الموضوع : هل الصخرة التي في بيت المقدس معلقة في الهواء

رقم الفتوى : 312

التاريخ : 20-08-2009

السؤال :

هل صحيح أن الصخرة الموجودة في مسجد قبة الصخرة التي عرج منها الرسول صلى الله عليه وسلم واقفة في الهواء بدون أعمدة، وما أصل هذه القصة، وهل صحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم ربط البراق بها عندما صلَّى إمامًا بالأنبياء؟

الجواب :

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله

المشاهد المحسوس أن الصخرة المشرَّفة التي عرج منها النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء ليلة الإسراء عبارة عن سقف لغار في رأس الجبل، متصلة بالجبل من عدة جوانب، لكن الغريب أن الغار يكون عادة في جانب الجبل، وهذه في رأس الجبل، بل هي قمته!

فما يشاع عن الصخرة المشرفة التي ببيت المقدس أنها معلَّقة بين السماء والأرض يخالف الواقع المشاهد المحسوس الذي يثبت أنها متصلة بجانب الجبل الذي هي جزء منه، كما أنه لم يصح في تعليقها حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكل حديث روي في فضائلها فهو كذب موضوع، كما نص على ذلك أهل العلم.

يقول الألوسي رحمه الله: "من الأكاذيب المشهورة أنه لما أراد العروج صَعَدَ على صخرة بيت المقدس، وركب البراق، فمالت الصخرة وارتفعت لتلحقه، فأمسكتها الملائكة، ففي طرف منها أثر قدمه الشريف، وفي الطرف الآخر أثر أصابع الملائكة عليهم السلام، فهي واقفة في الهواء، قد انقطعت من كل جهة، لا يمسكها إلا الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض سبحانه وتعالى" انتهى "روح المعاني" (15/ 9).

وتشريف الصخرة من حيث إنها كانت بداية المعراج، والمعراج آلة العروج، والله أعلم بشكله وكيفيته.

أما ربط البراق فقد وردت فيه أحاديث صحيحة، لكن الله أعلم بشكل البراق وذاته، فنؤمن بوجوده ونُفوِّض علمه إلى الله.

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ، وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ، يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ، قَالَ: فَرَكِبْتُهُ حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، قَالَ: فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي يَرْبِطُ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ ...) رواه مسلم.

وعن بريدة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَالَ جِبْرِيلُ بِإِصْبَعِهِ فَخَرَقَ بِهِ الْحَجَرَ وَشَدَّ بِهِ الْبُرَاقَ) رواه الترمذي والبزار وابن حبان. وإسناده صحيح. وقال الترمذي: حسن غريب.

أما الحجر الذي خرقه جبريل فصار حلقة ربط بها جبريل البراق كما ربط الأنبياء من قبل فغير معين؛ لأن الحرم القدسي واسع جدًّا، فكل ما دار عليه سور المسجد الأقصى هو المسجد الأقصى، وفيه مسجدان: الأول في أقصى الجهة الجنوبية وهو مسجد الجمعة، ويسميه الناس المسجد الأقصى، والثاني فوق الصخرة المشرفة وهو مسجد الصخرة المعروف. وكل السور الذي حولهما هو المسجد الأقصى.

ويجب أن يتنبه المسلمون لذلك اليوم؛ فهناك محاولات لبناء معبد غير إسلامي في ساحات الأقصى، ولو حصل هذا -لا قدَّر الله- لكان معبدًا غير إسلامي في وسط المسجد.

ولا تخفى أهمية المسجد الأقصى؛ فهو أولى القبلتين، وثالث الحرمين، وفيه تُضاعف الحسنات، وإليه كان الإسراء، ومنه كان المعراج، وقد حفظه المسلمون سابقًا ولاحقًا بالمهج والأرواح. والله أعلم.