كيف نتعامل مع العنف الأسري

الكاتب : المفتي الدكتور أحمد الحراسيس

أضيف بتاريخ : 18-01-2022


كيف نتعامل مع العنف الأسري وما هي سبل الوقاية منه

 

لقد تسبب العنف الأسري في نشوء مشاكل مجتمعية واقتصادية وصحية ونفسية، فالعقد النفسية الناتجة عن العنف الأسري غالباً ما تتطور وتتفاقم إلى حالات مرضية أو سلوكيات عدائية أو إجرامية. وزيادة احتمال انتهاج الأشخاص المُعنّفين النهج ذاته الذي مورس في حقهم احتمال كبير. وتفكك الروابط الأسرية وانعدام الثقة وتلاشي الاحساس بالأمان وربما يصل الأمر إلى درجة تلاشي الأسرة، نظراً لكون الأسرة نواة المجتمع فإن أي تهديد سيوجه نحوها -من خلال العنف الأسري- سيقود بالنهاية إلى تهديد كيان المجتمع بأسره.

ومن هنا فإن أهم الحلول لظاهرة العنف الأسري تكمن في الالتزام بالأحكام الشرعية، والأخذ بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف وتطبيقها في الحياة الأسرية، سواء كان ذلك على صعيد اختيار الزوجين، أو تربيتهم والتعامل معهم، أو احترام الأبوين، وجعل الإسلام هو دين للحياة وليس للعبادات فقط، مع ضرورة وتوضيح مقصد الشرع من الآيات والأحاديث التي ورد فيها ذكر الضرب حتى لا تستغل باسم الإسلام. 

ولكون الأسرة هي النواة الأولى في التنشئة وإكساب أفرادها السلوك القويم، فقد وقع على كاهلها العبء الكبير، حيث إنها مطالبة بعدة مسئوليات، وفي عدة مجالات لحماية أفراد الأسرة من العنف، ومن تلك المسؤوليات إتباع الأساليب الواعية في التحاور بين أفراد الأسرة. والمساواة في التعامل مع الأبناء. وإشباع احتياجات الأبناء النفسية والاجتماعية والسلوكية، وكذلك المادية. والمشاركة الحسية والمعنوية مع الأبناء، ومصادقتهم لبث الثقة في نفوسهم. ثم التقليل من مشاهدة مناظر العنف على أجهزة التلفزة. وغرس القيم والمبادئ والأخلاق في نفوس الأبناء منذ الصغر. ومتابعة الأبناء وتوجيه سلوكهم. وتنمية المهارات الإبداعية والمواهب الدفينة لدى الأبناء. وتنمية العواطف الكامنة من حب الوطن والمجتمع والانتماء إليهما. ثم حسن العشرة بين الأبوين، والحد من ظاهرة الطلاق. 

وإن للإعلام دور مهم في توجيه السلوكيات وتقويمها، فدور الإعلام يتبلور في تخصيص قنوات إعلامية تساعد الأسرة في تخطي العنف الأسري. والاستفادة من الفواصل الإعلانية لبث رسائل توعويّة. ونشر الثقافة الأسرية حول احترام الجنس الآخر، مع تعريف الرجل بحقوق المرأة. وتدريب الأسرة على كيفية مواجهة المشكلات، مع توعية الأمهات بضرورة مراعاة المراحل العمرية للطفل من خلال البرامج الموجهة. ثم الكشف عن الأسباب التي تؤدي للعنف مع الوقاية منه. وتسليط الضوء على العنف الأسري من خلال الاستشهاد بالأدلة عليه، وتوعية الأسر بنتائجه النفسية والاجتماعية وآثارها السلبية على المجتمع والفرد. وطباعة ونشر كتيبات تبين الآثار النفسية للعنف على الأطفال. 

لم يعد دور المدرسة قاصراً على التعليم خاصة، ونحن في حقبة زمنية تمكن الإنسان فيها من معالجة المعلومات بهدف التعلم من خلال وسائل الاتصال المختلفة، لذا لابدّ أن يكون للمدرسة دور بارز في التوعية المجتمعية وتوجيه السلوك لدى الأفراد من خلال ما تعده من برامج وتتبناه من مشاريع، إن دور المدرسة في الوقاية من العنف الأسري يتبلور في الاهتمام بتوعية الآباء والأمهات من خلال طرح القضايا المجتمعية وإيجاد الحلول الناجعة. ومحاربة السلوكيات الدخيلة على المجتمع. وإبراز أهمية العمل التطوعي. والمساهمة بتقديم التبرعات.

إن التوعية الدينية والاجتماعية والفكرية والثقافية والقانونية، بالإضافة لتبصير أفراد المجتمع بالحقوق التي يتمتعون بها والواجبات المكلفين بها من أفضل السبل للحد من هذه الظاهرة، على أن تأخذ هذه التوعية أشكالاً عدة متمثلة في التدريب وورش العمل والتأهيل والمحاضرات والكتيبات والنشرات، بالإضافة لعقد المؤتمرات والندوات مستفيدين من كل الوسائل المتاحة كأجهزة الإعلام والاتصال بالإضافة لمؤسسات المجتمع الحكومية وغيرها.

وفي هذا الإطار نؤكد على الدور الذي يقوم عليه الوعاظ والواعظات وخطباء المساجد في مجال التوعية والإرشاد والتوجيه، وبخاصة أننا ننعم بمجتمع يتأثر بالتوجيه الديني، والاستجابة للخطاب القائم على أصول شرعية محكمة واضحة سهلة.

ومن أبرز الحلول التي تسهم بشكل فاعل للحد من ظاهرة العنف الأسري ما يلي:

● الوعظ والإرشاد الديني المهم لحماية المجتمع من مشاكل العنف الأسري.

● تقديم استشارات نفسية واجتماعية وأسرية للأفراد الذين ينتمون إلى الأسر التي ينتشر فيها العنف.

● إيجاد صلة بين الضحايا وبين الجهات الاستشارية المتاحة، وذلك عن طريق إيجاد خطوط ساخنة لهذه الجهات يمكنها تقديم الاستشارات والمساعدة إذا لزم الأمر.

● توفير أماكن آمنة للنساء والأطفال يمكنهم الذهاب إليها للشعور بالأمان ولو لوقت يسير، ويمكن متابعتهم هناك من قبل المختصين.

● العمل على تعليم النساء والأطفال على تطوير خطط للأمان لهم داخل المنزل وخارج المنزل.

● التعاون مع الجهات المختصة برعاية الأسر والأطفال لإيجاد حلول تتوافق مع كل أسرة على حدة.

● تدريب الأطفال على ممارسة ردود أفعال غير عنيفة لتفريغ الشحنات السلبية التي تولدت لديهم نظر العنف الذي مورس عليهم.

● تعليم الأطفال على سلوكيات إيجابية بحيث نمكنهم من التحكم بموجات الغضب والمشاعر السلبية لنساعدهم على تكوين علاقات مستقبلية آمنة وسليمة.