بيان بمناسبة المولد الشريف

الكاتب : دائرة الإفتاء العام

أضيف بتاريخ : 02-02-2012


 

يحتفل العالم الإسلامي في الثاني عشر من ربيع الأول بذكرى المولد النبوي الشريف، وبهذه المناسبة العطرة تتقدم دائرة الإفتاء العام بأسمى آيات التهنئة والتبريك إلى الأمتين العربية والإسلامية، وتسأل الله تعالى أن يُعيد هذه الذكرى على أمتنا وقد تحقق لها ما تصبوا إليه من عزة وكرامة وأمن واستقرار.

وإننا ندعو المسلمين في هذا البلد المبارك إلى المشاركة في احتفالات المولد النبوي الشريف، حيث يُعبِّرون فيه عن محبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيمه وتوقيره، مستحضرين قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْ والِدِهِ وَوَلَدِهِ) متفق عليه.

إن الاحتفال بالمولد النبوي باجتماع الناس، وقراءة ما تيسر من القرآن، ورواية سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وإنشاد شيء من المدائح النبوية؛ فيه تعظيم وتوقير لقدر النبي صلى الله عليه وسلم، وإظهار للفرح والاستبشار بمولده الشريف، وهو من السنن الحسنة التي أشار إليها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: (من سنَّ في الإسلام سنة حسنة، فعُمل بها بعده؛ كُتب له مثل أجر من عمل بها، ولا ينقص من أجورهم شيء) رواه مسلم.

وقد دلَّ على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف أدلة كثيرة، منها:

أولاً: عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه قال: ... وسُئل صلى الله عليه وسلم عن صوم الإثنين؛ قال: (ذاك يوم وُلدت فيه ويوم بُعثت - أو أُنزل عليَّ - فيه) رواه مسلم. فبيان النبي صلى الله عليه وسلم أن سبب صومه يوم الإثنين هو ولادته فيه دليل على أن يوم ولادته له مزية على بقية الأيام، والمسلم يحرص على زيادة الأجر والثواب في الأيام المباركة.

ثانياً: قوله تعالى: (وذَكِّرْهُمْ بِأَيّامِ الله) إبراهيم/5؛ أي: بنعم الله عليهم، كما فسره ابن عباس ومجاهد وقتادة، وولادة النبي صلى الله عليه وسلم هي النعمة العظمى والمنة الكبرى على العالم كله، لا يشك مسلم بذلك؛ فالاحتفال بيوم المولد من باب الامتثال لأمر الله تعالى بتذكُّر نعمه وآلائه.

ثالثاً: قول الله تعالى: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا) يونس/58، قال ابن عباس رضي الله عنهما: فَضْلُ اللهِ العلم، ورحمته محمد صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) الأنبياء/107، والاحتفال بمولد سيد الخلق صلى الله عليه وسلم مظهر من مظاهر الفرح المأمور به.

رابعاً: عن ابن عباس رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَجَدَهُمْ يَصُومُونَ يَوْماً - يَعْنِي عَاشُورَاءَ - فقالُوا: هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ وَهُوَ يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى وَأَغْرَقَ آلَ فِرْعَوْنَ؛ فَصَامَ مُوسَى شُكْراً لِلَّهِ. فَقالَ: (أَنا أَوْلَى بِمُوسَى مِنْهُمْ) فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ. رواه البخاري. ووجه الدلالة: أن شُكْرَ الله تعالى في يوم على نعمة منَّ بها، أو نقمة دفعها، مع تكرار ذلك في كل عام؛ أمر جائز شرعاً، ومن أعظم الآلاء والنعم: نعمة ظهور النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم.

ولا بد أن نُذكِّر أنفسنا وإخوتنا المسلمين بضرورة التأسي بالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم في أخلاقه وشمائله والاقتداء بأقواله وأفعاله، قال تعالى: (لقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) الأحزاب/21.

نسأل الله تعالى أن يحفظنا جميعاً، وأن يحفظ الأردن من كل سوء، وأن يجعله آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.