. حفظ المال والمحافظة عليه:

حفظ المال مقصد من مقاصد الشريعة التي جاءت الأحكام الشرعية لتحقيقها والمحافظة عليها. ولا شك أن المال هو عصب الحياة، لذلك يجب حفظه والمحافظة عليه، وذلك من خلال الأحكام الشرعية التي منها نظرية الظروف الطارئة التي أصلنا أنها نظرية شرعية يحتكم لها عند توفر شروط تطبيقها. وعليه فما هو دور النظرية في حفظ المال؟ إن من وسائل المحافظة على المال التداول  بمعنى أن يكون المال متداولاً بين أيدي الناس جميعاً أو متحرّكاً بأي شكل، وبأي طريقة كالاستثمار. ومن وسائل الاستثمار المبادلات العقدية بين الناس المتمثلة بعقود المعاوضات، هذا ومن المعلوم -وكما مرّ سابقا- أنه يمكن أن يحدث خلل في تنفيذ تلك العقود، يؤدي إلى إلحاق ضرر يرهق أحد طرفي العقد، إذا ما بقي العقد على لزومه، وبالتالي سيؤدي ذلك إلى وقوع خسارة كبيرة غير محتملة، قد تخرج المضرور من التداول، إما لإفلاسه وإما لخوفه من الخسارة مرة أخرى، ولأنه لا يجوز للإنسان أن يخاطر بماله ويعرضه للضياع، ولو عن طريق المعاوضة غير المأمونة العاقبة، لكن حينما يرى المستثمرون أن هناك نظرية تخفف عنهم عبء التزاماتهم في حال حدوث ظروف تؤدي إلى إلحاق خسارة فادحة لا قبل لهم بها، إذا ما بقيت عقودهم على لزومها  فإن ذلك سيدفعهم إلى تداول أموالهم واستثمارها في الأسواق بلا خوف، لأنه أصبح لديهم قناعة بأن النظرية هي بمثابة ائتمان لهم أي تحوط لهم من الخسارات الفادحة التي قد تلحق بهم. إذن فدور النظرية يتمثل بالائتمان الذي يطمئن أصحاب الأموال فيدفعهم إلى تداول أموالهم في السوق، وبهذا إخراج  للمال من دائرة الاكتناز، والدفع به للسوق للاستثمار.

2. المحافظة على البنى التحتية ومصالح الدولة العامة:

تعتبر البنى التحتية المتمثلة في المرافق العامة (الطرق، الجسور، المستشفيات، المدارس، الجامعات ونحوها) من أهم مقومات الدولة، لذا يجب المحافظة عليها حتى تبقى تؤدي دورها الخدماتي للأفراد.وعليه لو أن الدولة عقدت مع مقاول عقد يلتزم فيه بشق طرق كبيرة، وفتح أنفاق في الجبال، وإنشاء جسور عظيمة، مجمعات لدوائر الحكومة أو للسكنى، أو مستشفيات، فحدثت جائحة في البلاد، أو طوفان، أو فيضان، أو زلزال، أدت إلى أضرارا جسيمة ومرهقة، فإن بقي المتعاقد الملتزم على حدود عقده وأسعاره -قبل تبدل الظروف وطروء التغيرات الكبيرة-، ولم يتم تعديل الالتزام مهما تكبد في ذلك من خسائر ماحقة أو ساحقة، فإن ذلك سيلحق أضرارا كبيرة في البنى التحتية، وبالتالي سيؤدي إلى تعطيل الكثير من مصالح الدولة  وتفصيل ذلك كما يلي:

 1. إن عدم تعديل الالتزام الذي هو أحد طرق معالجات النظرية، سيؤدي إلى خروج المقاولين الأمناء الأكفاء من سوق التعامل، ويحل مكانهم غير الأمناء الأكفاء فتقع المنازعات التي تنتهي إلى تعطيل المرافق العامة مع الدولة.

