اسم المفتي : لجنة الإفتاء

الموضوع : حكم اللعب بألعاب الكمبيوتر المحتوية على ذوات الأرواح

رقم الفتوى : 2783

التاريخ : 28-03-2013

السؤال :

ما حكم اللعب بألعاب الكمبيوتر المحتوية على ذوات الأرواح؛ كالإنسان والحيوان، على أساس أنها نوع من التصوير، وهل حكم الكبار في هذه المسألة نفس حكم الصغار؟

الجواب :

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
لم يُحرِّم الإسلامُ اللعب للترويح عن النفس، سواء كانت تلك الألعاب يدوية أم إلكترونية، وإنما حَدَّدَ للَّعب والألعاب ضوابط شرعية سبق تفصيلها وبيانها في موقعنا في الفتوى رقم: (896).
وأما اشتمال الألعاب على صور ذوات الأرواح فليس بموجب للتحريم؛ لأسباب كثيرة، منها:
أولاً: أنها ألعاب صغار في الأصل، وقد ورد في الشريعة التخفيف وجواز استعمال الصور في لعب الأطفال، قياسًا على إجازة النبي صلى الله عليه وسلم اللعب بصور البنات لعائشة رضي الله عنها، كما في "الصحيحين" عن عائشة رضي الله عنها أنّها كانَتْ تَلْعَبُ بِالبَنَاتِ عِنْدَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم. وفي رواية لمسلم: "كنت ألعب بالبنات في بيته، وهنَّ اللُّعب". قال القاضي عياض: فيه جواز اللعب بهن. قال: وهن مخصوصات من الصور المنهي عنها لهذا الحديث.
والألعاب الإلكترونية صُنعت للناشئة، فإذا لعب بها بعض البالغين فمن باب التبع الذي يُتسامح فيه؛ والقاعدة الفقهية تقول: "يجوز تبعًا ما لا يجوز استقلالاً". فما دام أصل هذه الألعاب مرخصًا به في شريعتنا؛ فلا ينبغي تحريم استعمالها أو النظر إليها ومتابعتها على البالغين مطلقًا.
ثانيًا: ثم إن الرسوم والصور في الألعاب الإلكترونية كثيرًا ما تكون غير حقيقية، فليس لها نظير من ذوات الأرواح والمخلوقات الحقيقية، وهذا النوع من الصور يجيزه كثير من العلماء؛ لعدم انطباق الأحاديث النبوية الواردة في التحريم عليها. كما ثبت في السنة النبوية جواز استعمال الصور إذا كانت ناقصة الخلقة نقصًا لا تمكن حياة ذي الروح معه، كناقص الرأس أو النصف أو نحو ذلك.

واستدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عائشة رضي الله عنها بتقطيع الثوب الذي كان عندها وفيه تصاوير، فقطعته فجعلته وسادتين يجلس عليهما النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث في "الصحيحين" وغيرهما، ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن جبريل عليه السلام قال للنبي صلى الله عليه وسلم: "فَمُرْ بِرَأْسِ التِّمْثَالِ الذي بِالبابِ فَلْيُقْطَعْ؛ فَلْيُصَيَّرْ كَهَيْئَةِ الشَّجَرَةِ" رواه الترمذي وقال: حديث حسن. وعن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: "الصُّورَةُ الرَّأْسُ؛ فإذا قُطِعَ الرَّأْسُ فَلَيْسَ بِصُورَةٍ" رواه البيهقي في "السنن الكبرى".
وقاس عليه العلماء رسم ذوات الأرواح التي فقدت أي جزء من بدنها لا تعيش بدونه؛ كالجزء السفلي من البدن.
يقول ابن حجر الهيتمي رحمه الله: "كفقدِ الرأس فَقْدُ ما لا حياة بدونه، نعم يظهر أنه لا يضر فقد الأعضاء الباطنة كالكبد وغيره؛ لأن الملحظ المحاكاة وهي حاصلة بدون ذلك" انتهى من "تحفة المحتاج".
وقالوا أيضًا: يجوز رسم ذوات الأرواح إذا مُحيت عنها تعابير الوجه، قياسًا على الحديث السابق، كما جاء في كتب الحنفية: "لو محي وجه الصورة فهو كقطع الرأس" يعني تُستثنى من الكراهة، ينظر: "البحر الرائق" (2/ 31).
وفي جميع الأحوال، ننصح شباب المسلمين بالاشتغال بالأعمال النافعة، وتحقيق النجاحات والإنجازات؛ فالحياة قصيرة، والمهام والواجبات أكبر بكثير من الأوقات، وفي موقف الحساب بين يدي الله سيُسأل كلٌّ منّا عن عمره فيم أفناه؛ فلنُعِدَّ للسؤال جوابًا. والله أعلم.