الموضوع : قبض السلعة المشتراة يتحقق بتمييزها عند البائع

رقم الفتوى : 3265

التاريخ : 08-01-2017

السؤال :

هل يشترط المعاينة والتملك الفعلي للسلعة المشتراة؟

الجواب :

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله 

اشترط الإسلام على المشتري أن يتملك السلعة التي اشتراها ويقبضها قبل بيعها – على اختلاف بين الفقهاء فيما يشترط قبضه-؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ)، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "وَأَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ" رواه مسلم.

والقبض في اصطلاح الفقهاء حيازة الشيء والتمكن منه، سواء أكان ذلك بالأخذ باليد وهو ما يسمى بالقبض الحقيقي، أم بعدم المانع من الاستيلاء عليه وهو ما يسمى بالقبض الحكمي، والأصل في تحديد كيفية القبض العرف، ولذلك تختلف أساليب القبض من زمن إلى زمان، ومن مكان لآخر.

والقبض يتحقق عند فقهاء الشافعية في المنقولات بالتسليم الحسي وفي العقار بالتخلية؛ قال الإمام النووي: "والقول الجملي فيه [يعني حقيقة القبض]، أن الرجوع فيما يكون قبضا إلى العادة، ويختلف بحسب اختلاف المال، وتفصيله أن المبيع نوعان: إن كان مما لا ينقل كالأرض والدور، فقبضه بالتخلية بينه وبين المشتري، وتمكينه من اليد والتصرف بتسليم المفتاح إليه، ولا يعتبر دخوله وتصرفه فيه، ويشترط كونه فارغا من أمتعة البائع، وإن كان المبيع من المنقولات، فالمذهب والمشهور: أنه لا يكفي فيه التخلية، بل يشترط النقل والتحريك" [روضة الطالبين 3 / 517] بتصرف يسير.

وذهب فقهاء الحنفية والحنابلة إلى أن قبض العقار والمنقول يتحقق بالتخلية، والتخلية في المنقول تتحقق بتمييز السلعة المشتراة عند البائع الأصلي وبقائها عنده كأمانة، قال الإمام ابن قدامة: "وقد روى أبو الخطاب عن أحمد رواية أخرى، أن القبض في كل شيء بالتخلية مع التمييز؛ لأنه خلى بينه وبين المبيع من غير حائل، فكان قبضا له، كالعقار" [المغني 4 / 85].

وهذا ما أخذ به مجمع الفقه الإسلامي الدولي في دورته السادسة، حيث جاء في قرار المجمع في دورته السادسة ما نصه: "قبض الأموال كما يكون حسيًا في حالة الأخذ باليد، أو الكيل أو الوزن في الطعام، أو النقل والتحويل إلى حوزة القابض، يتحقق اعتبارا وحكما بالتخلية مع التمكين من التصرف ولو لم يوجد القبض حسا، وتختلف كيفية قبض الأشياء بحسب حالها واختلاف الأعراف فيما يكون قبضًا لها".

ومن صور القبض الحكمي المعاصرة التي أقرها المجلس الشرعي لهيئة المحاسبة والمراجعة الإسلامية (المعيار رقم: 1، 18):

أ‌-القيد المصرفي لمبلغ من المال في حساب العميل في الحالات الآتية:

1-إذ أُودع في حساب العميل مبلغ من المال مباشرة أو بحوالة مصرفية.

2-إذا عقد العميل عقد صرف ناجز بينه وبين المؤسسة في حال شراء عملة بعملة أخرى لحساب العميل.

3-إذا اقتطعت المؤسسة –بأمر العميل – مبلغا من حساب له لتضمه إلى حساب آخر بعملة أخرى في المؤسسة نفسها، أو غيرها لصالح العميل أو لمستفيد آخر، وعلى المؤسسة مراعاة قواعد عقد الصرف في الشريعة الإسلامية.

ب‌- تسلم الشيك إذا كان له رصيد قابل للسحب بالعملة المكتوب بها عند استيفائه، وتم حجز المؤسسة له.

ج-  تسلم البائع قسيمة الدفع الموقعة من حامل بطاقة الائتمان (المشتري) في الحالة التي يمكن فيها للمؤسسة المصدرة للبطاقة أن تدفع المبلغ إلى قابل البطاقة بدون أجل.

د- قبض المستندات الصادرة باسم القابض، والتي يحصل بها التعيين للسلع والمعدات، وتمكين القابض من التصرف بها، كبوليصة الشحن وشهادات المخازن العمومية.

ه- الإفراز بإحدى الوحدات القياسية العرفية كالكيل والوزن وغيرهما.

وعليه؛ فيتحقق قبض السلع بحيازتها عند المشتري، كما يتحقق بتمييزها وبقائها عند البائع كأمانة، بشرط أن تكون السلعة مميزة حقيقة في مكان معين في مخازن البائع، ولا يستطيع البائع التصرف فيها بالبيع أو الهبة، فإن لم تتوفر هذه الشروط لم يعتبر المشتري قابضا للسلع المشتراة، فلا يجوز له حينئذ بيعها. والله تعالى أعلم.