الموضوع : على المسلم أن لا يتعجل استجابة دعائه

رقم الفتوى : 3223

التاريخ : 18-09-2016

السؤال :

أشعر أنني غير مستجاب الدعوة لأسباب لا أعرفها. فما حكم ذلك؟

الجواب :

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله 

ينبغي على المسلم أن يحسن ظنه بالله تعالى، ويعلم أن الله تعالى قريب من عباده رؤوف رحيم.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ يَقُولُ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا دَعَانِي) رواه مسلم.

فحسن الظن بالله تعالى قربة يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى، تفتح له أبواب الخير والتيسير والرحمة؛ لأن الله تعالى يعاملنا على حسن ظننا به، وقد روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ مَا أُعْطِيَ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ شَيْئًا قَطُّ بَعْدَ الْإِيمَانِ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَفْضَلَ مِنْ أَنْ يُحْسِنَ ظَنَّهُ بِاللهِ وَاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ لَا يُحْسِنُ عَبْدٌ بِاللهِ ظَنَّهُ إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ إِيَّاهُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْخَيْرَ بِيَدِهِ) رواه البيهقي.

والمسلم إن تفكر في رحمة الله تعالى به وتوفيقه له ازداد قرباً منه، فمن توفيقه له أن عرفّه على أصحاب الدعوة المستجابة، ودله على طريق الخير، ويسر له أمور دينه ودنياه، وميزه عن بني جنسه ممن لا يعرف طريقاً إلى الله تعالى، فإذا عرف ذلك وتفكر فيه ازداد يقينه بالله تعالى وأقبل على الله تعالى بالدعاء والتضرع. 

قال الله تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) البقرة/ 186.

ويتنبه إلى أن استجابة الدعاء لا يلزم منها إعطاء السائل عين ما سأله، بل قد يدخرها الله تعالى له إلى يوم القيامة، أو قد يدفع عنه مصيبة في الدنيا؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلاثٍ: إِمَّا أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ دَعْوَتَهُ، وَإِمَّا يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ وَإِمَّا أَنْ يَكْشِفَ عَنْهُ السُّوءَ بِمِثْلِهَا) رواه ابن أبي شيبة.

واحذر من أن تقنط من رحمة الله تعالى، بل ألح على الله عز وجل بالدعاء؛ فالدعاء عبادة تظهر فيها فقرك وذُلّك لله تعالى، وعليك أن لا تتعجل الإجابة، قال صلى الله عليه وسلم :(لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ، مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ), قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الِاسْتِعْجَالُ؟، قَالَ: (يَقُولُ: يَا رَبِّ قَدْ دَعَوْتُ، وَقَدْ دَعَوْتُ، فَمَا أَرَاكَ تَسْتَجِيبُ لِي، فَيَدَعُ الدُّعَاءَ) رواه مسلم.

وعليه؛ فاستجابة الدعاء هو فضل من الله تعالى يمنّ به على عباده المقبلين عليه، ولا علاقة له بكثرة الأعمال، كما لا يلزم منه إعطاء السائل عين ما سأله، فعلى المسلم أن يكثر من الدعاء لله تعالى بنفسه، أو يطلب من غيره الدعاء له؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ) أخرجه أبو داود والترمذي. والله تعالى أعلم.