أضيف بتاريخ : 02-11-2015

 

قرار رقم: (109) حكم الدخان وبيعه

بتاريخ: 3/ 5/ 1427هـ ، الموافق: 30/ 5/ 2006م

 

 ورد إلينا سؤال يقول فيه صاحبه:

ما مدى مشروعية بيع السجائر والأراجيل والتمباك بأنواعه، وتأجير المحلات التجارية لذلك؟

 الجواب وبالله التوفيق:

رأى المجلس أن التبغ (الدخان) والتمباك لم يكن معروفاً في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا في عهد صحابته ـ رضي الله عنهم ـ، ولا في عهد أئمة المذاهب المجتهدين، وإنما عرف التبغ في القرن الحادي عشر الهجري، ولعدم وجود نص شرعي بتحريمه، ولكونه لا يسكر، فقد اختلف العلماء في حكمه ما بين الإباحة والكراهة والتحريم، وذلك حسب نظرتهم إلى الضرر الذي يحدثه.

هذا وقد أثبتت الدراسات بأن التدخين أضراره كثيرة على الصحة والبيئة والمجتمع والاقتصاد، فهو يحتوي على مادة النيكوتين السامة، ونسبة المصابين بالأمراض وخاصة مرض السرطان بسبب التدخين عالية. ويتعدى ضرره إلى غير المدخنين المتواجدين في الأماكن التي يشرب فيها الدخان أو التمباك، حيث إنهم يستنشقون الدخان ويدخل إلى أجسامهم مع الهواء الذي يتنفسونه، ويتأذون من رائحته الكريهة، وضرره على الاقتصاد كبير لما فيه من الإسراف والتبذير، لقوله تعالى: (وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)    [الأنعام/141] وقال أيضاً: (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ)   [الإسراء/27] ففي الأردن وحده كما أفادت المصادر المعنية زادت الخسائر جراء التدخين عن مليار وخمسمائة مليون دينار سنوياً.

ونظراً لذلك فإن مجلس الإفتاء يرى أن التدخين مما عمت به البلوى. ويتأكد تحريمه على كل شخص ثبت بأن التدخين يؤدي إلى إلحاق ضرر كبير به، أو يؤخر في شفائه قال الله تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) [النساء/29]. كما يتأكد التحريم في حق كل شخص ينفق ما لديه من مال على التدخين ويحرم نفسه ومن هو مكلف بإعالتهم مما هو ضروري لمعيشتهم كالطعام والشراب واللباس وأجرة السكن والدواء والتعليم لقوله صلى الله عليه وسلم: (كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول)(1).

كما يتأكد تحريم الدخان في الأماكن العامة، كالمساجد والمستشفيات والحافلات والسيارات والمدارس والأماكن التي يتواجد فيها غير المدخنين، لأنه يحرم على المسلم أن يؤذي ويضر غيره قال عليه السلام: (لا ضرر ولا ضرار)(2) وقال ايضاً: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) (3) ونظراً للأضرار الجسمية الآنفه الذكر التي تلحق بالصحة والبيئة والمجتمع والاقتصاد نتيجة التدخين: فإن مجلس الإفتاء يرى وجوب مكافحة التدخين بالوسائل المتاحة، وتحريم الترويج والإعلانات التشجيعية للتدخين.

 ولذلك كله فإن مجلس الإفتاء ينصح (4) بعدم بيع الدخان والتمباك والأرجيلة وتأجير المحلات التجارية، سواء لغايات البيع أو الاستخدام والشرب. والله تعالى أعلم.

 

رئيس مجلس الإفتاء

قاضي القضاة / د. أحمد محمد هليل

د. يوسف علي غيظـان

الشيخ عبدالكريم الخصاونة

د. عبد المجيد الصلاحين

د. واصف عبدالوهاب البكري

الشيخ نعيم محمد مجاهد

الشيخ سعيد عبدالحفيظ الحجاوي

 

 

(1) رواه النسائي في السنن الكبرى (5/ 374) من حديث عبد الله بن عمرو، وهو في صحيح مسلم رقم (996) لكن بلفظ: (كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته).

(2) رواه ابن ماجه في السنن، كتاب الأحكام، باب من بنى في حقه ما يضر بجاره، حديث رقم (2340) حسنه النووي في "الأذكار" (ص/502).

(3) رواه البخاري، كتاب الإيمان، باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده حديث رقم (10)، ورواه مسلم «كتاب الإيمان» باب تفاضل الإسلام وأين أموره أفضل برقم (40).

(4) وجه هذه النصيحة ما تقدم في القرار من حرمه الدخان وما ألحق به.