أضيف بتاريخ : 20-03-2014

 

قرار رقم: (78) حكـم بيع المصـوغ من الذهب بجنسه متفاضـلاً

بتاريخ: 27/ 4/ 1425هـ ، الموافق: 16/ 6/ 2004م

 

 ورد إلينا سؤال يقول فيه صاحبه:

ما حكم هذه المعاملة، وهي أن يقوم صاحب المشغل بتقديم وزن معين من الذهب المصنع كقرض إلى صحاب المحل مقابل أجرة معينة ثم يقوم صاحب المحل، بسداد القرض ذهباً غير مصنع بنفس الوزن الذي اقترضه على دفعات إلى صاحب المشغل، بالإضافة إلى الأجرة المتفق عليها ؟

 الجواب وبالله التوفيق:

رأى المجلس جواز بيع المصوغ من الذهب بجنسه متفاضلاً، ويجعل الزائد في مقابل الصنعة، سواء كان البيع حالاً أو مؤجلاً(1) ما لم يقصد به الأثمان، وإلى هذا ذهب الإمامان ابن تيمية وابن القيم، وبه قال الحسن وإبراهيم والشعبي ومعاوية بن أبي سفيان والحسن البصري.

ومن الأدلة على ذلك:

1- أن الحلية المباحة من الذهب صارت بالصنعة المباحة من جنس الثياب والسلع لا من جنس الأثمان، فلا يجري فيها الربا لأنها خرجت عن مقصود الأثمان، وأعدت للتجارة، فلا محذور في بيعها بجنسها بالتفاضل.

2- الذهب المصوغ يفضل الذهب غير المصوغ بالصنعة، لهذا جاز بيعه متفاضلاً، ويجعل الزائد في مقابل الصنعة.

3- القول بمنع هذا النوع من البيع فيه تعطيل لمصالح العباد، لأن هذا يعني أن يتوقف الذين يصوغون الذهب عن عملهم لكونهم لا يستفيدون شيئاً مقابل جهدهم في الصنعة إذا كانوا سيبيعون الذهب بمثله دون أي تفاضل.

4- تحمل أحاديث النهي عن بيع الذهب ببعضه متفاضلاً في حالة ما إذا قصد به الأثمان لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الذهب بالذهب وزنا ً بوزن مثلاً بمثل فمن زاد أو استزاد فهو ربا)(2)؛ وذلك لأن علة تحريم الربا في الذهب والفضة الثمنية فإذا خرجا عن كونهما أثماناً جاز بيع بعضها ببعض متفاضلين.

كما تحمل أحاديث النهي أيضا على ما حرم استعماله من الذهب والفضة، كالآنية، ولبس الذهب للرجال، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الأكل في آنية الذهب والفضة، ونهيه عن لبس الذهب للرجال.

وتحمل أحاديث النهي أيضاً على ما لم تدخل فيه صنعة الإنسان، كالتمر، فإن رديء التمر وجيده من صنع الله عز وجل، ولا أثر لصنعة الإنسان فيه، لذا حرم بيع بعضه ببعض متفاضلاً.

ويدل على هذا حديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلاً ـ اسمه سواد بن غزية ـ على خيبر، فجاء بتمر جنيب ـ أي طيب ـ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكل تمر خيبر هكذا؟ فقال: لا والله يا رسول الله إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تفعل بع الجمع ـ أي التمر الرديء ـ بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيباً)(3).

ومع قولنا بالجواز في هذا الموضوع إلا أنه ينبغي الأخذ بالأحوط وذلك بعدم التعامل في هذا النوع من المعاملة إلا عند الضرورة، وبقدر ما تدعو إليه الحاجة. والله تعالى أعلم.

 

 

 

رئيس مجلس الإفتاء

قاضي القضاة / عز الدين الخطيب التميمي

د. عبدالسلام العبادي

د. يوسف علي غيظان

د. واصف البكـــري

الشيخ سعيد الحجاوي

الشيخ عبد الكريم الخصاونة

د. محمد أبو يحيــى

 

 

(1) هذا مخالف لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا سواء بسواء) وفي رواية:( الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ رِبًا إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ) [متفق عليه]، والحديث أطلق الذهب ولم يقيده بكونه مصوغا أو لا، فلا ينظر إلى الصفة، والمخرج من هذا أن يباع المصاغ الذهب أولا بالدنانير الأردنية أو أي شيء آخر غير الذهب ويقبض الثمن، ثم يشترى به الذهب المراد شراؤه، خروجا من إثم الربا بدليل حديث أبي سعيد الخدري الذي سيأتي ذكره والله أعلم.

 

 

(2) رواه مسلم في صحيحه، كتاب المساقاة، باب الربا، حديث رقم (1588) من حديث أبي هريرة.

(3) رواه البخاري في صحيحه، كتاب البيوع، باب إذا أراد بيع تمر بتمر خير منه، حديث رقم (2201). ورواه مسلم في صحيحه، كتاب المساقاة، باب بيع الطعام مثلاً يمثل، حديث رقم (1593).