المسائل الفقهية المشهورة

الكاتب : الباحث الشيخ حمزة مشوقة

أضيف بتاريخ : 27-02-2018


المسائل الفقهية المشهورة في التعاملات الإلكترونية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد:

فيعتبر العصر الحديث هو عصر الثورة المعرفية والتطور التكنولوجي بشتى أنواعه، وتعد التجارة الإلكترونية إحدى ثمرات التطور التقني الذي شهده هذا العصر في جميع المجالات بشكل عام، وفي مجال شبكات الاتصال وتقنية المعلومات بشكل خاص.

ولما نالت التعاملات الإلكترونية من الأهمية في عصرنا الحاضر، سواء في عدد المستخدمين وإجمالي المبالغ التي يتم إنفاقها، وكثرت أسئلة الناس حول الأحكام الشرعية المتعلقة بها، فقد ارتأى الباحث أن يقوم ببيان أبرز الأحكام الفقهية حول التعاملات الإلكترونية وبيانها بشكل مختصر وميسر ولطيف.

والله أسأل أن يتقبل هذا العمل لوجهه الكريم، إنه جواد كريم.

أولاً: أحكام البيع والشراء عبر الانترنت

• ما الحكم الشرعي في البيع والشراء عبر الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي؟

الأصل الشرعي إباحة البيوع، سواء تمت على أرض الواقع أو عن طريق الانترنت، بشرط خلوها عن المحذورات الشرعية؛ قال الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} البقرة/275.

• هل يجوز بيع الذهب والفضة على الانترنت؟

يجوز بيع الذهب والفضة على الانترنت بشرط بالتقابض الفوري بين البائع والمشتري، بحيث يحول المشتري الثمن إلى حساب البائع مباشرة، ويقوم البائع بتسليم الذهب أو الفضة للمشتري عن طريق وكيله، وهذا ما أفتت به المعايير الشرعية للمؤسسات المالية الإسلامية [انظر: المعيار الشرعي رقم: 57]، فإن لم يتوافر شرط التقابض الشرعي لم يصح بيع الذهب والفضة؛ لأن كل تأجيل في بيع الذهب والفضة ربا. والله تعالى أعلم. 

• هل يجوز شراء الذهب والفضة عبر الانترنت عن طريق بطاقات الحسم الفوري أو بطاقة الائتمان؟

يجوز شراء الذهب والفضة عن طريق بطاقة الحسم الفوري؛ لأن الجهة المصدرة "البنك" تخصم القيمة المباشرة من حساب المشتري الجاري وتحوله إلى حساب البائع مباشرة، وهذه العملية هي في حقيقتها قبض، يتمكن فيه التاجر من التصرف في قيمة السلعة المباعة بمجرد إتمام العملية، فهي وإن اقتصرت على مجرد القيد المصرفي إلا أنها تعد قبضاً تاماً. 

كما يجوز شراء الذهب والفضة عن طريق بطاقة الائتمان، ما لم يترتب على ذلك تأجيل في الدفع؛ لأن فواتير البطاقة الائتمانية تعتبر واجبة الدفع من قبل البنك المصدر دون أن يتوقف ذلك على وجود حساب للعميل، وقد أصبح للبطاقة الائتمانية من القبول عند الناس ما يُضاهي الأوراق النقدية والتجارية، والقبض يستند في كثير من أحكامه إلى العُرْف، وهذا ما أفتت به المعايير الشرعية للمؤسسات المالية الإسلامية [انظر: المعيار الشرعي رقم: 2]. والله تعالى أعلم.

• هل يصح صرف العملات عن طريق الانترنت؟

يجوز صرف العملات المختلفة عن طريق الانترنت بشرط التقابض الفوري دون تأجيل، ويحصل القبض الفوري بأن يحول كل طرف إلى حساب الآخر العملة المتفق عليها.

وقد صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي في دورته السابعة بتحريم العقود التي تتضمن تأجيل العوضين أو أحدهما في بيع العملات، ومنها عقود الصرف الآجل (Forward) وعقود المبادلات (Swap)؛ لاشتمالها على الربا. والله تعالى أعلم.

