مختصر أحكام الأيمان

الكاتب : المفتي الدكتور جهاد الطوالبة

أضيف بتاريخ : 20-11-2025


مختصر أحكام الأيمان

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الأولين والآخرين ورحمة الله للعالمين، وبعد:

فإن أحكام الأيمان من الأحكام التي اهتم الشرع الشريف ببيانها للناس، فقد ذكرها الله تعالى في كتابه العظيم، فقال سبحانه وتعالى: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [المائدة: 89]، وبيّنها النبي صلى الله عليه وسلم، فعن عبد الرحمن بن سمرة، قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: (إِذَا آلَيْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ)([1])، فجاء هذا المختصر على صورة السؤال والجواب لبيان ما يكثر عنه السؤال، جارٍ على معتمد مذهب السادة الشافعية وفتاوى دائرة الإفتاء العام، سائلين الله تعالى أن ينفعنا به والقارئين.

- ما معنى اليمين شرعاً؟

اليمين هي التزام تحقيق أمر محتمل والتصميم على تحصيله باسم من أسماء الله أو صفة من صفاته.

- ما شرط الحالف؟

يشترط في الحالف أن يكون مكلفاً أي بالغاً عاقلاً، مختاراً أي غير مكره، قاصداً اليمين.

- ما أقسام اليمين؟

اليمين إما أن تكون يمين لغو أو يميناً منعقدة أو يميناً غموس.

- ما يمين اللغو؟

هي اليمين التي تجري على اللسان من غير قصد أو يسبق إليها اللسان، كاعتياد الشخص "لا والله" و "بلا والله".

- ما اليمين المنعقدة؟

هي اليمين التي يُقصد بها تحقيق الأمر أو تحصيله.

- ما اليمين الغموس؟

هي الحلف على تحقق أمر أو تحصيله في الماضي أو الحال أو المستقبل وهو كاذب.

- حكم الحلف بغير الله تعالى كالحلف بحياة فلان أو بالأمانة أو الكعبة؟

الحلف بغير الله تعالى مكروه ولا تنعقد اليمين به، وإذا قصد تعظيم المحلوف به فهو حرام، قال شيخ الإسلام النووي رحمه الله: "الحلف بالمخلوق مكروه كالنبي والكعبة وجبريل والصحابة والآل"[2])).

- هل الحلف بغير الله يعد كفراً؟

لا يعدّ الحلف بغير الله تعالى كفراً إلا إذا قصد الحالف تعظيم المحلوف به كتعظيم الله تعالى، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري: "(فإن اعتقد تعظيمه كما) وفي نسخة بما (يعظم الله) بأن اعتقد فيه من التعظيم ما يعتقده في الله تعالى (كفر)، وعليه يحمل خبر الحاكم: (من حلف بغير الله فقد كفر)، أما إذا سبق لسانه إليه بلا قصد فلا كراهة، بل هو لغو يمين، وعليه يحمل خبر الصحيحين: (في قصة الأعرابي الذي قال لا أزيد على هذا ولا أنقص أفلح وأبيه إن صدق)"[3])).

- حكم الحلف بالأسماء المشتقة المختصة به سبحانه وتعالى، كرب العالمين أو الحي الذي لا يموت أو الذي نفسي بيده؟

ينعقد بها اليمين مطلقا، ويترتب عليه أحكام اليمين.

- حكم القسم بصفات الله تعالى كعلمه وعزته وحقه؟

تنعقد بها اليمين مطلقا، ويترتب عليه أحكام اليمين.

- حكم الحلف بحق الله تعالى؟

ينعقد بها اليمين إلا إذا قصد بحقه عبادته فلا تنعقد.

- حكم الحلف بالقرآن أو المصحف؟

ينعقد بها اليمين إذا قصد الحلف بصفة كلامه تعالى.

- حكم من قال لآخر: اسألك بالله أو أقسمت عليك بالله أن تفعل كذا؟

يندب للمخاطب أن يبرَ بيمين الحالف إذا كان في غير معصية أو أمر مكروه، فإذا لم يبر بيمين الحالف، حنث الحالف ووجب عليه أن يكفرَ عن يمينه.

