اسم المفتي : سماحة المفتي العام السابق الدكتور نوح علي سلمان

الموضوع : تحذير الزوج من الطلاق لغير سبب

رقم الفتوى : 674

التاريخ : 27-04-2010

السؤال :

زوجي يريد أن يطلقني بدون سبب معلوم، مع أنني تزوجت به من مدة قريبة، فهل يجوز له ذلك؟

الجواب :

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
إن طلاق المرأة إضرارٌ بها، وليس للرجل أن يفعل ذلك إلا لسبب مقبول شرعًا، والشريعة لا تطالب الزوج ببيان السبب؛ لأن هذا من أسرار البيوت التي يجب كتمانها، لكن ينبغي للرجل المسلم أن يكون حَكَمًا عادلاً في الموضوع، فيعامل زوجته بمثل ما يحب أن تعامل بها أخته أو بنته من قِبَل زوجها، وإلا كان ظالمًا لها، والمرأة بمجرد أن يعقد عليها الزوج عقد النكاح صارت زوجة له، ولها حقوق، وعليها واجبات، فكيف إذا كان قد اختلى بها، وَأَلِفَتْهُ، وأَنِسَت به، واطمأنت إليه، وعقدت آمالاً طيبةً على الحياة معه، فكيف يفجعها بالطلاق، ويخيب آمالها، ويهدم أحلامها المشروعة!
وقد قال الله تعالى: (وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا) النساء/21، والميثاق الغليظ: هو عقد الزواج التي تبذل المرأة بموجبه أعز ما لديها.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَبْغَضُ الْحَلالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى الطَّلاقُ) رواه أبو داود. فهو حلال، لكنَّ الله يبغضه، لما فيه من ضرر بالمرأة وأهلها، والمؤمن يجب أن يكون حريصًا على ما يُرضي الله تعالى، متباعدًا عما يبغضه عز وجل.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ) رواه مسلم. (لا يَفرَك: أي لا يبغض). وقال عليه الصلاة والسلام: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ) رواه أبو داود.
وهكذا نرى أن أمر الطلاق عظيم، لا ينبغي للمسلم أن يُقدم عليه إلا لأمرٍ مشروع يرجع تقديره إليه، والذين استخفُّوا بأمر الطلاق أساؤوا إلى الإسلام، وصوَّرُوه في ذهن الآخرين على أنه دين الشهواتِ والاستخفافِ بمشاعر النساء وأهلهن، والناس يسيؤون الظن بمن تطلق بعد مدة قصيرة من زواجها، فماذا يقول لربه مَن تسبب في تشويه سمعة بنات المسلمين؟!
إن الطلاق قرار خطير، ترك الله اتخاذه إلى الرجل المسلم الذي يخاف الله، ويعلم أنه سيقف بين يديه للحساب، قال تعالى: (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) البقرة/281.
أما قضية أداء المهر كله أو نصفه فهو تعويض قليل عن مصيبة كبيرة حلَّت بالمرأة، حتى ولو أعطاها مالاً جزيلاً، فقد طلق الحسن بن علي رضي الله عنهما زوجة له، ثم أرسل إليها بمال كثير، فقالت: متاع قليل مِن حبيب مفارق. فندم على طلاقها، لكنه لم يستطع مراجعتها؛ لأنه كان قد طلقها ثلاثًا.
فليتق الله هذا الزوج، وليفكر في أمره جيدًا، وليكن رجلاً صالحًا مؤمنًا قويًّا، يتحمل برجولة نتيجة ما أقدم عليه، يرضاه حتى ولو لم يعجبه شيء مِن زوجته، فَلْيغفر لها لِيَغفرَ الله له، قال الله تعالى: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) النور/22. والله أعلم.