2. أو أن المقاولين سيتحوطون لأنفسهم برفع قيمة العطاءات تحوطا ضد تلك المضار والأخطار المحتملة وتكون النتيجة زيادة الأسعار في كافة العقود الآجلة -المقاولات للدولة- مما يفوت على الدولة فرصة اختيار الأكفاء والأمناء، مما يضطرهم ذلك إلى التعاقد مع المقاولين الأقل كفاءة، كونها أقل سعرا  وهذه كلها نتائج يجب تجنبها، محافظة على المصلحة العامة للدولة، وهذا الدور يمكن أن يكون من خلال إعمال نظرية الظروف الطارئة، بحيث يتقاسم عبء الأضرار الطرفان، فيعيد كفتي الميزان إلى التعادل، ويحقق الإنصاف بقدر الإمكان بين الطرفين، وبهذا نحافظ على بقاء المقاولين الأمناء والأكفاء في السوق، وبالتالي نحافظ على المصالح العامة من التعطيل[49].

3. حماية أصحاب الدخول الثابتة من آثار التضخم.

أصحاب الدخول الثابتة كالموظفين والمتقاعدين ونحوهم ممن تتسم دخولهم بالثبات، وليس لهم موارد أخرى فإن دخولهم ستتأثر بأي حركة للتضخم، فمثلا لو أن الدولة توسعت بعمليات التمويل بالعجز ، فتوسعت بعمليات إصدار النقود، فإن الأسعار سترتفع، وبالتالي لن يستطيعوا مواجهة ارتفاع الأسعار لثبات دخولهم وعليه سيلحقهم أضرار فادحة ترهقهم في حال كانت عليهم التزامات مادية منبثقة عن عقود متراخية التنفيذ إذا ما أمضينا عليهم التزاماتهم بموجب العقد، لكن إن أعملنا النظرية فردت التزاماتهم للحد المعقول، فإن ذلك يحفف من آثار التضخم، بمعنى أن قيمة دخولهم الشرائية لم تتأثر كثيرا. بينما لو لم تعدل التزاماتهم بردها للحد المعقول ستتأخر دخولهم بالتضخم أكثر بكثير من تأثرها به إذا لم تطبق نظرية الظروف الطارئة.

هذه بعض الآثار الاقتصادية التي تنبثق عن تطبيق نظرية الظروف الطارئة على عقود المدينات. العقود المتراخية التنفيذ. ولا أدعي أن هذه كل الآثار، بل قد يكون هناك آثار غيرها، ولكن الذي وفقت لبيانه فإن أصبت فمن الله تعالى، وإن أخطأت فمن نفس والشيطان. والحمد لله رب العالمين.

 النتائج والتوصيات

النتائج:

بعد حمد الله تعالى وشكره على ما منّ به علينا من كتابة وعرض ما تمّ في هذه الورقة، نبين أهم النتائج التي وصل الباحث إليها في هذه الورقة وهي ما يلي:

1. إن القواعد الفقهية تسهم في استخراج الأحكام الشرعية لما يستجد من نوازل ومسائل طارئة بأيسر الطرق، وأقربها، لأن بها تعرف مقاصد الشريعة وأسرارها، وعلل الأحكام.

2. إن نظرية الظروف الطارئة المستخلصة من مجموعة من القواعد الفقهية الكبرى لها دور كبير في تخفيف الكثير من الآثار الضارة التي قد تلحق بطرفي العقد نتيجة لتغير الظروف.

3  نظرية الظروف الطارئة يمكن أن تكون بمثابة ائتمان (أي أداة تحوطية) شرعية، للمستثمرين تخفف من عبء خساراتهم التي قد تحدث بسبب ظروف طارئة. كما ويمكن أن تسهم في معالجة آثار التضخم بالنسبة لأصحاب الدخول المحدودة.

4. يمكن اعتبار نظرية الظروف الطارئة أسلوبا من أساليب تحقيق العدالة بين المتعاقدين، ورفع الظلم في الالتزامات العقدية، وإعادة لتوازن الاختلال التعاقدي.

 التوصيات:

يمكن أن يوصي الباحث بما يلي:

1. على كل فقيه ومجتهد ومفتي دراسة القواعد الفقهية وذلك لها أهمية كبرى لكل منهم، لأنها تيسر لهم تتبع جزئيات الأحكام واستخراجها من موضوعاتها المختلفة وحصرها في موضوع واحد  وبذلك يتفادى التناقض في الحكام الشرعية المتشابه.