وعقود الصرف الآجل هي العقود التي يتأجل فيها تسليم العملة المبيعة لمدة معلومة، وعقود المبادلات أنواع، منها عقد مبادلة العملات وهي عقد بين طرفين لشراء مبالغ محددة من العملات الأجنبية من بعضهما البعض، على أساس السعر الآني، وبيع المبالغ نفسها، على أساس السعر الآجل، على أن يتم التقابض (التسليم والتسلم) في وقت لاحق.

• هل يجوز استعمال بطاقات الائتمان في الشراء عبر الانترنت؟

يجوز للمشتري أن يستخدم البطاقات الائتمانية للدفع عبر الانترنت، كما يجوز للبائع قبول الدفع عن طريق البطاقة الائتمانية بشرط ألا يزيد البائع سعر البضاعة بسبب العمولة التي تأخذها منه جهة البطاقة، كما أفتت بذلك دائرة الإفتاء الأردنية [فتوى منشورة على موقع الإفتاء برقم 1450].

ويتنبه إلى أن المشتري لا يحل له استصدار بطاقات ائتمانية تحتوي على شروط ربوية. والله تعالى أعلم.

• هل يجوز استخدام البطاقات المدفوعة مسبقا في الشراء عبر الانترنت، وهل يجوز شراؤها من بنوك تجارية؟

تقوم البطاقات المدفوعة مسبقا على أساس تثبيت مبلغ محدد يدفع مقدما لمصدر البطاقة، بحيث يمكن استخدام البطاقة في حدوده، ويوكل صاحب البطاقة البنك بالدفع عند استخدامها، والرسوم التي يتقاضها البنك تعد أجورا على الوكالة، فلا حرج في استخدامها شرعا. 

وأما شراء هذه البطاقات من البنوك التجارية فلا حرج فيه؛ لأن الأصل في البيوع الإباحة، ولانتفاء محذور الإعانة على الحرام. والله تعالى أعلم.

• ما حكم التعامل مع موقع باي بال (PayPal)؟

يعتبر موقع "باي بال" نظام دفع الكتروني على شبكة الانترنت لتسوية مقابل السلع والخدمات للأفراد والشركات بشكل آمن، حيث يفتح المشتري حساب على الموقع ويقوم بإيداع أمواله للحساب عن طريق الحوالة البنكية أو الخصم من بطاقة الائتمان، ومن ثم يقوم الموقع بخصم قيمة المشتريات من حساب المشتري وإضافته لحساب البائع مقابل عمولة التحويل بين الحسابين.

والذي يظهر جواز التعامل بالموقع والاشتراك فيه، وتعتبر العمولة التي يأخذها الموقع أجرة على الخدمات التي يقوم بها للمتعاقدين. والله تعالى أعلم.

• ما حكم التعامل ببطاقة بايونير (Payoneer)؟

يعتبر موقع "بايونير" نظام يمكن العملاء من استلام وتحويل الأموال عبر الانترنت، وعند قيام العميل بفتح حساب يقوم الموقع بإرسال بطاقة "ماستر كارد" إلى العميل ليتمكن من استخدام رصيده المتوافر في حسابه عبر الانترنت.

والذي يظهر أن بطاقة "بايونير" هي بطاقة مسبقة الدفع، ولا يوجد حرج في استخدامها. والله تعالى أعلم.

• ما حكم المتاجرة بالبرامج المحمية والكتب الالكترونية عبر الانترنت دون إذن أصحابها؟

لا يجوز المتاجرة بالبرمجيات المحمية والكتب الالكترونية – ذات حقوق الطبع – دون إذن أصحابها؛ لأن حقوق هذه البرامج والكتب مصونة شرعاً لأصحابها لا يجوز الاعتداء عليها، فالاعتداء عليها سرقة وغش وتعدٍّ على أموال الناس وحقوقهم وأكل لها بالباطل. 

جاء فتوى دائرة الإفتاء الأردنية: "حقوق التأليف والابتكار - ومنها البرامج والكتب الإلكترونية - هي حقوقٌ معنويةٌ لمن أنشأها، فلا يجوز التصرف بها إلا بإذن صاحبها، فقد أصبح لها في العرف المعاصر قيمة مالية معتبرة لتمول الناس لها، وهذه الحقوق يعتد بها شرعاً، فلا يجوز الاعتداء عليها" (فتوى منشورة على موقع الإفتاء برقم: 846). والله تعالى أعلم.

