حماية النبي لحقوق الإنسان

أضيف بتاريخ : 06-07-2017


حماية النبي صلى الله عليه وسلم لحقوق الإنسان

المفتي الدكتور حسان أبوعرقوب

الناظر في سيرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، يلحظ الإنسانَ الذي يحمي حقوق الإنسان، فالكرامة الإنسانية هي محور التشريعات التي جاء بها النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم، ويكفينا تدليلاً على ذلك قول الله تعالى: الذي نزل على رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم (ولقد كرمنا بني آدم) الإسراء/70، وسنمرّ سريعاً بأمثلة تدلّ على أن هذا النبي قد جسد منظومة ترعى حقوق الفئات الأكثر عرضة للانتهاك، وهم: المرأة، والأشخاص ذوو الإعاقة، والأطفال، وكبار السن.
أولاً: حقوق المرأة:

لقد كانت الأحكام التي جاء بها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ثورة حقيقية في تحرير المرأة وصون كرامتها، فقد نظر إليها على أنها الأم التي جعلت الجنة تحت قدميها، والأخت التي بوصلها يصلنا الله، والبنت التي إن أحسنا تربيتها أدخلتنا الجنة، والزوجة التي أمر بإكرامها ورعايتها.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) رواه الترمذي وابن ماجه. وفي حجة الوداع أوصى المسلمين بقوله: (أَلَا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا) رواه الترمذي.
ثانياً: حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة:

عامل النبي صلى الله عليه وسلم الأشخاص ذوي الإعاقة كأي فرد في المجتمع، فلم ينظر إليهم على أنهم أقل من غيرهم، أو أنهم عالة على الآخرين، فعبد الله بن أم مكتوم (الضرير) يؤذن بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي مهمة غاية في الحساسية، إذ تعتمد على معرفة الوقت، والوقت يعرف بالبصر غالباً، لكن فقدان البصر لم يكن عائقاً لهذا الصحابي، حيث كلف بالمهمة التي تناط بالمبصرين عادة. بالإضافة أنه شارك في معركة القادسية وحمل الراية.

نعم راعى الإسلام أصحاب الأعذار، ورفع الحرج عنهم، ولم يكلفهم فوق طاقتهم، ولكنه في الوقت نفسه لم يثبط عزائمهم، ولم يشعرهم بالدونية عمن حولهم. وندب إلى مساعدة من يحتاج إلى مساعدة منهم. وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم أشد التحذير، من تضليل الكفيف عن طريقه، أو إيذائه، عبثاً أو سخرية، أو استهزاء فقال: (مَلْعُونٌ مَنْ كَمَهَ أَعْمَى عَنْ طَرِيقٍ) رواه أحمد. أي أضله عنه، أو دله على غير مقصده.

ثالثاً: حقوق الطفل:

أرسى النبي صلى الله عليه وسلم حقوق الطفل وهو جنين في بطن أمه، حيث أوجب المحافظة على حياته، والدية عند الاعتداء عليها، ثم ندبنا إلى أن نحسن تسميته، وأن نعقّ عنه فرحاً بقدومه، وأن نحسن تربيته، وتعليمه، ورعايته، والإنفاق عليه. كما أمرنا ألا نميز بين الأولاد كي نحافظ على صحتهم النفسية.

وأمرنا بالمحافظة على أموالهم، ورعاية صحتهم، حتى وصل الأمر إلى التنبيه على معانقتهم وتقبيلهم، فقد قَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَعِنْدَهُ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ جَالِسًا، فَقَالَ الأَقْرَعُ: إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنَ الوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: (مَنْ لاَ يَرْحَمُ لاَ يُرْحَمُ) متفق عليه.

رابعاً: حقوق كبار السن:

احترام كبار السن وتوقيرهم وتقديرهم أمر ملحوظ في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد بين لنا أن المؤمن يعرف شرف الكبير وقيمته، ويقدمه في الصلاة، وفي الطعام والشراب، وينبغي مساعدته إن احتاج، والإنفاق عليه إن أعسر، ومداواته إن مرض، والمحافظة على ماله إن عجز عن ذلك، فاحترام كبار السن دلالة الإيمان، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا) رواه الترمذي. والحمد لله.