2. تطبيق نظرية الظروف الطارئة في ظل اقتصاد يرتكز على كم هائل من الالتزامات الآجلة والتي يجب أن تحترم، وأن تحمى من التغيرات الفادحة في القوة الشرائية للنقود.

3. أن ينص في العقود الآجلة على الاحتكام إلى نظرية الظروف الطارئة في حال حدوث ظروف طارئة قاهرة تخل بالتزامات طرفي التعاقد.

 

(*) بحث مقدم للملتقى الدولي الأول لمعهد العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير بعنوان: (الاقتصاد الإسلامي: الواقع ورهانات المستقبل) والذي عقده المركز الجامعي بغرداية - الجزائر في الفترة 23-24/ 2/ 2011م.

 الهوامش:


[1]  الأصفهاني، الراغب: المفردات في غريب القرآن، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر،  1961، ص 409.

[2]  الجرجاني، علي بن محمد الشريف: كتاب التعريفات، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، 1983، ص177، باب القاف.

[3] الزرقا، مصطفى: المدخل الفقهي العام، مطبعة جامعة دمشق، السابعة، 1963، ج2، ص941.

[4]  البورنو، محمد صدقي بن أحمد، أبو الحارث الغزي: موسوعة القواعد الفقهية، مؤسسة الرسالة، ط1، 2003، القسم الأول، ج1، ص22.

[5]  الحموي، أحمد بن محمد: غمز عيون البصائر شرح الأشباه والنظائر، ط1، دار الطباعة العامرة، القاهرة، 1357، ج1، ص22.

[6]  القرافي، شهاب الدين أحمد بن إدريس، تهذيب الفروق، دار المعرفة، بيروت، ج1، ص36.

[7]  البورنو، أبو الحارث الغزي: موسوعة القواعد الفقهية، مرجع سابق، ج1، ص22.

[8]  المرجع السابق، ج1، ص3637، بتصرف.

[9]  صحيح الإسناد على شرط مسلم: انظر: الحاكم المستدرك، ج2، ص57.

[10] أخرجه أبو داود والحاكم من حديث أبي هريرة، والترمذي والحاكم من حديث عمرو، والدارقطني والحاكم من حديث أنس، وابن أبي شيبة مرسلا عن عطاء، وفي رواية الترمذي زيادة: إلا شرطا حرم حلالا وأحل حراما. كذا في "التلخيص".

 [11] رواه البخاري.

[12]  الندوي، علي أحمد: القواعد الفقهية، دار القلم، دمشق، ط3، 1994، ص282 وما بعدها بتصرف.

[13]  متفق عليه.

[14] أبو شيت، أحمد حشمت:  نظرية الالتزام في القانون المدني الجديد، ط2، 1954، ج1، ص316.

[15] قباني، محمد رشيد: نظرية الظروف الطارئة في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي، مجلة المجمع الفقهي الإسلامي،ع2.

[16] منصور، محمد خالد: تغير قيمة النقود وتأثر ذلك بنظرية الظروف الطارئة في الفقه الإسلامي المقارن، مجلة دراسات/ علوم الشريعة والقانون، م25، ع1، ص153، 1998.

[17] الدريني، فتحي، النظريات الفقهية "نظرية الظروف الطارئة" ، ط2، 1997، منشورات جامعة دمشق، ص153.

[18] الدريني، فتحي، النظريات الفقهية، مرجع سابق، ص157.

[19] السبهاني، عبد الجبار، محاضراته في جامعة اليرموك، النظريات الفقهية، 15/ 12/ 2003، بتصرف.

[20] خضير، إحسان ستار: نظرية الظروف الطارئة وأثر اختلال التوازن الاقتصادي في تنفيذ العقود، 1997 www.malak-rouhi.com/vb/showthread.

[21] السبهاني، عبد الجبار، محاضراته في جامعة اليرموك، النظريات الفقهية، 15/ 12/ 2003، بتصرف.

[22] الدريني، فتحي، النظريات الفقهية، مرجع سابق، ص166.

[23] رواه مسلم.

[24] القرطبيُّ، أبو العبَّاس أحمَدُ بنُ الشيخِ: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، ج14، ص59.

[25] رواه مسلم.