ثانياً: أحكام المضاربات عبر الانترنت

• هل يجوز المتاجرة بالعملات عبر الفوركس أو ما يسمى بالهامش؟

يعتبر الفوركس نظام الكتروني يتيح المضاربة بالعملات في بورصاتها الدولية، والمتاجرة بالعملات تحتاج أموال كبيرة قد لا تتوفر عند العميل، ولذلك تقوم الشركة الوسيطة بتمويل العميل في صفقاته مقابل تعهد العميل باستخدام هذه المبالغ في المتاجرة على منصة التداول الخاصة بالشركة الوسيطة، وإعادة مبلغ التمويل في النهاية، ويسمى نظام التمويل المذكور بنظام الهامش.

ولا يجوز المتاجرة بالعملات عبر نظام الهامش؛ لأن بيع وشراء العملات فيها يتم غالبًا دون قبض شرعي حقيقي ولا حكمي، مما يوقع في محذور الربا، كما أن المنفعة التي تجنيها الشركة الوسيطة هي بسبب تمويلها للعميل المبلغ الذي يتاجر فيه فوق المال المودَع، وقد اتفق العلماء على أن كل قرض جر نفعًا فهو ربا، وهذا ما أفتت به دائرة الإفتاء الأردنية [انظر: فتوى منشورة برقم 645] والمجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته الثامنة عشر. والله تعالى أعلم.

• هل يجوز المتاجرة بحساب الفوركس الإسلامي؟

حساب الفوركس الإسلامي هو الحساب الذي يخلو من الفوائد الربوية ورسوم التبييت، وبالنظر في حقيقته نجد أنه اشتمل على محذورين: الأول يتعلق بربا الصرف عند تأخير قبض العملات، والثاني يتعلق بقاعدة كل قرض جر نفعا فهو ربا؛ لأن القرض الذي حصل عليه العميل اشترط فيه استخدامه بما يعود منفعته على الشركة الوسيطة، فيُستخدم القرض عن طريق منصة التداول الخاصة بالشركة، وتقتضي الشركة عمولة عن عمليات البيع والشراء، فيحرم المتاجرة عبر حساب الفوركس الإسلامي. والله تعالى أعلم.

• هل يجوز المتاجرة بالذهب والفضة عبر الفوركس؟

لا يجوز المتاجرة بالذهب والفضة عبر نظام الفوركس؛ لعدم تحقق شرط التقابض الفوري بين المتعاقدين، وفقدان شرط التقابض الفوري في بيع الذهب والفضة يجعل المعاملة ربوية.

• هل يجوز المضاربة بالبتكوين، وما رأي الشرع في اتخاذ العملات الالكترونية نقدا؟

تعتبر "البتكوين" عملة رقمية افتراضية مشفّرة، ليس لها رقم مسلسل، ولا تخضع لسيطرة أية مؤسسة مالية في العالم، إذ يتم التعامل بها فقط عبر شبكة الإنترنت، من دون وجود فيزيائي لها، وتتحكم في قيمتها قوى العرض والطلب، ولكنها لم تحظ باعتراف أغلب دول العالم، وبالتالي فـ"البتكوين" ليس لها قيمة ذاتية مثل الذهب والفضة ولم تصدرها جهة قانونية تضمن استقرارها وقيمتها مثل الأوراق النقدية.

فلا يجوز المضاربة بالبتكوين في الوقت الراهن؛ لأنها لا تمثل قيمة حقيقية مستقرة، فقيمتها تتذبذب بشكل كبير صعودا ونزولا خلال فترات وجيزة بشكل غير منطقي، مما ينذر بكوارث اقتصادية قد تحدث مستقبلا نتيجة هذا التذبذب غير المنطقي، ولا شك أن المضاربات التي تزعزع قيم الأموال يرفضها الإسلام؛ لأنها تطفف في ملكية الناس المصونة شرعا ولا تحفظ أموالهم وتبدد فرص الاستثمار الحقيقي، وهذا ما يتعارض مع مقصد الشريعة الإسلامية في حفظ المال.

ولا تخلو المضاربة بـ"البتكوين" أيضا من محذور القمار، من حيث أن كل طرف مشارك في العملية يقصد أن يربح على حساب الأطراف الآخرين من خلال المراهنة على صعود الأسعار أو هبوطها.

