الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الأصل الشرعي أن المسابقات التي يدخل فيها المشترك في احتمال الربح أو الخسارة المادية؛ من القمار المحرم، الذي ورد تحريمه في الكتاب والسنة، وعدّه العلماء من كبائر الذنوب، وذلك في قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: 90-91].
وفكرة السحب على الجائزة المذكورة تأخذ حكم المسابقات المحرمة، ولا يغيّر في هذا الحكم كون الجائزة تدفع من أموال المتسابقين، أو تبرعاً من طرف خارجي، كما لا يغيّر من الحكم كون الجائزة تدفع لأهداف مطلوبة شرعاً؛ لأن الغاية لا تبرر الوسيلة، ولأن مناط تحريم اليانصيب هو أن كل مشترك يحتمل إما أن يغنم وإما أن يغرم، وهذا هو عين القمار المحرم.
ويمكن أن يكون ثمة وسيلة شرعية تكون بديلة عن الصور المذكورة، وتتفق مع الغاية التي يهدف إليها إقامة البازار، وتكون أكثر ثواباً عند الله عز وجل، وذلك بأن يتم طرح أوراق لدخول البازار -بسعر دينار مثلاً- يشتريها المواطن على سبيل التبرع، وهو يطلب الأجر والثواب من الله تعالى، ولا يطلب ربحاً في الدنيا، ولا يكون هنالك سحب على البطاقات المشتراة، وتكون هذه الصورة بديلاً شرعيًّا لما ذكر في السؤال، والناس في بلدنا يُقبلون على أعمال الخير، ويَهِبُّون ويتداعون لنصرة وإغاثة إخوانهم، وقد قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة:2]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ) رواه مسلم.
وعليه؛ فيحرم تنظيم فكرة السحب المذكورة، ونصيحتنا أن يتم استبدال فكرة السحب على الجائزة؛ لتصبح أموال تبرعات تُجمع لتذهب إلى أهل غزة فرج الله عنهم. والله تعالى أعلم.