الموضوع : أهل السنة والجماعة

رقم الفتوى : 3985

التاريخ : 09-07-2025

السؤال :

من هم أهل السنة والجماعة؟

الجواب :

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله 

أهل السنة والجماعة مصطلح يطلق على السَّواد الأعظم من الأمة الإسلامية، وهم كل مَن خلت أقوالهم في أصول الدين من مختلف صنوف البدع: كالقول بـ(قِدَم العالم)، ونفي المعاد الجسماني، والجَبْر وهو نفي اختيار العباد فيما يفعلون، والقَدَر وهو نفي علم الله تعالى بما يقع من حوادث، والقول بأن العباد يخلقون أفعالهم، والرَّفْض وهو بغض أبي بكر وعمر والصحابة رضي الله عنهم، والنَّصْب وهو بغض علي رضي الله عنه وآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، والتجسيم والتشبيه ووصف الله تعالى بصفات المخلوقين ولوازم ذلك من المحالات والنقائص، والتعطيل وهو نفي صفات الله تعالى مما اتفق أهل السنة على وجوب إثباتها لله تعالى، والخروج وهو مفارقة جماعة المسلمين وتكفيرهم وقتلهم. قال ابن نجيم رحمه الله: "أصول الهوى ستةٌ: الجبر والقدر، والرفض والخروج، والتشبيه والتعطيل" [البحر الرائق 18/ 307].

وكذلك أصحاب المذاهب المعتبرة في فروع الدين هم الذين يلتزمون بأصول الاجتهاد والاستدلال المستند إلى الأدلة المعتبرة؛ كالكتاب والسنة والإجماع والقياس والاستحسان والاستصحاب والمصالح المرسلة، وتخلو مذاهبهم من شذوذ ومناقضة للنصوص الشرعية؛ كالأئمة الأربعة: أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، وأتباعهم من العلماء المشهود لهم بالعلم والتمسك بنصوص الكتاب والسنة وما أجمع عليه العلماء فهمًا وعملاً.

وقد استقرت كلمة العلماء على أن الأشاعرة والماتريدية وفضلاء الحنابلة هم من يمثلون مذهب أهل السنة والجماعة، قال تاج الدين السبكي رحمه الله: "وهؤلاء الحنفيّة والشافعيّة والمالكية وفضلاء الحنابلة -وللَّه الحمد- في العقائد يدٌ واحدة كلهم على رأي أهل السنَّة والجماعة، يدينون اللَّه تعالى بطريق شيخ السنّة أبي الحسن الأشعري رحمه اللَّه" [معيد النعم ومبيد النقم/ ص62].

وقد أثنى العلماء على أبي الحسن الأشعري وأجادوا بتقريراته؛ إذ كان صاحب سنة ومنهج معتدل، مستمدّ من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة الكرام رضي الله عنهم، وكان في زمن استفحل فيه أمر المعتزلة والفلاسفة الذين يُقَدِّمُون معطياتِ عقولهم على نصوص الكتاب والسنة، فتصدى لهم وأبطل حججهم، قال الإمام تاج الدين السبكي رحمه الله: "اعلم أن أبا الحسن لم يبدع رأياً، ولم ينشئ مذهباً، وإنما هو مقرر لمذاهب السلف مناضل عمّا كانت عليه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالانتساب إليه إنما هو باعتبار أنه عقد على طريق السلف نطاقاً، وتمسك به وأقام الحجج والبراهين عليه، فصار المقتدى به في ذلك السالك سبيله في الدلائل يسمى أشعرياً" [طبقات الشافعية الكبرى 3/ 365].

وعليه؛ فكل من كان على هذه العقيدة، فهو من أهل السنة والجماعة، وباقي الفرق الإسلامية يسعهم الإسلام، فلا يجوز الطعن فيهم والانتقاص منهم، ولا تكفيرهم، والأولى بالمسلم أن يترك أمر المناقشة في المسائل العلمية بين الفرق الإسلامية للعلماء المختصين، وليس للعامة من الناس. والله تعالى أعلم.