وأما اتخاذ العملات الالكترونية وحدة نقد، فهذا يتوقف على مجموعة من الوظائف التي تضبط معنى النقود وهي: أن يكون وسيطا للتبادل، وأن يستعمل كمقياس لقيم السلع والخدمات، وأن يكون مستودعا أمينا للقيم، وأن يكون وسيلة للمدفوعات الآجلة، وتلقي القبول العام، فمجموع هذه الشروط تجعل من أي شيء نقدا. والله تعالى أعلم.

ثالثاً: أحكام إنشاء المواقع التجارية والعمل فيها

• ما الحكم الشرعي في إنشاء موقع مزاد علني إلكتروني؟

يجوز عقد المزاد الالكتروني بشرط مراعاة الضوابط الآتية:

1- البعد عن الممارسات غير الأخلاقية مثل النجش والتدليس، والنجش أن يزيد أحد الطالبين في سعر السلعة دون أن يريد شراءها بقصد أن يزيد على غيره وهو منهي عنه.

2- وصف المبيع وصفا يحقق العلم به ويزيل عنه الجهالة والغرر.

3- عند فرض رسوم على الدخول إلى المزاد يجب أن يكون مقيداً بمقدار التكلفة الفعلية، وكل ربح يزيد عن التكلفة الفعلية يعتبر من أكل أموال الناس بالباطل.

4- يجوز طلب الضمان ممن يريد الدخول في المزايدة، ولكن يجب أن يرد لكل مشارك لم يرس عليه المزاد، ويحتسب الضمان المالي من الثمن لمن فاز بالصفقة. 

• هل يجوز التعامل مع شركات استضافة لا تقيد محتوى المواقع المستضافة لديها، فقد تحتوي بعض الدعايات على محرم؟ 

يطلق مصطلح "استضافة الويب" في العرف الالكتروني على المواقع التي توفر للمستخدم المكان الذي سيشتغل به موقعه على شبكة الإنترنت، ويمكن أن تكون الاستضافة مجانية كما يمكن أن تكون مدفوعة، وتتجه بعض الشركات إلى تقديم خدمة الاستضافة المجانية في مقابل الحصول على خدمات خاصة مثل الإعلان على المواقع المستضافة لديها.

ولا يجوز للمسلم أن يؤجر مواقع استضافة، وهو يعلم أنها ستقوم بعرض بعض الدعايات المحرمة، ولو لم يكن ذلك مشروطا في العقد؛ لأن فيه إعانة على الحرام.

أما إذا كانت المواقع التي يتم استضافتها لا تستضيف مواقع محرمة ولكنها لا تمانع في ذلك، فنصيحتنا أن تبحث عن مواقع استضافة تقيد محتوى المواقع المستضافة لديها، حتى لا تكون مساهماً بنشر المحرمات حال قيام أحد هذه المواقع بنشرها. والله تعالى أعلم.

• ما حكم فتح شركة استضافة وبيع العملاء استضافات بمواصفات محددة، وفي حال قمت بتأجير عميل استضافة بمواصفات محددة طبعا مقابل مبلغ معين، وقام هذا العميل بوضع موقع يخالف أحكام الشريعة الإسلامية، فهل يترتب علي حرام؟

حرم الإسلام كل عمل يعين إعانة مباشرة على المعاصي؛ قال الله تعالى: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} المائدة/2.

فإذا كان الموقع المراد استضافته أصل عمله محرم، كاستضافة المواقع الإباحية أو ترويج الخمور، فيحرم تأجيره؛ لأنه إعانة على فعل الحرام.

أما إذا كان موضوع الموقع وهدفه مباحا، كمواقع المنتديات والمبيعات والشركات والمواقع الشخصية والثقافية ونحوها، فلا حرج في استضافتها، وإذا وقع فيها حرام طارئ من صور أو مقاطع أو تواصل محرم فالإثم فيه على الموقع، وليس على المستضيف. والله تعالى أعلم.