[26] النووي، يحيى بن شرف الدين: شرح صحيح مسلم، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط2، 1392، ج10، ص216-217.

[27] رواه البخاري.

[28] الشوكاني، محمد بن علي بن محمد: نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار شرح منتقى الأخبار، إدارة الطباعة المنيرية، ج5، ص240.

[29] المرجع السابق، 140 بتصرف.

[30] منصور، محمد خالد: تغير قيمة النقوط وتأثر ذلك بنظرية الظروف الطارئة في الفقه الإسلامي المقارن، مرجع سابق، ص154.

[31] الدريني، فتحي، النظريات الفقهية، مرجع سابق، ص150.

48 حطاب، كمال توفيق، نحو سوق مالية إسلامية، بحث منشور في المكتبة الشاملة، ص9.

[33] بيع التقسيط: هو ما يُعجل فيه المبيع ويتأجل فيه الثمن كله أو بعضه على أقساط نجوم معلومة الآجال معلومة، وهذه الأقساط قد تكون منظمة لمدة أو غير ذلك.

عقد السلم: بيع موصوف في الذمة ببدل يُعطى عاجلاً.

عقد الاستصناع: عقد يشترى به في الحال شيء مما يصنع صنعاً يلتزم البائع بتقديمه مصنوعاً بمواد من عنده بأوصاف مخصوصة وبثمن محدد.

عقد التوريد: عقد على موصوف في الذمة يدفع جملة، أو مقسطاً في زمن ومكان معينين بثمن معلوم مؤجل جملة أو أقساطاً.

عقد المقاولة: عقد يتعهد أحد طرفيه بمقتضاه بأن يصنع شيئاً، أو يؤدي عملاً مقابل بدل يتعهد الطرف الآخر، وهو عقد جائز سواء قدم المقاول العمل والمادة وهو المسمى عند الفقهاء بالاستصناع، أو قدم المقاول العمل وهو المسمى عند الفقهاء بالإجارة على العمل.

[34] مجلس الفقه الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي، الدورة الأولى، 1398، ص99-104.

35 شليبك أحمد الصويعي: المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية، نظرية الظروف الطارئة أركانها وشروطها، 3، ع2، 2007، ص189.

[36] البهوتي، منصور بن يونس: كشاف القناع عن متن القناع، بيروت، دار الفكر، (د،ط)، 1982، ج3، ص312.

[37] حماد، نزيه: معجم المصطلحات الفقهية في لغة الفقهاء، مرجع سابق، ص224.

[38] ابن عابدين، تنبيه الرقود في مسائل النقود، ص66.

[39] منصور، محمد خالد: تغير قيمة النقود وتأثر ذلك بنظرية الظروف الطارئة في الفقه الإسلامي المقارن، مرجع سابق، ص155 بتصرف.

[40] عقد المزارعة: معاقدة على الزرع بين أصحاب الأرض وبين المزارع على أن يقسم الحاصل بينهما بالحصص التي يتفقان عليها وقت العقد.

وأما عقد المساقاة: معاقدة على دفع الشجر والكروم إلى من يصلحها بجزء معلوم من ثمرها.

[41] الشرباصي، أحمد: المعجم الاقتصادي الإسلامي، دار الجيل، 1981، ص102.

[42] مالك، بن أنس بن مالك بن عامر، المدونة الكبرى، تحقيق: زكريا عميرات، دار الكتب العلمية بيروت، لبنان، ج3، ص590.

[43] مالك، بن أنس بن مالك بن عامر، المدونة الكبرى، مرجع سابق، ج3، ص587.

[44] انظر: قرارات مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، 1398، 1405، ص99-104.

[45] الترمانيني، عبدالسلام: نظرية الظروف الطارئة، مرجع سابق، ص47.

[46] الدريني، فتحي: النظريات الفقهية، مرجع سابق، ص179.

[47] الشاطبي، أبو إسحاق إبراهيم بن موسى اللخمي: الموافقات في أصول الشريعة، ج3، ص198.

[48] الترمانيني، عبد السلام: نظرية الظروف الطارئة، مرجع سابق، ص50.

[49] منتديات القانون الجزائري/ نظرية الظروف الطارئة، - lagh.ahlmontaada.com   doriit، بتصرف.