- هل الحلف بعهد الله أو حدّ الله أو بيني وبينك الله، يعد يميناً؟

تكون يميناً إذا نوى بها اليمين.

- حكم من حلف على وقوع شيء أو فعل شيء في الماضي وغلب على ظنه أن هذا الشيء وقع، أو أنه فعل هذا الشيء ثم تبين أن هذا الشيء لم يقع، أو أنه ما فعل هذا الشيء؟

لا يحنث بهذه اليمين، ولا شيء عليه، قال الإمام الرملي: "والحاصل من كلام طويل في كلامهما ظاهره التنافي أن من حلف على الشيء الفلاني أنه لم يكن أو كان أو سيكون، أو إن لم أكن فعلت أو إن لم يكن فعل أو في الدار ظنا منه أنه كذلك أو اعتقادا لجهله به أو نسيانه ثم تبين أنه على خلاف ما ظنه أو اعتقده، فإن قصد بحلفه أن الأمر كذلك في ظنه أو اعتقاده أو فيما انتهى إليه علمه: أي لم يعلم خلافه فلا حنث، لأنه إنما ربط حلفه بظنه أو اعتقاده وهو صادق فيه، وإن لم يقصد شيئا فكذلك حملا للفظ على حقيقته، وهي إدراك وقوع النسبة بحسب ما في ذهنه لا بحسب ما في نفس الأمر، وللخبر المذكور"[4])).

- من حلف ألا يفعل شيئاً ففعله جاهلاً أو ناسياً أو مكرهاً؟

لا يحنث بذلك، ولا شيء عليه، ولكن لا تنحل اليمين، فإذا فعله مرة أخرى مع التذكر حنث ووجبت عليه كفارةُ اليمين.

- حكم من حلف على فعل أمر محرم؟

أثم بحلفه، ولزمه عدم فعله، ووجبت عليه كفارةُ اليمين.

- حكم من حلف على فعل أو ترك أمر مباح؟

يسن له ترك الحنث به، ولزمته الكفارة إذا حنث.

- حكم من حلف فعل مكروه أو ترك سنة؟

يسن له الحنث، ولزمته الكفارة إذا حنث.

- حكم من حلف أن يفعل سنة أو يترك مكروهاً؟

يكره له الحنث، وتلزمه الكفارة إذا ترك فعل السنة أو فعل المكروه.

- حكم من حلف ألا يدخل هذه الدار وهو فيها، وبقي فيها بعد الحلف؟

يحنث، وتلزمه الكفارة؛ لإن الاستدامة كالاستئناف.

- هل يوجد كفارة عن اليمين الغموس؟

يجب على من حلف يميناً غموساً أن يخرج كفارة يمين، ويجب عليه إرجاع الحقوق لأصحابها إن اقتطع بها حقا لأحد، وتجب عليه التوبة والاستغفار.

- ما يلزم الحالف إذا حنث بيمينه؟

يلزم الحانث الكفارة وهي: إما العتق أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فإذا لم يجد واحدة من هذه فيجب عليه صيام ثلاثة أيام.

- هل يجوز إخراج الكفارة قبل الحنث باليمين؟

يجوز إخراج الكفارة قبل الحنث إذا كانت عتقاً أو إطعاماً أو كسوة.

- هل يجوز التكفير عن اليمين بصيام ثلاثة أيام قبل الحنث باليمين؟

لا يجوز التكفير عن اليمين بالصيام قبل الحنث.

- هل يجب الصيام متتابع؟

لا يجب أن يكون الصيام متتابعاً.

- هل تجب كفارة واحدة أم أكثر إذا تكرر اليمين على أمر واحد؟

تجب عليه كفارةٌ واحدةٌ عنها جميعاً.

- هل تجب كفارة واحدة أم أكثر إذا تكرر اليمين على أكثر من أمر؟

تجب عليه كفارةُ يمين عن كل واحد منهما.

 


[1] النسائي، سنن النسائي، حديث رقم (3789).

[2] النووي، روضة الطالبين، كتاب الأيمان، ج11، ص7.

[3] الأنصاري، أسنى المطالب شرح روض الطالب، ج4، ص242.

[4] الرملي، نهاية المحتاج، ج7، ص36.