• هل يجوز تصميم مواقع محرمة أو تصميم برامج لمواقع محرمة؟

لا يجوز تصميم المواقع المحرمة، ولا تصميم برامج لها؛ لأن ذلك من الإعانة على الحرام، قال الله تعالى: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} المائدة/2، فإذا كانت المواقع أو البرامج تستعمل في الحلال والحرام، فحينئذ يأخذ الاستعمال المحرم حكم الحرام إذا علم المصمم به، ويأخذ الاستعمال المباح حكم الجواز. والله تعالى أعلم.

رابعاً: أحكام الترويج والسمسرة الالكترونية

• هل يجوز الترويج لمتاجر الكترونية تحتوي على سلع من مختلف المجالات مقابل نسبة مئوية من قيمة السلعة؟

تقوم فكرة الترويج لمواقع المتاجر الالكترونية على عقد الجعالة، حيث يقوم الوسيط بالترويج لسلع متجر الكتروني معين، مقابل التزام المتجر بدفع عمولة معلومة عن كل عملية بيع تتم بواسطة ذلك الوسيط.

والأصل في أعمال الوساطة الجواز بشروط معينة وهي:

أولاً: أن يكون الاشتراك مجانياً، بحيث لا يدفع الوسيط مقابل السماح له بالترويج لسلع وخدمات المتجر الالكتروني، كما لا يجوز كذلك إلزام الوسيط بشراء سلعة معينة.

ثانياً: أن تكون العمولة معلومة للوسيط سواء أكانت العمولة مقطوعة أم مبلغاً شائعاً بالنسبة.

ثالثاً: ألا يكون المتجر الالكتروني وهمياً بحيث يوقع المشتري في الخداع والتدليس.

رابعاً: أن يتجنب الوسيط ترويج المنتجات المحرمة، كالدخان، والخمور ونحوها. 

• ما حكم الاشتراك في مواقع تصفح الإعلانات، والتي تعمل على توفير خدمة التسويق ونشر الإعلانات للشركات التجارية، أو إتمام استطلاعات الرأي لمراكز الأبحاث والجهات المعنية، وما حكم الأرباح الناتجة عن ذلك؟

العقد الذي ينظم العمل بين الوكالة الإعلانية وبين المشتركين في تصفح موقعها هو عقد الجعالة، تجعل الشركة أجراً مقدراً مقابل كل إعلان واستطلاع ينجزه "العامل"، ومقابل كل متصفح يأتي به، وهذا - من حيث الأصل - جائز إذا لم يخالف الشروط الآتية:

أولاً: أن يكون الاشتراك مجانياً، بحيث لا يدفع مقابل السماح له بتصفح الإعلانات والدخول في الاستطلاع.

ثانياً: أن تكون الجعالة (الأجرة) معلومة محددة.

ثالثا: أن يتجنب تصفح الإعلانات أو الاستطلاعات المتعلقة بالمنتجات المحرمة، كالدخان، والخمور ونحوها، أو النظر إلى الصور والمشاهد المحرمة. والله تعالى أعلم.

رابعا: أن يتجنب إيهام المتعاملين مع هذه المواقع أن لديهم عدداً ضخماً من المشتركين، والواقع أنها أعداد وهمية لاشتراكات مصطنعة، وهذا ما أفتت به دائرة الإفتاء الأردنية (انظر: فتوى منشورة على موقع الإفتاء برقم 3005). والله تعالى أعلم.

• ما حكم التعامل بالتسويق الشبكي الذي يشترط فيه على المشترك أن يشتري سلعة ليدخل في نظام التسويق ويبدأ العمل بالترويج لمسوقين جدد؟

أسلوب التسويق الشبكي ليس من السمسرة الشرعية في كثير من صوره المنتشرة اليوم، بل هو من باب الميسر والمقامرة المحرمة؛ لأن المشتركين – الذين يدفعون مبلغا ماليا مقابل شراء سلعة – عادة لا يشتركون إلا بغرض تحصيل المكافآت على إحضار زبائن آخرين، فإذا جلب المشترك عدداً من الزبائن، وحقق شروط الشركة أخذ عمولته التي قد تزيد أو قد تنقص عن المبلغ الذي دفعه ابتداء، وإذا فشل خسر المبلغ كله، وهذا الاحتمال يُدخِلُ المعاملة في شبهة الغرر والميسر، وهذا ما أفتت به دائرة الإفتاء الأردنية [انظر: فتوى منشورة على موقع الإفتاء برقم 1995]. والله تعالى أعلم. 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين