كيف نغتنم شهر رمضان المبارك

الكاتب : المفتي الدكتور عيسى الزعبي

أضيف بتاريخ : 23-06-2015


كيف نغتنم شهر رمضان المبارك

المفتي الدكتور عيسى الزعبي

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي الأمين المبعوث رحمةً للعالمين محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين أما بعد:

قال الله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) الذاريات/ 56، فالغاية من وجود البرية على الأرض تحقيق العبودية لله سبحانه وتعالى، وهذه العبودية لا تنتهي بوقت معين بل تبقى حياة المسلم كلها عبادة لله تعالى حتى الموت، قال الله تعالى: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) الحجر/99، واليقين هو الموت.

ولكن من رحمة الله سبحانه وتعالى وفضله عليهم أن خصهم بمواسم تتضاعف فيها الأجور والحسنات، ومن هذه المواسم شهر رمضان المبارك، فلا بد من اغتنام هذه المواسم بزيادة العمل الصالح فيها والاجتهاد في الطاعات، فشهر رمضان شهر البركة وشهر الخير وشهر الرحمة يضاعف الله تعالى فيه الأجور والحسنات، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من تقرب فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه) رواه البيهقي وابن خزيمة.

فلا بد للمسلم أن يستغل هذا الشهر العظيم بالاجتهاد في العبادة والطاعة، والاجتهاد فيه شامل لجوامع الخير ولكل القربات التي يتقرب بها المسلم من ربه عز وجل فيشمل:

1. تلاوة القرآن الكريم: ينبغي للمسلم أن يكثر من تلاوة القران الكريم في شهر رمضان المبارك، كما كان يفعل السلف الصالح، وأن يحرص على ختم القرآن الكريم ولو مرة، قال الزهري رحمه الله: "إذا دخل رمضان إنما هو تلاوة القرآن وإطعام الطعام"، وقد ورد أن الإمام الشافعي رحمة الله تعالى أنه كان يختم القران الكريم في رمضان ستين مرة.

2. الصدقة: ينبغي للمسلم أن يكثر من الصدقات في شهر رمضان المبارك أسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم لينال الأجر والثواب العظيم عند الله سبحانه وتعالى، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان) متفق عليه.

3. تفطير الصائم: ينبغي للمسلم أن يحرص على هذا العمل الطيب لما فيه من ثواب عظيم فله مثل أجر الصائم، ولا يغفل المسلم عن هذا العمل المبارك ولو بشيء قليل, فإن الله تعالى يعطي الأجر على القليل والكثير، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ومن فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار وكان له مثل أجره، من غير أن ينقص من أجره قالوا يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر به الصائم فقال رسول صلى الله عليه وسلم: يعطي الله هذا الثواب لمن فطر صائما على مذقة لبن أو تمرة أو شربة ماء ومن سقى صائما سقاه الله عز وجل من حوضي شربة لا يظمأ بعدها حتى يدخل الجنة) رواه البيهقي وابن خزيمة.

4. قيام الليل: يحرص المسلم على قيام رمضان وخاصة صلاة التراويح حتى ينال الثواب العظيم من الله سبحانه وتعالى، فقد جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) متفق عليه. قال العلماء القيام في رمضان هي صلاة التراويح ويحرص على أدائها مع الإمام حتى ينصرف لقوله صلى الله عليه وسلم: (من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) رواه أحمد والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

5. الذكر: فليكثر المؤمن من ذكر الله سبحانه تعالى، ولا يزال لسانه رطباً بذكر الله سبحانه وتعالى, فجاء في الحديث القدسي عن أبو هريرة: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله تعالى أنا مع عبدي حيثما ذكرني وتحركت بي شفتاه) رواه البخاري.

6.الدعاء: ليكثر المسلم من الدعاء في شهر رمضان المبارك طمعا في مغفرة الله تعالى لذنوبه وعتقه من النار والفوز برضا الله تعالى وليزد الإلحاح بالدعاء فيه فهو شهر الدعاء وشهر الإجابة وشهر القبول والصائم يكون فيه ضعيف النفس منكسر القلب قريب من مولاه عز وجل مستجاب الدعوة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: )ثلاثة لا ترد دعوتهم الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، وتفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب عز وجل: وعزتي وجلالي لأنصرك ولو بعد حين) رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وقال: هذا حديث حسن.

وأخيراً يجب على المسلم أن يحترز من المعاصي والآثام في شهر رمضان المبارك، حتى لا يحبط عمله ويفوته الثواب العظيم من الله تعالى الذي يطمع فيه كل مؤمن ويخسر مغفرة الله تعالى له التي يرجوها كل مسلم وحتى لا يكون له من صومه إلا الجوع والعطش ولا يجني إلّا الحسرة والندامة، فجاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: (رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش) رواه أحمد وابن ماجه والحاكم، وقال: هذا الحديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه.

أسال الله تعالى أن يبلغنا رمضان وأن يوفقنا فيه للعمل الصالح وطاعته.

وصلى الله على النبي محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.