الموضوع : من الصور المحرمة في إتلاف الدجاج المريض

رقم الفتوى : 3641

التاريخ : 08-09-2021

السؤال :

ما حكم إتلاف الدجاج المريض عن طريق طحنه بكابسات النفايات كما هو متداول في أحد الفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي؟

الجواب :

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله 

الإسلام دين الرحمة والرفق، وقد جاء النبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة للعالمين، قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]، وهذه الرحمة شملت الإنسان والحيوان، بل جميع المخلوقات.

وتدلّ نصوص الشريعة الإسلامية على وجوب الإحسان والرفق في كل شيء، حتى في شأن الحيوان، وأخبرنا عليه الصلاة والسلام أن رجلاً دخل الجنة بسبب إحسانه لكلب، حيث قال عليه الصلاة والسلام: (دَنَا رَجُلٌ إِلَى بِئْرٍ فَنَزَلَ فَشَرِبَ مِنْهَا وَعَلَى الْبِئْرِ كَلْبٌ يَلْهَثُ فَرَحِمَهُ فَنَزَعَ إِحْدَى خُفَّيْهِ فَغَرَفَ لَهُ فَسَقَاهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فأدخله الجنة) رواه ابن حبان.

ولذلك فقد حرّم الشرع الحنيف تعذيب الحيوان، أو إيذاءه بأي طريقة مهما كانت، سواء قبل ذبحه أو أثناء ذلك؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، ولْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ) رواه مسلم.

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: مرّ النبيّ صلى الله عليه وسلم برجل وهو يجرّ شاة بأذنها، فقال: (دَعْ أُذُنَهَا، وَخُذْ بِسَالِفَتِهَا) رواه ابن ماجه، وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحدّ الشفار، وأن توارى عن البهائم، وقال: (إِذَا ذَبَحَ أَحَدُكُمْ، فَلْيُجْهِزْ) رواه ابن ماجه، وجاء في سنن الدارقطني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أحد الصحابة على جمل أورق يصيح في فجاج منى: (أَلا إِنَّ الذَّكَاةَ فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ, أَلا وَلا تَعْجَلُوا الأَنْفُسَ أَنْ تَزْهَقَ) سنن الدارقطني.

وعليه؛ فالتخلص من الدجاج الحي بواسطة كابسات النفايات محرم شرعاً، فإن كان الدجاج سليماً فيحرم إتلافه؛ لما فيه من تضييع المال بقتل حيوان مأكول لغير قصد الأكل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَتَلَ عُصْفُورًا فَمَا فَوْقَهَا بِغَيْرِ حَقِّهَا، سَأَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ)، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا حَقُّهَا؟ قَالَ: (حَقُّهَا أَنْ تَذْبَحَهَا فَتَأْكُلَهَا، وَلَا تَقْطَعْ رَأْسَهَا فَيُرْمَى بِهَا) رواه النسائي، ولما فيه من التعذيب الشديد للدجاج، وأشبه بالقتل صبراً بأن يمسك الحيوان في حالة كرب شديد وضيق حتى يموت، وقد سبق بيان ذلك في قرار مجلس الإفتاء الأردني رقم (20).

وأما إن كان الدجاج مصاباً بمرض ولا يصلح أكله، واستدعت الحاجة التخلص منه لتفادي نقل الأمراض للإنسان أو للحيوانات، فيمكن ذبحه أولاً، ومن ثمّ التخلص منه عن طريق كابسات النفايات.

كما أننا نهيب بالمسؤولين منع مثل هذه التصرفات وتوجيه القائمين على إتلاف الدجاج إلى الطرق التي لا يكون فيها تعذيب للدجاج في حال استدعت الحاجة إلى التخلص منه. والله تعالى أعلم.