الموضوع : حكم الجمع بين الظهر والعصر بعذر المطر

رقم الفتوى : 3596

التاريخ : 08-12-2020

السؤال :

هل يجوز الجمع بين صلاتي الظهر والعصر بعذر المطر؟ وهل يجوز الجمع لمجرد البرد أو الثلج أو الريح الشديدة؟

الجواب :

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله 

الجمع بين صلاتي الظهر والعصر بعذر المطر رخصة في مذهبنا مذهب الشافعية، فقد ثبتت في السنة النبوية من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال: (صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلا سَفَرٍ) رواه مسلم، ورواه مالك في [الموطأ رقم/480] ثم قال: أرى ذلك كان في مطر، ومثله قال الشافعي في [الأم 1/ 94]، كما ثبت الجمع بين الصلاتين بعذر المطر عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم من الصحابة، وهو قول جمهور العلماء.

وأما المذاهب الفقهية الثلاثة؛ فلم يجيزوا الجمع بين الظهر والعصر، فالحنفية لا يرون الجمع بالكلية إلا في يوم عرفة ومزدلفة، وأما المالكية والحنابلة فقد قصروا رخصة الجمع بعذر المطر على صلاتي المغرب والعشاء فقط، دون الظهر والعصر.

جاء في [منح الجليل 1/ 420] من كتب المالكية: "ورخص ندباً لمزيد المشقة في صلاة العشاء في مختارها مع الجماعة في المسجد في جمع العشاءين جمع تقديم فقط، أي لا الظهرين؛ لعدم مزيد المشقة في صلاة كل منهما في مختارها غالباً".

وجاء في [كشاف القناع 2/ 7] من كتب الحنابلة: "ويجوز الجمع بين العشاءين لا الظهرين لمطر يبلّ الثياب، زاد جمع: أو يبلّ النعل أو البدن، وتوجد معه مشقة، روى البخاري بإسناده أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين المغرب والعشاء في ليلة مطيرة، وفعله أبو بكر وعمر وعثمان، ولا يباح الجمع لأجل الظل، ولا لمطر خفيف لا يبلّ الثياب على المذهب، لعدم المشقة، ويجوز الجمع بين العشاءين دون الظهرين لثلج وبرد؛ لأنهما في حكم المطر".

ولا بد من مراعاة شروط مذهب الشافعية عند الجمع بين الظهر والعصر، فلا يجوز الجمع بينهما بسبب البرْد أو الرياح، ولو كانا شديدين، وتقتصر الرّخصة في حال نزول المطر أو البَرَد أو الثلج، جاء في [مغني المحتاج 1/ 534]: "ويجوز الجمع ولو لمقيم، كما يجمع بالسفر، ولو جمعه مع العصر خلافاً للروياني في منعه ذلك بالمطر ولو كان ضعيفاً بحيث يبل الثوب ونحوه كثلج وبرد ذائبين وشفان... وهو بفتح الشين المعجمة لا بضمها... بَرَدُ ريح فيه بلل كالمطر".

وقد فصَّل فقهاء الشافعية شروط الجمع في كتبهم، محصّلها شروط أربعة:

أولاً: استحضار نية الجمع خلال الصلاة الأولى، وعند بداية الصلاة الثانية.

ثانياً: نزول المطر في أول الصلاتين.

ثالثاً: أن يكون المطر بما يبلّ الثياب، بمعنى أنه يشقّ الذهاب إلى المسجد مع وجوده.

رابعاً: أن تكون صلاة الجماعة في المسجد.

والإمام الراتب هو الذي له حَقُّ الجزم بانطباق شروط الجمع من عدمها، وليس لأحد من المصلين الاعتراض عليه في المسجد، سواء كان اعتراضًا لطلب الجمع، أو لتركه؛ إذ الأصل أن لدى الإمام من العلم الشرعي ما يؤهله لاتخاذ القرار في ذلك الأمر، ولو فتح الباب لاقتراحات المصلين لحدث الخلل والاضطراب، وعلت الأصوات في المساجد، وغدت أيام الأمطار -التي هي بركات الله تنزل على عباده- نقمةً على المصلين، لما يسمعونه من صخب في مساجدهم بسبب كثرة الاعتراضات والمناقشات.

وأما من كان لديه العلم الشرعي المؤهل لتقديم النصيحة للإمام، فليكن ذلك على وجه السرّ والخفية، يتناصح معه في شأن انطباق شروط الجمع من عدمها، ويسمع منه حجته الشرعية، ولا يحدث فتنة في المسجد بحجة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويغفل أن العلماء ذكروا شروطًا لجواز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، منها: أن لا يؤدي القيام بذلك إلى مفسدة أعظم، وأن لا يكون ثمة خلاف شرعي معتبر في المسألة المراد إنكارها أو الأمر بها، وأن يتوقع زوال المنكر إذا أنكره، ولا يلزم المأموم التنبيه جهرة في المسجد، بل لا يجوز له ذلك، وغاية ما يلزمه مدارسة الإمام في حجته الشرعية لاختياراته في مسألة الجمع بين الصلاتين. والله تعالى أعلم.